الجيش الصيني يرفع الجاهزية.. تايوان خط أحمر وبكين لن تتسامح مع التدخلات
تاريخ النشر: 9th, June 2025 GMT
حذّرت وزارة الدفاع الصينية سلطات الحزب التقدمي الديمقراطي الحاكم في تايوان، من مغبة الاعتماد على الدعم العسكري الأمريكي، مؤكدة أن هذا المسار لن يضمن حماية الجزيرة بل سيقود إلى مزيد من التوتر والتصعيد في المنطقة.
وجاء التحذير على لسان المتحدث باسم الوزارة، جيانغ بين، اليوم الاثنين، في رد حازم على تقارير تحدثت عن إرسال الولايات المتحدة دفعة جديدة من دبابات “إم 1 إيه 2” إلى تايوان، وفق ما نقلته صحيفة غلوبال تايمز الرسمية.
وأشار بين، إلى أن هذه الخطوة تمثل مؤشراً خطيراً على تصاعد محاولات واشنطن، بالتواطؤ مع القوى الانفصالية الساعية إلى ما تسميه “استقلال تايوان”، لتغيير الوضع القائم في مضيق تايوان، مشدداً على أن هذه التحركات تمثل استفزازاً مباشراً للصين ومصدر تهديد للاستقرار الإقليمي.
وأكد المتحدث أن “قضية تايوان تمثّل جوهر المصالح الوطنية الصينية، وتشكل الخط الأحمر الأول في العلاقات الصينية-الأمريكية”، محذراً من أن بكين “لن تقبل بأي شكل من أشكال التعاون العسكري الأمريكي مع الجزيرة”.
كما توعّد بأن “جيش التحرير الشعبي سيواصل تعزيز جاهزيته القتالية وسيتخذ إجراءات حازمة لإفشال أي تدخل خارجي في الشؤون الداخلية الصينية”.
وتزامن هذا التصعيد مع تقارير كشفت عن وجود ما لا يقل عن 500 جندي أمريكي في تايوان حالياً، أي أكثر بعشر مرات من الأرقام التي سبق أن أُبلغ بها الكونغرس الأمريكي، ما يعزز مخاوف بكين من نية واشنطن توسيع وجودها العسكري في الجزيرة.
كما أفادت غلوبال تايمز بأن الإدارة الأمريكية تخطط لزيادة مبيعات الأسلحة إلى تايوان خلال السنوات الأربع المقبلة، بمستويات قد تفوق حجم المبيعات خلال الولاية الأولى للرئيس دونالد ترامب، في مؤشر إضافي على تعاظم الشراكة العسكرية بين الطرفين.
ويأتي هذا في وقت تؤكد فيه الصين أن تايوان جزء لا يتجزأ من أراضيها، وتلوّح مراراً باستخدام القوة لاستعادتها إن لزم الأمر، فيما تتمسك حكومة الجزيرة، بقيادة الحزب التقدمي الديمقراطي، بموقف يعتبر تايوان دولة مستقلة بحكم الأمر الواقع.
وكان وزير الخارجية الصيني وانغ يي قد صرّح سابقاً لوكالة “سبوتنيك” بأن “إعادة توحيد الصين قضية تاريخية لا يمكن إيقافها”، محذراً من مغبة التدخلات الأجنبية التي تسعى إلى إعاقة هذه العملية.
وعلى الجانب الآخر، تؤكد واشنطن التزامها بدعم تايوان في حال تعرضها لهجوم، في إطار ما تسميه سياسة “ردع العدوان الصيني”، وهو ما تعتبره بكين تحريضاً مباشراً على الانفصال.
يُذكر أن الجيش الصيني نفّذ مؤخراً مناورات عسكرية ضخمة حول الجزيرة، شملت استعراضات لصواريخ استراتيجية وقدرات نووية، في رسالة مباشرة مفادها أن بكين مستعدة لاستخدام كل الوسائل المتاحة للحفاظ على وحدة أراضيها.
وفي ظل هذا التصعيد المتبادل، يزداد القلق الدولي من أن يتحول مضيق تايوان إلى بؤرة نزاع عسكري محتمل بين قوتين نوويتين في ظل سباق تسلّح متسارع وحرب تصريحات لا تهدأ.
المصدر: عين ليبيا
كلمات دلالية: الاقتصاد الصيني الجيش الصيني السلاح الصيني الصين الصين وتايوان تايوان
إقرأ أيضاً:
ترامب والصين.. مناورات غير مفهومة تربك بكين والعالم
في تحليل سياسي موسّع نشرته صحيفة فايننشال تايمز، وصف الكاتب إدوارد لوس علاقة الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالصين بأنها "لغز عميق"، يفتقر إلى أي اتساق أو ملامح إستراتيجية واضحة.
وبينما يعكس سجل ترامب السياسي مواقف راسخة إزاء بعض القضايا الداخلية كالهجرة والعجز التجاري، فإن سياساته تجاه الصين تُظهر تذبذبًا لا يمكن التنبؤ به، لا من قبل المسؤولين في واشنطن، ولا من قبل القيادة الصينية.
"فيما يخص الصين، كل شيء يصبح رهينة للحظ"، كما يعبّر التقرير ساخرًا، مضيفًا: "هل يهتم ترامب فعلًا بقضية تايوان؟ لنكتفِ برمي قطعة نقدية. هل يسعى لفصل اقتصادي كامل عن بكين؟ فلنجرّب عجلة الحظ".
مكالمة زائفة وغضب دبلوماسي صينيوبلغت درجة الغموض حدًا دفع بترامب، في مقابلة مع مجلة تايم في أبريل/نيسان الماضي، إلى الادعاء بأن الرئيس الصيني شي جين بينغ قد اتصل به مؤخرًا، قائلًا "وأنا لا أعتقد أن هذا يُظهر ضعفًا من جانبه".
بيد أن وزارة الخارجية الصينية سارعت إلى نفي هذه المزاعم بشكل رسمي، ووصفتها بأنها "تضليل للرأي العام"، مستخدمة لهجة دبلوماسية اعتُبرت معتدلة بالنظر إلى حساسية الموقف.
إعلانويشير التقرير إلى أن أي محاولة لتحليل تفكير شي جين بينغ عبر تصريحات ترامب "تُشبه تفسيرات أنظمة الذكاء الاصطناعي التي تهلوس"، في إشارة إلى عدم موثوقية أقوال ترامب.
في تصعيد جديد للتوترات بين الولايات المتحدة والصين، وصف الرئيس الأميركي دونالد ترامب نظيره الصيني شي جين بينغ بأنه "صعب جدًا، وصعب للغاية في التفاوض معه"، في منشور نشره على منصة "تروث سوشيال".
وكتب ترامب "أنا معجب بالرئيس شي، لطالما كنت كذلك، وسأظل كذلك، لكنه شخص صعب جدًا وصعب للغاية في إبرام صفقة معه!"، بحسب ما أوردت بلومبيرغ.
تايوان تحت المجهر.. ولكن لا أحد يثق في وزير الدفاعومن الملفات الأخطر في العلاقة بين واشنطن وبكين تأتي قضية تايوان، التي تعتبرها الصين جزءًا لا يتجزأ من أراضيها. وفي الوقت الذي تعزز فيه بكين مناوراتها العسكرية حول الجزيرة، خرج وزير الدفاع الأميركي بيت هيغسيث ليعلن أن "التهديد الصيني تجاه تايوان حقيقي، وقد يكون وشيكًا".
لكن التقرير يشير إلى أن هذا التصريح لم يُؤخذ على محمل الجد، حيث يُنظر إلى هيغسيث على أنه شخصية دعائية، اختارها ترامب لتأدية دور وزير الدفاع "كما لو أنه يؤدي دورًا في برنامج تلفزيوني واقعي"، على حد وصف الصحيفة. وبذلك، تخلق إدارة ترامب فراغًا إستراتيجيًا في ملف حساس، يصعب على الحلفاء الوثوق في جدية المواقف الأميركية حياله.
سياسة تجارية مرتجلةوعلى الصعيد التجاري، تتقلب سياسات ترامب تجاه بكين بين التصعيد والتراجع. فقد فرض في فترة ما رسومًا جمركية على الواردات الصينية بنسبة 145%، قبل أن يخفضها إلى 30%، بعد توقيع اتفاق مؤقت لاستئناف تصدير المعادن الأرضية النادرة إلى الولايات المتحدة. غير أن ترامب عاد مؤخرًا وادعى أن الصين "نقضت الاتفاق"، مهددًا بتصعيد جديد.
والمعادن النادرة -التي تهيمن الصين على أكثر من 80% من إنتاجها العالمي- تُعد أساسية لصناعة السيارات الكهربائية، والإلكترونيات، والطائرات الحربية الأميركية، مما يمنح بكين ورقة ضغط إستراتيجية قد يصعب على واشنطن تجاهلها.
إعلان تيك توك والتقنية.. ازدواجية بلا حدودولم تسلم شركات التكنولوجيا من تناقضات ترامب، ففي ولايته الأولى، وصف تطبيق "تيك توك" الصيني بأنه تهديد مباشر للأمن القومي الأميركي، وسعى لحظره. أما اليوم، فيُبقي ترامب على وجود التطبيق، وسط شكوك متزايدة بأن ذلك قد يكون تمهيدًا لبيعه إلى شريك تجاري مقرّب منه. ويضيف التقرير أن هذا التحوّل يعكس نظرة ترامب البراغماتية التي تخضع للصفقات أكثر من المبادئ.
وفيما يتعلق بصادرات الرقائق المتقدمة إلى الصين، خفف ترامب بعض القيود المفروضة سابقًا، رغم أن سياسة الرئيس جو بايدن تبنت ما يُعرف بـ"سياج عالٍ حول فناء صغير"، في إشارة إلى تشديد الرقابة على تقنيات الذكاء الاصطناعي.
ويُعتقد أن جينسن هوانغ، المدير التنفيذي لشركة "إنفيديا"، كان من أبرز المؤيدين لتخفيف هذه القيود، نظرًا لمصلحة شركته المباشرة في السوق الصينية.
تأثير عالمي فوضويولا يقتصر الأثر السلبي للغموض في سياسة ترامب على العلاقة مع الصين، بل يمتد إلى النظام الاقتصادي العالمي. ففي قمة حديثة، قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بوضوح: "لا نريد أن نُعلّم يوميًا ما هو مسموح وما هو غير مسموح، وكيف ستتغير حياتنا بسبب قرارات شخص واحد". وهو تصريح يُعبر عن ضيق دول الاتحاد الأوروبي من الطابع الشخصي للسياسات الأميركية في عهد ترامب.
أما جيمي ديمون، الرئيس التنفيذي لمصرف "جي بي مورغان"، فقال بصراحة "الصين عدو محتمل… لكن ما يقلقني فعليًا هو نحن"، في إشارة غير مباشرة إلى السياسة الأميركية الفوضوية التي يرى فيها كثيرون الخطر الأكبر على استقرار الاقتصاد العالمي.
الصين حائرة.. والعالم يترقّبويختتم تقرير فايننشال تايمز بالقول إن الصين، مثل بقية العالم، تواجه معضلة متكررة في تفسير نوايا ترامب، أو حتى توقّع خطواته التالية. ومع انعدام التواصل الرسمي بين شي وترامب حتى الآن، يصعب تصوّر أن بكين ستخاطر بالدخول في لقاء علني قد يستخدمه ترامب لأغراض استعراضية أو دعائية. إذ سبق أن تحوّلت لقاءاته من هذا النوع مع قادة دول مثل أوكرانيا وجنوب أفريقيا إلى فصول درامية أضرت بتلك الدول أكثر مما أفادتها.
إعلانوهكذا، يبقى ملف ترامب والصين لغزًا مفتوحًا، تزداد تعقيداته مع كل تصريح، وتتسع تبعاته من الاقتصاد العالمي إلى الأمن الإقليمي، في وقت يبدو فيه أن الرئيس الأميركي لا يتّبع بوصلته الخاصة… بل يُغيّرها باستمرار.