صحف عالمية: غزة باتت فخا لإسرائيل ويجب وقف الإبادة فورا ومن دون شروط
تاريخ النشر: 29th, May 2025 GMT
تناولت صحف عالمية تطورات الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، التي وصفتها رسالة وقعها مئات من الكتاب والمنظمات بأنها إبادة جماعية، في حين قال مسؤولان عسكريان إسرائيليان سابقان إنها تحولت إلى "فخ".
فقد تحدثت صحيفة "الغارديان" عن رسالة وقعها 380 كاتبا ومنظمة وأعلنوا فيها أن ما يحدث في غزة "إبادة جماعية"، ودعوا إلى وقفها بشكل فوري.
ودعا الموقعون على الرسالة إلى توزيع المساعدات على الفلسطينيين في القطاع بشكل فوري وغير مشروط بمعرفة الأمم المتحدة، كما دعوا لوقف الحرب وإطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين وكذلك الفلسطينيون المعتقلون تعسفيا في سجون إسرائيل.
وشددت الرسالة على ضرورة فرض عقوبات على حكومة بنيامين نتنياهو -المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية– إذا لم تستجب لدعوات وقف إطلاق النار الفوري.
الحرب أصبحت فخا
وفي إسرائيل، نشر موقع القناة 12 مقالا مشتركا للرئيس السابق لجهاز الاستخبارات العسكرية في الجيش الإسرائيلي، عاموس يادلين، والجنرال احتياط أودي أفينتال، قالا فيه "إن الحرب باتت فخا قد يعرقل إسرائيل سياسيا وعسكريا واقتصاديا لعقود، إذا اختارت طريق النصر الكامل الذي يروج له نتنياهو".
وأضاف المقال أن تكاليف احتلال غزة وإقامة حكومة عسكرية وتحميلِها المسؤولية عن حياة السكان الفلسطينيين "ستكون باهظة جدا بالنسبة إلى أمن إسرائيل ومستقبلها".
إعلانوفي فرنسا، علقت صحيفة "ليبيراسيون" على مقالات رأي "لاذعة جدا" كتبها تباعا رئيسا الوزراء الإسرائيليان السابقان، إيهود أولمرت وإيهود باراك، ضد الخيارات العسكرية لبنيامين نتنياهو، حيث دعاه كلا الرجلين إلى "إنهاء حربه غير الشرعية في غزة".
وأشارت الصحيفة إلى أن الرجلين ينتميان إلى طرفي نقيض من الطيف السياسي الإسرائيلي، وقالت إن وراء كلماتهما القوية جدا يكمن التحليل نفسه، وهو أنه "لم يعد هناك أي هدف عسكري حقيقي وراء قصف الجيش الإسرائيلي العشوائي لغزة، بل هي عملية بقاء سياسية يقودها نتنياهو".
كما نقل موقع "كالكاليست" الاقتصادي الإسرائيلي عن بيانات وزارة المالية في إسرائيل ارتفاع تكلفة الحرب إلى أكثر من 142 مليار شيكل (الدولار يساوي نحو 4 شيكلات) بعد 600 يوم.
ووفقا للبيانات، فقد أسهمت الحرب في زيادة العجز بنحو 1.4% من الناتج المحلي الإجمالي عام 2023، وبنسبة 4.8% من الناتج المحلي الإجمالي عام 2024.
أميركا تستهدف ملايين المهاجرين
وأخيرا، تحدثت صحيفة "واشنطن تايمز" عن تضارب الأرقام بشأن عدد المهاجرين غير النظاميين الذين تنوي الولايات المتحدة ترحيلهم. وقالت إن الأرقام تبدأ من 10 ملايين شخص وتتصاعد إلى 50 مليونا كما تعتقد بعض الجهات.
وأشارت الصحيفة إلى أن وزيرة الأمن الداخلي كريستي نويم رجّحت أنهم 20 مليونا أو أكثر قليلا، بعد أن كانوا 12 مليونا ببداية هذه الألفية.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
عقوبات ستارمر لإسرائيل.. ورقة انتخابية أم سعي جاد لوقف الحرب؟
لندن- منذ إشهار رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر ورقة العقوبات بوجه الحليف الإسرائيلي وانضمامه لحملة الضغط الأوروبية لوقف الحرب على غزة قبل أيام، لم يهدأ السجال في الساحة السياسية البريطانية بشأن هذا التحول، الذي شجّع بعض المترددين على رفع صوتهم أيضا مطالبين بإنهاء الإبادة الإسرائيلية في القطاع.
ودعت أكثر من 400 شخصية أدبية وأكاديمية مرموقة، إضافة لجمعيات ثقافية وحقوقية بريطانية، في رسالة مفتوحة، لوقف فوري لإطلاق النار في غزة، واصفين ما يقوم به جيش إسرائيل بالإبادة الجماعية.
وفيما بدا أنها حملة لكسر صمت وتردد النخب الثقافية والحقوقية البريطانية في توجيه نقد صريح للانتهاكات الإسرائيلية في غزة على مدى أشهر، وقّع أيضا وفي وقت سابق 828 محاميا وخبيرا قانونيا بريطانيا بينهم قضاة في المحاكم العليا البريطانية رسالة مماثلة.
سجال انتخابيوقالت صحيفة الغارديان إن القانونيين البريطانيين طالبوا باستخدام كل الوسائل الممكنة للضغط على إسرائيل لوقف حربها على غزة وإدخالها المساعدات الإنسانية، محذرين حكومتهم من انخراطها بارتكاب جريمة الإبادة إن لم تجبر إسرائيل فعلا على وقف انتهاكاتها فورا.
وكان ستارمر قد أعلن، قبل أيام، إجراءات عقابية ضد إسرائيل تشمل وقفا لمحادثات التجارة، وحظرا للأسلحة، وعقوبات على مستوطنين، في الوقت الذي انضم فيه إلى جهود أوروبية وعربية بقيادة فرنسية سعودية للحشد لمؤتمر دولي لدعم حل الدولتين، لم تستبعد خلاله فرنسا ودول أوروبية أخرى إمكانية الاعتراف بدولة فلسطينية مستقلة.
إعلانلكن هذا التغير في المواقف، أعاد أيضا الجدل بين الخصيمين التقليديين في الساحة السياسية البريطانية، حزب العمال والمحافظين، بشأن طبيعة وحدود الدعم سواء للفلسطينيين أو الإسرائيليين، في ظل خشية من أن الأحزاب البريطانية لن تستخدم موقفها من القضية الفلسطينية إلا كورقة انتخابية لاستقطاب ناخبين واسترضاء آخرين.
وفي محاولة للتأكيد على انسجام موقف حزب المحافظين اليميني مع السياسات الإسرائيلية، وعدم مجازفة قيادته السياسية بتصويب سهام النقد لتل أبيب، دافعت زعيمة الحزب كيني بادينوك علنا عن استمرار حرب الإبادة ضد غزة، واستهجنت ما وصفتها بحملة دولية للضغط على إسرائيل.
وقالت بادينوك خلال مقابلة مع قناة "سكاي نيوز" البريطانية، إن إسرائيل تخوض حربا بالوكالة عن بريطانيا، على المنوال ذاته الذي تخوض فيه أوكرانيا حربا ضد روسيا نيابة عن الأوروبيين.
لكن في ظل شبه إجماع في الرأي العام البريطاني على ضرورة دعم أوكرانيا في حربها ضد الروس، يبدو عقد هذه المقارنة في تقدير البعض محاولة أخرى لتضليل الناخبين البريطانيين وحرف الحقائق على الأرض.
حيث قال النائب عن حزب العمال أيوب خان، في تصريحات صحفية، لوصف زعيمة حزب المحافظين بالمغلوطة والتي تحاول خداع البريطانيين وتردد ادعاءات الحكومة الإسرائيلية المتطرفة.
ومنذ بدء الحرب على غزة أصبح البرلمان البريطاني ساحة للسجال السياسي الحاد بين المدافعين عن القضية الفلسطينية وخصومهم السياسيين، وخلال الاستحقاقات الانتخابية الأخيرة كان الاصطفاف إلى جانب الفلسطينيين أو الإسرائيليين مثار جدل انتخابي لا يهدأ بين النخب الحزبية البريطانية.
وهاجمت النائبة عن حزب العمال، ميلاني وارد، قبل أيام، وزيرة الخارجية في حكومة الظل بريتي باتيل، واتهمتها بعدم إبدائها أي تعاطف مع مأساة الفلسطينيين في غزة، بينما تظهر تأييدا متزايدا للسياسات الإسرائيلية ضد أهالي القطاع.
إعلانووجهت وارد، رسالة مفتوحة إلى باتيل اتهمتها فيها بغض الطرف عن المعاناة الإنسانية في غزة خلال النقاشات بمجلس العموم البريطاني، مقابل حرصها على المطالبة بالإفراج عن الأسرى الإسرائيليين لدى حركة المقاومة الإسلامية (حماس).
لكن في ظل تفاقم الأزمة الإنسانية في غزة، قال النائب عن حزب المحافظين، مارك بريتشارد، إن بعض زملائه في الحزب أعربوا بشكل سري وفردي عن دعمهم لقرارات زعيم حزب العمال بالضغط على إسرائيل ودفعها للتخلي عن هجومها على القطاع.
وصرح بريتشارد الذي وصف نفسه بأنه أحد الداعمين لإسرائيل، في مقابلة صحفية مع شبكة "إل بي سي" البريطانية، إن كير ستارمر يقف على الجانب الصحيح من التاريخ، في ظل حملة التجويع غير المسبوقة التي يتعرض لها أطفال غزة، وأن قرار الاعتراف بدولة فلسطينية قد يكون بداية للحل في الشرق الأوسط.
مأزق العمالوفي الوقت الذي تماهت فيه سياسات حزب المحافظين اليمينية على مدى عقود مع السياسات والمواقف الإسرائيلية، يعيش حزب العمال منذ ما قبل أحداث 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 انقساما داخليا واضحا بشأن حجم الدعم للفلسطينيين.
ففي ظل وجود تيار سياسي داخل الحزب معادٍ لفكرة الصهيونية ومؤيد لحق الشعب الفلسطيني في الوجود على أراضيه الأصلية، كانت مهمة قادة الحزب صعبة في التوفيق بين تيار داعم لإسرائيل وآخر يناهض سياساتها الاستعمارية في المنطقة.
وأصرّ ستارمر منذ تزعمه حزب العمال على سحب سياساته في اتجاه تيار الوسط، محاولا النأي بالحزب عما يصفه البعض بتركة ثقيلة لزعيمه السابق جيرمي كوربن الذي اتهم بـ"التحريض" ونشر "معاداة السامية".
لكن مواقف ستارمر مع بدء الحرب على غزة الداعمة دون تردد لإسرائيل أثارت حنقا واسعا في صفوف شرائح واسعة من قواعد الحزب الذين رأوا في تبريره سياسة التجويع الإسرائيلية ضد أهالي القطاع، خيانة لمبادئ الحزب ولتاريخ ستارمر السياسي والحقوقي.
إعلان تنفيس للاحتقانمن جهته، يرى العضو السابق في حزب العمال، كامل حواش، أن عقيدة الدعم لإسرائيل تبدو خيارا راسخا في الثقافة السياسية لكلا الحزبين، العمال والمحافظين، والتزاما تاريخيا لا يترددان في تأكيده، مستبعدا أن يعكس السجال الحاصل تحولا جذريا حقيقيا في الطريقة التي تدير بها قيادات هذه الأحزاب علاقتها بإسرائيل.
ويضيف حواش للجزيرة نت، أن العقوبات التي أعلن كير ستارمر فرضها ضد إسرائيل، ليست إلا موقفا رمزيا لا يبدو أن الحكومة البريطانية متحمسة لترجمته لأفعال على الأرض، رغم حدة لهجة الخطاب غير المسبوقة ضد إسرائيل.
في المقابل، يرى أستاذ العلاقات الدولية في جامعة لندن، نهاد خنفر، أن خطاب ستارمر محاولة لتنفيس الاحتقان المتنامي في صفوف قواعده الانتخابية الشعبية الغاضبة ولتخفيف وطأة الانتقادات الموجهة للحكومة العمالية.
وأشار خنفر إلى أن هناك تنافسا حزبيا يحاول استغلال القضية الفلسطينية سواء بدعمها أو الهجوم عليها لاسترضاء القواعد الانتخابية.
ويضيف أنه رغم أن قيادة حزب العمال التي يبدو أنها ملتزمة فعليا بدعم إسرائيل رغم كل الضغوط، لكن تحاول من خلال هذه القرارات استثمار الدعم للقضية الفلسطينية من أجل تعويض خسائر الحزب الانتخابية خلال الاستحقاقات المحلية الأخيرة التي اكتسح فيها اليمين الشعبوي بعضا من المعاقل التاريخية لحزب العمال نفسه.