هل إيران على مشارف صناعة القنبلة النووية؟!
تاريخ النشر: 29th, June 2025 GMT
د. محمد بن عوض المشيخي **
صناعة الحروب واسبابها ومبرراتها نهج اعتادت عليه الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وذلك من خلال المسؤولين الذين تعتمد قراراتهم وإفادتهم على التضليل والغموض والتي يفترض أن تكون محايدة وعلمية بعيدة عن النفوذ السياسي الغربي وخاصة الولايات المتحدة الامريكية، وقبيل اندلاع الحرب الأخيرة التي قامت بها إسرائيل وحليفتها أمريكا بهدف تدمير المنشآت النووية الإيرانية وعلى وجه الخصوص "فوردو واصفهان ونطنز" والتي تشكل درة التاج للبرنامج النووي الإيراني، عبَّر الارجنتيني رافائيل غروسي مدير الوكالة، عن قلقه من مخالفة ايران وعدم التزامها بشروط المراقبة النووية.
في المقابل اتهمته ايران بالتجسس لصالح الكيان الصهيوني والتمهيد للضربات الجوية التي استهدفت الأراضي الإيرانية لمدة 12 يومًا متتالية. وهناك اعتقاد على نطاق واسع بأن الموظفين التابعين لوكالة الدولية للطاقة الذرية يقومون بأعمال ازدواجية تتمثل في مراقبة المحطات النووية ثم نقل تلك المعلومات إلى كل من الدول الغربية الكبرى وإسرائيل. هذا السلوك المريب ليس بالجديد؛ حيث زعمت أمريكا قبل احتلال العراق أن بغداد تطور برنامج نووي عسكري، لكن بعد سقوط العراق في براثن الاحتلال الأمريكي الغادر، أكد جورج بوش الابن عدم وجود تلك المزاعم التي مهدت للغزو الإمبريالي الغاشم. ومن المفارقات العجيبة أن نعرف بأن من أهم أهداف الوكالة الدولية للطاقة الذرية هو الحد من التسلح النووي والعمل على تحقيق عالم خالٍ من أسلحة الدمار الشامل، لكن الوكالة تنظر بعين واحدة وتُطبِّق سياسة الكيل بمكيالين؛ إذ يُدرك الجميع أن غض الطرف عن الترسانة النووية الإسرائيلية في مفاعل ديمونا في فلسطين المحتلة (وتحديدًا صحراء النقب) دون مراقبة ورفض إسرائيل الانضمام إلى عضوية المنظمة، أمر مشين ومخالف لتلك الأهداف، بينما تصطف أوروبا وأمريكا لحرمان الدول العربية والإسلامية من هذا السلاح الرادع والقوي، والذي يُشكِّل توازنًا مع المُعادين للأمن الوطني للعرب والمسلمين؛ بل تقوم بتدمير واستهداف تلك المنشآت بلا مبرر، باستثناء جمهورية باكستان الإسلامية التي حققت بامتياز ما يُعرَف بالردع النووي مع الأعداء؛ وذلك بفضل من الله والإرادة والشجاعة التي تملكها القيادة الباكستانية التي نجحت بالفعل في الحصول على السلاح النووي الذي يمثل القنبلة النووية الإسلامية. ولعلنا نستشهد هنا بتصريح الزعيم الباكستاني الراحل ذو الفقار علي بوتو، الذي قال: "إذا بَنَتِ الهند القنبلة فإننا سنقتات الأعشاب والأوراق، بل حتى نعاني آلام الجوع، ولكننا سنحصل على قنبلةٍ من صنع أيدينا.. ليس لدينا بديل"، وبالفعل دخلت باكستان وقبلها الهند وإسرائيل ثم كوريا الشمالية النادي النووي من أوسع أبوابه إلى جانب الدول الخمس الدائمة العضوية، وقد احتلت باكستان الترتيب السادس بامتلاكها 140 رأسًا نووية، متفوقةً بذلك على جارتها الهند وإسرائيل.
والسؤال المطروح الآن: أين إيران الآن من صناعة القنبلة النووية؟ هناك ضبابية في حقيقة الضربات الأمريكية والقوة التدميرية التي لحقت بتلك المفاعلات، وخاصة أجهزة الطرد المركزي في منشأة نطنز واليورانيوم المخصب الذي يتجاوز 400 كيلوجرام في محطة "فوردو" المحصنة في أعماق الجبال. وهل بالفعل قامت ايران بتأمين اليورانيوم المخصب وأجهزة الطرد قبل استهداف المواقع بساعات قليلة؟
يبدو لي أن إيران تملك مقومات صناعة السلاح النووي؛ حيث علماء الذرة الذين يقدرون بالآلاف، وكذلك العناصر الأخرى التي ذكرنها من قبل، والأهم من ذلك كله تأكيد القيادة الإيرانية بأنها سوف تُغيِّر عقيدتها نحو الحصول على القنبلة النووية في حالة تعرضها للعدوان الصهيوني والأمريكي الذي عاث فسادًا وعربد في مختلف المدن الإيرانية طوال الأسابيع الماضية؛ حيث سعى إلى تطبيق سياسة "الأرض المحروقة"، وهذه التطورات ربما تدفع إيران للحصول على الردع النووي لتحقق القنبلة الإسلامية الثانية بعد جارتها باكستان.
وفي الختام.. في حالة إخفاق الضربات الامريكية في تحقيق أهدافها في مفاعل "فوردو" حسب بعض التسريبات، فإن ولادة قنبلة نووية إيرانية ربما تكون قاب قوسين أو أدنى، على الرغم من زعم كل من ترامب ونتنياهو أن الضربات أخَّرت البرنامج النووي الإيراني سنوات عديدة وأعادته إلى الوراء. وفي كل الأحوال، المستقبل سوف يكشف لنا ما يدور خلف الكواليس حول قدرة ايران على تحقيق الردع النووي لمواجهة إسرائيل.
أكاديمي وباحث مختص في الرأي العام والاتصال الجماهيري
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
إيرواني: مفتشو الوكالة لا يمكنهم دخول المنشآت النووية الإيرانية
الثورة نت /..
أعلن السفير وممثل ايران الدائم لدى الأمم المتحدة أمير سعيد إيرواني إن مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية لا يمكنهم حالياً دخول المنشآت النووية الإيرانية.
وأكد إيرواني اليوم الأحد في مقابلة مع قناة “سي بي إس” الاميركية أن إيران لن تتوقف أبداً عن تخصيب اليورانيوم مضيفا أنه لا يوجد أي تهديد موجّه من إيران إلى “رافائيل غروسي” المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية.
وتابع إيرواني: “مفتشو الوكالة الدولية للطاقة الذرية لا يمكنهم حالياً دخول المنشآت النووية الإيرانية”.
وقال إن طهران كانت مستعدة للمفاوضات لكن الظروف غير مناسبة للتفاوض مع الولايات المتحدة.
وأضاف: “إذا أراد الأميركيون فرض شروطهم علينا، سيكون التفاوض معهم مستحيلاً”.