تزايد التوترات بين اليونيفيل وسكان جنوب لبنان: اشتباكات متكررة وتآكل الثقة
تاريخ النشر: 5th, June 2025 GMT
شهدت بلدة صديقين، في قضاء صور بجنوب لبنان، حادثة جديدة تمثلت في اشتباك بين دورية تابعة لقوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل) والسكان المحليين. وقعت المواجهة بعد دخول الدورية إلى منطقة جبل الكبير دون تنسيق مع الجيش اللبناني، ولا مرافقة رسمية – وهي خطوة اعتُبرت على نطاق واسع انتهاكًا للبروتوكولات المحلية، حسب وكالة الانباء اللبنانية
هذه الحادثة ليست معزولة، بل هي جزء من نمط متزايد من الاحتكاكات بين قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة وسكان القرى في الجنوب، الأمر الذي يثير تساؤل على مدى التوتر بين السكان وهذه القوات.
منذ حرب عام 2006، كان هناك تفاهم صريح وضمني بأن على اليونيفيل تنسيق جميع تحركاتها مع الجيش اللبناني. يهدف هذا إلى تجنب سوء الفهم أو المواجهات مع السكان المحليين. ومع ذلك، تستمر حوادث الدوريات غير المنسقة التي تدخل أراضي خاصة أو مناطق حساسة في الحدوث – وينظر إليها السكان على أنها انتهاكات للسيادة ومعايير المجتمع.
وتقع بلدة صديقين في منطقة استراتيجية جغرافيًا وعسكريًا، وتحيط بها تلال حرجية وممرات تستخدمها القوات الدولية في دورياتها الروتينية لمراقبة وقف الأعمال العدائية بين لبنان وإسرائيل، تطبيقًا للقرار «1701». وقد شهدت المنطقة حوادث مماثلة في السابق، حيث تعرضت آليات تابعة لـ«يونيفيل» للتخريب، أو مُنعت من التصوير والاستطلاع، حسب صحيفة “الشرق الأوسط”.
في حالة صديقين، قوبل دخول اليونيفيل إلى جبل الكبير بغضب شعبي ومشادات كلامية وضغوط أجبرت قوات حفظ السلام في النهاية على الانسحاب من المنطقة.
وتواجه قوات «يونيفيل» جنوب لبنان هذه الحوادث بصورة دورية، حيث يعترض الأهالي على دخول أي قوات إليها من دون مرافقة الجيش اللبناني.
وبحسب الصحف، ينمو شعور بالريبة والشك العميقين بين العديد من سكان جنوب لبنان تجاه النوايا لليونيفيل – خاصة عندما تقوم الدوريات بالتقاط الصور، أو تحليق الطائرات دون طيار، أو الاقتراب من مواقع حساسة عسكريًا أو ثقافيًا دون مبرر واضح.
وبينت الصحف أن جزء كبير من السكان المحليين يرى في ذه القوات بأنها ليست محايدة، وتغض الطرف عن الانتهاكات الإسرائيلية شبه اليومية للمجال الجوي والسيادة اللبنانية، موضحة أن هناك فجوة في التنسيق، مع مخاوف من عدم تفاهمات طويلة المدى، الأمر الذي قد يعرض الهدوء الهش في المنطقة للخطر.
المشكلة الأكبر، حسب الصحف، هو غياب الإشراف الرسمي، وتولي سكان الجنوب أنفسهم مهمة مراقبة وتحدي التحركات الأجنبية على أراضيهم.
واختتمت أحدى الصحف بالقول إنه لا يمكن اعتبار تدهور العلاقة بين اليونيفيل والسكان مجرد سلسلة من الأحداث المعزولة. إنه يعكس أزمة أعمق – أزمة ثقة مفقودة، وضعف في التفاعل المجتمعي، وتداخل في حدود سلطة القوات الدولية.
المصدر: بوابة الفجر
إقرأ أيضاً:
تصاعد التوترات العسكرية في حضرموت وبترومسيلة تعلن إيقاف إنتاج النفط
أعلنت شركة بترومسيلة النفطية في حضرموت إيقاف أنشطتها في القطاع (14) بشكل كامل، نتيجة لتدهور الأوضاع الأمنية حول حقول وآبار ومنشآت النفط في الهضبة النفطية بمحافظة حضرموت.
وأكدت الشركة في بيان صادر عنها أن القرار يشمل جميع عمليات الإنتاج والتكرير في منشآت الحقول والآبار التابعة للقطاع. موضحة أن هذا الإجراء جاء حفاظاً على قواعد الأمن والسلامة الأساسية والصناعية، ولحماية أرواح العاملين والمجتمعات المجاورة.
وبينت شركة بترومسيلة أن تعرض المواد النفطية والغازية في الخزانات أو المنشآت لأي حادث بسبب اشتباكات مسلّحة محتملة قد يؤدي إلى خسائر كارثية لا تُحمد عقباها.
وأضافت بترومسيلة أن التوقف شمل أيضاً إمدادات وقود الغاز اللازمة لتشغيل محطتين غازيتين، بالإضافة إلى محطة كهرباء وادي حضرموت الغازية بقدرة 75 ميغاوات، حيث تم تنفيذ عملية إطفاء تدريجي للمنشآت الغازية والكهربائية التابعة للشركة.
يأتي هذا القرار بعد سيطرة قوات قبلية تتبع قوات حماية حضرموت التي يقودها عمرو بن حبريش على منشآت بترومسيلة في الهضبة النفطية خلال الأيام الماضية، في ظل تصاعد التوترات العسكرية داخل المحافظة بين هذه القوات من جهة، والمنطقة العسكرية الثانية مع قوات الدعم الأمني المسنودة بقوات جنوبية من جهة أخرى.
وقال بيان الشركة إن الأولوية الآن تنصب على حماية العاملين والمحيط البيئي والمناطق المجاورة، مؤكدة أن الظروف الأمنية أجبرتها على اتخاذ هذا الإجراء الخارجي عن إرادتها، في ظل ما وصفته بـ"التهديدات الجدية على سلامة المنشآت والموارد".
وعبرت إدارة بترومسيلة عن أسفها لما قد ينتج عن هذا التوقف من تأثير على إمدادات الطاقة والخدمات المرتبطة بها، داعية كل الأطراف المعنية إلى العمل على استعادة الأمن والاستقرار وتمكين تشغيل الحقول بأسرع وقت ممكن، حفاظاً على قطاع الطاقة في حضرموت واستمرار تزويد المواطنين بالوقود والكهرباء.
وتشهد الهضبة النفطية ومحيطها في حضرموت منذ أيام توافد حشود عسكرية وقبلية متصاعدة من الطرفين، إذ تواصل قوات حماية حضرموت ورجال القبائل الدفع بتعزيزات كبيرة نحو مواقع قريبة من منشآت بترومسيلة، فيما دفعت قوات المنطقة العسكرية الثانية بقوات إضافية من المكلا، مسنودة بقوات جنوبية وقوات دعم أمني، ووصلت — وفق مصادر عسكرية — إلى منطقة العيون، في طريقها نحو مواقع استراتيجية من بينها محيط منشآت الشركة.
وتشير المصادر إلى أن هذه التحركات تأتي ضمن عملية عسكرية يعتقد أنها تهدف إلى تغيير خارطة السيطرة في المنطقة، في وقت تعيش فيه المحافظة حالة استنفار بين مختلف الأطراف.
وكانت المنطقة العسكرية الثانية قد أعلنت في بيان سابق بدء تنفيذ عملية عسكرية لاستعادة منشآت شركة المسيلة وإنهاء أي وجود لمسلحين داخلها وتسليمها لقوات حماية المنشآت النفطية التابعة لها.
في المقابل، بثت حسابات تابعة لحلف قبائل حضرموت ونشطاء موالين للشيخ عمرو بن حبريش تسجيلات تُظهر وصول تعزيزات قبلية كبيرة إلى محيط المنشآت النفطية. ووفق مصادر قبلية، وصلت مجاميع مسلحة يقودها الشيخ علي سالم بلجبلي العوبثاني والشيخ صلاح بن قحيز الجابري للانضمام إلى التجمعات المتزايدة، وكان في استقبالهم الشيخ عمرو بن حبريش، وسط استمرار التحشيد القبلي واتساع رقعته خلال الساعات الماضية.
كما شهدت المنطقة توافداً واسعاً لقبائل من مختلف مناطق حضرموت، ما يعكس مستوى التعبئة والاصطفاف القبلي على خلفية الأزمة المتصاعدة.
ورغم الدعوات التي أطلقها محافظ حضرموت الجديد سالم الخنبشي لتهدئة الأوضاع ونزع فتيل التوتر لتجنيب المحافظة أي صدامات أو إراقة دماء، تواصل الأطراف المعنية الدفع بتعزيزاتها دون استجابة واضحة لتلك الدعوات.
وقالت مصادر مطلعة إن الرسائل المتبادلة بين الأطراف خلال الساعات الماضية تُظهر تمسك كل طرف بمواقفه دون تغيير، في ظل مخاوف من اتساع رقعة التوتر إذا لم تُتخذ خطوات تهدئة عاجلة. وتخشى المصادر من أن يؤدي استمرار التحشيد إلى مواجهات محتملة، خصوصاً في المناطق الحيوية والقطاعات النفطية التي تشهد تركزاً للقوى المتقابلة.