إيران تتهم «الوكالة الدولية للطاقة الذرية» بالخضوع لضغوط أمريكية وإسرائيلية
تاريخ النشر: 9th, July 2025 GMT
أعلنت وزارة الصحة الإيرانية عن سقوط نحو 700 مدني وإصابة 5 آلاف آخرين خلال المواجهة الأخيرة مع إسرائيل التي استمرت 12 يوماً، فضلاً عن مقتل 18 من الكوادر الطبية. جاء ذلك في تصريح لوزير الصحة محمد رضا ظفرقندي خلال زيارة لمركز طبي في طهران.
وأوضح ظفرقندي أن الهجمات الإسرائيلية استهدفت بشكل مباشر 7 مستشفيات، مما اضطر لإخلاء بعض المراكز الطبية بسبب حالات الطوارئ، كما أصيبت 11 سيارة إسعاف بالرصاص والقصف، وهو ما يمثل انتهاكاً واضحاً للمبادئ الدولية وحقوق الإنسان والقانون الإنساني.
وشنّت إسرائيل هجوماً في 13 يونيو 2025 استهدف البرنامج النووي الإيراني، فيما ردّت طهران بضربات صاروخية وطائرات مسيرة على عدة أهداف داخل إسرائيل. كما تدخلت الولايات المتحدة بقصف ثلاثة مواقع نووية إيرانية، وردّت إيران بقصف قاعدة “العديد” الأمريكية في قطر.
وفي 24 يونيو، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل، مما أنهى المواجهة العسكرية التي خلفت خسائر بشرية ومادية كبيرة.
إيران: الوكالة الذرية فقدت مصداقيتها ورضخت لضغوط أميركية وإسرائيلية
وجّه رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني، إبراهيم عزيزي، انتقادات حادة للمؤسسات الدولية المعنية بالملف النووي الإيراني، معتبراً أن بعضها لم يعد يتحرك وفق القانون الدولي، بل بات يخضع لاعتبارات سياسية تمليها قوى كبرى مثل الولايات المتحدة وإسرائيل.
وفي تصريح نقلته وكالة “تسنيم”، قال عزيزي إن الوكالة الدولية للطاقة الذرية انحرفت عن مهامها القانونية، ولم تعد جهة موثوقة، داعياً إلى تعليق التعاون معها كخطوة لحماية ما وصفه بـ”المصلحة الوطنية الإيرانية”.
وأضاف أن القانون الذي أقرّه البرلمان بوقف التعاون مع الوكالة ليس خطوة رمزية أو دعائية، بل إجراء جاد أُحيل إلى التنفيذ بعد تصديق مجلس صيانة الدستور، ويُلزم الحكومة الإيرانية، ومن ضمنها منظمة الطاقة الذرية ووزارة الخارجية والمجلس الأعلى للأمن القومي، باتباع نهج أكثر تشدداً تجاه المؤسسات الدولية “المنحازة”.
الوكالة الدولية للطاقة الذرية: ألمانيا تمتلك القدرة على صنع أسلحة نووية خلال أشهر
أكد مدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل غروسي، أن ألمانيا تمتلك الإمكانات التقنية والمواد الخام التي تمكنها من تطوير سلاح نووي خلال فترة زمنية قصيرة تمتد إلى بضعة أشهر فقط.
جاء ذلك في مقابلة مع صحيفة Rzeczpospolita البولندية، حيث أشار غروسي إلى البنية التحتية النووية المتطورة في ألمانيا، التي تضم مفاعلات بحثية ومرافق تخصيب اليورانيوم مثل منشأة جونشينغن (Jülich)، والتي يمكن أن تنتج نظريًا مواد قابلة للاستخدام العسكري.
وشدّد غروسي على أن الخبرة التاريخية لألمانيا في المجال النووي، رغم فشل مشروع “يورانيوم” أثناء الحرب العالمية الثانية بسبب نقص الموارد، اليوم تعزز من قدرتها عبر وجود خبراء في الهندسة النووية وصناعات متقدمة.
ولي العهد السعودي محمد بن سلمان يلتقي وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي في مكة ويبحثان تعزيز الأمن والاستقرار الإقليمي
التقى ولي العهد السعودي محمد بن سلمان يوم الثلاثاء وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي في مدينة مكة المكرمة، حيث استعرض الطرفان العلاقات الثنائية بين البلدين ومستجدات الأوضاع الإقليمية والجهود المبذولة لتحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة.
وأكد محمد بن سلمان تطلع المملكة لأن يسهم اتفاق وقف إطلاق النار في تهيئة الظروف الملائمة لتعزيز الأمن والاستقرار، مشدداً على دعم المملكة للحوار كوسيلة دبلوماسية لتسوية الخلافات الإقليمية.
من جهته، أعرب عباس عراقجي عن شكره للمملكة على موقفها في إدانة العدوان الإسرائيلي، مبرزاً تقديره لجهود ومساعي ولي العهد لتعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة.
لقاء سعودي-إيراني في مكة: بن فرحان يستقبل عراقجي لبحث الأمن الإقليمي وتعزيز العلاقات
استقبل وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان، يوم الثلاثاء، نظيره الإيراني عباس عراقجي في مدينة مكة، في خطوة تعكس استمرار التقارب بين الرياض وطهران ضمن جهود تعزيز الاستقرار الإقليمي.
وذكرت وكالة الأنباء السعودية أن اللقاء تناول العلاقات الثنائية بين البلدين، إلى جانب مناقشة أبرز التطورات الإقليمية، والجهود المشتركة المبذولة لتحقيق الأمن والسلام في المنطقة.
وحضر اللقاء عدد من كبار المسؤولين في وزارة الخارجية السعودية، من بينهم الأمير مصعب الفرحان مستشار الوزير للشؤون السياسية، ومحمد اليحيى، وناصر آل غنوم، والدكتورة منال رضوان.
من جهتها، أوضحت وزارة الخارجية الإيرانية في وقت سابق أن زيارة عراقجي إلى المملكة تأتي ضمن جولة دبلوماسية شملت البرازيل، وتهدف إلى التباحث حول قضايا الأمن الإقليمي وتعزيز التواصل بين البلدين.
ويأتي هذا اللقاء في سياق جهود التهدئة بين القوى الإقليمية، بعد شهور من التحركات السياسية المتبادلة بين السعودية وإيران منذ استئناف العلاقات الدبلوماسية العام الماضي.
الحرس الثوري الإيراني يعلن مقتل واعتقال 6 إرهابيين في مدينة تشابهار جنوب شرقي البلاد
أعلنت قوات الحرس الثوري الإيراني، الثلاثاء، عن مقتل واعتقال ستة إرهابيين في مدينة تشابهار بمحافظة سيستان وبلوشستان جنوب شرقي إيران، في عملية استخباراتية دقيقة.
وقالت العلاقات العامة لمقر “القدس” التابع للقوة البرية للحرس الثوري، إن العملية جاءت ضمن مناورات شهداء الأمن في المنطقة الجنوبية الشرقية، وبمساعدة أهالي المحافظة الذين ساهموا في تحديد مخبأ عناصر الجماعات الإرهابية في تشابهار.
أسفرت العملية عن ضبط كميات كبيرة من الأسلحة الخفيفة والثقيلة، الذخيرة، والمتفجرات التي كان الإرهابيون ينوون استخدامها لتنفيذ سلسلة من الأعمال الإرهابية في مناطق ذات كثافة مرورية عالية.
وأشارت العلاقات العامة إلى أن تدخل كوادر جهاز استخبارات فيلق “سلمان” التابع للحرس الثوري بمحافظة سيستان وبلوشستان أسهم في تفكيك الخلية الإرهابية بالكامل، مؤكدة أن يقظة وتعاون الأهالي كانا عاملاً حاسماً في نجاح العملية.
المصدر: عين ليبيا
كلمات دلالية: إسرائيل إيران إيران وأمريكا إيران وإسرائيل الوكالة الدولية للطاقة الذرية دونالد ترامب الوکالة الدولیة للطاقة الذریة الأمن والاستقرار عباس عراقجی فی المنطقة فی مدینة
إقرأ أيضاً:
استراتيجية الغموض: خيارات إيران بعد تعليق تعاونها مع وكالة الطاقة الذرية
في تصعيد غير مستبعد عقب الضربة التي وجهتها الولايات المتحدة للمنشآت النووية الإيرانية، أقرّ البرلمان الإيراني، في 25 يونيو 2025، مشروع قانون يقضي بتعليق التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، واصفاً هذه الضربة بـ”انتهاك السيادة الوطنية وسلامة الأراضي الإيرانية” من قِبل إسرائيل والولايات المتحدة؛ معتبراً أن الحكومة الإيرانية باتت “ملزمة بتعليق جميع أشكال التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية في إطار معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية واتفاقيات الضمانات ذات الصلة، وذلك حتى يتم تلبية شروط من بينها تأمين سلامة المنشآت النووية والعلماء الإيرانيين”.
ويهدف القانون الذي صادق عليه الرئيس الإيراني، مسعود بزشكيان، في 2 يوليو الجاري، وأدخله بموجب هذا التصديق حيز التنفيذ، إلى “ضمان الدعم الكامل للحقوق الجوهرية لإيران”، بموجب معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، لا سيّما تخصيب اليورانيوم. كما يمنع هذا القانون إجراء أي تفتيش أو تركيب كاميرات أو إرسال تقارير إلى الوكالة الدولية إلا بعد موافقة مسبقة من المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، على أن يستمر هذا التعليق سارياً حتى تُضمن سلامة المنشآت والسيادة الوطنية.
وفتح هذا القرار الباب أمام تكهنات عدة بشأن مستقبل البرنامج النووي الإيراني، وإمكانية تغيير طهران استراتيجيتها النووية، والتحول إلى نهج “الغموض النووي”، وكذلك المسارات التي تحكم مستقبل التعاون بين إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية.
قرار التعليق:
آثار آخر تقرير صادر عن الوكالة الدولية للطاقة الذرية، في مايو الماضي، بشأن التحقق والرصد للبرنامج النووي الإيراني؛ انتقادات شديدة لدى طهران؛ حيث أكد التقرير أن قدرة الوكالة على الرصد والتحقق من البرنامج النووي الإيراني قد تأثرت بشكل “خطِر” نتيجة توقف إيران عن تنفيذ التزاماتها بموجب الاتفاق النووي، وأن خبراء الوكالة غير قادرين على تحقيق استمرارية المعرفة بشأن إنتاج وتخزين أجهزة الطرد المركزي، ومعلومات أخرى مرتبطة بتفاصيل البرنامج النووي الإيراني؛ بسبب انقطاع مفتشيها عن مواصلة عمليات المراقبة على مدى أربع سنوات.
ورأت إيران أن هذا التقرير يُمثل “تصعيداً مُسيساً” من جانب الوكالة الدولية، واعتبرته أداة لتبرير هجمات إسرائيل والولايات المتحدة على المنشآت النووية الإيرانية؛ إذ وصف وزير الخارجية، عباس عراقجي، تقرير الوكالة بأنه “منحاز وذو نيات خبيثة”؛ منتقداً تقاعس الوكالة عن إدانة الاعتداءات التي استهدفت منشآت بلاده النووية. كما اعتبر المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، أن التقرير كان إحدى ذرائع الهجوم على المنشآت النووية الإيرانية، بل ذهب مسؤولون إيرانيون إلى أبعد من ذلك، عندما صرح المسؤول القضائي، علي مظفري، بأن مدير عام الوكالة الدولية، رافائيل غروسي، يجب أن يُحاسب على ما وصفه بـ”الإعداد للجريمة” ضد إيران، بحسب ما نشرته “وكالة تسنيم” الإيرانية.
وعلى الرغم من تأكيد تصريحات المسؤولين الإيرانيين أن قرار تعليق التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية يأتي رداً على تقريرها الأخير؛ لا يمكن التغافل عن أن ثمة دافعاً آخر لاتخاذ هذا القرار يتمثل في الغارات الجوية الأمريكية والإسرائيلية على منشآت إيران النووية، وتحديداً فوردو ونطنز وأصفهان؛ حيث يرى النظام الإيراني أن هذه الهجمات تُعد دافعاً لفقدان الثقة الكامل في الوكالة.
الخطوة التالية:
يُمثل قرار إيران تعليق تعاونها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، تحولاً مهماً في استراتيجيتها النووية وربما دخولها في مرحلة “الغموض النووي”، في ظل غياب آليات الرقابة، ومغادرة مفتشي الوكالة لإيران بالفعل بعد تصديق الرئيس بزشكيان على القرار ودخوله حيز التنفيذ. كما أن القرار قد يفتح الباب أمام تصعيد أكبر، يتمثل في احتمال انسحاب طهران من معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، وهو سيناريو لم يحدث منذ انسحاب كوريا الشمالية من المعاهدة عام 2003، لا سيّما في ظل تهديد بعض المسؤولين الإيرانيين باتخاذ هذه الخطوة، وكذلك السرعة التي خرج بها القانون من البرلمان الإيراني بعد تمريره بصورة عاجلة؛ وذلك استناداً إلى المادة 60 من اتفاقية فيينا لعام 1969، والتي تجيز تعليق الالتزامات التعاقدية في حال “الإخلال الجوهري” من قِبل الطرف الآخر.
بيد أن ملابسات اتخاذ القرار تشير إلى تأني إيران، مع الإصرار في الوقت نفسه على امتلاك أوراق جديدة للمساومة، وحفظ ماء الوجه بعد تعرضها لهجمات موجعة؛ ما يعني أن النظام الإيراني قد اختار التصعيد التدريجي، لا سيّما أن تصديق الرئيس بزشكيان على القرار قد جاء عقب أسبوع من موافقة البرلمان الإيراني عليه؛ أي إن هذا التصديق ربما جاء بعد تأنٍّ وتفكير في الخطوات المقبلة.
وفي هذا السياق، فإن قرار تعليق التعاون مع الوكالة الدولية يأتي على نفس مسار قانون “الإجراءات الاستراتيجية لإلغاء العقوبات الأمريكية” الذي سبق أن أقره البرلمان الإيراني في ديسمبر 2020، والذي ألزم الحكومة الإيرانية حينها برفع تخصيب اليورانيوم حتى نسبة 20%، وإعادة العمل بمفاعل أراك للماء الثقيل، وتركيب ألف جهاز طرد مركزي لتخصيب اليورانيوم في كل من منشأتي نطنز ومحطة فوردو في غضون ثلاثة أشهر من التصديق على القرار؛ وذلك بهدف الضغط على واشنطن لإلغاء العقوبات الاقتصادية المفروضة على طهران.
وتجدر الإشارة إلى أن “قانون الاجراءات الاستراتيجية” جاء عقب أيام من اغتيال رئيس منظمة البحث والتطوير في وزارة الدفاع الإيرانية، محسن فخري زادة، في نوفمبر 2020، وبعد عامين من الانسحاب الأمريكي من الاتفاق النووي المُوقع عام 2015، وإعادة فرض العقوبات على إيران؛ ما يعني أن المحرك الأساسي وراء التصديق على هذا القانون حينها ربما كان استشعار طهران الخطر على برنامجها النووي من خلال استهداف كوادره، وليس انسحاب إدارة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، في ولايته الأولى، من الاتفاق النووي، وهو نفس الدافع الحالي لتصعيد موقف إيران، بعد استهداف عشرات العلماء النوويين والقادة العسكريين خلال الهجوم الإسرائيلي عليها.
كما يعزز هذا الاحتمال أيضاً أنه بالرغم من قرار تعليق تعاون إيران مع الوكالة الدولية، وحسب تصريحات وزير الخارجية، عراقجي؛ ستلتزم طهران بمعاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، واتفاقية الضمانات الخاصة بها، فيما سيتم توجيه تعاون إيران مع الوكالة عبر المجلس الأعلى للأمن القومي لأسباب اعتبرها عراقجي تتعلق بالسلامة والأمن.
مساران مُحتملان:
تتسم هذه المرحلة من عمر الملف النووي الإيراني بعدم اليقين، والغموض الذي تفرضه التصريحات المتضاربة من الأطراف المختلفة؛ حيث تشير التصريحات الأمريكية إلى تدمير كلي للمنشآت النووية الإيرانية، في حين تكتفي طهران بالإشارة إلى تعرض هذه المنشآت لدمار جزئي، وأن مخزونها من اليورانيوم المخصب ما زال بحوزتها، وأن القدرات النووية الإيرانية هي في الأصل قدرات محلية لا يمكن تدميرها، في الوقت الذي أشار فيه المدير العام للوكالة، غروسي، في مقابلة مع شبكة (CBS) الأمريكية، إلى أن إيران ما زالت قادرة على مواصلة نشاطها النووي خلال أشهر معدودة.
وربما ترى إيران أن هذا الغموض في صالحها، وأنه يضيف لرصيدها ويدفع الأطراف الأخرى إلى السير قدماً في اتجاه التفاوض، وعدم اللجوء إلى التصعيد العسكري مرة أخرى، على الرغم من أن خيار التصعيد لا يمكن استبعاده نهائياً في ظل هشاشه اتفاق وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل برعاية أمريكية.
وفي هذا السياق، يبرز مساران أساسيان يمكن أن تسير وفقهما إيران لإدارة ملفها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وكذلك التفاوض مع الولايات المتحدة، انطلاقاً من فرضية مرجحة مفادها أن طهران لن تُعول في هذه المرحلة على الدول الأوروبية، وإنما ستسعى لإيجاد مخرج سياسي مع واشنطن أولاً، ليكون هذا المخرج هو بوابة الاتفاق مع الغرب؛ ومن ثم الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وذلك كالتالي:
1- مسار التفاوض: يعتمد هذا المسار على مدى رشادة القرار الإيراني في تحديد التوقيت المناسب للدخول في مفاوضات باتت تدعوها لها الأطراف كافة. ومع التسليم بأن إيران في حاجة مُلحة للتفاوض والتوصل إلى اتفاق مُرضٍ لها للخروج من أزمة الملف النووي وعقوباته التي أثقلت كاهل المجتمع الإيراني؛ فإنه في الوقت نفسه من غير المُرجح أن تسارع طهران إلى طاولة المفاوضات، لا سيّما بعد تعرض أراضيها للمرة الأولى لعمل عسكري أمريكي إسرائيلي.
وحالياً، يرى النظام الإيراني أنه يستطيع، من خلال دخوله في مرحلة “الغموض النووي”، كسب بعض الوقت لتعظيم أوراق تفاوضه مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، مستثمراً في ذلك حالة الحشد الداخلي الرافض للدخول في مفاوضات سريعة مع الولايات المتحدة؛ وهو ما عبّرت عنه وزارة الخارجية الإيرانية بإشارتها إلى أنه من غير الواقعي أن تتوقع الوكالة الدولية عودة التعاون الطبيعي بعد وقت قصير من الضربات الأمريكية والإسرائيلية.
ويبدو حتى الآن أن ثمة تفهماً أمريكياً لمأزق تحرك إيران الفوري تجاه مسار المفاوضات، ويظهر ذلك من خلال حديث ترامب عن إمكانية التفاوض مع الإيرانيين بشكل أفضل في المرحلة المقبلة. بيد أن المماطلة الإيرانية في هذا الإطار إذا ما خرجت عن الحسابات العقلانية؛ فإنها ستؤدي على الأرجح إلى تسريع الخطوات الأمريكية والغربية المضادة، كأن تلجأ، على سبيل المثال، الدول الأوروبية إلى تفعيل “آلية الزناد”؛ ما يعني العودة التلقائية إلى العقوبات الأممية من خلال مجلس الأمن الدولي، وبموجب هذه الآلية سيكون البرنامج النووي الإيراني تحت طائلة الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة؛ ومن ثم فرض حصار اقتصادي شامل على إيران، مع العلم أنه لا يمكن استخدام حق النقض (الفيتو) ضدها.
2- مسار التصعيد: يعتمد في مجمله على احتمال تصعيد الغرب والولايات المتحدة وإسرائيل تجاه إيران، كأن تُقدم إسرائيل على خرق اتفاق وقف إطلاق النار “الهش”، بحجة خروج البرنامج النووي الإيراني من مظلة المراقبة الدولية عقب تعليق طهران تعاونها مع الوكالة الدولية، أو أن تفرض واشنطن عقوبات منفردة على طهران، إلى جانب إمكانية انتهاء مهلة تفعيل “آلية الزناد” في شهر أكتوبر المقبل، قبل موافقة إيران على العودة إلى طاولة المفاوضات؛ وهو ما يُعرض إيران ليس فقط لعقوبات أممية شاملة، وإنماً ربما أيضاً لعميلة عسكرية، وفق الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، ولن يكون اتخاذ القرار في هذا الشأن سهلاً؛ لكنه مطروح كخيار للتعامل مع تشدد إيراني يمكنه أن يغلق أفق المفاوضات.
ويتزامن ذلك مع ضغط إسرائيلي مستمر لعودة العقوبات الأممية على إيران فور إعلانها عن تعليق التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية؛ حيث أكد وزير الخارجية، جدعون ساعر، عبر حسابه على موقع “إكس”، أنه يجب على المجتمع الدولي أن يتحرك بحزم الآن ويستخدم جميع الوسائل المتاحة له لوقف الطموحات النووية الإيرانية. وسبق أن هددت إيران حال اتخاذ أي من هذه الإجراءات، بالخروج نهائياً من معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية.
ختاماً، ترى بعض التقديرات في الغرب، ومنها ما أشار إليه براناي فادي، المدير الأول لشؤون مراقبة الأسلحة ونزع السلاح ومنع الانتشار في مجلس الأمن القومي الأمريكي سابقاً، في مقال له بموقع (The Bulletin)، يوم 3 يوليو الجاري؛ بأن الدبلوماسية هي المسار الوحيد المتاح أمام النظام الإيراني الذي يسعى حالياً للحفاظ على بقائه وحفظ ماء وجهه في الداخل الإيراني ومحيطه الإقليمي، مع تأكيد أن هامش المناورة لديه محدود؛ نظراً لضيق الوقت أمامه بسبب اقتراب انتهاء مهلة “آلية الزناد”، وأنه على طهران التوصل إلى اتفاق شامل يضمن تفاهماً بشأن الملف النووي الإيراني، ويؤدي إلى تخفيف العقوبات على الاقتصاد الإيراني أو تجميدها، ووقف إطلاق نار طويل الأمد مع إسرائيل.
” يُنشر بترتيب خاص مع مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة، أبوظبى ”