بقلم : حيدر البرزنجي ..

في الوقت الذي كان من المفترض ان تصرف هذه الاموال على تمكين الشباب وتطوير مهاراتهم.
مع كل استحقاق انتخابي جديد في العراق، يتكرر الحديث عن حجم الإنفاق الهائل الذي يطغى على مشهد الانتخابات، وتحديدًا ما يتعلق بالأحزاب السياسية الناشئة، والتحالفات المستجدة، وحتى المرشحين الأفراد الذين يضخّون أموالًا طائلة بلا أي وضوح في مصادر التمويل.

تُقدّر بعض الأوساط السياسية والرقابية حجم ما الصرف في الانتخابات البرلمانية القادمة
بمبلغ يتراوح بين 2.5 إلى 3 ترليون دينار عراقي، وهو رقم صادم يعادل نحو 2 مليار دولار أمريكي، ويثير عشرات الأسئلة حول العدالة الانتخابية، ومشروعية المال المستخدم، وغياب آليات المراقبة والمحاسبة.

إنفاق بلا سقف… ولا ضوابط
في بلد يرزح تحت أزمات اقتصادية مزمنة، من انهيار البنى التحتية إلى البطالة المستفحلة، يبدو إنفاق هذه المبالغ الهائلة في موسم انتخابي أشبه بـ “مباراة مفتوحة للنفوذ المالي”.
وليس من النادر اليوم أن تُصرف ملايين الدولارات على مرشح واحد، كما حصل في إحدى الدوائر الانتخابية مؤخراً، حيث تم الكشف عن إنفاق 5 ملايين دولار من قبل مرشح محسوب على الأوساط التجارية.
في المقابل، تغيب أي إجراءات رقابية فعلية من قبل مفوضية الانتخابات أو الهيئات المالية المختصة، ما يجعل هذه الممارسات تمرّ بلا اعتراض أو مساءلة.
من أين تأتي هذه الأموال؟
لا أحد يعلم على وجه الدقة. بعض الأحزاب التقليدية قد يكون لها مصادر تمويل داخلية معروفة، لكن المثير للقلق هو بروز مرشحين جدد وأحزاب ناشئة يموّلون حملاتهم بملايين الدولارات، دون أي شفافية أو معرفة بمصادر هذه الأموال.

هنا يُطرح السؤال الكبير:
هل يتم تمويل هؤلاء من رجال أعمال؟ جهات خارجية؟ مصالح اقتصادية داخلية؟ أم أن المال السياسي دخل مرحلة “التبييض الانتخابي”؟
في كل الأحوال، الخطر واحد: شراء المواقع التشريعية وتحويل البرلمان إلى ساحة استثمار، لا تمثيل شعبي.
غياب المساءلة: الثغرة القاتلة

رغم وجود قوانين انتخابية تنظّم العملية الديمقراطية، إلا أن لا شيء يفرض على المرشحين أو الأحزاب الإفصاح عن مصادر تمويلهم، أو الالتزام بسقف مالي قانوني.
كما لا توجد جهة مستقلة فعالة تقوم بمراجعة أو تدقيق حسابات الحملات الانتخابية.
نتيجة لذلك، يختل التوازن بشكل خطير بين المرشحين القادرين على الإنفاق، والمرشحين المعتمدين على التأييد الشعبي فقط. وتتحوّل الانتخابات من تنافس برامجي إلى صراع مالي على النفوذ والهيمنة.
المقارنة مع التجارب الدولية: مغالطة شائعة

يُبرّر البعض هذا الإنفاق الهائل بالقول إن “الانتخابات الأمريكية أيضاً تُنفق فيها المليارات”، لكن المقارنة هنا مضلِّلة:
• في الولايات المتحدة، هناك هيئة مستقلة (FEC) تفرض الإفصاح عن كل تبرع يتجاوز مبلغًا بسيطًا.
• توجد شفافية إعلامية ومجتمعية حول الإنفاق ومصادره.
• كما تخضع الحملات لرقابة دقيقة ومحاسبة حقيقية.

أما في العراق، فكل ذلك مفقود، ما يجعل المبالغ الضخمة بابًا خلفيًا للفساد، لا وسيلة لدعم الديمقراطية.
تساؤلات مفتوحة للرأي العام:
1. من يموّل الحملات التي تتجاوز عشرات المليارات؟
2. لماذا لا تكشف مفوضية الانتخابات عن بيانات الإنفاق؟
3. هل يمكن الحديث عن انتخابات “نزيهة” في ظل تفاوت مالي صارخ؟
4. ما هو مصير الديمقراطية حين تصبح المقاعد التشريعية تُشترى بدل أن تُنتخب؟
توصيات: حماية الانتخابات من المال السياسي
• تشريع قانون جديد يُلزم جميع المرشحين والأحزاب بالإفصاح الكامل عن مصادر تمويلهم.
• إنشاء هيئة رقابة مالية مستقلة لمراجعة الحملات الانتخابية.
• فرض عقوبات صارمة على الإنفاق غير المشروع أو التلاعب المالي.
• تمكين منظمات المجتمع المدني من مراقبة التمويل الانتخابي بحرية وشفافية.
خاتمة:
في بلد يبحث عن ترسيخ الديمقراطية وسط أزمات متراكمة، لا يمكن ترك الانتخابات رهينة لأصحاب المال والنفوذ. فالسؤال الحتمي الذي يجب أن يُطرح اليوم:
هل نحن أمام ممارسة ديمقراطية؟ أم أمام مزاد مفتوح لشراء السلطة؟
ما لم تتم محاسبة من يضخون هذه الأموال، وتقييد تأثير المال السياسي، فإن صندوق الاقتراع سيتحوّل إلى صندوق استثمار لا صندوق تمثيل.

user

المصدر: شبكة انباء العراق

كلمات دلالية: احتجاجات الانتخابات البرلمانية الجيش الروسي الصدر الكرملين اوكرانيا ايران تشرين تشكيل الحكومة تظاهرات ايران رئيس الوزراء المكلف روسيا غضب الشارع مصطفى الكاظمي مظاهرات وقفات

إقرأ أيضاً:

مستشفى طنطا نموذج إيجابي.. أحمد موسى: مصر تنفق المليارات في منظومة الصحة لمواكبة الزيادة السكانية

أكد الإعلامي أحمد موسى، أن الدولة المصرية انفقت الكثير من أجل تطوير قطاعي الصحة والتعليم في كافة محافظات الجمهورية .

أحمد موسى: الإخوان يسعون إلى تخريب مصر.. والجماعة الإرهابية يدافعون عن إثيوبياأمطار تسقط على البهو العظيم ورمسيس الثاني بالمتحف الكبير.. تعليق قوي من أحمد موسىأحمد موسى: محمد صلاح أمامه مهمة مع لاعبي منتخب مصر لحصد أمم أفريقياأحمد موسى: البعض تحدث بدون علم عن تأثير الأمطار على المتحف المصري الكبير


وقال الإعلامي أحمد موسى في برنامجه " على مسئوليتي " المذاع على قناة " صدى البلد"، :"  تفقد رئيس الوزراء اليوم  مشروعات مبادرة حياة كريمة في محافظة القليوبية ".

وتابع الإعلامي أحمد موسى:"  الدولة المصرية تنفق المليارات في منظومة الصحة  لمواكبة الزيادة السكانية ". 
 

وأكمل الإعلامي أحمد موسى:"  مستشفى طنطا في محافظة الغربية نموذج لإنفاق الدولة على قطاع الصحة وتطوير المنشآت الصحية لدعم صحة المواطن ".


ولفت الإعلامي أحمد موسى:"   الدولة المصرية بتعمل مشروعات تنموية كبرى في شتى القطاعات سواء البنية التحتية او الصحة او التعليم ".
 

طباعة شارك موسى أحمد موسى الصحة التعليم المشروعات

مقالات مشابهة

  • القصة الكاملة لفشل مشروع نشر الديمقراطية في العالم
  • مفوضية الانتخابات تدعو المرشحين لتقديم بيانات مالية دقيقة
  • مستشفى طنطا نموذج إيجابي.. أحمد موسى: مصر تنفق المليارات في منظومة الصحة لمواكبة الزيادة السكانية
  • مجلس النواب يشارك في الانتخابات البلدية لتعزيز العملية الانتخابية
  • كيف ساعد «الفيتو الرئاسي» في تغيير المشهد بانتخابات النواب؟ محلل سياسي يجيب
  • سداد ديون الغارمين بالزكاة والصدقات.. ضوابط مهمة
  • معتز الخصوصي: تسليم كشوف الحصر العددي لمندوبي المرشحين يضمن نزاهة وسلامة الانتخابات
  • معتز الخصوصي: رفض طعون المرحلة الثانية من الانتخابات دليل على انخفاض المخالفات
  • أمين الجبهة الوطنية: المشاركة الانتخابية واجب وطني وركيزة لتعزيز الديمقراطية
  • هدوء في معظم لجان الوادي الجديد قبل غلق اللجان الانتخابية