كسوف من صنع الإنسان: أوروبا تفتح نافذة جديدة على أسرار الشمس
تاريخ النشر: 18th, June 2025 GMT
وكالات
نجح قمران صناعيان أوروبيان في توليد كسوف شمسي اصطناعي عبر الحفاظ على تشكيل مداري فائق الدقة، ما يمهّد لعصر جديد من الدراسات المتقدمة للهالة الشمسية، دون الحاجة لانتظار الكسوفات الطبيعية النادرة.
وكشفت وكالة الفضاء الأوروبية عن أولى الصور لهذه التجربة الرائدة خلال مشاركتها في معرض باريس الجوي، حيث أظهرت النتائج دقة غير مسبوقة في تصوير الهالة الشمسية، الطبقة الخارجية المضيئة للشمس والتي طالما حيّرت العلماء.
ويعتمد هذا الابتكار الثوري على القمرين الصناعيين “بروبا-3″ اللذين أُطلقا في الربع الأخير من عام 2023، وبدآ تنفيذ مهمتهما العلمية فعليًا في مارس الماضي.
وتقوم الفكرة الأساسية على تحليق القمرين على مسافة لا تتجاوز 150 مترًا من بعضهما، حيث يعمل أحدهما كـ”قناع” لحجب ضوء الشمس، بينما يوجّه الآخر تلسكوبه المتطور لدراسة الهالة بدقة متناهية.
وتكمن التحديات في ضرورة الحفاظ على هذه المسافة الدقيقة باستقرار لا يتجاوز ملليمتراً واحداً – أي ما يعادل سمك ظفر الإنسان – وهو ما يتم عبر منظومة عالية التقنية تشمل نظام GPS، وأجهزة تعقب النجوم، وتقنيات ليزر، واتصالات لاسلكية فائقة الدقة.
وقد أبهرت الصور الأولية العلماء، إذ أظهرت تفاصيل دقيقة للهالة دون الحاجة إلى معالجة رقمية مكثفة. وأكد الدكتور أندريه زوكوف، كبير العلماء في المشروع من المرصد الملكي البلجيكي، أن أطول مدة للكسوف الاصطناعي خلال التجارب بلغت خمس ساعات، مع سعي الفريق لتمديدها إلى ست ساعات في المرحلة التالية.
وخلال فترة الاختبارات، نجح الفريق في إنتاج عشرة كسوفات اصطناعية كاملة، في ما يُعد خطوة غير مسبوقة في علم الفضاء.
وتهدف المهمة إلى توليد كسوفين أسبوعياً، ما يتيح أكثر من 200 فرصة رصد خلال عامين، بإجمالي يزيد عن 1000 ساعة مراقبة للهالة – وهو رقم يتفوق بشكل هائل على الكسوفات الطبيعية التي لا تتكرر إلا كل 18 شهراً وتستمر لبضع دقائق فقط.
وتُعد هذه المهمة بمثابة ثورة علمية في دراسة الهالة الشمسية، التي تتجاوز حرارتها سطح الشمس نفسه، وتلعب دوراً رئيسياً في توليد الانبعاثات الكتلية الإكليلية، والتي تؤثر بشكل مباشر على الطقس الفضائي، الاتصالات، وحتى الأقمار الصناعية.
وبكلفة وصلت إلى 210 ملايين دولار، يبدو أن “بروبا-3” لا يُجسد فقط تفوقاً تكنولوجياً، بل يفتح الباب أمام فهم أعمق لواحدة من أعقد الظواهر الفلكية التي ما تزال تحيط بها الأسرار.
المصدر: صحيفة صدى
كلمات دلالية: كسوف شمسي هالة الشمس
إقرأ أيضاً:
الكشف عن بقايا معبد الوادي للمجموعة الشمسية للملك ني أوسر رع بمنطقة أبوصير الأثرية
كشفت البعثة الأثرية الإيطالية بمنطقة أبو غراب في أبوصير، برئاسة كل من الدكتور ماسيميليانو نوتسولو والدكتور روزانا بيريللي من جامعتي تورينو ونابولي، عن بقايا معبد الوادي للمجموعة الشمسية للملك "ني أوسر رع" من عصر الأسرة الخامسة، وذلك خلال أعمال الحفائر الجارية بالموقع.
الكشف عن بقايا معبد الوادي للمجموعة الشمسية للملك "ني أوسر رع" بمنطقة أبوصير الأثريةوأكد الدكتور محمد إسماعيل خالد، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، على أهمية هذا الكشف موضحاً إن هذا المعبد أحد معبدي الشمس المعروفين في مصر القديمة حتى الآن، كما أن البعثة نجحت لأول مرة في الكشف عن أكثر من نصف المعبد، حيث ظهر كمبنى ضخم تتجاوز مساحته 1000 متر مربع يتميز بتخطيط معماري فريد يجعله من أكبر وأبرز معابد الوادي في جبانة منف.
وأشار إلى أن عالم المصريات الألماني لودفيغ بورخارت كان قد حدّد موقع المعبد عام 1901، إلا أن ارتفاع منسوب المياه الجوفية آنذاك حال دون تنفيذ حفائر به.
ومن جانبه، قال الأستاذ محمد عبد البديع، رئيس قطاع الآثار المصرية بالمجلس الأعلى للآثار، أن الحفائر كشفت عن مدخل المعبد المغطى بطبقة كثيفة من طمي النيل بلغ ارتفاعها نحو 1.20 متر، بالإضافة إلى الأرضية الأصلية للمدخل، وقاعدة عمود من الحجر الجيري، وبقايا عمود دائري من الجرانيت يُرجّح أنه كان جزءًا من الرواق الرئيسي للمدخل.
كما تم الكشف عن أجزاء من الكسوة الحجرية الأصلية لجدران الممر بين بوابة المدخل والطريق الصاعد، وعدد من العناصر المعمارية التي وُجدت في مواقعها الأصلية بالمعبد، بما في ذلك أعتاب وأبواب من الجرانيت.
وفي سياق متصل، أشار الدكتور ماسيميليانو نوتسولو إلي أنه خلال موسم الحفائر السابق اكتشفت البعثة بوابة كاملة من حجر الكوارتزيت بحالة جيدة من الحفظ، إلى جانب بقايا درج داخلي كان يؤدي إلى السطح، في الجزء الشمالي الغربي للمعبد، وهو ما يرجّح وجود مدخل ثانوي.
وأضاف أن أعمال الحفائر الحالية كشفت أيضًا عن منحدر يُعتقد أنه كان يربط المعبد بالنيل أو أحد فروعه، وأن المؤشرات الأولية تؤكد امتداد المبنى شمالًا وفق الطراز المعماري لمجموعة معابد الأسرة الخامسة، ومنها معبد الوادي الخاص بهرم الملك "ساحورع" بأبوصير.
كما عثرت البعثة على مجموعة متميزة من اللقى الأثرية، من بينها قطعتان خشبيتان من لعبة "السنت" المصرية القديمة، والتي تشبه لعبة الشطرنج الحديث.
ومن جانبها، أشارت الدكتورة روزانا بيريللي إلى اكتشاف عتبة حجرية ضخمة منقوشة بنصوص هيروغليفية تتضمن تقويمًا للاحتفالات الدينية الخاصة بالمعبد، إضافة إلى ذكر اسم الملك "ني أوسر رع". كما عُثر على شظايا حجرية منقوشة من الحجر الجيري الأبيض الفاخر، إلى جانب كميات كبيرة من الفخار تعود لفترات زمنية تمتد من أواخر الدولة القديمة وحتى بدايات الدولة الوسطى، ويعود معظمها إلى عصر الانتقال الأول.
وتشير الدراسات الأولية أن المعبد، بعد انتهاء دوره كمكان للعبادة الملكية، تحول إلى منطقة سكنية صغيرة سكنها أهالي المنطقة خلال عصر الانتقال الأول، مما يوفر مصدرًا جديدًا لفهم الحياة اليومية لسكان منطقة منف خلال هذه الفترة قليلة التوثيق من تاريخ مصر القديم.
وتستعد البعثة لاستكمال أعمالها خلال المواسم القادمة لاستكشاف المزيد من عناصر هذا الموقع الأثري المهم وإزاحة الستار عن تفاصيل جديدة تضيف الكثير إلى فهم نشأة وتطور معابد الشمس في مصر القديمة.