- الفجوة الكبيرة بين كلفة الإنتاج وسعر البيع تستدعي الرقابة

- الاعتماد على الاستيراد حل مؤقت ولا يتماشى مع طموحات الأمن الغذائي

- إنشاء حظائر نموذجية وتقديم خصومات على الأعلاف

- التربية المحلية تحقق قيمة اقتصادية متكاملة .. وتوفير الدعم للمربين ضرورة

مع حلول عيد الأضحى يعود الحديث حول التحديات التي تواجه سوق المواشي والأضاحي في سلطنة عُمان، وسط تباين في وجهات النظر بين المستهلكين الذين يشكون من ارتفاع الأسعار، والمربين الذين يرون أن العائد لا يغطي تكاليف التربية والرعاية.

وفي ظل استمرار الاعتماد على الاستيراد لتغطية الطلب المحلي تتزايد الدعوات من خبراء اقتصاديين ومهتمين بقطاع الثروة الحيوانية لتعزيز الإنتاج المحلي وتحقيق توازن مستدام في السوق، يضمن استقرار الأسعار ويوفر خيارات عادلة للمستهلك، مع دعم مباشر للمربين لضمان استمرارية هذا القطاع الحيوي.

ويسلط مختصون الضوء على أهمية التحول نحو استراتيجيات طويلة الأمد تسهم في تحقيق الأمن الغذائي وتقليل الاعتماد على الخارج، عبر حوكمة فعالة وشراكة حقيقية بين القطاعين العام والخاص، وتقديم حوافز للمربين لتحفيزهم على الاستمرار والنمو.

وقال محمد بن أحمد الشيزاوي متخصص في الشؤون الاقتصادية: من الملاحظ عدم استقرار سوق الأضاحي من سنة إلى أخرى نظرا للعديد من الأسباب، وفي حين يشتكي المستهلكون من زيادة الأسعار من عام لآخر يرى مربو الماشية أن الأسعار لا تكاد تغطي التكلفة نظرا لعدم استقرار أسعار الأعلاف والتكاليف الطبية والعلاجية للماشية، وينظرون إلى عيد الأضحى باعتباره موسما رئيسيا لتغطية التكاليف وتحقيق دخل جيد لهم.

وأشار الشيزاوي إلى أنه في الوقت الحالي وخاصة أيام الأعياد يسهم الاستيراد في تحقيق الاستقرار لأسعار الأضاحي من جهة وتغطية الطلب المحلي على الأضاحي من جهة ثانية ولو تم تقليل الاستيراد فإنه سينعكس سلبا على السوق وسوف يؤدي إلى ارتفاع الأسعار بشكل كبير جدا نظرا لزيادة الطلب في ظل محدودية العرض.

وأوضح الشيزاوي أن هناك عدد من التحديات التي تواجه مربي الماشية، حيث تعد أسعار الأعلاف والتكاليف الطبية والعوامل المناخية من أبرز التحديات، ولعل التوسع في زراعة الأعلاف بمنطقة النجد قد أسهم في الحد من المبالغة في الأسعار ولكن أيضا هناك تكاليف أخرى متعلقة بالنقل.

كما توجد برامج عديدة يتم تنفيذها من قبل وزارة الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه لتشجيع تربية الماشية ونتطلع إلى التوسع في ذلك بما يؤدي إلى تشجيع مربي الماشية على الاستمرار في مهنتهم.

الاستدامة الاقتصادية

وأكد الشيزاوي أن زيادة الإنتاج المحلي مطلب اقتصادي واجتماعي، فمن جهة سوف يؤدي إلى مواكبة الطلب المتزايد على الإنتاج المحلي من اللحوم الحمراء ومن جهة أخرى سوف يوفر فرص عمل عديدة لمربي الماشية، ولهذا من المهم دعم مربي الماشية وتشجيعهم على الاستمرار في ذلك. أما الاستيراد فإن نظرتنا إليه ينبغي أن تكون بهدف تحقيق التوازن بين العرض والطلب بما يؤدي إلى استقرار الأسعار وتوفير خيارات أكثر للمستهلكين.

من جانبه قال الدكتور قيس السابعي الخبير الاقتصادي: إن الإقبال على شراء المواشي والأغنام لا سيما الصغيرة منها، يزداد قبيل المناسبات الدينية والاجتماعية وعلى رأسها عيد الأضحى، نظرا لما تمثله من رمزية دينية واجتماعية راسخة في الثقافة العُمانية، مثل إكرام الضيف واللمة الأسرية، وشكر الله على نعمه.

وأوضح السابعي أن السوق العُمانية لا تزال تعتمد بشكل كبير على استيراد الأضاحي من الخارج، من دول مثل الصومال وجنوب إفريقيا وأثيوبيا والسودان وأستراليا وغيرها، وذلك بسبب نقص الإنتاج المحلي وعدم قدرة السوق على تلبية الطلب الداخلي المتزايد خلال المواسم.

وأكد أن هذا الاعتماد على الاستيراد لا يُعد حلا مستداما، بل هو حل مؤقت لا يتماشى مع طموحات الأمن الغذائي. وقال: «بإمكان عُمان أن تتحول من دولة مستوردة إلى دولة مصدرة في قطاع المواشي، شريطة وجود سياسات واضحة ورقابة على الأسعار، وتهيئة بيئة مناسبة للتربية المحلية».

وأشار السابعي إلى أن أسعار الأغنام العُمانية تشهد ارتفاعا كبيرا يتضاعف في موسم الأعياد ويعود للانخفاض بشكل كبير بعد انتهائها، وهو ما يصفه بـ«المبالغة غير المبررة»، موضحا أن ذلك ناتج عن الاحتكار وغياب الحوكمة وغياب الآليات الرقابية الفعالة على تسعير المواشي.

وأضاف أن ارتفاع الأعلاف وادعاءات تكاليف التربية تُستخدم لتبرير الأسعار المرتفعة لكن الواقع يشير إلى فجوة كبيرة بين كلفة الإنتاج وسعر البيع في الموسم، وهو ما يستدعي رقابة مرنة «لا تضر بالبائع ولا بالمشتري»، حسب تعبيره.

التربية المحلية.. خيار استراتيجي

وردًا على سؤال حول أيهما أكثر دعما للاقتصاد الاستيراد أم التربية المحلية؟ أكد السابعي أن التربية المحلية تعد خيارا استراتيجيا، لأنها تحقق تنمية اقتصادية مستدامة، وتعزز من الدورة الاقتصادية داخل سلطنة عمان.

وقال: «التربية المحلية تحقق قيمة اقتصادية متكاملة حيث يتم شراء الأعلاف من السوق المحلي واستخدام العلاجات البيطرية من العيادات المحلية والاستفادة من مشتقات الحليب وتوزيع السماد العضوي، بالإضافة إلى تنمية القطيع عبر التكاثر».

وأضاف: «في حال تمت أتمتة وتنظيم هذا القطاع ووفرت الحكومة الدعم المناسب، فإن الفائدة ستعود على الجميع: المنتج والمستهلك والحكومة، والاقتصاد الوطني ككل».

تحديات المربين ودور الحكومة

من أبرز التحديات التي تواجه مربّي المواشي، بحسب السابعي، هي: ضعف البنية الأساسية وقلة الدعم الفني والمالي وغياب منظومة تسويقية واضحة. حيث دعا إلى إنشاء حظائر نموذجية بتكلفة منخفضة، وتقديم خصومات على الأعلاف وتوفير عيادات بيطرية بأسعار رمزية، وربط الدعم ببطاقات إلكترونية تنظم العملية.

كما اقترح السابعي نموذج شراكة بين القطاعين العام والخاص، بحيث تقوم الحكومة بشراء الأغنام من المربين بأسعار مناسبة، ثم تعيد بيعها للمستهلكين بعد فحصها وضمان جودتها، وهو ما يحقق التوازن بين العرض والطلب ويمنع الاحتكار ويضمن تسويق المنتجات المحلية بشكل منظم وعادل.

توصيات لتعزيز الاكتفاء الذاتي

وأكد الدكتور قيس السابعي على ضرورة الأخذ بعدة توصيات لتعزيز مساهمة الثروة الحيوانية في الاقتصاد الوطني، منها: «التحول من دولة مستوردة إلى دولة مصدرة في قطاع المواشي، وتحقيق الاكتفاء الذاتي في اللحوم الحمراء والبيضاء ومشتقاتها، ودعم وتشجيع رواد الأعمال والمربين وتسهيل العقبات أمامهم، وتفعيل الرقابة على الأسواق ومنع الاحتكار، وتعزيز الشراكة بين الحكومة والقطاع الخاص لتسويق الأغنام العمانية، وتوفير حوافز مالية وفنية حقيقية للمربين لضمان استمرارية الإنتاج وتحقيق التنمية المستدامة».

وأكد السابعي أن الثروة الحيوانية في سلطنة عُمان تملك مقومات النجاح بفضل البيئة المناسبة والخبرة المتوارثة لدى المربين، مشددا على أهمية استغلال هذه الموارد بشكل أمثل لتحقيق الأمن الغذائي وتنشيط الاقتصاد المحلي.

من جانبه قال المواطن سالم بن حمود البراشدي المهتم بسوق المواشي والثروة الحيوانية: «أفرز الواقع العملي أن سوق المواشي في سلطنة عمان يعتمد بشكل كبير على استيراد الماشية والأغنام من الخارج، وتتعدد مصادر تلك الماشية من مختلف دول العالم لا سيما الاعتماد على الاستيراد من بعض الدول المصنفة على أنها دول فقيرة كالصومال إثيوبيا لتلبية احتياجات الناس من الماشية لعيد الأضحى المبارك، وهذا يدل على أن هناك خللا ما، حيث إن ارتفاع أسعار المواشي المحلية يشير إلى أن ندرتها هي السبب في ارتفاع أسعارها».

وأكد البراشدي أنه لا ريب أن اعتماد الاقتصاد الوطني على استيراد السلع والمنتوجات بشكل عام واستيراد الماشية والأغنام بشكل خاص يؤثر سلبا على الاقتصاد الوطني، حيث إن اعتماد الاقتصاد الوطني على الاستيراد فقط يسبب ضعفا في معدلات نمو الاقتصاد، وتراجع في الإنتاج وغيرها، الأمر الذي ينعكس على الجوانب المعيشية والحياتية للناس، بحيث ترتفع أسعار السلع المستوردة.

وأوضح البراشدي أن مربي الماشية المحلية يواجهون كثيرا من التحديات، من أبرزها: ندرة المراعي ونقصها بسبب قلة هطول الأمطار، كما يواجه بعض المربين صعوبات في المحافظة على السلالات الأصيلة للمواشي المحلية نتيجة انتشار الأمراض أو اختلاط تلك الماشية مع المواشي المستوردة، كما أن عزوف كثير من الناس عن شراء الماشية المحلية بسبب ارتفاع أسعارها نتيجة للتكاليف الكبيرة التي يتكبدها أصحاب تلك المواشي لرعايتها وتوفير الأعلاف والأدوية لها، مشيرا إلى أنه يمكن تذليل تلك العقبات من خلال قيام الحكومة بدعم مربي الماشية أو توفير بعض التسهيلات لهم أو منحهم أراضي للاستثمار الزراعي.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الاعتماد على الاستیراد الثروة الحیوانیة التربیة المحلیة الاقتصاد الوطنی الإنتاج المحلی الأمن الغذائی مربی الماشیة سوق المواشی الأضاحی من بشکل کبیر یؤدی إلى إلى أن من جهة

إقرأ أيضاً:

شوادر أضاحي وزارة التموين.. أماكن بيع الخراف والأبقار الحية

شوادر أضاحي.. في إطار استعداداتها لموسم عيد الأضحى المبارك 2025، أعلنت وزارة التموين والتجارة الداخلية عن تدشين 21 شادرًا لبيع الخراف والأبقار الحية في مختلف محافظات الجمهورية.

وتأتي هذه الخطوة ضمن خطة الوزارة لتوفير أضاحي العيد بأسعار مناسبة وجودة عالية، لتلبية احتياجات المواطنين في ظل الطلب المتزايد على اللحوم في هذه المناسبة السنوية.

وتوفر «الأسبوع» لمتابعيها معرفة كل ما يخص وزارة التموين، وذلك ضمن خدمة مستمرة تقدمها لزوارها في مختلف المجالات ويمكنكم المتابعة من خلال الضغط هنا.

أماكن الشوادر

توزعت شوادر بيع الأضاحي في العديد من المحافظات، حيث تم افتتاح 9 شوادر في القاهرة الكبرى والمحافظات المحيطة مثل الفيوم، بني سويف، المنيا، أسيوط، البحر الأحمر، قنا، الأقصر، وأسوان، كما قامت الشركة القابضة للصناعات الغذائية بإنشاء شوادر في مناطق أخرى مثل السويس، البحيرة، الشرقية والإسكندرية.

شوادر أضاحي أسعار الخراف والأبقار الحية

وفيما يتعلق بالأسعار، أكدت وزارة التموين أن سعر الخراف الحية يقدر بـ 225 جنيهًا للكيلو القائم، بينما يبلغ سعر الأبقار الحية 190 جنيهًا للكيلو القائم، حيث تأتي هذه الأسعار في إطار الجهود الحكومية لضبط الأسواق وتوفير الأضاحي بأسعار مناسبة للمواطنين.

اللحوم المجمدة والطازجة

بالإضافة إلى الأضاحي الحية، تقدم الوزارة كميات كبيرة من اللحوم الطازجة والمجمدة عبر منافذ المجمعات الاستهلاكية المنتشرة في جميع أنحاء الجمهورية، وقد تراوحت أسعار اللحوم داخل المجمعات الاستهلاكية كالتالي:

- لحم سوداني طازج: 285 جنيهًا للكيلو.

- لحم بقري طازج: 350 جنيهًا للكيلو.

- لحم جاموسي طازج: 260 جنيهًا للكيلو.

- اللحوم المجمدة: 210 جنيهات للكيلو.

- الضاني البلدي المذبوح: 400 جنيه للكيلو.

- الضاني المجمد: 390 جنيهًا للكيلو.

شوادر أضاحي استعدادات الوزارة لعيد الأضحى

ومن جهته، قال المهندس علاء ناجي، العضو المنتدب التنفيذي للشركة القابضة للصناعات الغذائية، إن الخطة الشاملة التي أعدتها الوزارة تستهدف توفير اللحوم والسلع الأساسية بشكل مستمر وبأسعار تنافسية.

وأضاف أن الوزارة مستمرة في طرح اللحوم المجمدة والطازجة والدواجن المجمدة خلال الأيام القادمة لتلبية احتياجات المواطنين طوال فترة العيد، مشددًا على أن العمل جارٍ لضمان جودة الأضاحي وسلامتها، مع متابعة حركة البيع في جميع الشوادر والمجمعات الاستهلاكية.

خطة الوزارة للرقابة والأسواق

وأكدت الوزارة أنها تواصل تنفيذ خطة الرقابة على الأسواق، لضمان عدم وجود أي تلاعب في الأسعار، حيث يتم ذبح أكثر من 600 رأس من الأبقار يوميًا، لضمان استمرارية توفر اللحوم المجمدة، بالإضافة إلى زيادة معدلات ضخ اللحوم الضاني المبردة.

كما دعت الوزارة المواطنين إلى زيارة المجمعات الاستهلاكية والشوادر المخصصة لبيع الأضاحي، مؤكدًا أن جميع السلع متوفرة بكميات كافية وأن الأسعار ستكون في متناول الجميع.

اقرأ أيضاًآخر تحديث لـ أسعار الأضاحي البلدي 2025.. «سعر الكيلو قايم بكام»

أسعار الأضاحي الحية في منافذ وزارة التموين 2025 بالقاهرة والجيزة

مدير الطب البيطري بالشرقية لـ«الأسبوع»: جهزنا 20 مجزرا لذبح الأضاحي بالمجان

مقالات مشابهة

  • ارتفاع الأسعار وشحّ المواشي يحولان الأضاحي إلى مشهد رمزي في غزة
  • ارتفاع أسعار المواشي في عديد من الدول العربية مع اقتراب عيد الأضحى المبارك
  • شوادر أضاحي وزارة التموين.. أماكن بيع الخراف والأبقار الحية
  • استقرار أسعار الذهب في السوق المحلية
  • قفزة في أسعار المواشي بالأسواق.. والمستورد خيار المضحين
  • انخفاض أسعار المواشي في اليمن وتراجع الإقبال مع اقتراب عيد الأضحى
  • برلمانية: استقرار الأسعار مرهون بالرقابة والإنتاج المحلي
  • ارتفاع قياسي بأسعار «أضاحي العيد» في الدول العربية
  • اضاحي العيد: اسواق مكتضة واقبال متواضع مع استمرار الحصار (الاسعار)