الجهاديون في سورية بين الادماج والتصفية.. ما هي الحلول المحتملة؟
تاريخ النشر: 23rd, June 2025 GMT
طالبت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب القيادة السورية الجديدة بعدة مطالب، من بينها "قمع المتطرفين" وفق ما نشرته صحيفة وول ستريت جورنال، وكانت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولين ليفيت غردت بعد فترة وجيزة من لقاء الرئيس ترامب بالرئيس الشرع بالرياض قائلة "إن ترامب حثَّ القائد السوري الجديد على طرد جميع الإرهابيين الأجانب".
ووفقا لمراقبين فإن الرئيس السوري أحمد الشرع يواجه تحديا في كيفية التعامل مع مقاتلين أجانب كانوا قد انضموا إلى صفوف هيئة تحرير الشام وفصائل سورية مسلحة أخرى إبان الثورة السورية، وشاركوا في عملية ردع العدوان، جاءوا من مناطق مختلفة في أسيا الوسطى وأوروبا ودول أخرى، وأغلبهم يتبنون مفاهيم وأصول السلفية الجهادية، التي عادة ما تصنف في قائمة الاتجاهات الراديكالية.
ويشير تقرير نشرته صحفية واشنطن بوست مؤخرا إلى أن المقاتلين الأجانب الأكثر تشددا بدأوا يظهرون تحفظاتهم على سياسات الرئيس الشرع الحالية، ويبدون تخوفاتهم واعتراضاتهم لعدم تطبيقه للشريعة الإسلامية، وفرضه لأحكامها بعد توليه السلطة في سورية، وينتقدون في الوقت نفسه تعاونه مع الولايات المتحدة وتركيا بهدف ملاحقة الفصائل المتشددة واستهدافها.
في مواجهة ذلك كله كيف سيعالج الرئيس الشرع وحكومته ملف "الجهاديين" لا سيما الأجانب منهم؟ فهل سيعمل على إدماجهم في مؤسسات الدولة الجديدة، بعد أن يتم منحهم الجنسية السورية؟ ومن يرفض منهم فكرة إدّماجهم في مؤسسات الدولة، والالتزام بسياساتها، والتقيد بتعليماتها كيف ستعامل النظام معهم.. هل من الوارد إنهاء وجودهم في سوريا بالطرق التي يراها النظام مناسبة؟
في هذا الإطار رأى الكاتب والمحلل السياسي السوري، الدكتور عرابي عبد الحي عرابي أن "عدد المقاتلين الأجانب في سوريا تقلص بشكل كبير، وبات وجودهم محصورا ضمن تشكيلات محلية محدودة وغير فاعلة سياسيا أو عسكريا".
وواصل حديثه لـ"عربي21" بالقول "معظم هؤلاء الأفراد اندمجوا اجتماعيا في المجتمعات السورية التي استقروا فيها منذ سنوات، سواء عبر الزواج أو العمل أو الانخراط في الحياة المدنية ضمن المناطق الخارجة عن النزاع، ولا توجد أي مؤشرات على انتسابهم لتنظيم داعش أو أي كيان مصنف إرهابيا من قبل الحكومة السورية أو المجتمع الدولي".
د. عرابي عبد الحي عرابي، كاتب ومحلل سياسي سوري
وأضاف: "كما أن تحركاتهم لا تتسم بالطابع العابر للحدود، بل تتماهي مع خصوصية البيئة المحلية التي يعيشون فيها، وفي تقديري أن هذا الملف لا يشكل محور توتر داخلي أو تهديدا للأمن، بل تحول إلى قضية إنسانية وإدارية تتطلب معالجة هادئة تتجنب التصعيد، عبر تجنيس المقاتلين ودمجهم بالبنية العسكرية الدفاعية للبلاد مع احترام الخصوصيات الثقافية والاعتبارات الاجتماعية للأهالي والمجتمعات المضيفة".
من جانبه أكدّ الكاتب والباحث المصري في شؤون الحركات الإسلامية، ماهر فرغلي "وجود طلب أمريكي وغربي بإنهاء ملف المقاتلين الأجانب في سوريا، وهذا ملف هام وحيوي، إضافة لملف إعادة المهاجرين السوريين إلى سورية، والتي تُعد من الأسباب الرئيسية لقبول الغرب بأحمد الشرع رئيسا لسورية، وتشير التقارير إلى أن الشرع وعد القادة والمسؤولين الأوروبيين بمعالجة هذا الملف، لكن الأمر يتطلب مزيدا من الوقت".
وأضاف في تصريحاته لـ"عربي21": "وأنه سيقوم بمعالجة هذا الملف عبر دمج المقاتلين الأجانب رسميا في مؤسسات الدولة، وفيما يظهر أنه استطاع إقناع الأمريكيين والأوروبيين بهذا الخيار، حتى لا يشكلوا تهديدا له أو لدولهم في حال رجوعهم إليها، وهو ما يبقيهم تحت سيطرة الدولة السورية".
وأورد فرغلي مثالا لذلك بـ"المقاتلين (الإيغور) الذين تم دمجهم في الجيش السوري، عبر تشكيل الكتيبة (84)، كما تم دمج مقاتلين آخرين مصريين ومن جنسيات أخرى في الجيش السوري، ومن لا يستجيب للدمج ويلتزم بالقوانين فسيصار إلى التخلص منه بالطرق التي يراها النظام، وفي الآونة الأخيرة تم التخلص من قيادات وكوادر في تنظيم "حراس الدين" فرع تنظيم القاعدة في سورية.
ماهر فرغلي كاتب وباحث مصري في شؤون الحركات الإسلامية
وتابع فرغلي "من الواضح أن سياسة النظام السوري في التعامل مع المقاتلين الأجانب تتمثل بدمجهم في الجيش السوري، ومنحهم الجنسية السورية، ومن يرفض منهم ذلك سيتم التخلص منه بالاغتيالات أو بالإبعاد من سورية، تماما كما حدث في تجربة إدلب، حيث تم التخلص من قيادات وكوادر في تنظيم داعش وتنظيم القاعدة والعناصر المتطرفة".
ولفت إلى أن "ما يهم النظام السوري في تعامله مع المقاتلين الأجانب هو عملية دمجهم بالمنظومة العسكرية الجديدة في سورية بطريقة مناسبة، بعد منحهم الجنسية ليعيشوا في المجتمع السوري كأي مواطن سوري آخر، وليس مهما الأفكار التي يحملونها أو محاولة التأثير أو الضغط عليهم لتغيير تلك الأفكار".
تجدر الإشارة إلى أن مبعوث الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى سورية توماس باراك أكدّ أن الولايات المتحدة وافقت على خطة القيادة السورية الجديدة المتمثلة بدمج آلاف من المقاتلين الأجانب في الجيش الوطني السوري، ووفقا لمصادر سورية فإن الخطة تتضمن انضمام 3500 مقاتل أجنبي، معظمهم من الإيغور، ضمن الوحدة (84) المشكلة حديثا.
وفي ذات الإطار قال الناشط السوري، محمد جمال رحال "تواجه الرئيس أحمد الشرع ملفات كثيرة معقدة ومتشابكة، وهو يطبخ طبخاته السياسية على نار هادئة رغم أنه يمشي في حقول ألغام، واستطاع بحنكته إدارة إدلب والسيطرة عليها، وتمكن من دمج أكثر الفصائل فيها".
محمد جمال رحال ناشط سوري
وأضاف في حديثه مع "عربي21": "فيما يتعلق بملف المقاتلين الأجانب، فعلى الأغلب سيتم دمجهم في الجيش الوطني السوري، ووفقا للأخبار فإن الولايات المتحدة وافقت على دمجهم في الجيش السوري، ومنحهم الجنسية السورية".
من جهته قال الباحث والأكاديمي السوري، الدكتور محمد ماهر قدسي "لا يمكن فصل الأخبار المتداولة بشأن مطالبة الولايات المتحدة بمعالجة ملف الجهاديين (المقاتلين الأجانب) في سوريا عن السياق السياسي والدبلوماسي الأشمل، فثمة مصادر متعددة في الأوساط الدبلوماسية الغربية تحدثت بالفعل عن ضغوط تمارسها واشنطن على الحكومة السورية الجديدة، وعلى رأسها الرئيس أحمد الشرع لاتخاذ خطوات واضحة لمعالجة وجود المقاتلين الأجانب في سورية".
وتابع حديثه لـ"عربي21" بالقول "إلا أن هذه الضغوط لم تُعلن بشكل مباشر، بل طُرحت عبر قنوات دبلوماسية مغلقة، وارتبطت بمقايضات تتعلق بملفات التطبيع، ورفع العقوبات وإعادة الإعمار، فالأخبار المتداولة صحيحة، وهي تحتاج إلى قراءة متأنية لفهم أبعادها وتداعياتها السياسية".
وعن كيفية معالجة الرئيس الشرع لهذه القضية، لفت قدسي إلى أن "الرئيس الشرع المعروف برؤيته السياسية التي توازن بين الواقعية والانفتاح، سيواجه هذا الملف ضمن مقاربة مزدوجة: بالمعالجة الأمنية الانتقائية، حيث يُرجح أن يتجه إلى تفكيك التنظيمات التي تشكل خطرا مباشرا على أمن الدولة واستقرارها".
د. محمد ماهر قدسي باحث وأكاديمي سوري
وأردف: "لا سيما تلك المرتبطة بتنظيمات مدرجة دوليا على قوائم الإرهاب، مع محاولات احتواء من يمكن احتواؤه ضمن برامج تأهيل، وقد يسعى الشرع للقيام بمعالجة فكرية للملف، بالحث على إجراء مراجعات فكرية عبر برامج إعادة تأهيل، خاصة لأولئك الذين لا يُصنفون كخطر دائم، في مسعى لتقليل حدة التطرف ودمج بعضهم (خصوصا من صغار السن) في أطر اجتماعية واقتصادية جديدة".
وخلص إلى القول: "من المرجح أن يعتمد الرئيس أحمد الشرع في معالجة ملف المقاتلين الأجانب على نهج براغماتي يستند إلى التوازن بين الضرورات الأمنية ومتطلبات الشرعية الدولية، لكن لن يكون خيار الدمج وحده كافيا، كما أن الحسم الأمني الكامل قد يفتح عليه جبهات جديدة، لذا فإن التحدي الأكبر للشرع فيما يتعلق بهذا الملف لا يتمثل في طرد المتطرفين فحسب، بل في منع إنتاج تطرف جديد في الفراغ الذي سيحدث ما بعد ذلك".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي أفكار كتب تقارير تقارير السورية امريكا سورية متطرفون موقف تقارير تقارير تقارير تقارير تقارير تقارير سياسة أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة المقاتلین الأجانب فی الولایات المتحدة فی الجیش السوری الرئیس الشرع أحمد الشرع هذا الملف التخلص من فی سوریة فی سوریا إلى أن
إقرأ أيضاً:
بحضور الرئيس السوري.. إطلاق 12 مشروعاً استراتيجياً في دمشق بقيمة 14 مليار دولار
احتضن قصر الشعب في العاصمة السورية دمشق، اليوم الأربعاء، حدثًا اقتصاديًا هامًا تمثل بإطلاق 12 مشروعًا استراتيجيًا بقيمة إجمالية تبلغ 14 مليار دولار، بحضور الرئيس السوري أحمد الشرع وعدد من المسؤولين.
وأعلنت وكالة الأنباء السورية الرسمية “سانا” توقيع مذكرات تفاهم استثمارية مع عدد من الشركات الدولية، في خطوة تعكس انفتاح سوريا على الاستثمار ورغبتها في بناء مستقبل اقتصادي مزدهر.
وقال رئيس هيئة الاستثمار السورية طلال الهلالي: “اجتماعنا اليوم ليس مجرد مناسبة رسمية بل هو إعلان واضح وصريح أن سوريا منفتحة للاستثمار، ومستعدة للعمل جنبًا إلى جنب مع شركائنا الموثوقين لكتابة فصل جديد من النهوض والبناء”.
وأضاف الهلالي أن المشاريع الـ12 الاستراتيجية ستحدث نقلة نوعية في البنية التحتية والحياة الاقتصادية في سوريا، مشيرًا إلى أبرز هذه المشاريع:
مطار دمشق الدولي باستثمار 4 مليارات دولار مترو دمشق بمشروع استثماري بقيمة 2 مليار دولار، كمشروع حيوي للبنية التحتية والتنقل الحضري أبراج دمشق باستثمار 2 مليار دولار أبراج البرامكة باستثمار 500 مليون دولار مول البرامكة باستثمار 60 مليون دولاروأشار الهلالي إلى أن هذه المشاريع ليست مجرد استثمارات عقارية أو بنى تحتية، بل هي محركات لتوليد فرص العمل وجسور ثقة بين سوريا والمستثمرين العالميين.
وأكد أن “اليوم نفتح الباب نحو مستقبل من التعاون، يقوم على أسس من القانون والشفافية، ويستند إلى إرادة السوريين وعزيمتهم التي لا تكسر”.
وخلال المراسم الخاصة بتوقيع مذكرات تفاهم استثمارية في قصر الشعب بدمشق، ألقى المبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا، توماس براك، كلمة أكد فيها على أهمية مدينة دمشق التاريخية.
وأشار براك إلى أن دمشق تتمتع بتاريخ عريق كمركز تجاري وحضري يمتد لآلاف السنين، كما أشار إلى موقعها الاستراتيجي الهام بين قطر وتركيا، ما يجعلها نقطة وصل محورية في المنطقة.
وأضاف المبعوث الأمريكي: “الأرض السورية معروفة بإنتاجها لقادة عظماء”، معربًا عن تفاؤله بالتعاون الاقتصادي والاستثماري في سوريا في المرحلة المقبلة.
سوريا: عملية أمنية تحبط تفجير كنيسة في طرطوس وتوقع خلية إرهابية مرتبطة بفلول النظام البائد
أحبطت الأجهزة الأمنية السورية، في عملية نوعية، مخططًا إرهابيًا كان يستهدف كنيسة مار إلياس المارونية في قرية الخريبات بريف صافيتا في محافظة طرطوس، وفق ما أفادت صحيفة “الوطن”.
وقال قائد الأمن الداخلي في طرطوس، العقيد عبد العال محمد عبد العال، إن العملية جاءت بناءً على معلومات استخباراتية دقيقة كشفت نية مجموعة خارجة عن القانون ومرتبطة بفلول “النظام البائد” تنفيذ هجوم بعبوات ناسفة داخل الكنيسة.
وأضاف أن وحدة المهام الخاصة نفذت العملية بعد رصد ومتابعة مكثفة، تمكنت خلالها من توقيف عنصرين من الخلية أثناء توجههما لتنفيذ المخطط، وضبط عبوة ناسفة معدّة للتفجير، إلى جانب أوراق تحمل عبارات تهديد وراية سوداء ترمز إلى تنظيم متطرف.
وأكد العقيد عبد العال أن العملية الأمنية نُفذت في اللحظة المناسبة، ما حال دون وقوع هجوم كان سيستهدف حياة المدنيين ويزعزع استقرار المنطقة، مشددًا على أن الأجهزة الأمنية لن تتهاون في التصدي لمثل هذه المخططات الإجرامية، وأنها ستواصل عملها لحماية المواطنين ودور العبادة.
يُذكر أن سوريا شهدت في يونيو الماضي هجومًا انتحاريًا نفذه أحد عناصر تنظيم “داعش” الإرهابي في كنيسة مار إلياس بحي الدويلعة في دمشق، أسفر عن سقوط عشرات الضحايا وأضرار جسيمة، ما دفع إلى إدانات واسعة محليًا ودوليًا، ودعوات لتعزيز الوحدة الوطنية ونبذ التطرف.