صراحة نيوز – النائب هدى نفاع مساعد رئيس مجلس النواب

في مشهد سياسي قلّ نظيره، وقف جلالة الملك عبد الله الثاني أمام البرلمان الأوروبي، ليس فقط كزعيم دولة، بل كصوت نادر في زمن يتراجع فيه الضمير. لم يكن الخطاب سياسيا تقليديًا ولا مألوفًا، بل شهادة أخلاقية صادقة، كشفت هشاشة النظام العالمي أمام مشهد غزة النازف، وما يجري في الإقليم والعالم ، وحاكمت تواطؤ الصمت الدولي بجرأة منقطعة النظير.


فقد افتتح جلالته خطابه بكلمات حملت صدمة الحقيقة: «عالمنا قد فقد بوصلته الأخلاقية». ليست جملة خطابية، بل تشخيص عميق لواقع عالمي يختبئ خلف ازدواجية المعايير، فيما تُذبح قيم العدالة والرحمة يوميًا في فلسطين والعالم، جلالته لم يساوم، بل عرّى الواقع: العجز عن حماية المدنيين ليس حيادًا، بل انحياز صريح للظلم، والفشل في التحرك الدولي الانساني، كما قال، هو إعادة تعريف لما يعنيه أن نكون بشرًا.
ولم يكن حديثه عن غزة فقط، بل عن المنظومة الأخلاقية الدولية برمّتها، فقد قالها بوضوح: لا يمكن بناء السلام في الشرق الأوسط بينما تُهمّش القضية الفلسطينية، ويُقصى أصحاب الحق، وتُدفن المبادئ تحت ركام الحسابات السياسية. وأكد أن فلسطين ليست تفصيلًا جغرافيًا، بل “قلب السلام”، وأي محاولة لإقصائها هي محاولة لإقصاء فكرة السلام ذاتها.
ومضى جلالته ليذكّر الأوروبيين – بحكمة التاريخ والمصير المشترك – بأن القيم هي الأساس الحقيقي لأي تحالف إنساني. «على مر التاريخ العربي والأوروبي، كانت قيم الاحترام والمسؤولية والنوايا الحسنة تقود التعاون الذي أثمر عن نتائج لمنفعة العالم، وبإمكان هذه القيم أن ترشدنا في الاستجابة لتحديات هذا العصر». ثم أعاد التذكير بأن القيم التي تجمع شعوب العالم ليست مستوردة، بل مغروسة في الأديان والتقاليد: الرحمة، العدل، المساواة، حماية الأطفال، نصرة الضعفاء، وصون الكرامة الإنسانية.
وأضاف جلالته: «لقد سعيت من هذا المنبر، ومن العديد من المنابر الأخرى على مر العقدين الماضيين، إلى تسليط الضوء على القيم التي تجمعنا… إيمان الأردن بهذه القيم متجذر في تاريخه، ومبادئنا الوطنية مبنية على التسامح والاحترام المتبادل». وكان لافتًا تأكيده على أن الأردن، البلد المسلم، يحتضن مجتمعًا مسيحيًا تاريخيًا يتقاسم مع مواطنيه بناء الدولة، وأنه موطن لموقع عماد السيد المسيح (عليه السلام). خطاب جمع بين القوة السياسية ودفء الروح، بين الحجة الأخلاقية والنداء الإنساني.
ولم تمرّ هذه اللحظة دون احتفاء رسمي لافت، فقد رحّبت رئيسة البرلمان الأوروبي، روبرتا ميتسولا، بجلالة الملك، قائلة أمام النواب الأوروبيين:
«إنه لشرف أن نرحب مجددًا بجلالة الملك عبد الله الثاني في البرلمان الأوروبي. هذه ليست المرة الأولى التي يخاطب فيها جلالته هذه القاعة، وفي كل مرة تترك كلماته أثرًا دائمًا في جميع من استمعوا إليها».
وأضافت: «نحن ممتنون لأن في كل مرة يمر فيها العالم بمنعطف حرج، يأتي قادة أمثال جلالة الملك لرسم طريق للمضي قدمًا نحو إنسانية مشتركة… الأردن ليس فقط صديقًا لهذا البرلمان، بل شريكًا مهمًا للاتحاد الأوروبي».
أما الخطاب، فقد كان أوضح من أن يُفسّر، والأقوى انسانيا، أشار جلالة الملك إلى السياسات الإسرائيلية الأحادية، من قتل وتوسّع استيطاني واعتداءات يومية على الفلسطينيين، محذرًا من محاولات شطب القضية الفلسطينية تحت غطاء الصمت الدولي. لم يكن جلالته يُلقي خطابًا، بل يُشعل جرس إنذار للعالم بأسره.
لقد تحدّث الملك من موقع المسؤولية التاريخية، ليس كزعيم شرق أوسطي، بل كصوت الضمير الإنساني، وفي زمن تآكل فيه معنى الحقيقة، كان خطابه مرآة كشفت الزيف، ونداءً لإنقاذ ما تبقى من إنسانية العالم.
لا سلام بلا عدالة. ولا عدالة دون كسر الصمت.
هذه كانت رسالة جلالته وهذه هي الحقيقة التي ألقاها في وجه العالم هذه لحظة فاصلة واجهت النفاق الدولي وكسرت حاجز الصمت وذكرت بان الكرامة والعدالة ليستا وجهة نظر، لقد تحدث بهدوء، ولكن حديثه كان كافيا لايقاظ الضمائر التي نامت طويلا وقد حان وقت صحوتها.

المصدر: صراحة نيوز

كلمات دلالية: اخبار الاردن عرض المزيد الوفيات عرض المزيد أقلام عرض المزيد مال وأعمال عرض المزيد عربي ودولي عرض المزيد منوعات عرض المزيد الشباب والرياضة عرض المزيد تعليم و جامعات في الصميم ثقافة وفنون علوم و تكنولوجيا اخبار الاردن الوفيات أقلام مال وأعمال عربي ودولي تعليم و جامعات منوعات الشباب والرياضة ثقافة وفنون علوم و تكنولوجيا زين الأردن أقلام أقلام أقلام أقلام أقلام أقلام أقلام أقلام أقلام أقلام البرلمان الأوروبی

إقرأ أيضاً:

الإمارات تحصد المركز الثاني في بطولة العالم للإبحار الدامج

 
أبوظبي (الاتحاد)
تمكّن منتخب الإمارات من تحقيق إنجاز رياضي عالمي جديد، بحصوله على المركز الثاني في النسخة الأولى من بطولة العالم للإبحار الدامج 2025 لأصحاب الهمم، التي استضافتها سلطنة عمان خلال الفترة من 3 إلى 8 ديسمبر، بمشاركة 23 دولة.
شارك الأولمبياد الخاص ممثلًا لدولة الإمارات ضمن نخبة من الدول، ليكون المشاركة العربية الأكبر في فئة الإعاقات الذهنية والنمائية، ما يعكس الريادة الإقليمية للدولة في دمج وتمكين أصحاب الهمم في الرياضات الدولية وتعزيز حضورهم في البطولات العالمية.
وقال طلال الهاشمي، المدير الوطني للأولمبياد الخاص الإماراتي: «يمثل الإنجاز الذي حققناه في سلطنة عمان خطوة بارزة في مسار تطور رياضات الإبحار الدامج في دولة الإمارات، الإنجاز ثمرة للعمل الجاد والمتواصل مع لاعبينا طوال العام، وبفضل دعم قيادتنا الرشيدة التي منحت أبناءها الثقة والرعاية التي مكّنتهم من الوصول إلى هذا المستوى العالمي».
وأضاف: «تكتسب رياضات الإبحار والشراع أهمية خاصة كونها تتوافق مع الطبيعة الجغرافية لدولتنا الغنية بالسواحل والممرات البحرية، ما يجعل من الضروري أن نعمل على توسيع قاعدتها داخل مجتمع الأولمبياد الخاص الإماراتي. ونتطلع إلى استقطاب المزيد من اللاعبين لها، وتطوير برامج تدريبية مستدامة، لضمان مشاركتنا القوية في البطولات المقبلة وتعزيز حضور الإمارات في هذه الرياضات الرائعة».
واستضافت سلطنة عُمان النسخة الافتتاحية من بطولة العالم بمشاركة 250 بحاراً، تنافسوا في فئات فردية لأصحاب الإعاقات الذهنية والنمائية وفئات غير تقنية، إلى جانب فئة جديدة في عالم الرياضات البحرية وهي فئة الجناح الشراعي للجلوس. كما شملت المنافسات بطولة العالم لذوي الإعاقات البارالمبية، من خلال سباقات القوارب الثنائية المفتوحة وقوارب الإبحار للمشاركين من ذوي الإعاقة البصرية بمشاركة طواقم مبصرة. وقد فتحت هذه البطولة آفاقاً جديدة للدمج في الرياضات البحرية، وعززت مفهوم الإبحار الدامج، ووسّعت الفرص أمام اللاعبين من أصحاب الهمم على المستوى الدولي.
وسجل لاعب المنتخب مروان سلوم إنجازاً استثنائياً بحلوله في المركز الثاني عالمياً في سباق فئة ILCA، بعد أداء قوي توجه بالفوز بالمركز الأول في الجولة الختامية، ليضيف إنجازاً نوعياً جديداً للمنتخب الوطني في الرياضات البحرية العالمية. كما حقق اللاعب عمر الحمادي المركز الخامس في السباق نفسه، فيما حصل اللاعب محمد الزبيدي وشريكه الموحد محمد العويس على المركز 24 عالمياً في فئة RS Venture المختلطة، وسط منافسة قوية شملت لاعبين بارالمبيين، مع تصدرهما لفئتهما الخاصة لأصحاب الهمم من أصحاب التحديات الذهنية والنمائية.
وعن مشاركته، قال لاعب المنتخب مروان سلوم، وهو بالأساس لاعب في نادي دبي لأصحاب الهمم: «فخور جداً بالمشاركة في هذه البطولة العالمية وإحرازي المركز الثاني على مستوى العالم، كانت المنافسات قوية جداً لكن بدعم المدرب وإرشاداته حققنا هذا الفوز ونجحنا في تمثيل دولة الإمارات والأولمبياد الخاص الإماراتي بأفضل صورة».

أخبار ذات صلة القصاب.. «الحلم الأول» في «آسيوية الشباب» شرطة أبوظبي تنظم زيارة لمتحف المقطع

مقالات مشابهة

  • “قداسة البابا “: من الأسرة يخرج القديسون وهي التي تحفظ المجتمع بترسيخ القيم الإنسانية لدى أعضائها
  • ما الدول التي يفضل «ترامب» استقبال المهاجرين منها؟
  • الإمارات تحصد المركز الثاني في بطولة العالم للإبحار الدامج
  • الناتو وألمانيا: تعزيز العمود الأوروبي للحلف والعمل نحو السلام في أوكرانيا
  • ترامب يكشف عن الدول التي يفضل استقبال المهاجرين منها
  • خالد حنفي: 500 مليار دولار حجم مشروعات إعادة الإعمار التي تستهدفها مبادرة عربية - يونانية جديدة
  • البابا تواضروس: الكنيسة ليست للصلاة فقط بل لإيجاد المواطن الصالح
  • قيادي بتحالف «صمود» يشرح الكارثة في السودان أمام البرلمان الأوروبي
  • اللجوء إلى القارة العجوز.. هل يجبر البرلمان الأوروبي الدول الأعضاء على قبول الهجرة غير النظامية؟
  • عاجل | الملك يلتقي متقاعدين من القوات الخاصة