جريدة الرؤية العمانية:
2025-08-02@22:41:02 GMT

أمة تأكل أكثر مما تقرأ!

تاريخ النشر: 4th, June 2025 GMT

أمة تأكل أكثر مما تقرأ!

حمود بن سعيد البطاشي

 

يُحكى أن معرضًا للكتاب أُقيم في إحدى الدول العربية، وتم الترويج له بكثافة عبر القنوات التلفزيونية والإذاعات والمواقع.. جهَّز المنظمون آلاف العناوين في شتى المجالات، واستُدعيت دور النشر، وازدانت القاعات استعدادًا لاحتضان الزوار.

وبعد انتهاء المعرض، أُجريت إحصائيات دقيقة فكانت الصدمة الكبرى: عدد الكتب المباعة لا يتجاوز 30 كتابًا فقط، بينما بلغت مبيعات المقاهي والمطاعم داخل المعرض آلاف الطلبات؛ ما يقرب من 2000 ساندويتش شاورما، 4 آلاف برجر، 2000 كوب قهوة، ناهيك عن العصائر والحلويات.

مشهد جعل الكتاب يختفي خلف رائحة الشاورما، وحروف الفكر تُهزم أمام مذاق الكريمة.

هنا نتوقف ونسأل: هل ما زالت أمة "اقرأ" تقرأ؟

المؤسف أن ما حدث ليس حالة نادرة؛ بل أصبح واقعًا يتكرر. وأصبح الذهاب لمعرض الكتاب مناسبة لالتقاط الصور، وتوثيق الحضور، وربما تذوق القهوة من كشك جديد، أما الكتب؟ فيبقى مصيرها الانتظار على الأرفف حتى تنتهي الفعالية.

إنها أزمة وعي لا أزمة وقت. فحين تأكل الأمة أكثر مما تنتج، وتستهلك أكثر مما تزرع، وتنام أكثر مما تعمل، وتتكلم أكثر مما تفعل، فاعلم أن الكارثة لا تكمن في شحّ الموارد، بل في ضياع الأولويات.

أصبح البرجر والشاورما أهم من 1000 كتاب!

تغيب العقول وتنتفخ البطون. وكلما زاد انشغالنا بالاستهلاك، كلما قلّ تفكيرنا بالإنتاج. ثقافة الوجبات السريعة انتقلت من الطعام إلى الفكر، فصار كثيرون يريدون "معلومة سريعة" في مقطع قصير بدلًا من قراءة كتاب يمنحهم فهمًا عميقًا.

نحن لا نرفض الطعام، بل نستنكر أن يصبح هدف الزيارة إلى معرض كتاب هو ملء المعدة لا تغذية العقل. نحن لا نلوم من أكل، ولكن نأسف على من ترك غذاء الفكر جانبًا.

المعادلة في العالم المتقدم واضحة: الكتاب أولًا، لأنهم يؤمنون أن بناء الإنسان يبدأ من عقله. أما نحن، فقد خذلنا الحرف، وخذلنا أنفسنا، وبتنا نعيش في استهلاك يومي لا يضيف لحياتنا شيئًا سوى التخمة.

فمتى نفيق؟

حين نُعيد للكتاب هيبته، وللمعرفة قيمتها، ونربّي أبناءنا على السؤال لا على الشبع، وعلى البحث لا على الترف، سيكون لدينا مجتمع قادر على النهوض. فالأمم لا تتقدم بكثرة المطاعم، بل بغزارة الفكر.

وفي الختام.. إذا كان بيع 30 كتابًا في معرض ضخم مجرد تفصيل صغير؛ فاعلم أن مصير الأمة ليس بيد جيوشها ولا اقتصادها؛ بل بيد وعيها.. فإن جاعت العقول، ساد الظلام، حتى وإن امتلأت البطون.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

كلمات دلالية: أکثر مما

إقرأ أيضاً:

أكثر من 4000 وثيقة تاريخية بالمعرض الوثائقي ذاكرة وطن في أرض اللُبان بصلالة

عادل البراكة

تصوير_ حافظ سويلم

صلالة _ افتتح مساء امس (الأربعاء) بموقع فعاليات عودة الماضي بولاية صلالة بمحافظة ظفار المعرض الوثائقي "ذاكرة وطن في أرض اللُبان"، الذي تنظمه هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية، تحت رعاية سعادة الدكتور أحمد بن محسن الغساني رئيس بلدية ظفار ويستمر لغاية 18 أغسطس القادم، ويضم بين جنباته أكثر من 4000 وثيقة (مطبوعة ورقمية) تتمحور حول الدور الحضاري والتاريخي لسلطنة عُمان، وإسهام العُمانيين الفاعل في الحضارة الإنسانية، إلى جانب التعريف بالدور التاريخي والحضاري لمحافظة ظفار عبر الحقب الزمنية المختلفة، وتسليط الضوء على العلاقات الدبلوماسية والتاريخية بين سلطنة عُمان والجمهورية الكينية.

وحول المعرض قال سعادة الدكتور حمد بن محمد الضوياني رئيس هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية: إن المعرض يركز على عرض عدد من الوثائق التاريخية عن محافظة ظفار وعلاقات سلطنة عُمان الدولية مع مختلف دول العالم، إلى جانب استضافته لأرشيف الجمهورية الكينية، إذ يتم خلال المعرض عرض مجموعة من الوثائق الكينية التي ترتكز على العلاقات التاريخية بين سلطنة عُمان وجمهورية كينيا وعلى عمق الوجود العماني في سواحل شرق إفريقيا الذي يمتد إلى القرن الأول الميلادي، وقد أسهم هذا الامتداد الحضاري في تأسيس روابط متعددة الأبعاد ذات طابع اجتماعي وثقافي واقتصادي وسياسي، وقد أولت الجهات المعنية في البلدين اهتمامًا مشتركًا بتعزيز هذه العلاقات، وإبراز القواسم التاريخية والثقافية التي جمعت بينهما عبر العصور.

وأضاف رئيس هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية: يأتي تخصيص جانب من المعرض الوثائقي لإبراز هذه العلاقات تأكيدًا على عمق الروابط المشتركة، وتوثيقًا للإرث التاريخي الذي تتقاسمه سلطنة عُمان وجمهورية كينيا، كما يمثل هذا المعرض منصة للتعاون الوثائقي والعلمي والثقافي بين هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية ونظيراتها الكينية، بما يعزز التفاهم المتبادل ويخدم جهود التوثيق والدراسة المشتركة.

من جانبها قالت سعادة أمي محمد بشير وكيلة وزارة الثقافة والفنون والتراث الكينية: أن العلاقات بين سلطنة عُمان وكينيا علاقات تاريخية متينة ووطيدة وممتدة منذ العصور القديمة، مشيرًة إلى أن الوثائق المعروضة منتقاة لإظهار أهمية العلاقات التاريخية بين البلدين، كما أن الوثائق التي انتُقيت تُبين قوة العلاقات بين البلدين ونموها حتى وقتنا الحاضر.

وأضافت: مثل هذه المعارض تمثل فرصة للتعريف بهذه العلاقات واستمرارها، مشيرًة إلى أن هناك توجهًا مشتركًا للتركيز على التبادل الثقافي والمعرفي بين البلدين .

ويضم المعرض أركان رئيسة تتمثل في، (عُمان عبر التاريخ، وظفار في ذاكرة التاريخ العُماني، وظفار في الصحف والمجلات، والعلاقات الدولية، والعلاقات العُمانية الكينية "ضيف شرف المعرض"، والمخطوطات، والمحتوى الرقمي).ة، التي تستعرض تاريخ عُمان والتطورات السياسية تاريخيًا إلى عصر النهضة، ومراسلات وخرائط وشواهد توثق تاريخ محافظة ظفار بمختلف ولاياتها، وجولات السلطان الراحل قابوس بن سعيد - طيب الله ثراه – في المحافظة، بالإضافة إلى سرد العلاقات الدبلوماسية والودية بين سلطنة عُمان ودول العالم.

كما يحوي المعرض ركنًا لعرض التاريخ الممتد من العلاقات التاريخية بين سلطنة عُمان والجمهورية الكينية حيث أفردت هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية ركنا خاص تبرز فيه أوجه التعاون الوثائقي والتاريخي بين عُمان والدول الإفريقية، وتسليط الضوء على الروابط الثقافية والاقتصادية التي جمعت بين الجانبين عبر التاريخ، بالإضافة إلى عرض عدد من المخطوطات؛ لتعريف الزائر بالمخطوطة العُمانية وطبيعتها وجمالية خطوطها ونقوشها والتمعن في شكل الخط ونوعية الورق والحبر المستخدم وتنوع موضوعاتها في الفنون والمعارف العلمية المتعلقة بعلوم الفقه والتاريخ واللغة وعلوم القراَن وعلم البحار والطب والفلك.

ويسلّط المعرض الضوء على الدور المحوري الذي لعبه اللبان العماني في حركة التجارة العالمية، وأهميته الثقافية والدينية والاقتصادية، وذلك من خلال وثائق ومقتنيات أصيلة توثق هذا الامتداد التاريخي. كما يستعرض هذا الركن العلاقة الحيوية لمحافظة ظفار باللبان كموروث حضاري ممتد، ويعرض في أركان المعرض عددٌ من العملات والطوابع البريدية التي وثّقت بعض الأحداث والمعالم البارزة في تاريخ سلطنة عُمان، وتطور العملة العُمانية، إلى جانب عرض عدد من الخرائط التي توضح امتداد الممالك العُمانية عبر التاريخ، والمسارات البحرية المهمة والمناطق التي تمر عليها حركة التجارة العالمية قديمًا.

ويولي المعرض الوثائقي اهتماماً خاصاً بفئة الأطفال والناشئة، حيث تم تفعيل أنشطة تفاعلية مبتكرة باستخدام تقنية الواقع الافتراضي، تتيح لهم محاكاة مشاهد تاريخية عمانية بطريقة تعليمية مشوقة. كما تتضمن الفعاليات مسابقات ثقافية، وورشاً لتعليم كيفية كتابة الوثائق بالأدوات القديمة، في إطار جهود المعرض لغرس قيم الانتماء الوطني وتعريف الجيل الجديد بأهمية الوثائق وسبل حفظها والآليات الحديثة التي تعتمدها هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية لصونها ورقمنتها.

مقالات مشابهة

  • بين الرخام والحرير.. متحف اللوفر يستضيف معرض الكوتور لسرد قصة الأناقة بالخيط والإبرة
  • مشاركةٌ فاعلةٌ للمركز الوطنيِّ للوثائق والمحفوظات في “كتاب المدينة”
  • معرض تشكيلي لأعمال عالمية بمتحف الفنون الجميلة
  • افتتاحُ معرض الكتب المستعملة بولاية سناو
  • الأعلى للآثار يتعاون مع مؤسسة إيطالية لتنظيم معرض كنوز الفراعنة
  • كنوز الفراعنة في قلب روما.. اتفاقية مصرية إيطالية لتنظيم معرض أثري في 2026
  • الواصل: معرض المدينة للكتاب منصة حضارية تُجسّد تطلعات المملكة الثقافية
  • مكتبة مصر العامة تنظم معرضًا لبيع الكتب بأسعار رمزية
  • افتتاح أكبر معرض متخصّص في ملابس و مسستلزمات الأطفال بمصر والشرق الأوسط .. غدًا
  • أكثر من 4000 وثيقة تاريخية بالمعرض الوثائقي ذاكرة وطن في أرض اللُبان بصلالة