ثورة 30 يونيو.. حين انتصر الشعب ووُلد الوطن من جديد
تاريخ النشر: 29th, June 2025 GMT
لم تكن ثورة 30 يونيو 2013 مجرد لحظة غضب شعبي أو انتفاضة عابرة ضد جماعة متطرفة، بل كانت بداية فصل جديد في تاريخ الدولة المصرية الحديثة، ومشهدًا فارقًا أعاد صياغة المشهد السياسي والاجتماعي في البلاد.
وجاءت هذه الثورة، تعبيرًا عن الإرادة الشعبية الأصيلة، ورفضًا قاطعًا لممارسات جماعة سعت لاختطاف الوطن وطمس هويته.
أثبت المصريون، كما في كل المحن، أن الدولة المصرية عصية على الانكسار، وأن قوة الشعب وجيشه وشرطته وشبابه قادرة على إسقاط أي مخطط، مهما كانت أدواته وأساليبه. كانت ثورة 30 يونيو بمثابة تصحيح لمسار كاد أن يُغرق البلاد في فوضى مزمنة، وولادة جديدة لدولة حديثة تسعى إلى البناء، وتحقيق تطلعات شعبها، وترسيخ هويتها الوطنية الجامعة.
عانت مصر لسنوات قبل 2011 من إهمال وتهميش ممنهج طال قطاعات عديدة، إلى أن جاءت ثورة 25 يناير 2011 حاملة معها آمالًا كبيرة سرعان ما اختُطفت من قبل جماعة الإخوان المسلمين. وبوصولهم إلى السلطة، تحولت هذه الآمال إلى كابوس سياسي واجتماعي، إذ مارست الجماعة الإقصاء والتسلط والتعدي على مؤسسات الدولة، غير عابئة بإرادة الشعب ولا آماله في التغيير.
طوال عام حكم الإخوان، سادت الفوضى والانقسام والاحتقان المجتمعي. عمدت الجماعة إلى تكميم الأفواه، وتهديد المعارضين، وصناعة الأعداء في كل مؤسسات الدولة. وجاءت قرارات محمد مرسي الاستفزازية، مثل قرار عودة مجلس الشعب المنحل، والإعلان الدستوري في نوفمبر 2012، لتزيد من حالة الغضب الشعبي وتؤكد نزعة الجماعة إلى احتكار السلطة وتجاهل القانون والدستور.
من "التمرد" إلى "التحرير".. الشعب ينتفض من جديدمع تصاعد حالة الاستبداد وتدهور الخدمات، بدأ الشباب المصري في قيادة حراك شعبي واسع عبر "حركة تمرد"، التي جمعت ملايين التوقيعات المطالِبة برحيل محمد مرسي. قابلت الجماعة هذا الغضب الشعبي بالاستهزاء والتهديد، غير مدركة أن بركان الثورة يوشك أن ينفجر.
وفي 30 يونيو 2013، خرج الملايين في مشهد تاريخي غير مسبوق، مطالبين بإسقاط حكم الإخوان. امتلأت الميادين في كل المحافظات، وانحازت القوات المسلحة لإرادة الشعب، فأسقطت شرعية مرسي، وأعلنت نهاية العام الأسود الذي حكمت فيه الجماعة البلاد، ليبدأ بعدها مسار استعادة الدولة وإنقاذها من مصير مجهول.
مواجهة الإرهاب واستعادة الاستقراررفضت جماعة الإخوان التسليم بإرادة المصريين، وأطلقت موجة من التحريض والعنف والإرهاب، فشهدت البلاد عمليات مسلحة طالت الجيش والشرطة والمدنيين، وسعت الجماعة لإعادة الفوضى. لكن الشعب المصري وقواته المسلحة وشرطته وقفوا صفًا واحدًا في معركة الدفاع عن الوطن، وقدّموا آلاف الشهداء في مواجهة الإرهاب الأسود.
ورغم صعوبة المرحلة، نجحت مصر في استعادة الأمن والاستقرار، وإعادة بناء مؤسسات الدولة من جديد، بدءًا من صياغة دستور 2014، وإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية، وصولًا إلى إطلاق مشروعات التنمية والإصلاح الشامل.
انطلاق مرحلة البناء والتنمية الشاملةلم تكن مرحلة ما بعد 30 يونيو سهلة، فالدولة واجهت تحديات اقتصادية وأمنية ضخمة. لكن بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي، وبتكاتف الشعب المصري، بدأت مصر خطوات جادة نحو تثبيت أركان الدولة وتحقيق التنمية.
تم إطلاق برنامج إصلاح اقتصادي طموح، ومشروعات قومية عملاقة شملت البنية التحتية، والمدن الجديدة، وشبكات الطرق، وتطوير قطاع الكهرباء، وتنمية محور قناة السويس، إلى جانب برامج الحماية الاجتماعية التي استهدفت رفع جودة الحياة للمواطن المصري.
ورغم التحديات العالمية، مثل جائحة كورونا والحرب الروسية الأوكرانية والأزمات الاقتصادية المتلاحقة، واصلت الدولة المصرية العمل بثبات، فشهدت البلاد طفرة اقتصادية ملحوظة، وتحسنًا في مؤشرات النمو، وإصرارًا على استكمال معركة البناء.
30 يونيو ملحمة شعبية تتجددتمثل ثورة 30 يونيو اليوم رمزًا للصمود الوطني والتلاحم الشعبي، وعنوانًا لحكاية شعب قرر أن يكتب تاريخه بإرادته، وأن يحمي هويته مهما كلفه الثمن. لقد استعادت مصر بفضل هذه الثورة كرامتها، واستقرارها، وحقها في التنمية، وباتت تجربتها مثالًا يحتذى في كيف يمكن للشعوب أن تتجاوز الكبوات، وتبني مستقبلها من بين الركام.
ثورة 30 يونيو لم تكن نهاية فصل مظلم فقط، بل بداية طريق طويل نحو الجمهورية الجديدة، حيث الدولة القوية، والمؤسسات الراسخة، والشعب الواعي الذي لا ينسى دروس التاريخ، ولا يفرّط في وطنه مهما كانت التحديات.
هل ترغبين في تحويل هذا التقرير إلى نسخة صحفية مختصرة أو مادة تصلح للنشر على منصات التواصل؟
وفي هذا السياق، قال مجدي البدوي، نائب رئيس الاتحاد العام لنقابات عمال مصر، إن ثورة 30 يونيو لم تكن مجرد رفض لحكم جماعة متطرفة، بل شكلت نقطة تحول لاستعادة الدولة المصرية لقدرتها على التخطيط الاستراتيجي، وإطلاق رؤية مصر 2030 للتنمية المستدامة.
وأوضح أن الثورة أنهت حالة الفوضى، ومهّدت الطريق لوضع رؤية وطنية طموحة قادرة على قيادة البلاد نحو مستقبل أفضل.
وأضاف البدوي في تصريحات لـ "صدى البلد"، أن الشرعية الشعبية التي منحتها الثورة للقيادة السياسية، كانت حافزًا قويًا لانطلاق مشروعات كبرى في البنية التحتية، والمدن الجديدة، والكهرباء، والزراعة، وتنمية محور قناة السويس، بما يعكس تطبيقًا عمليًا لمحاور رؤية 2030، لافتًا إلى أن هذه الطفرة جاءت رغم التحديات الكبرى مثل جائحة كورونا والحرب الروسية الأوكرانية، وهو ما يعكس متانة مؤسسات الدولة بعد الثورة.
واختتم البدوي مؤكدًا أن رؤية مصر 2030 تقوم على أبعاد متكاملة تشمل التنمية الاقتصادية، والعدالة الاجتماعية، والاستدامة البيئية، والابتكار، وتطوير المؤسسات، وتوفير الطاقة، مشيرًا إلى أن هذه الرؤية تعبر عن إيمان الدولة بحق كل مواطن في حياة كريمة ومستقبل آمن، وهو ما تسعى لتحقيقه بشراكة مجتمعية واسعة.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: 30 يونيو ثورة 30 يونيو 30 يونيو 2013 الإرادة الشعبية الدولة المصریة مؤسسات الدولة ثورة 30 یونیو
إقرأ أيضاً:
أحمد الأشعل يكتب: 30 يونيو… لحظة الخلاص وميلاد الجمهورية الجديدة
في حياة الشعوب محطات لا تُنسى، لحظات تصنع التاريخ وتُعيد رسم الخريطة، وتُعلن – بصوت لا يقبل التراجع – أن هذا الوطن باقٍ، وأن أبناءه حين يقررون النهوض، لا يوقفهم شيء. ويوم الثلاثين من يونيو عام 2013 لم يكن مجرد خروج جماهيري عارم، بل كان إعلانًا شعبيًا حاسمًا لاستعادة مصر من فم الخطر، وتحرير الدولة من قبضة جماعة لم تؤمن يومًا بفكرة الوطن، ولا بقيم الدولة، ولا بحق الناس في الحياة الكريمة.
كان ذلك اليوم لحظة فاصلة قرر فيها المصريون أن ينهضوا من الصمت، وأن يقولوا كلمتهم الأخيرة في وجه حكم لم يعرف إلا التسلط، ولم يسعَ إلا للتمكين باسم الدين، ولا رأى في الشعب إلا تابعًا لا شريكًا. كانت الملايين التي خرجت من كل شبر في مصر، تدرك أن ما يجري ليس خلافًا سياسيًا، بل معركة وجود، معركة على الهوية، وعلى المصير، وعلى البقاء.
ولم يتردد القائد الوطني المخلص عبد الفتاح السيسي لحظة، في أن ينحاز إلى صفوف الشعب، وأن يتخذ القرار الأصعب في التوقيت الأصعب، حاسمًا المعركة لصالح الوطن، واضعًا خريطة طريق واضحة لبناء دولة جديدة تستحق هذا الشعب العظيم، وتحمي هويته، وتعيد إليه شعوره بالأمان والانتماء. لم يكن الأمر سهلًا، ولم يكن المسار ممهدًا، بل كانت الطريق مليئة بالأشواك، بالمؤامرات، وبحرب ممنهجة على كل جبهة، داخلية وخارجية.
منذ ذلك اليوم بدأت معركة جديدة، أشد قسوة، لكنها أكثر نبلاً: معركة البناء. دولة خرجت من عنق الزجاجة، وبدأت ترمم ما تهدّم، وتعيد بناء ما فُكك، وتستعيد هيبتها ومكانتها ودورها الإقليمي والدولي. وشيئًا فشيئًا، ومع كل تحدٍ جديد، كانت مصر تنتصر. انتصرت على الإرهاب، وعلى محاولات التقسيم، وعلى حروب الجيل الرابع، وعلى الأزمات الاقتصادية التي عصفت بدول العالم. انتصرت لأن الشعب صدّق قائده، ولأن القائد لم يخن لحظة حلم الناس في دولة حديثة قوية عادلة.
الجمهورية الجديدة لم تكن شعارًا، بل تحوّلت إلى مشروع متكامل، بدأ بتثبيت أركان الدولة، ثم إطلاق مشروعات البنية الأساسية، والتمهيد لنهضة شاملة في كل المجالات، من الطاقة إلى الصحة، من التعليم إلى الرقمنة، من العدالة الاجتماعية إلى الأمن القومي، من عشوائيات مهجورة إلى مدن ذكية تنبض بالحياة، ومن قرى منسية إلى قرى نموذجية بكرامة كاملة تحت مظلة “حياة كريمة”. إن ما تحقق خلال سنوات قليلة، كان يتطلب في دول أخرى عقودًا، ولكن إرادة الدولة المصرية – بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي – لم تعرف التراخي، ولم تقبل الحلول المؤقتة أو المسكنات المرحلية.
لكن ما يجب أن نعيه جيدًا، أن التحديات لم تنتهِ، وأن ما ينتظرنا أخطر وأدقّ، لأن المعركة اليوم ليست فقط مع الإرهاب أو التخريب، بل مع استحقاقات التنمية، ومع موجات الغلاء العالمية، ومع ضغوط الواقع الاقتصادي، ومع طموحات شعب بات يعرف طريقه ولا يقبل العودة للخلف. ولهذا فإن اللحظة الراهنة تقتضي وقفة حقيقية من الحكومة وكل مؤسسات الدولة، وقفة تليق بجسامة المسؤولية. لقد آن الأوان أن نقولها بوضوح: كونوا رجالًا على قدر المرحلة، وكونوا عونًا للرئيس لا عبئًا عليه. لا مجال للرتابة، ولا وقت للتجريب، ولا عذر أمام التقصير. مصر أكبر من المكاتب المغلقة، وأوسع من حسابات الوقت الضائع. والرئيس الذي اختار المواجهة ولم يختبئ خلف الشعارات، يستحق منكم أن تكونوا شركاء لا متفرجين، مبادرين لا متلقين، رجال دولة حقيقيين لا موظفين يُديرهم الخوف والانتظار.
وإذا كانت 30 يونيو قد أنقذت الدولة من السقوط، فإن بناء الجمهورية الجديدة يحتاج إلى نفس الروح، ونفس الإصرار، ونفس الإيمان العميق بأن الوطن يستحق. يستحق أن نمنحه كل ما نملك من وقت وجهد وعقل، ويستحق أن نرسم له غدًا يُشبه تاريخه ويليق بشعبه. لقد اختار الشعب طريقه، واختار رئيسه، وبقي أن تختار الحكومة أن تكون على قدر التكليف. فمصر التي صمدت في وجه العاصفة، لن تقبل التراخي في وقت البناء.
التاريخ سيتوقف طويلًا أمام هذه السنوات، وسينصف تلك اللحظة التي قرر فيها المصريون أن يستعيدوا وطنهم. وسيكتب أن ثورة 30 يونيو لم تكن مجرد انتفاضة على نظام، بل كانت لحظة وعي، وميلاد قيادة، وانطلاق مشروع أمة. وما نراه اليوم من مدن ترتفع في الصحراء، ومن مصانع تعود للعمل، ومن قرى تتغير وجوهها، ومن جيش يحمي ولا يحكم، ومن رئيس لا ينام، هو الدليل الحيّ على أن هذا الشعب حين يقرر، فإنه يغير وجه التاريخ.
ثورة 30 يونيو ستبقى حية في ضمير الوطن، وشاهدًا على أن مصر لا تُكسر، ولا تُشترى، ولا تُدار إلا بإرادة أبنائها. والجمهورية الجديدة ليست حلمًا، بل قدرٌ نمضي إليه بثبات، وإيمان، وعزم لا يلين.