الثورة نت:
2025-12-15@04:06:13 GMT

حكومة صنعاء تكتب سردية النجاح في زمن العدوان

تاريخ النشر: 12th, June 2025 GMT

حكومة صنعاء تكتب سردية النجاح في زمن العدوان

تقرير/جميل القشم.

عقد من التحديات والتداعيات الصعبة، كُتب خلاله فصل جديد من الصمود الوطني، أعادت فيه حكومة صنعاء تعريف مفهوم الإدارة تحت الحصار، وحولت الإمكانات المحدودة إلى مسارات تنموية شاملة، بينما تعيش المحافظات المحتلة في دوامة الانهيار الإداري والمالي رغم وفرة الموارد، وسط عجز حكومة المرتزقة عن تقديم الخدمات واستفحال الفساد.

منذ انطلاقة ثورة 21 سبتمبر، وضعت حكومة صنعاء في مقدمة أولوياتها إعادة بناء مؤسسات الدولة، في ظل تعمد العدوان الأمريكي السعودي الإماراتي استهداف البنية المؤسسية لليمن، وبدلاً من الانهيار، حافظت الحكومة على تماسك إداري متصاعد، بينما اتخذت حكومة المرتزقة نهج التفكيك ونهب الموارد لحساب المتنفذين.

تدار المحافظات المحتلة بمنطق الريع السياسي، وتُنهب فيها عائدات النفط والغاز من شبوة وحضرموت، وتحول إلى حسابات بنكية في الخارج، في حين تغرق المدن في الظلام وتنهار الخدمات الأساسية، وتتصاعد أزمات الكهرباء والمياه والتعليم وسط سخط واحتجاجات متواصلة.

في المقابل، برزت حكومة صنعاء كقلب نابض للحكم الرشيد، حيث أُقرّت تشريعات تعزز الإنتاج المحلي، وتدعم الفئات الأضعف من المجتمع، وأحد أبرز هذه التشريعات كان قانون الإعفاءات الضريبية لصغار المكلفين والمنشآت الصغيرة، في خطوة أثبتت أن التوجهات الاقتصادية لصنعاء تستند إلى رؤية اجتماعية تنموية متكاملة.

الهيئة العامة للزكاة مثّلت رافعة استراتيجية في معالجة أوضاع الفئات المحتاجة، حيث تجاوزت مساهماتها السنوية عشرات المليارات، بما يفوق ما كانت تقدمه مصلحة الواجبات في العقود الماضية، وقدمت مشاريع تمكين واسعة أعادت الاعتبار للزكاة كمورد تنموي لا مجرد إيراد.

ورغم نقل صلاحيات البنك المركزي إلى عدن المحتلة، بادرت صنعاء إلى حماية المودعين، وأطلقت آلية لتعويض المواطنين عن العملة التالفة، واستبدال أكثر من 2.2 مليار ريال، بما يعكس التزامها بالمسؤولية الوطنية، في وقت عجزت فيه حكومة المرتزقة عن توفير الثقة بالقطاع المصرفي.

في القطاع الزراعي، دشنت حكومة صنعاء مشاريع هي الأضخم منذ عقود، بدءاً بمذكرة تفاهم لنهضة زراعية بقيمة 20 مليار ريال، وصولًا إلى زراعة 150 ألف هكتار في سهل تهامة، و57 ألف هكتار مستصلحة في عموم المحافظات، وقد شكلت هذه المشاريع ركيزة للاستقلال الغذائي.

مشروع الزراعة التعاقدية كان بمثابة نقلة نوعية، أعاد تعريف العلاقة بين الدولة والمزارع، وعزز من فرص الأمن الغذائي وتقليل فاتورة الاستيراد، كما نُفذ مشروع زراعة القمح في المرتفعات الوسطى بمحافظة ذمار كموسم استراتيجي يؤسس للاكتفاء الذاتي.

وفي الجوف، تجلى مشروع الشهيد الصماد كرمز لتعزيز الانتاج بزراعة نحو عشرة آلاف هكتار، ما جعل من المحافظة الصحراوية حقلا واعدا للقمح والحبوب، وشهدت محافظة الحديدة توسعا لافتا في زراعة فول الصويا والدخن والذرة وغيرها من المحاصيل المهمة.

امتدت الإنجازات إلى البنية التحتية، حيث نفذت حكومة صنعاء بدعم من المبادرات المجتمعية 2,931 مشروع طرق في 155 مديرية، استفاد منها نحو خمسة ملايين مواطن، وشملت شرايين جديدة لتدفق الخدمات والسلع.

وعلى صعيد الطاقة، تم تنفيذ 57 مشروعا للطاقة الشمسية في 13 محافظة، وتحويل 126 منظومة لضخ المياه في الريف إلى مصادر مستدامة، ما أحدث فرقاً ملموساً في الحياة اليومية للمواطنين، مقارنة بعجز سلطة عدن عن توفير الوقود أو الكهرباء.

التعليم لم يكن خارج حسابات الحكومة، إذ نُفذت مشاريع متنوعة في عدد من المحافظات، شملت بناء وترميم آلاف المدارس، وتزويدها بالأثاث والمستلزمات الأساسية، كما أُطلق برامج لتدريب وتأهيل المعلمين، وتحسين بيئة التعليم في المناطق النائية، بما يُسهم في الحد من التسرب، وتعزيز الاستقرار المدرسي، ورفع مستوى التحصيل العلمي.

وفي مواجهة الكوارث، تم تنفيذ 53 مشروعا للحماية من السيول والانهيارات، شملت بناء قنوات تصريف، وسدود تحويلية، وحواجز مائية في المناطق الأكثر عرضة للخطر، بما في ذلك الأرياف والمناطق السكنية المنخفضة، استفاد من هذه المشاريع أكثر من 146 ألف مواطن، وأسهمت في تقليل الخسائر البشرية والمادية خلال مواسم الأمطار، في دلالة على وجود منظومة فاعلة لإدارة المخاطر البيئية والاستجابة المبكرة للكوارث.

وضمن مساعي حكومة صنعاء للتخفيف من تداعيات العدوان، تبنت الحكومة برنامجا وطنيا لتوفير مرتبات موظفي الدولة، غطى 430 وحدة حكومية رئيسية وفرعية، واستفاد منه شهريًا أكثر من 300 ألف موظف وموظفة، بما يعادل 82 بالمائة من إجمالي الوحدات التي كانت تعتمد على الموازنة العامة.

ويمتد أثر البرنامج إلى أكثر من 2.1 مليون نسمة، بمتوسط 300 ألف تمويل شهري، وباجمالي سنوي يقارب 3.6 مليون عملية تمويل، ويأتي هذا البرنامج في إطار الآلية الاستثنائية المؤقتة لتوفير المرتبات وتسديد صغار المودعين، بما يجسد التزام حكومة صنعاء بتأمين الحد الأدنى من الحماية الاجتماعية في ظروف اقتصادية بالغة التعقيد.

مبادرات المجتمع كانت الحليف الأهم في مسيرة البناء، حيث تجاوزت المساهمات الشعبية خمسة مليارات ريال في عام واحد، ضمن 682 مشروعا زراعيا وسمكيا، بدعم وتوجيه من مؤسسات الدولة، في حين تغيب أي مساهمة مجتمعية مُمكنة في بيئة الفساد والإقصاء في المحافظات المحتلة.

تحوّلت الجمعيات التعاونية الزراعية من كيانات تنظيمية بسيطة إلى مراكز إنتاج حقيقية وفاعلة، تضطلع بأدوار متقدمة في تخطيط وتنفيذ المشاريع التنموية في الريف، سواء في مجالات الزراعة أو الإنتاج الحيواني أو التسويق المحلي.

وبدعم حكومي مباشر، تم تدريب كوادر هذه الجمعيات وتأهيلها إداريا وفنيا، وربطها ببرامج التمويل والدعم، ما أسهم في تمكين المجتمعات المحلية من قيادة عمليات التنمية بشكل جماعي ومستدام، وجعل من الريف اليمني مساحة متحركة للنهوض الاقتصادي والاجتماعي.

كما أطلقت الحكومة مشروعا لتحويل المدن إلى مراكز متخصصة في الصناعات التحويلية المرتبطة بالإنتاج الزراعي والحيواني، في خطوة تهدف إلى خلق قيمة مضافة للموارد المحلية، وتعزيز الاقتصاد المجتمعي، وشمل المشروع دعم إنشاء ورش ومعامل صغيرة لمعالجة وتصنيع المنتجات، وتقديم حوافز للأسر المنتجة ورواد الأعمال المحليين.

التطور في القطاع المالي تواصل بقرارات من البنك المركزي في صنعاء لتنظيم شركات الصرافة، ومنع المضاربات، وحماية النظام المصرفي، في وقت تعاني فيه عدن من فوضى مالية حادة ونزيف في الاحتياطي.

وإدراكا لأهمية الاستثمار في الإنسان باعتباره محور التنمية، نفّذت حكومة صنعاء إصلاحات إدارية وهيكلية شاملة، شملت إعادة هيكلة وحدات الخدمة العامة، وتطوير منظومات العمل المؤسسي، وتفعيل أدوات الرقابة والمتابعة والتقييم، كما أُقرت مؤشرات أداء معيارية في عدد من القطاعات الحيوية، ما ساهم في رفع كفاءة الأداء الحكومي، وترسيخ مفهوم الوظيفة العامة كمسؤولية وطنية تتطلب الالتزام والانضباط والمعايير.

كل هذه الإنجازات لم تكن محصورة في الملفات الورقية، بل تجلت على الأرض، من إنارة الشوارع وتحسين المدن، إلى تدشين معامل تجفيف البن، إلى حصاد آلاف الهكتارات من الذرة والدخن في تهامة وعدد من المحافظات.

وتشهد مختلف المحافظات مؤشرات نجاح تنموية متعددة في مجالات الطرق والمياه والزراعة والمبادرات المجتمعية، واستصلاح أراضٍ واسعة، وبناء السدود والحواجز، وزراعة الحبوب، وتوفير المعدات، ورفع كفاءة الإنتاج المحلي، وكل ذلك من بين ركام التحديات والمعوقات التي فرضها العدوان والحصار.

وفي المحافظات المحتلة، تتكرس ملامح الانهيار الشامل، حيث تغيب الرؤية التنموية، وتُدار الخدمات بمنطق الفساد والولاءات، ما فاقم معاناة المواطنين، وعمق الفجوة، فتحوّلت مؤسسات الدولة إلى أدوات للاستنزاف، وبدلا من أن تكون حاضنة للتنمية، أصبحت عبئا على المواطن الذي يواجه أزمات يومية في أبسط مقومات الحياة.

إنها عشر سنوات لم تغير فقط خريطة السلطة، بل أعادت صياغة مفهوم الدولة، من مركز مستهلك إلى مجتمع منتج، من واجهة سياسية إلى منظومة خدماتية، من سلطة تواجه التحديات إلى قيادة تبني وتدير باقتدار واستقلال، بخطى واثقة تعكس عمق الرؤية وثبات التوجه.

سبأ

المصدر: الثورة نت

كلمات دلالية: المحافظات المحتلة حکومة صنعاء أکثر من

إقرأ أيضاً:

لماذا نجحوا؟

البعض اكتفى بتسليط الضوء على خروج المنتخب المصرى من البطولة العربية المقامة فى قطر، معتبراً أن تلك هى النقطة السلبية الوحيدة التى تستحق الوقوف أمامها. نعم... هناك أخطاء كثيرة ومتكررة، ولا أحد ينكر ذلك، لكن التركيز على السلبية وحدها يجعلنا نغفل مشهداً أكبر كثيراً، وربما أهم.
هناك أمور أخرى علينا أن نتوقف أمامها طويلاً... بل نتأملها بجدية كأننا نفتح كتاباً جديداً فى الإدارة الرياضية الحديثة.
أبرز هذه الأمور هو التنظيم الدقيق لكل خطوة داخل البطولة، داخل الملعب وخارجه، تنظيم يجعلك تشعر بأنك أمام بطولة عالمية مكتملة الأركان، وليست مجرد بطولة عربية. كل تفصيلة محسوبة... كل حركة لها منطق... كل عنصر فى مكانه الصحيح.
النقل التليفزيونى بدا لافتاً، إخراج عالمى، كاميرات من كل زاوية، إعادة فورية، التقاط لردود أفعال الجماهير، ومشاهد حية من داخل وخارج الملعب، كأنك تعيش التجربة لا تشاهدها فقط.
أما استوديوهات التحليل، فكانت مختلفة بحق، فالضيوف لديهم ما يقال، والمحللون يتحدثون بلغة كرة القدم لا بلغة المجاملات، والمعلقون كذلك كانوا جزءاً من المشهد العام... إنه مشهد احترافى.
والملاعب؟ كانت وحدها قصة تستحق الدراسة. ملاعب تبهج العين وتمنح اللاعبين الرغبة فى العطاء. ليس سراً أن الأداء المرتفع لأغلب المنتخبات كان نتيجة مباشرة لبيئة لعب صحية ومحفزة.
هنا يتولد السؤال الحقيقى:
لماذا نجحت البطولة التى تنظمها قطر؟
هل لأنها اختارت طريق النجاح منذ البداية؟ هل لأنها وضعت الرجل المناسب فى المكان المناسب؟ هل لأنها استبعدت كل من يمكنه تعطيل المنظومة؟ أم لأنها قررت ببساطة أن النجاح ليس رفاهية... بل مشروع إدارى كامل؟فقررت أن تفعل كل شىء من أجل النجاح.
البطولة نجحت لأنها احترمت المعنى الحقيقى للبطولة، واحترمت جمهورها، واحترمت الرياضة ذاتها.
ونحن... علينا أن ندرس هذا النجاح، نفتش فى أسبابه، ونعيد ترتيب أوراقنا، وننظر بجرأة إلى ما يلزم تغييره.
الخسارة ليست نهاية العالم... لكن تجاهل دروس النجاح من حولنا هو الخسارة الحقيقية.

مقالات مشابهة

  • تدشين برنامج تدريبي لمدراء مكاتب الوزراء ومساعديهم في صنعاء
  • بن حبتور: عدن يمنية الهوية وما يجري في المحافظات المحتلة مسرحية لتقاسم النفوذ السعودي الإماراتي
  • الأردن يدين مصادقة حكومة الاحتلال على إقامة وشرعنة 19 مستوطنة في الضفة الغربية
  • حزب الله: الدولة معنيّة بتثبيت السيادة والمقاومة أدّت دورها في مساندتها
  • مسؤول بارز في حكومة صنعاء يكشف عن مؤامرة هي الأخطر في اليمن “تفاصيل”
  • مجلس النواب يدين التصعيد في المحافظات المحتلة ويحذر من مخططات تستهدف وحدة اليمن
  • مجلس النواب يُدين الأعمال الإجرامية والتخريبية في المحافظات اليمنية المحتلة
  • لجنة الأراضي: مهلة لجمعيات الأراضي بجنوب بورسعيد لسداد حق الدولة
  • لماذا نجحوا؟
  • حكومة نتنياهو تصدّق على إقامة وشرعنة 19 مستوطنة بالضفة الغربية