أطلق الرئيس الأسبق لوحدة مكافحة الإرهاب في شرطة العاصمة البريطانية، نيل باسو، تصريحات لافتة وغير معتادة لمسؤول أمني رفيع، أكد فيها أن السياسات الخارجية البريطانية، وعلى رأسها غزو العراق، كانت عاملاً رئيسيًا في دفع بعض المواطنين نحو التطرف والإرهاب.

وفي مقابلة مع صحيفة "ذا غارديان" البريطانية، في الذكرى العشرين لتفجيرات 7 تموز/ يوليو 2005 الدامية التي هزّت لندن، قال باسو إن قرار المشاركة في غزو العراق عام 2003، تحت مزاعم امتلاك بغداد أسلحة دمار شامل، أدى إلى "تطرف أُناسٍ ربما لم يكونوا ليصبحوا كذلك لولا تلك السياسات".



وأضاف: "القرار لم يُبرر الإرهاب، لكنه مهّد الطريق له، وساهم في صنع بيئة خصبة للتطرف".

وأكد باسو أن على الحكومات الاعتراف بأن السياسات الخارجية، كالموقف من حرب غزة اليوم، تنعكس بشكل مباشر على الأمن الداخلي، محذرًا من تجاهل ما وصفه بـ"الارتداد الأمني" (blowback) لتلك السياسات.

وقعت الهجمات الإرهابية في لندن بتاريخ 7 يوليو 2005، حين فجر أربعة انتحاريين أنفسهم في قطارات الأنفاق وحافلة عامة، ما أسفر عن مقتل 52 شخصًا وإصابة أكثر من 750.

الصدمة الكبرى جاءت حين تبيّن أن المنفذين مواطنون بريطانيون من مواليد البلاد، أحدهم كان يعمل مساعدًا تربويًا، وتدرّب سابقًا في باكستان.

وقال باسو إن منفذي التفجيرات تبنّوا خطابًا يرى أن "الغرب هو الشيطان، ونحن جنود الله"، وهي سردية مألوفة لدى جماعات مثل القاعدة.

واعتبر باسو أن الهجمات لم تُشعل فقط شرارة الإرهاب، بل دمّرت "مسار التسامح العرقي" الذي كانت تسلكه بريطانيا منذ ثمانينيات القرن الماضي، حيث أدى ذلك إلى تزايد الشكوك ضد المسلمين وتدهور العلاقات بين الأعراق.

وقال: "من أكثر ما كان مدمّرًا بالنسبة لي أن هذا الحادث أوقف تمامًا مسيرة التقدّم في التفاهم العرقي والاجتماعي... العلاقات العرقية اليوم ليست أفضل مما كانت عليه في السبعينيات".

وأضاف: أن الحركات اليمينية المتطرفة، مثل رابطة الدفاع الإنجليزية (EDL) وتومي روبنسون، نشأت كردّ فعل مباشر على أحداث 7/7 وما تلاها من خطاب عنصري ضد المسلمين والسود والآسيويين.

وشدّد باسو على أن التطرف لم يكن محصورًا في جهة واحدة، بل تغذّى من كلا الطرفين، الإسلامي واليميني المتطرف، وقال: "الطرفان يتغذّيان على بعضهما البعض. الإرهاب الإسلامي أطلق موجة تطرف يميني، وبدوره غذّى التطرف المضاد".

كما أشار إلى أن الشرطة البريطانية، بعد أحداث 7/7، وجّهت جهودها بشكل شبه كامل إلى محاربة الإرهاب، ما أدى إلى إهمال ملفات حساسة مثل التمييز العنصري داخل المؤسسة، والتي كانت محور تحقيقات بعد جريمة قتل الشاب الأسود ستيفن لورانس في التسعينات.

وفي موقف واضح، دعا باسو الحكومات إلى عدم تجاهل العلاقة بين السياسة الخارجية والتطرف، قائلاً: "لا أقول إن علينا تغيير سياستنا الخارجية استجابةً للتهديدات، لكن علينا أن نكون صادقين بأن بعض السياسات ستجعلنا أقل أمنًا، مثلما قد تجعلنا عرضة للهجمات ونحن نتسوق في المولات".

رغم مرور عقدين على الهجمات، يؤكد باسو أن خطر الإرهاب ما زال قائمًا، بل وربما أكثر تعقيدًا مما كان عليه عام 2005، حيث أصبح التهديد متعدّد المصادر: من تنظيمات إسلامية، إلى جماعات يمينية متطرفة، وصولًا إلى تهديدات من دول معادية كإيران وروسيا.

وأنهت الغارديان تثقريرها بالقول: "تصريحات باسو، الرجل الذي قاد جهود مكافحة الإرهاب لسنوات، تكشف عن حقيقة غالبًا ما تُهمّش في الخطاب الرسمي: أن الداخل البريطاني لا يمكن عزله عن سياسات الخارج، وأن تجاهل هذا الترابط لن يوقف "الارتداد العنيف"، بل سيعمّقه".


المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية سياسة دولية الذكرى لندن التفجيرات بريطانيا تفجيرات بريطانيا لندن ذكرى امن المزيد في سياسة سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

وزير الخارجية الأسبق: إسرائيل تُطيل التفاوض بتكتيك المراوغة والمراسم السياسية

أكد السفير محمد العرابي، وزير الخارجية الأسبق، أن المفاوضات الجارية بشأن الوضع في قطاع غزة بين الوفدين الفلسطيني والإسرائيلي في شرم الشيخ بدأت بعد دمار واسع خلفه العدوان الإسرائيلي، الذي أودى بحياة أكثر من 60 ألف فلسطيني، مشيرًا إلى أن المرحلة الحالية تمثل "بداية الطريق" في مناقشة بنود الخطة المطروحة.

وزير التعليم العالي يهنئ خالد العناني بفوزه بمنصب المدير العام لليونسكو ويؤكد: انتصار جديد للدبلوماسية المصرية

وأوضح "العرابي"، خلال مداخلة هاتفية مع الإعلامية كريمة عوض، ببرنامج "حديث القاهرة"، المُذاع عبر شاشة "القاهرة والناس"، أن المناقشات بين الوفود الفلسطينية والإسرائيلية والأمريكية ستستغرق وقتًا طويلًا، نظرًا لتعدد النقاط الخلافية وتشابك البنود، لافتًا إلى أن إسرائيل تعمل على إطالة أمد التفاوض عبر "تكتيك المراسم والمناورة السياسية".

وأشار إلى أن موقف التفاوض بين حماس وإسرائيل معقد للغاية، إذ تتمسك حماس بعدم تسليم سلاحها إلا بعد فترة طويلة، بينما تسعى إسرائيل إلى تحقيق ذلك في أقرب وقت ممكن، مؤكدًا أن التوصل إلى حلول توافقية سيحتاج إلى مراحل متتالية وضغوط مكثفة.

وشدد على أن الدبلوماسية المصرية تقوم بدور كبير ومتعدد المسارات في هذا الملف، إذ تتحرك القاهرة بشكل متوازٍ عبر قنوات سياسية وأمنية وإنسانية، مؤكدًا أن هذا الدور المصري سيظل محوريًا وضروريًا لجميع الأطراف، نظرًا لخبرة مصر وارتباطها التاريخي بالقضية الفلسطينية.

طباعة شارك وزير الخارجية الأسبق إسرائيل حماس

مقالات مشابهة

  • رئيس الجامعة البريطانية: إعداد 150 ورقة بحثية متميزة في محاكاة قمة المناخ
  • المركزي يحذّر من تأخير اعتماد قانون مكافحة غسيل الأموال
  • الادعاء البريطاني يطعن على حكم بإسقاط تهم الإرهاب عن مغني فرقة نيكاب
  • المركزي يحذّر من تداعيات تأخر قانون «مكافحة غسل الأموال»
  • رئيس مجلس الشورى: قطر تنتهج مقاربة شاملة في مكافحة الإرهاب والتطرف العنيف
  • رئيس الجامعة البريطانية: 47 جنسية شاركت ببرنامج محاكاة قمة المناخ
  • المركزي يناقش مخاطر تأخر قانون مكافحة غسل الأموال ويطلق فريق التقييم الوطني
  • وزير الخارجية الأسبق: إسرائيل تُطيل التفاوض بتكتيك المراوغة والمراسم السياسية
  • إيران:العقوبات الدولية على بلادنا لاقيمة لها بوجود الخزينة العراقية
  • الأغواط: حجز أكثر من 8 آلاف “صاروخ” كانت داخل سيارة سياحية