بعد متابعتي مؤخرا لمسلسل "القدر" المقتبس من المسلسل التركي "لعبة القدر" من بطولة قصي خولي، وديمة قندلفت، وميلاد يوسف، ووسام حنا، وحسن عويتي، ورندة كعدي، ورزان جمال ويحكي قصة الأم البديلة أو الأم الحاضنة، ويدخل في تفاصيل قصص الحب والانتقام والجريمة وتجارة المخدرات، استطاع أن يجذبني بإخراج فيليب أسمر، ولكني لم استطع تلمس روح العمل الدرامي العربي، والقدرة على الخلود في الذاكرة بمعانيها المنسوجة بعناية في حبكتها الدرامية القريبة من الواقع العربي.

كانت الدراما العربية قريبة من مشهد الشارع، تناقش قضايا وهم الشعوب، وتستعرض دوامة الحياة والصراعات الاجتماعية، بأسلوب واقعي، وأحداث تتصاعد بشكل نموذجي جذاب، فاضت بإيقاع الشعور الإنساني الذي خلّد الدراما كجزء من ذاكرة الأسرة العربية.

ولكن يبدو أن الدراما العربية بدأت بارتداء العباءة المستوردة، حيث صارت تتجه نحو إنتاج عمل مأخوذ من دراما تركية، وعلى الرغم أن الأعمال المأخوذة من الدراما التركية لها جمهورها في الوطن العربي، إلا أنها تثير الكثير من الجدل، لتخطيها حدود المعقول، ومبالغتها في تفاصيل المشاهد الرومنسية التي كانت محدودة ولها حدودها التي تراعي أخلاقيات الحياة العربية.

كانت البداية في مسلسل "عروس بيروت" 2019، المأخوذ من المسلسل التركي "عروس اسطنبول"، وشكل حالة من الانجذاب الجماهيري العالي على عمل في كل تفاصيله هو شكل تركي، لا تجد فيه العربية إلا من تلك الوجوه التي تمثل العمل، لتنعش الصوت الدرامي العربي وجماهيرته ولكن بصيغة أخرى، تفتقد للهوية العربية، ومواقع التصوير المألوفة، والأزياء المعتادة، ودون شك الأفكار والسيناريوهات والحوارات البعيدة عن النمط الدرامي العربي، وتحد من استعمال القضايا العربية بأسلوبها الدرامي الذي بات جزءا من أصالة الفن والهوية الثقافية.

فمن مسلسل "ستيليتو" المأخوذ من مسلسل جرائم صغيرة، الذي كان بطولة مجموعة كبيرة من الوجوه الدرامية السورية واللبنانية، أعادت الحنين لأعمال تجمع الممثل السوري قيس الشيخ نجيب، والممثلة كاريس بشار، والممثلة ديمة قندلفت، ولفتت الانتباه للكيمياء في الأداء التمثيلي بين هؤلاء النجوم اللذين كانوا يوما نموذج البطولة المثالي في فترة ازدهار الأعمال السورية، ليكون شكل الجذب نحو الدراما التي أثارت في الوقت ذاته انتقاد الجمهور لكثير من التفاصيل.

تتالت الأعمال التي عرّبت من الأعمال التركية كمسلسل "الثمن" المأخوذ من مسلسل "ويبقى الحب"، ومسلسل "الخائن" من بطولة قيس الشيخ نجيب وسلافة معمار، وهو مأخوذ عن مسلسل يحمل نفس الاسم في النسخة التركية، ويحكي قصة الخيانة الزوجية بجرأة عالية، ومسلسل "لعبة حب" الذي فتح بابا لشهرة واسعة لبطلي المسلسل، الممثل معتصم النهار، والممثلة نور علي.

هناك ما يدعونا للتساؤل: لماذا تتجه الدراما العربية بشكل متزايد نحو الاقتباس من الدراما التركية؟ رغم أن الأخيرة لها جمهورها وانتشارها مدبلجة بالعربية، فهل هذا الانتشار والشعبية كان ذات أثر على شركات الإنتاج العربية؟ وبات التفكير أن المكسب المالي لتحويل واقتباس الأعمال التركية ذو مردود مالي أكثر من دبلجتها؟ ولكن ماذا عن الهوية العربية في الأعمال؟ وأين هو القلم العربي الذي يكتب قضايا الشارع العربي وهمومه الاجتماعية؟

بعيدا عن نجاح تلك الأعمال أو فشلها، فلم تكن الأعمال المعرّبة بأبعد من شكل درامي يستعرض قضايا وفكر غير عربي، كتب بقلم هدفه الأول الجذب الدرامي دون الاكتراث للقيم، فالأعمال معظمها تدور حول قصص الحب، وأحداث درامية غير واقعية، وسرد رومنسي هدفه التشويق، مع حضور طاغ للشكل الجمالي سواء في الأزياء أو المنازل أو الديكورات الفخمة أو الوجوه المبالغ في مكياجها أو تجميلها، في سبيل تحقيق الأرباح المادية، مع حضور التكرار في نمط الأعمال المقدمة للجمهور.

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

ضمن فعاليات وزارة الثقافة.. نويرة تغنى تترات الدراما المصرية على المسرح الكبير بالأوبرا

ضمن أنشطة وزارة الثقافة تستحضر دار الأوبرا المصرية برئاسة الدكتور علاء عبد السلام أجواء الدراما المصرية الخالدة فى أمسية لفرقة عبد الحليم نويرة للموسيقى العربية بقيادة المايسترو أحمد عامر وذلك في التاسعة مساء الأحد ١٥ يونيو على المسرح الكبير.

 

يتضمن البرنامج  نخبة من اشهر وأجمل تترات أعمال الدراما المصرية التى ارتبطت بأذهان وذاكرة الجماهير وأصبحت جزءا من الوجدان الجمعى لمختلف الأجيال منها أرابيسك، الشهد والدموع، المال والبنون وهوانم جاردن سيتى وغيرها.. أداء الفنانين أميرة أحمد، كنزى تركى، فرح الموجى، محمد حسن، وليد حيدر ومؤمن خليل.

 

فرقة عبدالحليم نويرة

 

يذكر أن فرقة عبد الحليم نويرة تأسست عام 1967 بـقـيادة المايسترو عبد الحليم نويرة تحت إسم فرقة الموسيقى العربية بهدف إحياء التراث الغنائي الأصيل وتقديم الأشكال الغنائية والموسيقية التراثية المختلفة، وخلال مشوارها الفنى أتاحت الفرصة لمؤلفي الموسيقى المحدثين والمعاصرين لتقديم إنتاجهم الجيد من القوالب التقليدية.

مقالات مشابهة

  • نادي المضيبي يحتفي بنجومه في مسابقة "الإبداع الثقافي"
  • ورش عمل من بنك عمان العربي لدعم الشركات الصغيرة والمتوسطة بالداخلية
  • اتفاقية تعاون بين جامعتي العربي بن مهيدي وسلجوق التركية
  • غدًا أمسية طربية تستعيد ذاكرة الدراما المصرية في دار الأوبرا.. تترات خالدة بصوت فرقة عبد الحليم نويرة
  • منذر رياحنة.. "حارس الذاكرة" الذي أعاد سقوط بغداد إلى الحياة بدموع الحرف ولهيب المكتبات
  • "سيوف العرب".. منذر رياحنة يتألّق في ملحمة درامية عن سقوط بغداد
  • ضمن فعاليات وزارة الثقافة.. نويرة تغنى تترات الدراما المصرية على المسرح الكبير بالأوبرا
  • نجل البيض: مقتل الناشط الجردمي في سجون الانتقالي انحدار خطير يهدد مستقبل المجلس
  • ماذا قال باسم سمرة بعد انضمامه إلى لجنة تحكيم مهرجان الدار البيضاء للفيلم العربي؟