في ذكرى رحيل أحمد رامي .. شاعر الحُب والحنين الذي نظم الوجدان شعراً
تاريخ النشر: 5th, June 2025 GMT
هناك أرواحٌ لا تموت، بل تذوب في اللغة، وتنفلت من قيد الزمن لتقيم فينا إلى الأبد، من هؤلاء كان أحمد رامي، شاعرٌ حين يكتب، تتنفس القصائد عشقًا، وتبكي الأبيات من فرط ما فيها من شجن، لم يكن رامي مجرد شاعر كتب للمغنّين، بل كان عاشقًا حمل قلبه على كفّ الكلمات، فغدا وجدان أمة، ولسان المحب العاجز عن التعبير.
في مثل هذه الأيام من عام 1981، غاب أحمد رامي عن عالمنا، لكنه ترك وراءه إرثًا شعريًا يفيض بالمشاعر، ويعكس سيرة رجل عرف الحب، وعاشه، وتألم من تباريحه، حتى صارت قصائده مرآة لكل قلب ذاق العشق وذاق لوعة الفراق.
ولد رامي في 9 أغسطس 1892 في حي السيدة زينب بالقاهرة، ونشأ وسط بيئة شعبية أمدته بثراء لغوي وثقافي عميق، لم يكن طريقه إلى الشعر مرسومًا من البداية، فقد بدأ حياته قارئًا نهمًا، تتلمذ على أيدي كبار الأدباء والمفكرين في مطلع القرن العشرين، وسافر إلى باريس لدراسة نظم المكتبات، وهناك تعمق في الثقافة الفرنسية واطلع على الآداب العالمية، لكن الحنين إلى الشرق، واللغة، والحب، ظل ساكنًا قلبه، فعاد ليمنح الشعر المصري والعربي نكهة جديدة.
أحمد رامي كان الشاعر الأقرب إلى أم كلثوم، كتب لها ما يزيد عن 110 أغنية، منها "جددت حبك ليه"، و"رق الحبيب"، و"سهران لوحدي"، و"الأطلال"، و"هو صحيح الهوى غلاب"، وغيرها من الروائع التي شكّلت ذاكرة العرب العاطفية لعقود. لم تكن هذه الأغنيات مجرّد نصوص مغنّاة، بل كانت محطات من وجع رامي الشخصي، الذي أحب أم كلثوم حبًا صامتًا، عفيفًا، ظل طي الكتمان، لكنه ترقرق في حروفه وانساب في ألحانها.
ولعل قصيدة “الأطلال” التي تغنّت بها أم كلثوم عام 1966، هي ذروة هذا الألم الجميل، حيث جسّدت الصراع بين الماضي والواقع، والحنين إلى ما لا يعود.
القصيدة في أصلها مأخوذة عن ديوان الشاعرة وداد سكاكيني، لكن رامي أضاف لها من مشاعره ما جعلها تُخلد كإحدى أعظم الأغاني العربية.
في رامي اجتمع العقل والعاطفة، التراث والمعاصرة، الشرق والغرب، ترجم رباعيات الخيام من الفارسية إلى العربية، وأبدع في نقل روحها الفلسفية بلغة شعرية بديعة، فكانت ترجمته نموذجًا للتلاقح الثقافي، ولرؤية شاعرٍ يتأمل الوجود ويطرحه أسئلة لا تموت.
لم يكن رامي شاعر الحب فقط، بل كان شاعر الإنسان، الذي فهم دواخل النفس البشرية، فعبّر عنها في سطور رقيقة لكنها عميقة.
تقاعد عن الكتابة في أواخر عمره، وعاش في عزلة حزينة بعد رحيل أم كلثوم عام 1975، وكأنه لم يكن يكتب إلا لها، وكأن الشعر عنده كان وسيلة للحوار مع امرأة أحبها، ومع فكرة العشق ذاته.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: أحمد رامي سيرة رجل السيدة زينب أحمد رامی أم کلثوم لم یکن
إقرأ أيضاً:
اختتام الجولة الرابعة من مسابقة "مثايل" بتأهل الشاعر سلطان دخيل الحربي
فاز الشاعر سلطان دخيل الحربي بالحلقة الرابعة من النسخة الثانية من مسابقة "مثايل" للشعر النبطي التي تنظمها وزارة الثقافة تحت شعار "للأخلاق دلايل"، على مسرح مثايل، ليتأهل إلى نهائي المسابقة ليتبارى مع الشعراء المتأهلين سلفا في باقي الجولات الماضية.
وأبرز الشاعر مبارك آل خليفة مدير إدارة المطبوعات والمصنفات الفنية بوزارة الثقافة، في تصريحات، أن مسابقة "مثايل" تمضي قدما في تحقيق أهدافها بإتاحة الفرصة أمام الشعراء المبدعين، لافتا إلى مواكبتها المواضيع اليومية التي تمس حياة الإنسان، وإلى تفاعل الجماهير معها من كافة أنحاء المنطقة، لتسهم في اكتشاف مواهب شعرية واعدة وصولًا إلى الحلقة النهائية التي تتزامن مع احتفالات اليوم الوطني للدولة.
وذكر أن "حسن الظن" سيكون موضوع الجولة الخامسة من المسابقة لشهر يونيو الجاري، وذلك في إطار حرص وزارة الثقافة على ترسيخ القيم الأخلاقية النبيلة في الوعي الجمعي من خلال الشعر النبطي الذي يعكس وجدان المجتمع وتقاليده، مشيرا إلى أن الجولة الخامسة مخصصة للشعراء القطريين والمقيمين في الدولة، حيث يتوجب على الراغبين في المشاركة نظم قصائد نبطية من 12 بيتًا على الأقل، مع الالتزام بموضوع المسابقة، وتُسلم القصائد بعد تعبئة استمارة المشاركة الموجودة على الموقع الإلكتروني للمسابقة.
من جهته، قال الشاعر سلطان دخيل الحربي، الفائز بالجولة الرابعة والمتأهل للنهائي، "إن المنافسة كانت قوية جدًا بين الشعراء الخمسة"، لافتا إلى مشاركته في "مثايل" أكثر من مرة، وقد حالفه التوفيق هذا الشهر.
واعتبر "مثايل" من أهم المسابقات على ساحة الشعر النبطي في المنطقة، مشيرًا إلى أن جميع زملائه كانوا على نفس المستوى، وأن قوانين المسابقة تقضي بفوز متسابق واحد، متمنيًا النجاح للجميع.
وشهدت الحلقة الرابعة منافسة قوية بين الشعراء الخمسة المشاركين، ونظموا قصائدهم أمام لجنة التحكيم والجمهور، مستوحين إياها من بيت شعر للشاعر القطري خالد بن معجب الهاجري، وقدموا إبداعاتهم الشعرية التي ساهمت في إبراز الأصوات الشعرية الجديدة وتعزيز دور الشعر النبطي في المشهد الثقافي.
وتأتي مسابقة "مثايل" للشعر النبطي في إطار جهود وزارة الثقافة لدعم المواهب الشعرية وتسليط الضوء على أكثرها تميزًا، وتطوير الحركة الشعرية في قطر، حيث تعد المسابقة إحدى أبرز المسابقات التي تسلط الضوء على الشعر النبطي، لكونه جزءًا أصيلًا من التراث الثقافي الخليجي والعربي.
وتهدف المسابقة إلى ترسيخ أهمية الشعر النبطي بين الأجيال الجديدة، وتشجيع المبدعين على تقديم أعمالهم بأسلوب متجدد يعكس تطورات العصر دون الإخلال بالهوية التراثية، ودعم المواهب الشعرية وتسليط الضوء على أكثرها تميزًا. ويأتي ذلك استثمارًا لنجاحات وزارة الثقافة في المسابقات التي قدمتها للساحة الإبداعية خلال الأعوام الماضية وحظيت بإقبال لافت.