وهمُ السلام مع كيانٍ لا يؤمن إلا بالعدوان
تاريخ النشر: 9th, July 2025 GMT
صالح البلوشي
انتشرت في السنوات الأخيرة، ولا سيّما خلال فترة رئاسة دونالد ترامب الأولى ثم الثانية التي بدأت في يناير الماضي، دعوات متصاعدة تُروّج لفكرة التطبيع مع الكيان الصهيوني، بزعم أن الوقت قد حان لشعوب غرب آسيا كي تنعم بالسلام بعد عقود من الصراع. وتصدر هذه الدعوات بعض المثقفين، خصوصًا أولئك المنتمين إلى التيار الليبرالي، مبشّرين بـ"ربيع جديد" للمنطقة يختلف جذريًا عما سُمّي بـ"الربيع العربي"، يعيش فيه العرب بسلام مع من يُسمّونهم "أبناء عمهم" اليهود، في تحالف مزعوم ضد ما يسمونه "أعداء السلام"، ويقصدون بذلك الدول والحركات المناهضة للوجود الصهيوني في المنطقة.
لكن بالعودة إلى التاريخ القريب، نجد أن العرب كانوا السبّاقين في مدّ يد السلام، وقدموا في سبيله مبادرات عديدة. من أبرزها "مبادرة فاس" (1981–1982) التي طرحها الملك فهد بن عبد العزيز خلال قمة فاس في المغرب، ثم "اتفاق أوسلو" عام 1993، الذي جرى بين منظمة التحرير الفلسطينية والكيان الصهيوني برعاية نرويجية، وبدعم عربي واسع آنذاك. كما جاءت "مبادرة السلام العربية" التي أطلقها الملك عبدالله بن عبدالعزيز خلال القمة العربية في بيروت عام 2002، والتي نصت على إقامة دولة فلسطينية على حدود 1967، وعودة اللاجئين، والانسحاب من هضبة الجولان المحتلة، مقابل اعتراف الدول العربية بـ"إسرائيل" وتطبيع العلاقات معها. ولم تقتصر هذه المساعي على المبادرات الجماعية، بل قامت بعض الدول العربية لاحقًا بإبرام اتفاقيات تطبيع ثنائية جديدة، زاعمة أنها تصبّ في مصلحة القضية الفلسطينية، في حين أنها كانت في جوهرها تخدم مصلحة الكيان وحده وتمنحه غطاءً سياسيًا إضافيًا لاستمرار احتلاله.
لكن كيف كانت استجابة "إسرائيل" لكل هذه المبادرات والتنازلات الكبرى؟ بالمزيد من القمع ضد الشعب الفلسطيني، والمزيد من العدوان على لبنان وسوريا، والتوسع في بناء المستوطنات بالأراضي المحتلة، ثم بالتهديد الفعلي بضم الضفة الغربية وقطاع غزة إلى كيانها. ليس ذلك فحسب، بل واصلت سياساتها العدوانية تحت غطاء التطبيع، وبدعم غربي غير مشروط، متذرعة بأن هذه الاتفاقيات تخدم "السلام الإقليمي".
بل إن تدخلات "إسرائيل" العدوانية لم تقتصر على الدول العربية، فقد تورطت في اغتيال العلماء النوويين في إيران، وزرعت شبكات تجسس في تركيا، وتدخلت عبر التعاون الاستخباراتي مع عدة دول في المنطقة، ما يعكس طبيعتها العدوانية العابرة للحدود.
منذ قيام هذا الكيان السرطاني عام 1948، وهو يبرهن عامًا بعد آخر أنه لا يؤمن بالسلام، ولا يوجد لهذا المفهوم مكان في قاموسه السياسي. فقد تأسس على العدوان والتوسع، وما زال ينتهج النهج نفسه باحتلال أراضٍ جديدة في لبنان وسوريا، وبتهديده المستمر بضم أجزاء من فلسطين.
إن استمرار الدعم الأمريكي والغربي غير المشروط لهذا الكيان، كما رأينا مؤخرًا في عدوانه على إيران، وقبله على لبنان، واليمن، وغزة، والضفة الغربية، وسوريا، يجعل من "إسرائيل" مصدرًا دائمًا لعدم الاستقرار الإقليمي.
ومن يظن أن بإمكانه العيش بسلام عبر التطبيع مع هذا العدو، فعليه أن يتذكر أن الثعبان، مهما بدّل جلده، يبقى ثعبانًا.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
منظمة المرأة العربية تطلق موقع ألف باء حقوق المرأة لتوعية النساء بحقوقهن القانونية
أطلقت منظمة المرأة العربية الموقع الإلكتروني لمشروع ألف باء حقوق المرأة في التشريعات العربية.. المرأة العربية تسأل ومنظمة المرأة العربية تجيب.
ويستهدف الموقع توعية النساء والفتيات في المنطقة العربية بحقوقهن القانونية كافة، كما يوفر صورة مقارنة للواقع التشريعي ذي الصلة بالمرأة في 12 دولة عربية من الأعضاء بالمنظمة، الأمر الذي يُفيد الجهات المعنية من الباحثين والباحثات في مجال العلوم القانونية وخاصة المجال القانوني وحقل دراسات المرأة.
ويقدم الموقع للباحثين مادة أولية واضحة حول الواقع القانوني المتعلق بالمرأة بالمنطقة العربية، وكذلك صناع القرار الذين سيكون بمقدورهم الاطلاع على التطورات التشريعية في الدول الأخرى عبر منظور مقارن، بما قد يساهم في تغيير وتطوير القوانين الوطنية عبر الاستفادة من التجارب المناظرة.
ويغطي الموقع الإلكتروني التشريعات المتعلقة بحقوق النساء والفتيات بمجالات الأحوال الشخصية، الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، الحقوق السياسية، والحقوق المدنية، وبما يمس سائر القضايا القانونية التي تهم المرأة.
ويتم تصنيف البيانات في الموقع حسب الدول مراعاةً لاختلاف التشريعات والنظم القانونية فما بينها، كما يوفر الموقع أبرز المستجدات التشريعية ذات الصلة بالمرأة خلال الـسنوات العشر الماضية.
وجاء تصميم البيانات وعرضها في صيغة سؤال وجواب بلغة سهلة وبطريقة مبسطة، لضمان تعميم الإفادة منها على سائر النساء، وهي إجابات صاغها ودققها خبراء قانونيون من الدول العربية الأعضاء بالمنظمة.
يذكر أنه يتم تحديث بيانات الموقع الإلكتروني دوريًا للإلمام بسائر التعديلات التشريعية في الدول التي يغطيها المشروع.
اقرأ أيضاًوفد جامعة حلوان يشارك في المؤتمر العاشر لمنظمة المرأة العربية بالقاهرة
منظمة المرأة العربية تفتتح أعمال الندوة الإقليمية حول حماية المرأة من العنف الاقتصادي
مصر تترأس المجلس الأعلى لمنظمة المرأة العربية في دورته الحالية