عربي21:
2025-07-12@15:04:30 GMT

ممداني مالئ أمريكا وشاغل ناسِها

تاريخ النشر: 12th, July 2025 GMT

لم يعد زهران كوامي ممداني، مجرد شخص طموح، يصبو للفوز بمنصب عمدة مدينة نيويورك، التي يسميها الأمريكان التفاحة الكبيرة، بل أصبح ظاهرة، تماما مثل التسونامي والعواصف الرعدية الكاسحة، ومنذ نحو شهرين واسمه يتردد عشرات المرات يوميا في وسائل الإعلام الأمريكية وغير الأمريكية، تارة باعتباره شخصا مثيرا للجدل، وصاحب أفكار غريبة على الناخبين الأمريكان، وتارات أخرى باعتباره دخيلا على المشهد السياسي الأمريكي، لكونه يتحدث بلغة تقريرية مباشرة لا التواء فيها، عن الاشتراكية، والعنصرية في المجتمع الأمريكي، وحق الفلسطينيين في العيش في دولتهم المستقلة آمنين من العدوان، ويقول عن إسرائيل إنها كيان إجرامي، قائم على التمييز العرقي، ووعد ـ حال فوزه بالمنصب ـ باعتقال رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو إذا زار نيويورك، ومثل هذا القول من الكبائر حتى في نظر قيادة الحزب الديمقراطي الذي ينتمي إليه ممداني.



صار ممداني هذا في نظر الكثيرين في أمريكا الترياق المضاد للرئيس دونالد ترامب، الذي هو رأس رمح اليمين الأمريكي الصهيو ـ مسيحي: مسلم من أصل هندي، ولد في يوغندا وقضى شطرا من طفولته في جنوب أفريقيا، ثم جاء به والده إلى أمريكا، ثم ها هو، وهو ابن 33 سنة، يتحدى كامل النظام الحاكم في أمريكا، بما في ذلك الحزب الديمقراطي الذي ينتمي إليه، والذي كانت قيادته تؤيد ترشيح أندرو كومو لمنصب العمدة في نيويورك، الذي سبق له أن شغله، وكل هذا ولسان حال ممداني يقول للناخبين بلسان شاعرنا المتنبي:

لا خيل "عندي" أهديها ولا مال      /                 فليسعد النطق إن لم يسعد الحال

فخوض أي انتخابات في أمريكا يتطلب أموالا طائلة، تأتي من الشركات والمؤسسات والبنوك ثم تبرعات الأفراد، ولكن ممداني يبني حملته الانتخابية على ضرورة منع أصحاب الأموال الضخمة من سرقة السلطة، وتسخيرها لجني المزيد من الأموال، ومن ثم فلا عجب في أن ترامب الذي يؤسس لحكم الأوليغاركية أصحاب الملايين، فتح النار على ممداني، واصفا إياه بأنه "شيوعي 100%" وقال صراحة إنه لو فاز ممداني، فلن تنال نيويورك دولارا واحدا من الخزينة الاتحادية.

صار ممداني هذا في نظر الكثيرين في أمريكا الترياق المضاد للرئيس دونالد ترامب، الذي هو رأس رمح اليمين الأمريكي الصهيو ـ مسيحي: مسلم من أصل هندي، ولد في يوغندا وقضى شطرا من طفولته في جنوب أفريقيا، ثم جاء به والده إلى أمريكا، ثم ها هو، وهو ابن 33 سنة، يتحدى كامل النظام الحاكم في أمريكا، بما في ذلك الحزب الديمقراطي الذي ينتمي إليه، والذي كانت قيادته تؤيد ترشيح أندرو كومو لمنصب العمدة في نيويورك، الذي سبق له أن شغله،باختصار ممداني هذا يجسد كل ما هو مكروه لدى معظم بيض أمريكا: أفريقي ـ آسيوي ـ مسلم ـ اشتراكي، وطالما هو يناصر حقوق الشعب الفلسطيني فهو عندهم معاد للسامية. ولم يفت ذلك عليه، فقد نبه الناخبين مرارا إلى أأن ترامب ورهطه سيركزون هجومهم على شكله ولون بشرته وأصله، ليصرفوهم عن القضايا التي يطرحها في برنامجه الانتخابي: توفير المساكن والرعاية الصحية المجانية للأطفال وزيادة الضرائب على الأغنياء. وتوضيحا لما يعنيه بكونه ديمقراطيا اشتراكيا، قال إنه يتأسّى بقول فارس الحقوق المدنية في الولايات المتحدة، القس الأسود مارتن لوثر كينغ "سَمِّها ديمقراطية، سَمِّها ديمقراطية اشتراكية، فالمطلوب هو أن يكون هناك توزيع عادل للثروة على أبناء الله".

بتحوله إلى ظاهرة، أصبح ممداني، أنموذجا لكل من يناضل ضد خطابات الكراهية ونفوذ الأموال في كل بقاع العالم، فقد قدم نفسه "على بلاطة" أي بكل وضوح، ولم يقل ان هويته كمسلم لا شأن لها بتكوينه السياسي، بل أكد ان ما يدفعه لمحاربة الظلم والفقر هو ما تعلمه من دينه، وتحدث باعتزاز عن انتمائه إلى ولاية غوجرات في الهند، وهنا فتح النار على رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي لأنه من تسبب في المجزرة التي راح ضحيتها مئات المسلمين في الولاية عندما كان حاكما عليها، ورغم إدراكه أن نيويورك تعج وتضج باليهود المتنفذين في دنيا المال والاعلام، إلا أنه يواصل فضح ما أسماه الإبادة التي تمارسها إسرائيل في غزة.

ما يميز حملة ممداني الانتخابية استعدادا للمعركة الحاسمة في الرابع من تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل، أنها حملة مشاة: فلا سيارات مزينة بصورته تطوف الشوارع وتدعو لمؤازرته بمكبرات الصوت، ولا مهرجات مزدانة بالبالونات الملونة. بل عشرات الآلاف من الشبان من كل لون وجنس يطوفون في الشوارع ويقرعون الأبواب لحض سكان نيويورك على التبرع لصالح حملة ممداني، والتصويت لصالح ممداني، ولا تمر ساعة دون أن يطل ممداني شخصيا على الناخبين عبر منصتي تيك ـ توك، وإنستغرام، ليقدم لهم تقريرا موجزا عن سير حملته وبرنامجه الانتخابي.

حملة ممداني الكاسحة وفوزه على أندرو كومو في الانتخابات التمهيدية، كانت قصة مدينتين، أمريكيتين، في إحداها، وقف شاب تقدمي طموح في وجه أصنام واشنطن التاريخيين، بكل ما لهم من مال وسلطان، وفي الثانية أساطين الاستعلاء العرقي، والمتاجرون بمعاداة السامية والتخويف من خطر الإسلام المزعوم، وفاز أم لم يفز، فقد ألقى ممداني بحجر ضخم في بحيرة السياسة الأمريكية الراكدة، ستظل دوائره تنداح وتنداح سنين عددا.

فاز شاعرنا أبو الطيب المتنبي بلقب "مالئ الدنيا وشاغل الناس"، بجميل قصائده، وكان ينام ملء جفونه عن شواردها، بينما يسهر الخلق جرّاها ويختصمون، ولكن الشعر لم يوصله إلى الأمارة التي كان يصبو إليها، وها هو ممداني يملأ الدنيا ويشغل الناس، وبقي أن نرى ما إذا كان أوفر حظا من المتنبي في تحقيق حلم "الأمارة".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات قضايا وآراء كاريكاتير بورتريه نيويورك امريكا مسيرة نيويورك رأي زهران ممداني مقالات مقالات مقالات سياسة رياضة صحافة سياسة سياسة تكنولوجيا مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی أمریکا

إقرأ أيضاً:

المبعوث الأمريكي إلى سوريا يوضح موقف إدارة ترامب من مطالب قسد

أكد المبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا توماس باراك أن الولايات المتحدة ليست ملزمة تجاه قوات سوريا الديمقراطية إذا لم يكن قادتها منطقيين، كما ليست مدينة بإنشاء حكومة خاصة بهم وواشنطن لن تدعم أي نتيجة انفصالية.

وأضاف باراك أن "رفع العقوبات الأمريكية عن سوريا يمثل بداية جديدة استراتيجية لأمة مزقتها الحرب".

وأوضح أن "الولايات المتحدة لا تسعى لبناء دولة أو تطبيق الفيدرالية في سوريا"، مشيرا إلى أن "رسالة الرئيس ترامب هي السلام والازدهار والتغيير في السياسة بهدف إعطاء النظام السوري الناشئ فرصة لإعادة البناء".

وأكد المبعوث الأمريكي، أن "سوريا يجب أن تظل موحدة بجيش وحكومة واحدة ولن يكون هناك ست دول بل سوريا واحدة، والولايات المتحدة لا تملي الشروط لكنها لن تدعم نتيجة انفصالية".

وأردف: "قوات سوريا الديمقراطية هي نفسها وحدات حماية الشعب ووحدات حماية الشعب هي امتداد لحزب العمال الكردستاني الذي تعتبره كل من تركيا والولايات المتحدة منظمة إرهابية، ونحن مدينون لقوات سوريا الديمقراطية لكن ليس بحكومة خاصة بهم".

والأسبوع الماضي شدد باراك على أنه يتعين على قوات سوريا الديمقراطية أن تدرك سريعا أن سوريا دولة واحدة مؤكدا أنها قادرة على الاندماج بالبلاد والانضمام إلى جيشها.



وفي أواخر أيار/ مايو الماضي، أعلنت دمشق عن اتفاق مع الولايات المتحدة حول ضرورة التخلص الكامل من الأسلحة الكيميائية في سوريا، ومناقشة آليات دمج قوات "قسد" في مؤسسات الدولة.

وأغلقت الحكومة السورية، الجمعة، عددا من العبارات النهرية التي تصل بين مناطق سيطرتها ومناطق سيطرة "قسد" في ريف دير الزور الشرقي على سرير نهر الفرات، شرقي سوريا، وذلك عقب اشتباكات اندلعت مؤخراً بين عناصر من "قسد" وقوات من الأمن السوري بسبب عمليات التهريب.

 وفي سياق متصل، قُتل عنصران من "قوات سوريا الديمقراطية" خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية من جراء اشتباكات مع قوات من الجيش السوري على محور بلدة دير حافر بريف حلب الشرقي، شمالي سورية، ما دفع "قسد" إلى إرسال تعزيزات عسكرية إلى المنطقة.

وجرت في دمشق، الأربعاء الفائت، جلسة مفاوضات جديدة بين الحكومة السورية و"قوات سوريا الديمقراطية" برعاية أمريكية - فرنسية، وذلك في إطار تطبيق اتفاق العاشر من آذار/ مارس الموقع بين قائد "قسد" مظلوم عبدي والرئيس السوري أحمد الشرع.

مقالات مشابهة

  • دعوات لإعلان حالة الطوارئ الصحية في أمريكا .. ما الذي يجري ؟
  • المبعوث الأمريكي إلى سوريا يوضح موقف إدارة ترامب من مطالب قسد
  • معركة 100 مليون دولار تُشعل نيويورك.. النخبة تشتعل لإسقاط «ممداني»!
  • ما الذي يحرك الطلب على المشاريع العقارية التي تحمل توقيع المشاهير؟
  • سوريا.. المبعوث الأمريكي يشعل تفاعلا بما قاله عن أحمد الشرع وما دور أمريكا بسقوط الأسد
  • ترامب يطالب بخفض سعر الفائدة 3% لتقليل تكلفة الديون ودعم الاقتصاد الأمريكي
  • المعادن مقابل الحياة.. أمريكا في عهد ترامب تبتز الدول الفقيرة
  • ماذا لو أصبح ممداني عمدة لمدينة نيويورك؟
  • ترامب: لدينا فرصة للتوصل إلى اتفاق بشأن غزة هذا الأسبوع أو الذي يليه