يواجه إيلون ماسك -أغنى رجل في العالم ومالك شركة "استكشاف الفضاء"- أزمة متفاقمة مع التيار السياسي اليميني في الولايات المتحدة، وعلى رأسه الرئيس دونالد ترامب. ويكشف هذا النزاع عن هشاشة البنية الاقتصادية لقطاع يُقدّر حجمه عالميا بـ630 مليار دولار، يهيمن عليه إلى حدّ كبير كيان واحد فقط هو "سبيس إكس"، حسب مقال نشره الكاتب والمختص الاقتصادي ليونيل ليورانت في وكالة بلومبيرغ.

من التمجيد إلى التمرد

وفي وقت سابق، وصف ترامب ماسك بـ"العبقري الأميركي" عندما تحدث بإعجاب علني عن قدرة "سبيس إكس" على إعادة استخدام الصواريخ، قائلا في أحد اللقاءات: "اتصلت بإيلون. قلت له: إيلون، هل كانت تلك المناورة لك؟ فقال نعم. فسألته: هل يمكن لروسيا فعلها؟ قال لا. هل الصين قادرة؟ فقال: لا. إذا، لا أحد غيرك؟ قال: لا أحد. ولهذا أحبك يا إيلون".

سبق لترامب (يمين)  أن وصف إيلون ماسك (يسار) بـ"العبقري الأميركي" عندما تحدث بإعجاب عن قدرة "سبيس إكس" (أسوشيتد برس)

لكن هذا الغزل السياسي تحوّل إلى عداء فج، بعد أن تبنّى ماسك خطابا معاديا للمؤسسة تحت راية "دارك ماغا"، بينما تواصل شركاته -بما فيها "تسلا"- الاستفادة من 22 مليار دولار من العقود الحكومية الأميركية.

إعلان

وقد بلغ التوتر ذروته عندما هدد ماسك -قبل أن يتراجع بسرعة- بوقف تشغيل كبسولة الفضاء "دراغون" التي تعتمد عليها وكالة "ناسا" في إرسال رواد الفضاء.

احتكار مقلق وتضارب مصالح

وحسب ليورانت، فإن نجاحات "استكشاف الفضاء" الأخيرة لم تعد تُقاس بالإطلاقات، بل بمدى نفوذها داخل المؤسسات الحكومية. فالشركة تستحوذ حاليا على نحو 80% من سوق إطلاقات الصواريخ، وأطلقت أكثر من 8 آلاف قمر صناعي عبر منظومة "ستارلينك"، مما يجعلها مركزا حيويا للاتصالات والأنظمة الدفاعية.

غير أن تزايد الاعتماد على ماسك في خدمات أساسية كهذه، في ظل سلوكياته المتقلبة، يثير مخاوف من تسييس قطاع الفضاء بالكامل، حسب الكاتب.

ويشير التقرير إلى أن "تهديد ماسك العابر -الذي سُحب سريعا- بإيقاف عمل كبسولة دراغون التي تعتمد عليها ناسا لنقل روّاد الفضاء، أعاد إلى الأذهان الابتزاز الجيوسياسي الذي مارسه سابقا في ساحة المعركة في أوكرانيا، حين أوقف الملياردير هجمات ضد روسيا عبر وحدة ستارلينك التابعة لسبيس إكس".

كما يضيف: "لم تكن نجاحات سبيس إكس هذا العام على منصة الإطلاق، بل في ممرات السلطة، حيث يبدو أن حصتها السوقية تُستخدم كأداة لانتزاع الريع بدلا من الاستكشاف. فقد فتحت التغييرات في قواعد دعم الإنترنت عالي السرعة الباب أمام منح لستارلينك، وكذلك احتمال إدماجها في مشروع دفاع يُعرف بـ’القبة الذهبية‘. أما ضغوط ترامب الجمركية على دول أخرى، فقد ترافقت -حسبما ورد- مع دفع باتجاه الموافقات التنظيمية لستارلينك".

المنافسون في وضع حرج

وفي ظل هذا الوضع المتأزم، بدأت الحكومة الأميركية الاتصال بشركات منافسة مثل "بلو أوريجن" التابعة لجيف بيزوس -حسبما كشف عنه واشنطن بوست- للتأكد من جاهزيتها لتقديم بدائل.

أما في أوروبا، فتحاول الحكومات تدارك الفجوة، حيث تخطط فرنسا لرفع حصتها في شركة "يوتلسات" إلى 30% عبر ضخ 1.5 مليار يورو (1.7 مليار دولار)، كما تتأهب لاختبار مشروع الصاروخ القابل لإعادة الاستخدام "ثيميس".

شركة سبيس إكس للثري إيلون ماسك المهيمن الأكبر على سوق إطلاقات الصواريخ عالميا (الفرنسية)

لكن، كما يحذر التقرير، فإن الفراغ الذي قد تخلّفه هيمنة ماسك إذا انهارت علاقاته مع الدولة ربما لا يُملأ بسهولة، خصوصا في ظل أرقام مرعبة: الإنفاق الأوروبي على الفضاء العسكري يعادل فقط 1/15 من حجم الإنفاق الأميركي، وفق تقرير لمعهد "مونتان" الفرنسي. بينما تُقدّر احتياجات شبكة "ون ويب" -التي تتبع يوتلسات- بأكثر من 4 مليارات يورو (نحو 4.32 مليارات دولار) حتى عام 2030، حسب تقديرات "بلومبيرغ إنتليجنس".

إعلان ما بعد ماسك؟

ويشير الكاتب إلى أن التبعات لا تقتصر على ماسك وحده، بل على النظام الفضائي برمّته، الذي قد يصبح "أكثر برودة وأقل استقرارا" إذا استمرت الحرب السياسية.

وتواجه وكالة "ناسا" بالفعل اقتطاعات حادة في ميزانيتها، كما أن تحوّل القطاع إلى ساحة نزاعات شخصية سيؤثر على قرارات طويلة الأجل تتطلب ثقة واستمرارية.

فكما خسر بيزوس عقدا دفاعيا بقيمة 10 مليارات دولار بسبب "عداء شخصي" من ترامب، فإن مستقبل القطاع أصبح رهينة للأهواء.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الحج حريات الحج سبیس إکس

إقرأ أيضاً:

إيلون ماسك تحت رقابة الاستخبارات الأمريكية

أفادت صحيفة "وول ستريت جورنال" بأن جهاز الاستخبارات الأمريكية راقب خلال عامي 2022-2023 الأجانب الذين زاروا منازل إيلون ماسك.

ووفقاً للصحيفة، وافقت  وزارة الأمن الداخلي ووزارة العدل الأمريكية على تلك الإجراءات، وأمعنت المراقبة على ضيوف من أوروبا الشرقية ومناطق أخرى.

بدوره ذكر موقع" RT"" أن القضية لم تؤد إلى توجيه اتهامات ضد رجل الأعمال أو ضيوف إيلون ماسك ، إلا أن مكتب التحقيقات الفيدرالي(FBI) عقد اجتماعات لمناقشة المواد التي تم الحصول عليها.

ومن الجدير بالذكر أن ماسك كان قد دعم الحملة الانتخابية للرئيس الأمريكي، دونالد  ترامب بمبلغ تجاوز 250 مليون دولار، وشهدت العلاقة بين الطرفين تطوراً لافتاً، قبل انهيار تحالفهما الأسبوع الماضي بسبب مشادة علنية.


© 2000 - 2025 البوابة (www.albawaba.com)

سيف الزعبي

قانوني وكاتب حاصل على درجة البكالوريوس في الحقوق، وأحضر حالياً لدرجة الماجستير في القانون الجزائي، انضممت لأسرة البوابة عام 2023 حيث أعمل كمحرر مختص بتغطية الشؤون المحلية والإقليمية والدولية.

الأحدثترند إيلون ماسك تحت رقابة الاستخبارات الأمريكية ناصيف زيتون مفاجأة مهرجان جرش بنسخته الـ 39 الاحتلال يقصف عناصر من حركة حماس إسنادًا لـ "ميليشيا أبو شباب" السفارة العراقية في دمشق توضح حول زيادة رسوم تأشيرة الدخول للعراقيين يعود لمائتي عام.. هل تفعل إدارة ترامب قانون التمرد في أميركا؟ Loading content ... الاشتراك اشترك في النشرة الإخبارية للحصول على تحديثات حصرية ومحتوى محسّن إشترك الآن Arabic Footer Menu عن البوابة أعلن معنا اشترك معنا حل مشكلة فنية الشكاوى والتصحيحات تواصل معنا شروط الاستخدام تلقيمات (RSS) Social media links FB Linkedin Twitter YouTube

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا للحصول على تحديثات حصرية والمحتوى المحسن

اشترك الآن

© 2000 - 2025 البوابة (www.albawaba.com) Arabic social media links FB Linkedin Twitter

مقالات مشابهة

  • ترمب: إيلون ماسك يحبني
  • تفاصيل جديدة حول الخلاف التاريخي بين إيلون ماسك وترامب
  • دونالد ترامب يرد بعد تصريح إيلون ماسك بـ”ندمه” بشأن الخلاف
  • ترامب عن اعتذار إيلون ماسك: من اللطيف جدا أن يفعل ذلك
  • فضيحة تصالحية: إيلون ماسك يعتذر لترامب بعد خلافات عنيفة والأخير يعلق
  • كيف خسر ماسك من "لعبة البيت الأبيض" وتحدي ترامب؟
  • "تجاوزت الحدود".. إيلون ماسك يعرب عن أسفه لبعض انتقاداته لترامب-عاجل
  • من الدعوة للعزل إلى التأييد.. كيف خففت احتجاجات لوس أنجلوس حدة الخلافات بين إيلون ماسك وترامب؟
  • إيلون ماسك تحت رقابة الاستخبارات الأمريكية