صحيفة صهيونية تقر بعجز أمريكا و”إسرائيل” عن كسر صمود اليمنيين… جغرافيا، عقيدة، وخبرة قتالية تُربك العدو
تاريخ النشر: 27th, May 2025 GMT
يمانيون | تقرير
في اعتراف صريح يعكس عمق الفشل العسكري الأمريكي والصهيوني في كسر إرادة الشعب اليمني، نشرت صحيفة “هآرتس” الصهيونية، الثلاثاء، مقالاً تحليلياً حمل عنواناً لافتاً: “لماذا لا تستطيع إسرائيل ولا الولايات المتحدة هزيمة اليمنيين في اليمن؟”، كتبه المحلل الصهيوني “يشاي هالبر”، تناول فيه الأسباب الجوهرية التي منعت تحالف العدوان من إخضاع اليمن أو إضعاف قدراته رغم الغارات الجوية، والحصار، والحروب النفسية، والتقنيات العسكرية المتطورة التي استخدمها العدو.
ويُعد المقال بمثابة إقرار ضمني بأن اليمن، رغم الحصار والتدمير والحرب الاقتصادية والعسكرية المستمرة منذ أكثر من تسع سنوات، قد تحوّل إلى قوة استراتيجية عسكرية لا يمكن تجاوزها في معادلات المنطقة، بل إنه بات لاعباً محورياً في الصراع الإقليمي، ولا سيما بعد انخراطه المباشر في معركة دعم غزة منذ السابع من أكتوبر 2023، ضمن محور المقاومة.
الجغرافيا… درع حصين أمام العدوان
يشير الكاتب الصهيوني إلى أن أحد أبرز العوامل التي تُصعّب هزيمة اليمنيين هو الطبيعة الجغرافية المعقدة للبلاد. ويقول إن تضاريس اليمن الوعرة من جبال شاهقة وصحارى شاسعة وسواحل طويلة، تجعل من الصعب على الجيوش الغازية فرض سيطرتها أو إحراز نصر حاسم. كما أن هذه الجغرافيا منحت المقاتلين اليمنيين القدرة على تطوير تكتيكات حرب عصابات متقدمة والاختفاء في عمق الجبال، وهو ما أرهق التحالف العسكري الأمريكي السعودي الصهيوني.
ولا يغفل المقال الدور الاستراتيجي للبحر الأحمر، حيث تمكّن اليمن من تحويل الممر البحري الحيوي إلى نقطة اختناق للمصالح الغربية، عبر تنفيذ عمليات عسكرية ضد السفن المرتبطة بالعدو الصهيوني، مما أوجد توازن ردع لم يكن في الحسبان.
الخبرة والقتال تحت النار
يتحدث كاتب المقال أيضاً عن الخبرة القتالية المتراكمة التي اكتسبها اليمنيون على مدى سنوات العدوان، حيث انتقلوا من مرحلة الدفاع إلى الهجوم، وتطورت قدراتهم في تصنيع الطائرات المسيّرة والصواريخ البالستية والمجنحة، وحتى تطوير تكتيكات معقدة للعمليات البحرية والجوية.
ويؤكد الكاتب أن العمليات الدقيقة التي تنفذها القوات اليمنية – سواء في البحر الأحمر أو في عمق فلسطين المحتلة – تعكس تطوراً غير مسبوق في الأداء العسكري، وقدرة عالية على التنسيق والتخطيط والتنفيذ، رغم الحصار المفروض على البلاد.
العقلية والعقيدة… عنصر الصمود
أما العامل الثالث الذي ركز عليه المقال فهو ما وصفه بـ “العقلية اليمنية المقاومة”، والتي تتمثل في الإصرار العقائدي والثقافي على مقاومة الغزاة، ورفض الاستسلام، والإيمان العميق بعدالة القضية. ويقول الكاتب: “منذ بداية الحرب على غزة، لم يتوقف اليمنيون عن إطلاق الصواريخ والطائرات المسيّرة دعماً لحماس، في مشهد يعكس التزاماً أيديولوجياً أكثر منه سياسياً”.
وأضاف: “لقد كان الكثيرون يسخرون من التهديدات اليمنية في البداية، لكن بعد مرور أكثر من عام ونصف على بدء الحرب، لم يعد أحد يجرؤ على تجاهلهم أو اعتبارهم مجرد فاعل هامشي”.
معركة الإرادة… اليمن ينتصر سياسياً ومعنوياً
ورغم أن المقال الصهيوني حاول التركيز على البُعد الفني والاستراتيجي، إلا أنه يعكس فشلاً سياسياً ومعنوياً للعدو الصهيوني والأمريكي، إذ لم تستطع كل تلك الهجمات الجوية المكثفة ولا العقوبات ولا المحاولات الإعلامية تشويه صورة اليمن أن تؤدي إلى تراجع أو انكسار في الإرادة اليمنية.
بل على العكس، فقد تمكنت صنعاء من تعزيز موقعها في الخارطة الجيوسياسية، وفرضت شروطها في معادلات البحر الأحمر، بل وصارت جزءاً لا يتجزأ من محور المقاومة، جنباً إلى جنب مع حزب الله في لبنان، وفصائل المقاومة في غزة والعراق.
صدمة في الأوساط الصهيونية
هذا الاعتراف الإعلامي الصهيوني يأتي في سياق حالة من القلق والتخبط داخل الأوساط العسكرية والأمنية الصهيونية، التي ترى في تصاعد العمليات اليمنية مؤشراً خطيراً على توسع رقعة المواجهة وتهديد “إسرائيل” من عمق البحر والبر، بل ومن أماكن لم تكن تُحسب في السابق ضمن مساحات الخطر الداهم.
وفي هذا السياق، يرى مراقبون أن تأخر العدو في التعامل بجدية مع التهديد اليمني نابع من غرور استراتيجي، واستخفاف بطبيعة اليمنيين، وجهل بتاريخهم الطويل في مواجهة الغزاة، منذ الحملات الصليبية وصولاً إلى الاحتلال البريطاني، وهو ما جعل من “المفاجأة اليمنية” اليوم، بمثابة ارتطام عنيف بالواقع لفكر عسكري صهيوني ظل يتعامل بمنطق التفوق التقني فقط، متجاهلاً عناصر العقيدة والإرادة.
خلاصة
تكشف المقالة التي نشرتها صحيفة “هآرتس” عن تحوّل نوعي في وعي العدو بحقيقة المشهد اليمني، من فاعل كان يُنظر إليه على هامش الصراع، إلى لاعب رئيسي يشكل تهديداً استراتيجياً عسكرياً واقتصادياً وأمنياً.
لقد أثبتت السنوات الماضية أن اليمن، بقيادة وطنية صلبة وإرادة شعبية صامدة، ليس مجرد مساحة جغرافية مضطربة، بل هو مشروع تحرري ومقاوم، تتكسر أمامه أدوات الحرب الأمريكية والصهيونية.
وإذا كانت الغارات الجوية لم تُجدِ، والحصار لم يُفلح، والتحريض الإعلامي قد فشل، فإن ذلك يعني أن المعركة اليوم باتت مع وعي شعبي وعقيدة وطنية ومقاومة ذات جذور تاريخية، يصعب اقتلاعها، حتى بالحديد والنار.
وهو ما خلص إليه كاتب المقال نفسه، حين قال: “الانسحاب الإسرائيلي من غزة أو تسويات إقليمية لن تغير شيئاً في المعادلة اليمنية، فاليمنيون اليوم قوة صاعدة لا يمكن تجاهلها”.
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: التی ت
إقرأ أيضاً:
صحيفة سعودية تهاجم الانتقالي وتتمسك بالوحدة اليمنية وتؤكد: الرياض تسعى لرؤية تعالج جذور الأزمة
قالت صحيفة الرياض السعودية إن المجلس الانتقالي سعى لفرض معادلات خارج المسار المتفق عليه في اليمن، واتهمته بارتكاب انتهاكات رافقت تحركاته في المحافظات الشرقية لليمن، بما فيها اعتقالات واختفاءات قسرية ونهْب وقيود على المدنيين، معتبرة ذلك يفاقم تعقيد المشكلة؛ وتمسّ مباشرة الأمن المجتمعي.
حديث الصحيفة جاء في كلمتها الافتتاحية في عددها الورقي الصادر اليوم، واعتبرت فيه التطورات في محافظة حضرموت تشكل مؤشّراً حسّاساً لطبيعة التوازنات القائمة، مردفة بالقول أن الخطوات الأحادية التي اتخذها المجلس الانتقالي هناك فتحت باباً واسعاً للنقاش حول مفهوم الشرعية وحدود الأُطر الانتقالية.
الصحيفة نشرت مادة موسعة ضمنتها الإنتهاكات التي ارتكبها المجلس الانتقالي عبر قواته مؤخرا في حضرموت، ووصفت إجراءات الانتقالي بالمهدد لوحدة القرار الوطني في اليمن، وقالت إن السعودية تواجه تحدياً مزدوجاً يتمثل من جهة في ضرورة منع أي طرف من استخدام السلاح لفرض رؤيته السياسية، ومن جهة أخرى في ضرورة الحفاظ على مكتسبات الحوار الوطني وفكرة الشراكة بين المكونات المختلفة داخل الإطار الشرعي.
وقالت إن الرياض تحرص على أن يكون الحل في حضرموت حلاً سلمياً يقوم على سحب القوات المنفلتة وعودة المؤسسات للعمل الطبيعي تحت إشراف الحكومة الشرعية وعلى تمكين قوات درع الوطن من حماية المنشآت الحيوية ومنع أي اختراقات أمنية قد يستغلها الحوثيون أو أي أطراف أخرى تسعى لخلط الأوراق.
وذكرت أن السعودية ترسل رسالة أوسع مفادها أن أي تهديد للاستقرار في حضرموت أو المهرة أو أي محافظة يمنية سيؤثر بشكل مباشر على جهود إعادة بناء الاقتصاد اليمني وعلى قدرة الحكومة على تقديم الخدمات الأساسية للسكان وأن إعادة الثقة بين الدولة والمواطنين تتطلب بيئة مستقرة خالية من السلاح المنفلت أو السلطات الموازية أو التحركات الأحادية التي تعطل عمل المؤسسات الوطنية.
وقالت الصحيفة إن المملكة تدرك أن حضرموت ليست مجرد محافظة من محافظات اليمن بل هي مساحة جغرافية واسعة قادرة على التأثير في معادلات القوة داخل البلاد، وهي أيضاً مركز اقتصادي وثقافي واجتماعي مهم، ولذلك فإن السماح لأي طرف بفرض سيطرته عليها خارج إطار الشرعية سيؤدي إلى إحداث خلل كبير في التوازن الداخلي وفي مسار العملية السياسية، وسيفتح الباب أمام نزاعات جديدة بين القوى اليمنية، الأمر الذي ينعكس على الأمن الإقليمي بأكمله.
وأشارت إلى الممكلة تعمل على تحقيق معادلة دقيقة تجمع بين احترام تطلعات أبناء المحافظات الجنوبية وبين ضمان ألا تتحول تلك التطلعات إلى أدوات صراع أو تنازع على النفوذ، وتؤكد المملكة أن حماية حقوق الجنوبيين وضمان تمثيلهم السياسي لا يتحقق عبر السيطرة بالقوة أو عبر الإجراءات الأحادية بل يتحقق عبر صياغة مشروع سياسي شامل يراعي مصالح جميع أبناء الجنوب ويضمن مشاركتهم الفاعلة في مستقبل اليمن.
وأكدن أن رؤية الممكلة للحل تستند إلى أن الاستقرار في اليمن لن يتحقق إلا عبر حوار جامع يشمل القوى السياسية والمجتمعية كافة، وأن هذا الحوار هو الطريق الوحيد للوصول إلى تسوية تضع نهاية للصراع المستمر منذ سنوات طويلة، وقد أثبتت التجارب أن أي محاولة لإقصاء طرف أو فرض واقع عسكري تؤدي إلى جولة جديدة من الصراع وإلى تدهور أكبر في الوضع الإنساني والاقتصادي.
وذكرت الصحيفة أن جهود الرياض الدبلوماسية المكثفة تعمل من أجل تهدئة الأوضاع في حضرموت، وإعادة جميع الأطراف إلى مسار التفاوض، وتعمل على حشد الدعم الإقليمي والدولي لدعم الاستقرار ومنع أي انزلاق نحو مواجهات جديدة، وتؤكد المملكة أن أمن اليمن جزء لا يتجزأ من أمن المنطقة، وأن الحفاظ على وحدة اليمن واستقراره هو هدف استراتيجي لا يمكن التراجع عنه.
وقالت عن قناعتها تؤكد أن اليمنيين وحدهم قادرون على صياغة مستقبلهم إذا توفر لهم المناخ المناسب بعيداً عن الضغوط العسكرية وعن النزاعات الداخلية، وأن المملكة ستواصل لعب دورها كداعمة للسلام وميسرة للحوار ورافعة للمسار السياسي، وستظل تعمل مع المجتمع الدولي من أجل ضمان أن تنتهي هذه الأزمة بمكاسب للأمن والاستقرار وللشعب اليمني، الذي عانى طويلاً وآن له أن يرى مستقبلاً مختلفاً يقوم على التنمية بدلاً من السلاح وعلى الشراكة بدلاً من الانقسام وعلى مؤسسات الدولة بدلاً من القوى المتصارعة.
وأشارت إلى أن رؤيتها الشاملة تهدف إلى إنهاء التصعيد في حضرموت، ومنع انتقاله إلى مناطق أخرى، وإلى فتح الباب أمام مرحلة جديدة من العمل السياسي الذي يعالج جذور الأزمة اليمنية ويعيد للدولة سلطتها ومكانتها، ويضمن للجنوبيين حقوقهم العادلة ضمن إطار وطني جامع، ويمنع أي محاولة لفرض واقع بالقوة أو لجر اليمن إلى صراع جديد في لحظة يحتاج فيها اليمنيون أكثر من أي وقت مضى إلى الاستقرار والعمل المشترك من أجل مستقبل أفضل.