الأردن في حزيران المجد: ولاءٌ يتجدد، وراية لا تنكس
تاريخ النشر: 10th, June 2025 GMT
صراحة نيوز ـ بقلم الدكتورة ريم الكناني
عميد شؤون الطلبة جامعة عجلون الوطنيه
يأتي شهر حزيران كل عام حاملاً معه نفحات الفخر والعزة في ذاكرة الأردنيين، ففي أيامه تتجدد ثلاث مناسبات وطنية عظيمة تُجسد مسيرة وطن صاغ تاريخه بالكرامة، وارتقى بقيادته الهاشمية الحكيمة، وشعبه الوفي. عيد الجلوس الملكي في التاسع من حزيران، ويوم الجيش وذكرى الثورة العربية الكبرى في العاشر منه، هي مناسبات لا يحتفل بها الأردنيون فحسب، بل يستحضرون فيها سيرة وطن ومبادئ نهضة وتلاحم قيادة وشعب شكلت معًا أنموذجًا نادرًا في الاستقرار والصمود.
في عيد الجلوس الملكي، يستذكر الأردنيون تسلّم جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين سلطاته الدستورية في التاسع من حزيران عام 1999، بعد رحيل الملك الباني الحسين بن طلال، طيب الله ثراه. في ذلك اليوم، بدأ الأردن فصلًا جديدًا من فصول العمل الوطني، بقيادة شاب مثقف، عسكري محترف، وقائد يحمل رؤى متقدمة لمستقبل الدولة الأردنية. ومنذ لحظة تسلّمه العرش، وضع جلالته الإنسان الأردني في قلب أولوياته، وانطلق بمشروع إصلاحي وتنموي شامل يستند إلى قيم الانفتاح، والعدالة، والاعتماد على الذات، وتعزيز سيادة القانون.
قضى جلالة الملك أكثر من عقدين في العمل المتواصل من أجل تمكين الأردن في مختلف المجالات. فشهدت البلاد تطورًا في البنية التحتية، وتوسّعًا في التعليم العالي والتقني، ونموًا في قطاع الاتصالات والتكنولوجيا، إلى جانب تعزيز مكانة المرأة والشباب في الحياة العامة، ودعم المشاريع الريادية، والانتقال نحو التحول الرقمي والخدمات الإلكترونية. كما قاد جلالته عملية إصلاح سياسي ودستوري عميقة تمثلت في تشكيل لجان ملكية متخصصة، وضعت توصيات لبناء حياة حزبية قوية، وتعزيز دور البرلمان، وتكريس مبدأ الفصل بين السلطات.
لكن ما يميز جلالة الملك عبدالله الثاني بحق، هو قربه من أبناء شعبه، وتواصله المستمر معهم، ومتابعته الميدانية لقضاياهم واحتياجاتهم. فقد كان حاضرًا في كل مفصل من مفاصل الدولة، موجهًا وداعمًا ومتفقدًا، سواء في الزيارات المفاجئة للمؤسسات، أو في تفقد أحوال المواطنين في المحافظات، أو من خلال مبادرات ملكية تستجيب للاحتياجات الملحّة في الصحة والتعليم والبنية التحتية. إن علاقة الملك بشعبه تقوم على الثقة المتبادلة، وعلى الإيمان الراسخ بأن المواطن هو شريك في صناعة القرار.
وعلى الصعيد الإقليمي والدولي، استطاع جلالة الملك أن يرسم للأردن موقعًا متقدمًا بين الدول، رغم محدودية الموارد. فكان صوته دائمًا صوت العقل والاعتدال، ومدافعًا صلبًا عن القضية الفلسطينية والوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، كما عمل على تعزيز التعاون العربي، والانفتاح الدولي، وتقديم الأردن نموذجًا في الحكمة السياسية، والدبلوماسية الفاعلة، والقدرة على الوساطة والتقريب بين وجهات النظر.
لقد واجه الأردن في عهد جلالة الملك تحديات جسيمة، من أزمات اقتصادية عالمية، إلى موجات لجوء، إلى التهديدات الأمنية، إلى جائحة كورونا، ومع ذلك، بقي صامدًا متماسكًا بفضل الرؤية الملكية، وكفاءة المؤسسات، وتكاتف الشعب مع قيادته. هذا التلاحم الفريد بين العرش والشعب جعل من الأردن دولة قوية بإرادتها، مرنة في إدارتها للأزمات، وراسخة في ثوابتها.
وفي العاشر من حزيران، تحتفل المملكة بيوم الجيش العربي، ذلك الجيش الذي خرج من رحم الثورة العربية الكبرى، محمّلًا برسالة الشرف والرجولة، ومؤمنًا بدوره في حماية الوطن والكرامة. جنود الجيش العربي هم حُماة الديار، رجال الميدان، وسياج السيادة، الذين لم يبخلوا يومًا بالغالي والنفيس في سبيل أمن الوطن واستقلاله. شاركوا في معارك الأمة، وكتبوا بدمائهم ملاحم النصر في معركة الكرامة الخالدة، وأثبتوا أنهم ليسوا فقط قوة عسكرية، بل نموذج في الاحترافية والإنسانية والانضباط.
وتتزامن هذه المناسبة مع ذكرى اندلاع الثورة العربية الكبرى، التي قادها الشريف الحسين بن علي عام 1916، فكانت نقطة تحول في تاريخ العرب، وانطلاقة نحو التحرر من الاستعمار، وإعادة الكرامة للأمة. لقد حمل الهاشميون منذ ذلك الحين راية النهضة والوحدة، وأسّسوا الدولة الأردنية على مبادئ الثورة، من عدالة وحرية وسيادة القرار. ومن خلال قيادة الملك المؤسس عبدالله الأول، ثم الحسين بن طلال، وصولًا إلى عبدالله الثاني، استمرت مسيرة بناء الدولة وهي تحمل في طياتها روح الثورة وقيمها النبيلة.
لقد تميّز الأردن على الدوام بصلابة بنيانه الداخلي، والذي يقوم على علاقة فريدة بين الشعب وقيادته الهاشمية، علاقة عنوانها الثقة المتبادلة، وروح الانتماء، والاعتزاز المتجذر بالوطن وهويته. فالالتفاف الشعبي حول العرش الهاشمي لم يكن يومًا مجاملة سياسية، بل كان تعبيرًا صادقًا عن إيمان الأردنيين العميق بأن قيادتهم تمثلهم وتحمل همّهم وتدافع عن كرامتهم، وتعمل من أجل مستقبل أبنائهم. في كل مفصل تاريخي، وفي كل أزمة إقليمية أو تحد داخلي، كان الأردنيون يثبتون وعيًا وطنيًا متقدمًا، وولاءً راسخًا، جعل من الأردن واحة للأمن والاستقرار وسط إقليم يعج بالتقلبات.
لقد تشكلت الهوية الأردنية عبر تفاعل عميق بين التاريخ والجغرافيا، وبين الإرث الهاشمي والقيم المجتمعية، فصارت هذه الهوية عنوانًا للمواطنة المسؤولة، والكرامة، والاعتدال، والتسامح. هي هوية لا تعرف التطرف، ولا تقبل التفرقة، بل تقوم على الوحدة الوطنية والتعدد في إطار الولاء والانتماء. فالأردني، أينما كان، يعتز بانتمائه لوطنه، ويفتخر بقيادته، ويحرص على صون منجزاته.
وهذا التلاحم الوطني ليس وليد اللحظة، بل هو إرث ممتد، زرعه المؤسس الملك عبدالله الأول، ورعاه الملك الحسين بن طلال، ويواصل تعزيزه جلالة الملك عبدالله الثاني، ليبقى الأردن وطنًا موحدًا، متماسكًا، عصيًّا على كل محاولات التشكيك أو الاختراق. إن التفاف الشعب حول قيادته، وتمسكه بوطنه، واعتزازه بهويته، هو السرّ الحقيقي الذي جعل من الأردن نموذجًا مختلفًا، وبلدًا يتجاوز الصعوبات بإرادة أهله، وحكمة قيادته، وتماسك نسيجه الوطني.
إن هذه المناسبات الوطنية الثلاث ليست مجرد وقائع تاريخية نحتفي بها، بل هي معانٍ حيّة متجددة، تؤكد أن الأردن ماضٍ بثقة نحو المستقبل، مستندًا إلى إرث هاشمي عريق، وشعب أصيل، ومؤسسات راسخة. ففي كل عام، يُجدد الأردنيون بيعتهم للعرش، ويعلنونها بصوت واحد: نحن معك يا أبا الحسين، ماضون خلف قيادتك، متمسكون بثوابتنا، مؤمنون بأن الأردن سيبقى كما أراده الهاشميون، وطنًا حرًا، كريمًا، شامخًا.
كل عام والأردن قيادة وشعبًا وجيشًا بألف خير، وكل عام ورايتنا ترفرف عالية في سماء المجد.
المصدر: صراحة نيوز
كلمات دلالية: اخبار الاردن عرض المزيد الوفيات عرض المزيد أقلام عرض المزيد مال وأعمال عرض المزيد عربي ودولي عرض المزيد منوعات عرض المزيد الشباب والرياضة عرض المزيد تعليم و جامعات في الصميم ثقافة وفنون علوم و تكنولوجيا اخبار الاردن الوفيات أقلام مال وأعمال عربي ودولي تعليم و جامعات منوعات الشباب والرياضة ثقافة وفنون علوم و تكنولوجيا زين الأردن أقلام أقلام أقلام أقلام أقلام أقلام أقلام أقلام أقلام أقلام عبدالله الثانی الملک عبدالله جلالة الملک الحسین بن کل عام
إقرأ أيضاً:
العيسوي: الأردن بقيادته الهاشمية سد منيع في وجه التحديات وصوت لا يساوم في الدفاع عن الحق
صراحة نيوز- أكد رئيس الديوان الملكي الهاشمي يوسف حسن العيسوي، أن الأردن بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني، يواصل دوره القومي والإنساني المشرف، بثبات لا يتراجع، وإرادة لا تلين، مجسدًا نموذج الدولة التي لا تحيد عن الحق، ولا تتردد في نصرة الأشقاء، وفي مقدمتهم أهلنا في غزة، الذين كان موقف الأردن من أجلهم الأقوى والأوضح والأكثر تأثيرًا.
وأضاف أن الموقف الأردني بقيادة جلالة الملك لم يقتصر على التصريحات، بل ترجم إلى أفعال ميدانية وإنسانية، من خلال تسيير قوافل المساعدات إلى عمق قطاع غزة، وتنفيذ عمليات إنزال جوي للمؤن والمستلزمات الطبية رغم التحديات، في تعبير واضح عن التزام لا يساوم، وواجب هاشمي راسخ لا يعرف التردد.
وقال العيسوي إن عهد جلالة الملك شهد تحولات ومنجزات وطنية راسخة في مختلف الميادين، مشيرًا إلى أن مسيرة الإصلاح الشامل والتحديث المستمر لم تكن مجرد شعارات، بل واقعًا ملموسًا يلمسه كل أردني.
وأكد أن هذه الإنجازات هي ثمرة رؤية استراتيجية بعيدة المدى، وضعها جلالته منذ توليه سلطاته الدستورية، وبنى من خلالها دولة المؤسسات، وعزّز مكانة الأردن كأنموذج في الاستقرار والاعتدال والإنجاز وسط إقليم مضطرب.
جاء ذلك خلال لقائه اليوم الثلاثاء، في الديوان الملكي الهاشمي، وفدًا من طلبة كلية التمريض في جامعة البلقاء التطبيقية، يمثلون فريق Sanova.
وفي حديثه عن القضايا الإقليمية، شدد العيسوي على أن القضية الفلسطينية تظل في صدارة أولويات جلالة الملك، باعتبارها قضية وطنية وقومية، وأن الوصاية الهاشمية على المقدسات في القدس هي مسؤولية تاريخية ودينية يحملها جلالته بكل أمانة واقتدار.
وأكد أن الأردن بقيادته الهاشمية يشكّل اليوم صوتًا نزيهًا في زمن التلوّن، وحضورًا مؤثرًا في زمن الاصطفاف، مشيرًا إلى أن ما يتمتع به الأردن من احترام عالمي إنما هو ثمرة سياسات متزنة ومبادئ راسخة، يقودها جلالة الملك بعقلانية وشجاعة.
كما نوّه العيسوي بالدور الفاعل لجلالة الملكة رانيا العبدالله في دعم قضايا الإنسان وتمكين المرأة، والدور الطليعي لسمو ولي العهد الأمير الحسين بن عبدالله الثاني، الذي يمضي في حمل هموم الشباب وتطلعاتهم، ضمن رؤية ملكية تؤمن بالشباب شركاء في البناء لا مجرد مستفيدين.
وأشار إلى أن الأمن والاستقرار الذي ينعم به الأردن، وسط محيط إقليمي مضطرب، لم يكن ليتحقق لولا تضحيات نشامى القوات المسلحة والأجهزة الأمنية، ووعي الأردنيين الذين يقفون خلف قيادتهم، صفًا واحدًا، في كل محطة من محطات الوطن.
من جهتهم، أعرب المتحدثون عن فخرهم واعتزازهم العميق بالقيادة الهاشمية، مؤكدين أن جلالة الملك يمثّل اليوم صوت العدل في العالم، ورمز الالتزام بقضايا الأمة، وفي مقدمتها فلسطين، التي حملها على كتفيه في كل محفل دولي بجرأة وإخلاص.
وأشاروا إلى أن المساعدات الأردنية التي تصل إلى غزة، سواء عبر الإنزال الجوي أو القوافل البرية، كانت محط اعتزاز وفخر لكل أردني، لأنها تجسّد المواقف لا الشعارات، وتؤكد أن الأردن في مقدمة الصفوف في كل قضية عادلة.
وشددوا على أن الأردن وقيادته الهاشمية خط أحمر، وأن الأردنيين يقفون خلف جلالة الملك بثقة مطلقة، وإيمان راسخ بحكمته، مؤكدين أن محاولات التشكيك والتزييف ستتحطم دائمًا على جدار وعي هذا الشعب وإيمانه بقيادته.
كما أكدوا أن ما تحقق من إنجازات وطنية في عهد جلالة الملك، على مختلف المستويات، يعزز الثقة بالمستقبل، ويدفع الشباب نحو المزيد من العمل والاجتهاد لخدمة الوطن والمجتمع.
وعبروا عن اعتزازهم بالدور الإنساني والفكري الريادي الذي تضطلع به جلالة الملكة رانيا العبدالله، مشيدين بجهود بسمو ولي العهد ، الذي يسير بخطى واثقة على نهج جلالة الملك، حاملًا تطلعات الشباب الأردني، وقريبًا من نبضهم، ومبادرًا إلى إشراكهم في مسيرة البناء.
وأكدوا أن الشباب الأردني سيكون كما أراده جلالة الملك، جنودًا للوطن وصنّاعًا لمستقبله، وسفراء لقيمه في كل ميدان، مدركين أن الأمن والأمان مسؤولية جماعية، وأن القيادة الهاشمية ستبقى مصدر الإلهام والطمأنينة في زمن التحوّل والاضطراب.