الإفتاء: يستحب التوسعة على الأهل يوم عاشوراء لأنها سنة نبوية
تاريخ النشر: 5th, July 2025 GMT
قالت دار الإفتاء إنه يستحب التوسعة على الأهل والأولاد في يوم عاشوراء لأن ذلك سنة نبوية ثابتة عن النبي صلي الله عليه وآله وسلم وعن سلف الأمة.
وقال الدكتور علي فخر، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، إن التوسعة على الأهل والعيال في يوم عاشوراء سُنة ثابتة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم والصحابة والسلف الصالح من بعده.
وأضاف فخر، فى إجابته على سؤال « ما صحة حديث التوسعة على العيال يوم عاشوراء؟»، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال «مَنْ وَسَّعَ عَلَى عِيَالِهِ يَوْمَ عَاشُورَاءَ لَمْ يَزَلْ فِي سَعَةٍ سَائِرَ سَنَتِهِ»، هذا الحديث أيده سيدنا عمر بن الخطاب وسيدنا جابر، وروي عن كثير من الصحابة قالوا جربنه فوجدناه كذلك فقالوا إنه حديث صحيح.
وأشار الى أن التوسعة على الأهل والعيال يوم عاشوراء سنَّةٌ نبوية جليلة؛ قوَّاها كبار الحُفَّاظ، وأخذ بها فقهاء المسلمين على اختلاف مذاهبهم الفقهية، وجرت عليها عادة جماهير الأمة عبر الأمصار والأعصار، وقد جاءت عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم من حديث جماعة من الصحابة؛ منهم: جابر بن عبد الله، وعبد الله بن مسعود، وأبو هريرة، وأبو سعيد الخدري، وعبد الله بن عمر، رضي الله عنهم.
وقال الشيخ عويضة عثمان، مدير إدارة الفتوى الشفوية وأمين الفتوى بدار الإفتاء، إن حديث التوسعة على الأهل في يوم عاشوراء -اليوم العاشر من محرم- ضعفه البعض، إلا أن من عملوا به وجربوه وجدوه صحيحًا.
وأوضح «عويضة» في إجابته عن سؤال: «هل من السُنة أن يوسع المسلم على أولاده وأهل بيته يوم عاشوراء؟، وما صحة حديث التوسعة؟»، أن حديث عبد الله بن عمر -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال : «مَنْ وَسَّعَ عَلَى عيالِهِ يَوْمَ عَاشُورَاءَ وَسَّعَ اللَّهُ عَلَيْهِ سَائِرَ سَّنَته» أخرجه الطبراني، اختلف في العلماء.
وأضاف أن بعض العلماء ضعفه، وبعضهم حسنه، وبعضهم جربه وعمل به، كما يقول سفيان بن عيينة -رضي الله عنه- جربناه 50 أو 60 عامًا، فوجدناه صحيحًا، مشيرًا إلى أنهم وجدوا على مدار العمر الطويل أن من وسع على عياله في هذا اليوم وسع الله عليه سائر سنته.
وتابع: والتوسعة جائزة، فحديث التوسعة وإن كان البعض قد ضعفه، إلا أن بعضهم عمل به كما يقولون، فكان يعمل به الصحابي جابر -رضي الله عنه- وذكر ذلك الحافظ ابن رجب، وعمل به الإمام سفيان بن عيينة -رضي الله عنه- وجربوه، فوجدوه مطابقًا لما قال النبي -صلى الله عليه وسلم- ، بأن من وسع على أهله في ذلك اليوم وسع الله عليه سائر سنته.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: التوسعة على الاهل التوسعة على الاهل يوم عاشوراء عاشوراء التوسعة على الأهل يوم عاشوراء صلى الله علیه رضی الله عنه
إقرأ أيضاً:
هل يستحق البائع العربون إذا لم يتم البيع؟.. الإفتاء تجيب
تلقت دار الإفتاء المصرية سؤالا مضمونه: ما حكم الإسلام في العربون؟ وهل هو من حق البائع شرعًا؟ وهل له أن يتبرع به في وجهٍ من وجوه البر مثلًا إذا لم يكن من حقه؟.
وأجابت دار الإفتاء عبر موقعها الرسمى عن السؤال قائلة: إن أخذ العربون غير جائز شرعًا؛ لما ورد: "أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نَهَى عَنْ بَيْعِ الْعُرْبَانِ" رواه أحمد وغيره، ولما فيه من الغرر وأكل أموال الناس بالباطل.
ونوهت بأنه يجب رد العربون إلى المشتري إذا كان على قيد الحياة، أو إلى ورثته إن كان قد توفِّي، فإن لم يستدل عليه ولا على ورثته، فإنه يتصدق بهذا المال في المصالح العامة للمسلمين، ولا يحلُّ للبائع الانتفاع به لنفسه.
تحريم البيع مع العربون
روى مالكٌ في "الموطأ" عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رضي الله عنه: "أنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم نَهَى عَنْ بَيْعِ الْعُرْبَانِ"، ورواه أيضًا أحمد والنسائي وأبو داود، ورواه الدارقطنيُّ، ورواه البيهقيُّ موصولًا، وقد فسَّر الإمام مالكٌ العربونَ كما أورده أبو داود في "السنن" (283/3) قال: [وَذلِكَ -وَاللهُ أَعْلَمُ- أَنْ يَشْتَرِيَ الرَّجُلُ الْعَبْدَ أَوْ يَتَكَارَى الدَّابَّةَ ثُمَّ يَقُولُ: أُعْطِيكَ دِينَاراً عَلَى أَنِّي إِنْ تَرَكْتُ السِّلْعَةَ أو الكِرَاءَ فَمَا أَعْطَيْتُكَ لَكَ] اهـ بتصرف.
وهذا الحديث قد ورد من طرقٍ يقوي بعضها بعضًا، وهو يدل على تحريم البيع مع العربون؛ لما فيه من الشرط الفاسد، والغرر، وأكل أموال الناس بالباطل.
وقد نصَّ على بطلان البيع مع العربون وعلى تحريمه فقهاءُ مذاهب الأئمة؛ أبو حنيفة ومالك والشافعي، ورُويَ عن الإمام أحمد إجازتُه.
قال الشوكاني في بيان علة تحريم العربون: [وَالْعِلَّةُ فِي النَّهْيِ عَنْهُ اشْتِمَالُهُ عَلَى شَرْطَيْنِ فَاسِدَيْنِ؛ أَحَدُهُمَا: شَرْطُ كَوْنِ مَا دَفَعَهُ إلَيْهِ يَكُونُ مَجَّانًا إنْ اخْتَارَ تَرْكَ السِّلْعَةِ. وَالثَّانِي: شَرْطُ الرَّدِّ عَلَى الْبَائِعِ إذَا لَمْ يَقَعْ مِنْهُ الرِّضَا بِالْبَيْعِ] اهـ، وأضافَ الشَّوكاني أنه إذا دار الأمر بين الحظر والإباحة ترجَّح الحظر. "نيل الأوطار" (5/ 153، 154)، و"الروضة الندية شرح الدرر البهية" (2/ 9)، و"المجموع للنووي شرح المهذب للشيرازي" (9/ 334، 335).
لمَّا كان ذلك: فإن استيلاءُ البائع على العربون غيرَ جائزٍ شرعًا؛ لنهي النبي عليه الصلاة والسلام عن بيع العربون.
التصرف في مبلغ العربون بعد الحصول عليه
إذا كان ذلك، فما طريق التصرُّف في مبلغ العربون الذي ظهر أنه من المحرَّمات؟
ذهب جمهور الفقهاء إلى أن المسلِم إذا أخذ مالًا حرامًا كان عليه أن يصرفَه إلى مالكه إن كان معروفًا لديه، وعلى قيد الحياة، أو إلى وارثه إن كان قد مات، وإن كان غائبًا كان عليه انتظارُ حضوره وإيصالُه إليه، مع زوائده ومنافعه.
أما إن كان هذا المال الحرام لمالكٍ غير معيَّنٍ، ووقع اليأس من التعرُّف على ذاته، ولا يُدْرَى أمات عن وارثٍ أم لا، كان على حائزِ هذا المال الحرام في هذه الحال التصدُّقُ به؛ كإنفاقه في بناء المساجد والقناطر والمستشفيات.
وذهب بعض الفقهاء إلى عدم جواز التصدُّق بالمال الحرام؛ لأن الله طيبٌ لا يقبل إلا طيبًا.
وقد استدل جمهرة الفقهاء على ما قالوا من التصدق بالمال الحرام إذا لم يوجد مالكُه أو وارثُه بخبر الشاة الْمَصْلِيَّةِ التي أمر الرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالتصدُّقِ بها بعد أن قدمت إليه فكلمته بأنها حرامٌ؛ إذ قال صلى الله عليه وآله وسلم: «أَطْعِمُوهَا الْأُسَارَى» رواه أحمد، وهو في "الدر المختار"، وحاشية "رد المحتار" لابن عابدين (3 / 498، 499 في كتاب اللقطة)، و"إحياء علوم الدين" للغزالي في (كتاب الحلال والحرام)، وأخرج العراقي الحديث عن أحمد بسندٍ جيد بهامشه.
ولما قامر أبو بكر رضي الله عنه المشركين بعد نزول قول الله سبحانه: ﴿الم غُلِبَتِ الرُّومُ﴾ [الروم: 1]، وكان هذا بإذن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وحقَّقَ اللهُ صدقَهُ، وجاء أبو بكر رضي الله عنه بما قامر المشركين به، قال له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «هذا سُحْتٌ فتصدَّق به». وكان قد نزل تحريمُ القِمار بعد إذن الرسول عليه الصلاة والسلام لأبي بكر رضي الله عنه في المخاطرة مع الكفار.
وكذلك أُثر عن ابن مسعودٍ رضي الله عنه أنه اشترى جاريةً فلم يظفر بمالكها ليعطيه ثمنها، فطلبه كثيرًا، فلم يظفر به، فتصدَّق بثمنها، وقال: "اللهم هذا عنه إن رضي، وإلا فالأجر لي". "إحياء علوم الدين" للغزالي، وتخريج العراقي بهامشه.
واستدلوا أيضًا بالقياس فقالوا: إن هذا المالَ مُردَّدٌ بين أن يضيع وبين أن يُصرفَ إلى خيرٍ إذ وقع اليأسُ من مَالِكه، وبالضرورة يُعلَم أن صرفه إلى خيرٍ أولى من رميه؛ لأن رميه لا يأتي بفائدةٍ، أما إعطاؤه للفقير أو لجهةٍ خيريةٍ ففيه الفائدة بالانتفاع به، وفيه انتفاعُ مالكه بالأجرِ ولو كان بغير اختياره؛ كما يدل على هذا الخبرُ الصحيحُ: «لَا يَغْرِسُ الْمُسْلِمُ غَرْسًا، وَلَا يَزْرَعُ زَرْعًا فَيَأْكُلُ مِنْهُ إِنْسَانٌ وَلَا دَابَّةٌ وَلَا شَيْءٌ إِلَّا كَانَتْ له صدقة» رواه ابن حبان. ولا شك أن ما يأكل الطير من الزرع بغير اختيار الزارع، وقد أثبت له الرسول صلى الله عليه وآله وسلم الأجر.
وردَّ الإمامُ الغزاليُّ على القائلين بعدم جواز التصدُّق بالمال الحرام بقوله: [وأما قول القائل لا نتصدق إلا بالطيب فذلك إذا طلبنا الأجر لأنفسنا ونحن الآن نطلب الخلاص من المظلمة لا الأجر، وترددنا بين التضييع وبين التصدق ورجحنا التصدق على التضييع، وقول القائل: لا نرضى لغيرنا ما لا نرضاه لأنفسنا فهو كذلك، ولكنه علينا حرامٌ؛ لاستغنائنا عنه، وللفقير حلالٌ إذا أحلَّه دليلُ الشرع، وإذا افترضت المصلحةُ التحليلَ وجب التحليلُ] اهـ. "إحياء علوم الدين" في النظر الثاني في المصرف (5/ 882: 890، ط. لجنة نشر الثقافة الإسلامية بالقاهرة سنة 1356هـ).
وأكدت بناء على ذلك، أن مبلغ العربون الذي دفعه المشتري إلى البائع ولم تتم الصفقة محرَّمًا على البائع، ويتعيَّنُ عليه ردُّه إلى المشتري إذا كان معروفًا لديه وعلى قيد الحياة، وإلى ورثته إن كان قد توفي، فإن لم يُعلم بذاته ولا بورثته فعلى البائع التصدُّق بمبلغ العربون في المصالح العامة للمسلمين، كبناء المساجد أو المستشفيات؛ لأنَّ عليه التخلُّص مما حازه من مال مُحرَّمٍ، ولا يحلُّ له الانتفاع به لنفسه؛ لأن كلَّ مسلمٍ مسؤولٌ عن ماله مِن أين اكتسبه وفيم أنفقه كما جاء في الحديث الشريف في "صحيح الترمذي" (9/ 252).