الكواليس غير المضحكة للممثّل الكوميدي!
تاريخ النشر: 21st, June 2025 GMT
قبل عدة أسابيع، وبعد أيام فقط من إطفائه شمعته السابعة والستين، صار الممثل الكوميدي «ترند»؛ ليس لمسرحية كوميدية جديدة أضحك فـيها الناس بخفة دمه، ولا لفـيلم سينمائي أظهر فـيه إمكانياته التمثيلية، ولا لإعلانه عن مرض ألمَّ به جلب له إشفاق الجمهور، بل لأن تصريحًا له انتشر فـي وسائل التواصل الاجتماعي مفاده أنه يمر بأقسى فترة ظلم فـي حياته؛ فهو غائب عن الأعمال الفنية، ولا أحد يعرض عليه أن يُمثّل الآن، وأنه لن يسامح أحدًا على هذا الظلم البيّن الذي يتعرض له.
إلى هنا وكل شيء طبيعي. طبيعيّ أن تنحسر العروض عن ممثل تقدم فـي العمر، وبديهي أن يَعُدّ ذلك ظلما فـيشتكي منه، ومعتادٌ أن تتراجع شخصية عامة عن تصريحها حين تتفاجأ بأنه اكتسب زخمًا أكبر مما توقع، بحيث بات يُهدد كرامتها الشخصية، لكن غير الطبيعي هو كمية اللا تعاطف الهائلة التي طالت الممثّل، ليس فقط من جمهور عادي غير معجب بأدواره، وإنما من زملائه فـي الوسط الفني. مؤلف درامي يصغر الممثل المشتكي بنحو ثلاثين عاما سرد حكاية مؤثرة حدثت قبل ثمانية عشر عامًا حين كان طالبًا فـي أكاديمية الفنون، يقول: إنه فـي سنة ٢٠٠٧، وبالاتفاق مع القائمين على إحدى المسرحيات الكوميدية، قرر أستاذه فـي الأكاديمية الذي هو أيضًا مخرج مسرحي كبير حمله مع عدد من زملائه طلبة الأكاديمية إلى هذا المسرحية ليتدربوا فـيها على التمثيل من خلال أداء بعض الأدوار القصيرة. كانت هذه المسرحية من بطولة الفنان الكوميدي الذي نتحدث عنه، و«كان مغرورًا ومتعاليًا بشكل غريب» على حد تعبير المؤلف سارد الحكاية. وفـي «البروفة» الأخيرة التي تسبق العرض الأول بيوم، أدى هذا الطالب دوره فـي المسرحية على خير ما يُرام، ومن سوء حظه أن مَنْ كان حاضرًا فـي الصالة من طلبة وأساتذة ضحكوا على بعض «إفـيهاته». أوقف الممثل الكوميدي «المحترف» البروفة، ووبّخ الطالب أمام كل الحاضرين قائلًا: «سوف تأخذ فرصتك ذات يوم، ولكن ليس معي. قف مكانك دون أن تتفوه بكلمة»، ويبدو أنه - أي الممثل الكوميدي - لم يجد هذا عقابًا كافـيًا على تجرؤ طالب مبتدئ على إضحاك الجمهور فـي مسرحية يقع عاتق الإضحاك فـيها عليه هو وحده دون غيره، لذا تدارك قائلا: «منذ الآن لن تعمل معي، اخرج». يقول الطالب ــ الذي سيصبح بعد ذلك مؤلف أفلام ومسلسلات معروفًا: إنه خرج من القاعة وعيناه مغرورقتان بالدموع، وذهب للصلاة والدعاء على هذا الممثل بينما هو منهارٌ من البكاء، وإنه حين قرأ شكواه الأخيرة تذكّر هذه القصة، بل إنه أضاف أنه قبل خمس سنوات عرض عليه أحد المنتجين أن يكتب فـيلمًا لهذا الممثل الكوميدي لكنه رفض رفضًا قاطعا حتى وإن بلغ أجره عن هذه الكتابة مائة مليون!
والحقيقة، أن هذه الحكاية التي حذفها المؤلف من حسابه بعد تدخلات أصدقاء مشتركين بينه وبين الممثل الكوميدي، تنسجم مع حكاية أخرى كنتُ شاهدًا عليها عام 2005، أي قبل عشرين عامًا، وكتبتُ عنها مقالًا فـي هذه الجريدة حمل عنوان «ربنا يخلي جمعة»، على عنوان مسرحية كان الممثل الكوميدي بطلها. تتلخص الحكاية، التي نشرتها صحيفة «القدس العربي» فـي ذلك الوقت، فـي أن راقصي مسرحية «ربنا يخلي جمعة»، ثاروا على بطل مسرحيتهم (وهو الممثل الكوميدي بطل هذا المقال) ولكموه على وجهه، وفـي أنحاء متفرقة من جسده، لم تحددها الصحيفة، بعد أن اتهموه بالغرور والدكتاتورية والتشبث بآرائه حتى ولو كانت خاطئة، وتدخله فـي مجريات العرض بصورة كبيرة، علاوة على إساءته معاملتهم. بدأت الأزمة فـي فترة الاستراحة ما بين الفصلين الأول والثاني عندما طلب الممثل من أحد الراقصين الالتزام بــ«خطوة فنية» وراءه أثناء ظهوره على المسرح، واحتدم الخلاف بينهما، وتطور الأمر إلى اشتباك بالأيدي، ودخل الراقصون الذين كانوا خارج الغرفة انتظارًا لما ستسفر عنه المشادة، حيث اقتحموا غرفة الممثل، وجذبوه من ملابسه ومزقوها ولكموه وأزالوا مكياجه، مما أدى ليس فقط إلى إلغاء العرض فـي تلك الليلة، بل أيضا إلى إلغاء العرض برمته.
إن كان من فائدة نستخلصها من هذه الحكايات الثلاث؛ حكاية تذمّر الممثل من انحسار الأضواء عنه، وحكاية الراقصين الغاضبين، وقبلها حكاية المؤلف الدرامي، هي أنه ليس بالموهبة وحدها يحيا الفنّان، بل إن التواضع والتعامل الإنساني مع زملاء مهنته، ومع جمهوره، ومع الجميع، هو ما يجعله خالدًا فـي قلوبهم، أما التعالي والتكبّر والتعامل القاسي فلن يعود عليه إلا بالكراهية والنكران، والتخلي عنه حين يكون فـي أمسّ الحاجة إلى كلمة طيبة ولمسة تعاطف.
سليمان المعمري كاتب وروائي عماني
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الممثل الکومیدی ل الکومیدی
إقرأ أيضاً:
سيد صادق يكشف لصدي البلد عن اللقب الذي يحبه
التقى موقع صدى البلد بالفنان القدير سيد صادق في المحل الذي يملكه في لقاء خاص و حصري ، بعد غيابٍ دام سنوات طويلة عن الوسط الفني.
قال الفنان سيد صادق في لقاء لموقع صدي البلد الاخباري " بحب جدا لقب شرير السينما.
و اضاف سيد صادق" كل أعمالي وش السعد عليا لكن الحقيقة و السراب و لن أعيش في جلباب ابي أكثر أعمال محببه الي قلبي".
يذكر أن سيد صادق، اشتهر بالعديد من الأدوار ، وفي معظم أعماله قام بأداء أدوار الشخصيات الشريرة و لقب بشرير السينما و الدراما المصرية .