من سيناء إلى تل أبيب.. ومن قلب الملف النووي إلى دهاليز القاهرة!
تاريخ النشر: 10th, June 2025 GMT
في صحراء سيناء، حيث تنزف الرمال أسرارها، وتكتب الشمس فوق الجبال رسائل قديمة لم تُقرأ بعد، تقف الحقيقة كما لو كانت شبحًا.. .تتوارى خلف العواصف، وتخرج بين حين وآخر في هيئة تصريح عابر أو وثيقة مسروقة.
خرج علينا أفيغدور ليبرمان، وزير الدفاع الإسرائيلي الأسبق، بتصريح صادم، أقرب إلى القنبلة منه إلى التحليل الأمني: "الجيش الإسرائيلي كان يقدم دعمًا لوجستيًا لجماعات إرهابية في سيناء ضد الجيش المصري"، ثم مضى دون أن يُكمل.
ليبرمان ليس مجرد سياسي غريب الأطوار، هو رجل ملفات، وضابط سابق يعرف ما يقول، وإن تحدث أحيانًا ليحرق خصومه أو يكشف أوراقًا منتهية الصلاحية. لكن هذا التصريح تحديدًا لا يبدو عابرًا. فهو يشير إلى فترة ملتبسة، حين كانت سيناء مرتعًا مفتوحًا للجماعات الجهادية من طراز "أنصار بيت المقدس"، و"ولاية سيناء" لاحقًا، التي بايعت تنظيم "داعش".
تلك الجماعات وُلدت من رحم الاضطراب الذي أعقب ثورة يناير، في زمن ارتباك الدولة، وارتخاء قبضة الأمن، وصعود الإخوان إلى سدة الحكم. ومن قلب الفراغ الأمني، وبدعم لوجستي غامض، ظهرت الرايات السوداء، واختلطت البندقية بالدعوة، والدين بالسياسة.
إسرائيل.. الحضور الغائب في سيناءمنذ انسحابها الرسمي بموجب اتفاقية كامب ديفيد، لم تغب إسرائيل عن سيناء. كانت هناك دائمًا، لكن من خلف الستار، عبر الطائرات المسيرة، وعبر تفاهمات سرية، وعبر عملاء لا يُعرف ولاؤهم. وفي عالم الأمن، لا يُستبعد شيء، ولا يُستغرب دعم "عدو تكتيكي" إذا كان الهدف ضرب العدو الاستراتيجي.
فهل دعمت إسرائيل بالفعل بعض الفصائل لتقويض سيطرة الجيش المصري على سيناء؟ وإن صح هذا، فهل كان دعما استخباراتيا تحت الطاولة ضمن تفاهمات معقدة، أم لعبة قذرة خرجت عن السيطرة؟
ملف مصر داخل الوثائق النووية المسروقةفي عام 2018، أعلنت إسرائيل بفخر عن حصولها على "أرشيف نووي إيراني" عبر عملية استخباراتية في قلب طهران. وثائق وصور وخرائط ومحادثات ورسائل بريد إلكتروني. لم تُنشر كلها، بل اختير منها ما يخدم الخطاب السياسي حينها ضد إيران.
لكن سؤالاً ظلّ عالقًا في دهاليز المتابعين: هل احتوى هذا الأرشيف، أو بعضه، على إشارات لملفات تخص مصر؟
فمصر، برغم صمتها النووي، لا تزال دولة ذات أهمية استراتيجية في معادلات الردع والتوازنات الإقليمية. والمعلومات حول نواياها أو قدراتها، وإن كانت تقليدية أو دفاعية، قد تهم خصومها، لا سيما إذا تضمنت معلومات عن سيناء، أو عن التعاون الأمني مع قوى كبرى.
زيارة عبد اللهيان إلى القاهرة.. مصادفة؟
في الأيام الماضية، حطّ وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان في القاهرة، في زيارة مفاجئة نسبياً، ضمن ما سُمّي بمحاولات "تطبيع تدريجي" للعلاقات المصرية الإيرانية.
لكن ماذا لو لم تكن الزيارة فقط من أجل "المصافحة الدبلوماسية"؟ ماذا لو كانت هناك أوراق تُتبادل؟ ملفات تُفتح وتُغلق خلف الأبواب؟ هل قدّمت طهران إشارات أو دلائل على ما تمتلكه من معلومات عن نشاط استخباراتي إسرائيلي داخل مصر؟ وهل ساومت على هذا الملف لفتح بوابة جديدة على نيل القاهرة؟
مصر.. .رقعة تتغير عليها الأحجارليست سيناء وحدها من تنزف الحقيقة، بل الإقليم كله. وكل حجر يُحرّك على رقعة الشرق الأوسط لا يتحرك عبثًا. من زيارة عبد اللهيان، إلى تصريح ليبرمان، إلى تسريب وثائق مجهولة المصدر في تل أبيب.. .تبدو مصر في القلب من معركة الظلال: معركة الذاكرة، والمعلومات، والتحالفات التي تُصنع من صمت.
وإن كانت الحقيقة لا تزال تهمس، فربما آن أوان أن تُكتب، لا أن تُروى فقط!!
اقرأ أيضاًمحافظ جنوب سيناء يترأس اجتماع مجلس أمناء مشروع التجلي الأعظم والأوحد بسانت كاترين
قرار جمهوري بتخصيص أراض في شمال سيناء لاستخدامها في إقامة مقرات شرطية مختلفة
برلماني: سيناء قاطرة التنمية وحجم الاستثمارات غير مسبوق
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: مصر الملف النووي الإيراني صحيفة الأسبوع صحراء سيناء حسين أمير عبد اللهيان العلاقات المصرية الإيرانية الصراعات الدولية الجيوسياسية الجماعات الإرهابية في سيناء
إقرأ أيضاً:
النووي يشعل المواجهة مجدداً.. إيران تحذّر وتكشف وثائق حساسة ضدّ إسرائيل
أكدت المتحدثة باسم الحكومة الإيرانية فاطمة مهاجراني، أن إيران تمتلك أدلة دامغة ووثائق سرية نووية وعسكرية تخص إسرائيل، حصلت عليها عبر جهود مضنية، تكشف عن جرائم الكيان الإسرائيلي في قطاع غزة، وانتهاكاته الخطيرة في المجالين العسكري والنووي.
وخلال مقابلة مع قناة “الميادين”، أوضحت مهاجراني أن الوثائق التي بحوزة إيران توضح بشكل قاطع تورط إسرائيل في ممارسات إجرامية ضد المدنيين في غزة، مؤكدة أن هذه الحقائق لن تبقى طي الكتمان، بل ستُعرض للعالم وللولايات المتحدة الأمريكية التي ستدرك عواقب دعمها لكيان وصفته بـ«الهش» و«بيت من ورق».
وقالت: “الحجم والخطورة في المعلومات التي جُمعت عميقان للغاية، والأجهزة الأمنية الإيرانية ستكشف عنها في الوقت المناسب، وسيتم عرض جزء منها عبر وسائل الإعلام”.
وفي نفس السياق، أكد وزير الأمن الإيراني إسماعيل خطيب أن العملية التي مكنت إيران من الحصول على هذه الوثائق كانت واسعة النطاق، معقدة ومخططة بدقة، مشيراً إلى أن هذه الوثائق تتعلق بمنشآت إسرائيل النووية، وتم نقلها إلى داخل إيران وسيتم نشرها قريباً.
وأضاف خطيب: “بدأنا باختراق شامل، ثم استقطبنا مصادر داخل إسرائيل، وصولاً إلى كنز استراتيجي بالغ الأهمية”.
وأعلن عضو مجمع تشخيص مصلحة النظام محسن رضائي عبر منصة «إكس» أن “لم يعد هناك أي موقع سري أو آمن في الأراضي المحتلة”، مؤكداً أن اختراق وزارة الاستخبارات الإيرانية نقل كمية كبيرة من الوثائق الحساسة.
وتأتي هذه التصريحات في ظل استمرار المجازر التي تشهدها غزة بحق النساء والأطفال، حيث اعتبرت مهاجراني أن “الكيان الإسرائيلي لا يمتلك أي هوية سوى كونه كياناً معادياً للبشرية”.
هذا التصعيد الإيراني يأتي وسط توترات إقليمية متصاعدة، ويزيد من الضغط الدولي على إسرائيل، وسط ترقب عالمي لكشف إيران عن تفاصيل هذه الوثائق السرية التي قد تغيّر موازين القوة في المنطقة.
إيران تحذّر مجلس الحكام من “إجراءات غير بناءة” وتلوّح بردود فورية… وترقب لمفاوضات جديدة مع واشنطن
وجهت منظمة الطاقة الذرية الإيرانية تحذيراً شديد اللهجة إلى مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، قبيل اجتماعه الحاسم في فيينا بمشاركة ممثلين عن 35 دولة، مهددة باتخاذ “ردود فعل فنية وغير فنية متناسبة” في حال اتخاذ قرارات تعتبرها طهران “غير بناءة”.
وقال المتحدث باسم منظمة الطاقة الذرية الإيرانية، بهروز كمالوندي، في تصريح لوكالة “مهر”، إن طهران سترد فوراً وفي اليوم ذاته إذا اتخذ المجلس أي إجراء سلبي، مشيراً إلى أن صبر إيران ليس بلا حدود، وأنها لن تقف مكتوفة الأيدي أمام ما وصفه بـ”الاستفزازات السياسية”.
من جانبها، وصفت وزارة الخارجية الإيرانية تقرير الوكالة بأنه “سياسي وغير مبرر”، مؤكدة أن لا انحراف في البرنامج النووي الإيراني، وأن الترويكا الأوروبية والولايات المتحدة تسعيان إلى تبرير نقل الملف إلى مجلس الأمن الدولي.
وقال المتحدث باسم الخارجية إسماعيل بقائي إن “إيران أوضحت مراراً أنها لا تسعى لامتلاك أسلحة نووية، وأن لديها فتوى شرعية تحظر ذلك”، محذراً من أن إصدار قرار ضد إيران في مجلس الحكام سيقابل برد إيراني متناسب، دون أن يوضح طبيعته.
وأشار بقائي إلى أن فرنسا ألغت اتصالاً هاتفياً كان مقرراً بين وزير الخارجية الإيراني ونظرائه الأوروبيين، مضيفاً أن “أي مقترح لا يضمن الحفاظ على دورة الوقود النووي ورفع العقوبات، لن يكون مقبولاً لدى طهران”.
وأكدت هيئة الطاقة الذرية الإيرانية في بيان أن الإجراءات الغربية في مجلس الحكام تهدف لتفعيل “آلية الزناد” لإعادة فرض العقوبات، لكنها شددت على أن لا أساس تقنياً لذلك، متهمة بعض الدول بمحاولة استغلال تعاون إيران مع الوكالة لتحقيق أهداف سياسية.
في موازاة ذلك، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب أن الجولة السادسة من المفاوضات بين إيران والولايات المتحدة ستُعقد يوم غد الخميس، فيما ذكر المتحدث باسم الخارجية الإيرانية أن الجولة ستُقام الأحد المقبل في العاصمة العُمانية مسقط، في ظل تضارب في مواعيد الجولات القادمة.
فيما أكد السفير الأمريكي في إسرائيل، مايك هاكابي، أن واشنطن لا تستبعد أي خيار في التعامل مع إيران في حال فشل المفاوضات المتعلقة بالملف النووي الإيراني.
وفي تصريحات لوكالة “بلومبرغ”، قال هاكابي: “قد تهاجم الولايات المتحدة إيران عسكرياً إذا لم تُحسم المحادثات بنجاح”، مشدداً على موقف الرئيس دونالد ترامب الذي أكد أن إيران يجب ألا تكون قادرة على تخصيب اليورانيوم بأي حال من الأحوال.
وأضاف السفير الأمريكي أن ترامب أوضح صراحة أن صبره على إيران محدود، معبراً عن رغبته في تجنب سفك الدماء، لكنه أكد أن إيران لن تمتلك سلاحاً نووياً. وأكد أيضاً أن الهدف النهائي هو تفكيك البرنامج النووي الإيراني بشكل كامل، وليس مجرد وقف التخصيب.
وكان أعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، تحديد موعد ومكان الجولة المقبلة من المفاوضات غير المباشرة بين إيران والولايات المتحدة، حيث ستُعقد في العاصمة العمانية مسقط يوم الأحد المقبل، رغم وجود تضارب في المواعيد مع إعلان سابق للرئيس الأمريكي عن موعد مختلف.
وأشار بقائي إلى أن وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي سيسافر قريباً إلى النرويج للمشاركة في منتدى أوسلو، دون الكشف عن تفاصيل إضافية حول جدول الأعمال أو مستوى التمثيل في المفاوض.
فيما أعلن وزير الدفاع الإيراني، العميد عزيز نصير زاده، عن إجراء تجربة ناجحة لصاروخ مزود برأس حربي يبلغ وزنه طنين، مؤكدًا أن بلاده لن تترك التهديدات الأخيرة من “الأعداء” من دون رد، في إشارة واضحة إلى التوتر المتصاعد مع الولايات المتحدة وحلفائها الإقليميين.
وقال نصير زاده، في تصريحات أدلى بها على هامش اجتماع الحكومة الإيرانية، إن “القوات العملياتية الإيرانية مجهزة بشكل كامل”، مؤكدًا أن إيران مستعدة للمواجهة إذا فشلت المفاوضات، مضيفًا: “سنضرب أهدافنا بقوة، وسيتكبد العدو خسائر فادحة، وعلى أمريكا أن تدرك أن عليها مغادرة المنطقة”.
وشدد الوزير الإيراني كذلك على أن جميع القواعد العسكرية الأميركية في المنطقة “تُعد أهدافًا مشروعة”، وأن طهران “لن تتردد في استهدافها داخل الدول المضيفة” في حال تصاعدت الأعمال العدائية.
يُذكر أن أولى جولات التفاوض بين طهران وواشنطن بدأت في أبريل الماضي في مسقط، تلتها جولات في روما ومسقط، حيث أعرب الطرفان عن تفاؤلهما، لكن التقدم لم يكن حاسماً حتى الآن، وتتمسك إيران بحقها في تخصيب اليورانيوم للأغراض السلمية وتنفي أي نية لامتلاك أسلحة نووية، في حين تصر الولايات المتحدة على تخلي إيران عن برنامجها النووي بالكامل.
روسيا تعرض إزالة فائض الوقود النووي الإيراني وتؤكد استعدادها لدعم اتفاق مرحلي بين طهران وواشنطن
أعلن نائب وزير الخارجية الروسي، سيرغي ريابكوف، الأربعاء 11 يونيو 2025، أن موسكو مستعدة لتقديم مساعدة عملية لكل من إيران والولايات المتحدة في إطار الجهود الرامية إلى التوصل لاتفاق بشأن البرنامج النووي الإيراني، بما في ذلك إزالة فائض الوقود النووي من إيران وتكييفه للاستخدام السلمي في المفاعلات.
وفي تصريحات أدلى بها للصحفيين، أكد ريابكوف أن اللحظة الحالية “لم تُفوّت تمامًا”، مشددًا على ضرورة مضاعفة الجهود من أجل التوصل إلى حل مرحلي، وإن لم يكن شاملاً، لمعالجة الملفات المرتبطة بنظام العقوبات والنقاط الخلافية التي يطرحها معارضو إيران.
وأشار المسؤول الروسي إلى أن موسكو مستعدة لتقديم الدعم على المستويين السياسي والعملي، موضحًا أن ذلك يشمل “أفكارًا تفاوضية يمكن الاستفادة منها، وكذلك خطوات تقنية مثل إزالة المواد النووية الزائدة”، بما ينسجم مع التزامات إيران بتخصيب اليورانيوم للأغراض السلمية.
وتأتي هذه التطورات بعد خمس جولات من المحادثات بدأت في 12 أبريل الماضي، استضافتها مسقط وروما بالتناوب، وأكد الجانبان في ختام الجولة الخامسة في 23 مايو تحقيق تقدم جزئي دون التوصل إلى نتائج حاسمة، وتطالب واشنطن طهران بتقييد أنشطتها النووية بشكل صارم مقابل تخفيف العقوبات، في حين تصر إيران على حقها في تخصيب اليورانيوم للأغراض السلمية وتتمسك برفع شامل للعقوبات قبل أي التزام إضافي.