يشكل مرض نقص المناعة المكتسبة (الإيدز) تحديًا صحيًا متصاعدًا في ليبيا، خاصة في ظل تفاقم الأوضاع السياسية والاجتماعية في البلاد، بعد عام 2011.

ورغم انخفاض نسب الانتشار مقارنة بالدول الأفريقية، إلا أن السنوات الأخيرة شهدت تزايدًا في عدد الإصابات، لا سيما بين فئات الشباب ومتعاطي المخدرات. وتُعزى هذه الزيادة إلى ضعف النظام الصحي وغياب برامج الوقاية، وتنامي ظاهرة الهجرة غير الشرعية.


وفي بيان توضيحي، أكد المركز الوطني لمكافحة الأمراض في ليبيا، التزامه بالشفافية في ظل تداول معلومات متضاربة عبر وسائل التواصل الاجتماعي بشأن وضع فيروس نقص المناعة البشري (الإيدز) في ليبيا.
وأوضح المركز أن “إجمالي عدد الحالات المؤكدة المصابة بالفيروس حتى نهاية عام 2024، بلغ 8271 حالة، بينها 369 حالة جديدة تم تسجيلها خلال العام نفسه”، وأشار البيان إلى أن “العلاقات الجنسية أصبحت الطريقة الأكثر شيوعًا لانتقال الفيروس في السنوات الأخيرة، متجاوزة الوسائل التقليدية المعروفة سابقًا مثل تعاطي المخدرات بالحقن أو نقل الدم الملوث”، كما أشار المركز إلى نتائج دراسة بحثية أجريت عام 2010، بالتعاون مع جامعة ليفربول، أظهرت ارتفاع نسب الإصابة بين متعاطي المخدرات بالحقن، حيث بلغت 87% من أفراد العينة، الذين شملهم البحث.

ورغم هذه المعطيات، أوضح المركز أن “نسبة الانتشار في المجتمع الليبي بشكل عام لا تزال تُقدّر بأنها تتراوح بين 0.1% و0.3% فقط، وهي نسبة منخفضة مقارنة بعدد من الدول في المنطقة”.
وأكد المركز الوطني لمكافحة الأمراض في ليبيا، أنه يواصل متابعة الوضع الوبائي عن كثب، بالتعاون مع الجهات المختصة، لاتخاذ الإجراءات الوقائية والعلاجية اللازمة للحد من انتشار الفيروس في البلاد.
مصادر رسمية
وفي تصريح نُشر عبر الحساب الرسمي للمركز الوطني لمكافحة الأمراض، أوضح الدكتور أحمد سليمان العربي، المستشار بإدارة مكافحة الإيدز والأمراض المنقولة جنسيًا بالمركز، أن “تعاطي المخدرات بكافة أشكالها، سواء عبر الحبوب المهلوسة أو الحشيش أو الحقن، يُعد من أبرز العوامل المساهمة في انتشار الأمراض، وعلى رأسها فيروس نقص المناعة البشري (الإيدز)”.

وأشار الدكتور العربي إلى أن “المركز أجرى عدة دراسات علمية استهدفت توعية المواطنين، خاصة الفئات الأكثر عرضة للإصابة، مثل متعاطي المخدرات بالحقن”.
كما أوضح أن “المسوحات الميدانية التي أجراها المركز بين عموم السكان، بما في ذلك النساء الحوامل، أظهرت نسب إصابة منخفضة جدًا، تقل عن 1%، وهي مؤشرات إيجابية تدل على أن الانتشار لا يزال محدودًا في المجتمع العام”.

وأكد أن “عدد الحالات المسجلة رسميًا في ليبيا، بلغ حتى نهاية عام 2024، نحو 8271 حالة مؤكدة، مع الإشارة إلى احتمال وجود حالات غير مسجلة نتيجة الخوف من الوصمة والتمييز الاجتماعي، ما يجعل العدد الفعلي مرشحًا لأن يكون أعلى بدرجة محدودة”.
وبخصوص الوضع خلال عام 2024، أوضح أن “عدد الحالات الجديدة المسجلة بلغ 369 حالة، وهو رقم أقل مقارنة ببعض السنوات السابقة، لكنه يبقى قابلًا للتغير صعودًا أو هبوطًا ضمن نطاق المتابعة المستمرة”، كما أشار إلى أن “الوضع الوبائي في ليبيا لا يختلف كثيرًا عن الدول المجاورة، مع وجود فروقات مرتبطة بخصوصية كل بلد”.
وفيما يتعلق بطبيعة الفيروس، أكد الدكتور العربي أن “نمط فيروس الإيدز في ليبيا، لم يشهد تغيرًا يُذكر خلال السنوات العشر الماضية”، لكنه شدد على أن طاستمرار مواجهة التحديات، وخاصة المرتبطة بالوضع العام في البلاد، يتطلب جهدًا مشتركًاط.
وأضاف الدكتور أحمد سليمان العربي أن “المركز يواصل أداء مهامه من خلال تنفيذ الدراسات ونشر نتائجها بشكل دوري وشفاف، بعيدًا عن أي اعتبارات أو مخاوف”، مؤكدًا أن “مكافحة الإيدز مسؤولية جماعية، لا تقتصر على المركز وحده، بل تتطلب تعاونًا فعالًا بين المؤسسات المحلية والشركاء الدوليين لضمان حماية الصحة العامة في ليبيا”.
بين الوقاية والتهديد
من جهته، أوضح الدكتور علي المبروك بوقرين، عضو المجلس الاستشاري العربي الأفريقي للتوعية، أن “مرض نقص المناعة المكتسبة (الإيدز) وفيروس “إتش آي في” ظهر عالميًا في الثمانينيات، نتيجة نقل الدم غير الآمن، والعلاقات الجنسية غير المحمية، وتعاطي المخدرات عن طريق الحقن، واستخدام الأدوات غير المعقمة”.
وأضاف بوقرين، في تصريح خاص لـ”سبوتنيك”، أن “ليبيا شهدت أولى حالات الإصابة بالفيروس في عام 1986، نتيجة تلوث مشتقات الدم لدى بعض مرضى الهيموفيليا، تلتها قضية أطفال بنغازي الشهيرة في عام 1998. ومع ذلك، تبقى نسبة انتشار المرض في ليبيا منخفضة مقارنة بالدول الأفريقية، ومتقاربة مع دول شمال أفريقيا، حيث تتراوح النسبة بين 0.1% إلى 0.2% أو أكثر قليلًا”.
وأشار إلى أنه “رغم انخفاض النسبة العامة، إلا أن البلاد شهدت ارتفاعًا في الحالات بعد عام 2011، حيث تتراوح أعداد المسجلين بين 8000 إلى 10000 حالة أو أكثر، في ظل غياب بيانات دقيقة. وتُعد الفئات الأكثر عرضة للإصابة هي من يتعاطون المخدرات بالحقن، وتُشكل العدوى الجنسية نحو 40% من الحالات الجديدة، وفق إحصائيات الفترة بين عامي 2013 و2017”.

ولفت الدكتور بوقرين إلى أن “الانتشار الأكبر يتركز في المدن الكبرى التي تشهد تفشي ظواهر مثل تعاطي المخدرات والهجرة غير الشرعية. ورغم توفر العلاج المجاني، والجهود الكبيرة التي يبذلها المركز الوطني لمكافحة الأمراض وأقسام الأمراض السارية بالمستشفيات، إضافة إلى التعاون الدولي مع منظمات مثل “UNAIDS” ومنظمة الصحة العالمية، إلا أن الانهيار في النظام الصحي بعد 2011 أثّر سلبًا على انتظام توفر الأدوية، وأدى إلى إغلاق عدد من المراكز الصحية”.

وأشار إلى أن “غياب الاستقرار والانقسام السياسي، وفقدان التنسيق بين القطاعات ذات العلاقة، وزيادة أعداد المهاجرين غير النظاميين، وعدم توفر خدمات الفحص المبكر في المنافذ والمعسكرات، كلها عوامل ساهمت في زيادة نسب العدوى، خاصة في ظل تسرب أعداد كبيرة من المهاجرين داخل البلاد”.
وأكد أن “انتشار المخدرات بين فئات اليافعين وحتى الأصغر سنًا يشكل تهديدًا كبيرًا، مما يعزز احتمالية ارتفاع نسب الإصابة بالإيدز”، داعيًا إلى “اتخاذ إجراءات وطنية عاجلة لمكافحة المرض، والحد من تعاطي المخدرات والهجرة غير الشرعية”.
وأشار إلى أن “تبني برامج جادة لمكافحة المخدرات قد يساهم في تقليص العدوى بنسبة تتراوح بين 40% إلى 60% خلال سنوات قليلة، كما أن تقييد دخول المهاجرين غير النظاميين، خاصة من المناطق الموبوءة، قد يساهم بشكل كبير في تقليل انتشار الفيروس”.
وأكد بوقرين على “أهمية الفحص المبكر والعلاج المبكر والتثقيف الصحي للمهاجرين داخل مراكز الاستقبال والمعسكرات”، مشددًا على “ضرورة دعم المراكز الصحية وزيادة أعدادها وتوفير تجهيزاتها وتدريب الطواقم الطبية والأخصائيين الاجتماعيين والنفسيين، وتقديم الحوافز المالية والإدارية لهم، إلى جانب تكثيف برامج التوعية المجتمعية، وتوسيع نطاق الاختبارات السرية، ومتابعة أوضاع السجون، وتفعيل برامج الوقاية من انتقال العدوى من الأم المصابة إلى الطفل”.

كما دعا إلى إطلاق سياسات لحماية الأسر الهشّة ومكافحة الفقر، وتقوية التعليم والصحة المدرسية، ومتابعة جميع الفئات العمرية، مؤكدًا على أهمية توحيد السياسات الصحية والتعليمية والاجتماعية، وإلزام جميع المرافق الصحية العامة والخاصة بتطبيق معايير الجودة، ومكافحة العدوى، وضمان سلامة المرضى.
وشدد الدكتور بوقرين على أن “ليبيا، إذا ما نفذت تلك الإصلاحات والتدابير بجدية وتنسيق متكامل بين جميع القطاعات، قد تتحول من دولة مهددة بارتفاع نسب العدوى إلى نموذج ناجح إقليميًا وعالميًا في مجال الوقاية والسيطرة على الإيدز”.
ودعا الجهات المعنية كافة إلى تبني مشروع وطني شامل، يتحول من رد الفعل إلى الفعل الاستباقي، ومن العلاج المتأخر إلى الوقاية المبكرة، من خلال إعادة بناء نظام صحي موحد، قوي، مرن، فعال ومنصف، يحافظ على صحة المجتمع ويحسنها.

وكالة سبوتنيك

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: الوطنی لمکافحة الأمراض تعاطی المخدرات نقص المناعة فی لیبیا إلى أن

إقرأ أيضاً:

أزمات داخلية تعصف باستقرار الزمالك وتؤثر على النجوم | فيديو

تتواصل الأزمات داخل نادي الزمالك، وهذه المرة لم تكن فنية أو مالية، بل إدارية بحتة، بحسب تصريحات الناقد الرياضي محمد عصام، الذي كشف عن وجود خلافات كبيرة بين بعض رموز النادي وأفراد من الإدارة الحالية.

شيكابالا يغادر الزمالك رسميًا بعد مسيرة حافلة.. ناقد رياضي يكشف التفاصيلتعليق مثير من إبراهيم عبد الجواد على تعاقد الزمالك مع يانيك فيريراتعليق ناري من إكرامي على تولي يانيك فيريرا تدريب الزمالك.. ماذا قال؟إعلامي يطرح سؤالا هاما لجماهير الزمالك بشأن مستقبل شيكابالابيقولي متزعقليش.. وائل القباني: عاقبت ثنائي الزمالك لهذا السببوائل القباني: وزعت 15 مليون جنيه على لاعبي الزمالك باستثناء الثلاثيالقباني: مجلس الزمالك تعاقد مع جون إدوارد "علشان يشيل الليلة"وائل القباني: أحمد حمدي صدمني وطالبت إدارة الزمالك بعرضه للبيعيانيك فيريرا: المفاوضات مع الزمالك كانت سريعة وناجحةأول تصريحات لـ فيريرا بعد تولي تدريب الزمالك: سنعمل بجد.. ونحلم بأن نكون الأفضل في القرن الحاليخلافات الإدارة تهدد مسيرة النادي.. وشيكابالا أول الضحايا

وأوضح عصام خلال صباح البلد أن هذه الصراعات الداخلية كانت من أبرز الأسباب التي دفعت شيكابالا للرحيل، خاصة بعد منعه من الظهور في إحدى المناسبات الرسمية للنادي، حيث تم إبلاغ أفراد الأمن بعدم السماح له بالصعود إلى المنصة، ما شكل إهانة واضحة له.

وأشار إلى أن غياب الانسجام بين أبناء النادي وبعض مسؤولي الإدارة أصبح يُعرقل خطوات الإصلاح والتطور داخل الزمالك، مؤكدًا أن الانقسامات الداخلية تؤثر سلبًا على اللاعبين والجهاز الفني، وتفقد الفريق استقراره على المدى البعيد.


ودعا عصام إلى ضرورة التكاتف والتصالح بين جميع الأطراف داخل النادي من أجل مصلحة الزمالك وجماهيره، التي باتت تشعر بالإحباط بسبب ما يحدث خلف الكواليس.

طباعة شارك رحيل شيكابالا مغادرة شيكابالا عن الزمالك رحيل شيكابالا عن نادي الزمالك

مقالات مشابهة

  • رانيا يوسف تناقش أزمات السوشيال ميديا فى مسلسل لينك
  • بسبب التخسيس.. نجوم تعرضوا إلى أزمات صحية شديدة آخرهم إدوارد
  • أزمات مرورية بسبب تعطل مركبات في صويلح
  • ليبيا في صدارة الذكاء الإفريقي.. تقرير دولي يضعها في المركز الثاني
  • تحديات ومخاطر تواجه طب الأسنان في مصر.. رؤية شاملة لحل أزمات المهنة
  • انتشار الإيدز في ليبيا يتسارع.. وتحذيرات من “انفجار صامت” ما لم تتحرك الدولة
  • حبس متهمين في شبكة تهريب مخدرات بين ليبيا وتونس
  • بوقرين: ليبيا شهدت ارتفاعًا في أعداد الحالات المصابة بالإيدز
  • أزمات داخلية تعصف باستقرار الزمالك وتؤثر على النجوم | فيديو