مبادرات وبرامج نوعية تحتضن كبار السن بدفء الرعاية والاهتمام
تاريخ النشر: 22nd, July 2025 GMT
تولي سلطنة عمان اهتماما كبيرا بفئة كبار السن، حيث كفلت القوانين الوطنية حقوقهم، بما في ذلك التأمين الاجتماعي والمعونة في حالات العجز والشيخوخة، مما يضمن لهم العيش الكريم، والتزمت بالقيم الإنسانية والاجتماعية في رعايتهم، مستلهمة من أنهم ليسوا فقط جزءا من ماضينا بس هم الجذور الراسخة التي أسست حاضرنا.
وعززت خدماتها بمجموعة من المبادرات والمشاريع الرائدة لخدمة هذه الفئة، فأطلقت منفعة كبار السن، التي تُعد خطوة رائدة في مجال حماية وتعزيز حقوقهم كبار، حيث وفرت لهم استقرارا ماليا أسهم في تحسين جودة حياتهم.
كما أطلقت وزارة التربية والتعليم "مبادرة القرية المتعلمة"، وتُعد من البرامج المبتكرة لمحو الأمية، حيث تستهدف جميع الأميين بمن فيهم كبار السن، وبلغ عدد القرى المتعلمة حتى نهاية العام الدراسي 2023/ 2024 حوالي 31 قرية، وساهمت المبادرة في رفع مستوى الوعي الاجتماعي والاقتصادي والبيئي، وعززت روح التعاون والعمل التطوعي بين أفراد المجتمع، ووفرت برامج مساندة تشمل محاضرات دينية وصحية وتوعوية، وانعكس ذلك إيجابا على جودة حياة كبار السن، من خلال تمكينهم من القراءة والكتابة وزيادة وعيهم بالقضايا الصحية والاجتماعية.
وحازت "مبادرة قرية المسفاة لكبار السن بولاية دماء والطائيين" التي تبنتها وزارة الصحة على اعتماد منظمة الصحة العالمية كأول قرية صديقة للمسنين في سلطنة عُمان، وتسعى القرية إلى تشجيع الشيخوخة النشطة من خلال تحسين الفرص لتحقيق الصحة والمشاركة، مما يعزز جودة الحياة مع التقدم في العمر.
وعملت وزارة التنمية الاجتماعية على تقديم الرعاية الاجتماعية بطرق ملائمة وذات جودة عالية تراعي احتياجاتهم، وتعزز أهميتهم في المجتمع، ومن أهم الخدمات المقدمة لهم هي تهيئة المنازل لمحدودي الدخل من كبار السن لتوفير المأوى المناسب لهم، والعمل على إدماجهم داخل الأنشطة من خلال الأنشطة الاجتماعية والترفيهية المختلفة، إلى جانب تعزيز مبدأ الشراكة والعمل التكاملي بين كافة القطاعات الحكومية والأهلية والخاصة وأفراد المجتمع لدعم وتطوير البرامج الخاصة بكبار السن، كما تبنت مبادرة "الأسرة البديلة" وهي خدمة يتلقاها كبير السن لإبقائه وسط المجتمع الذي يعيش فيه، وتسعى الوزارة إلى إيجاد أسر بديلة للحالات التي يتعذر رعايتهم من قبل أسرهم الفعلية أو عدم وجود أقرباء ملزمين برعايتهم بحيث يوفر لهم أهم الخدمات الأساسية، وقامت دار الرعاية الاجتماعية بولاية الرستاق برعاية كبار السن الذين تعذرت رعايتهم في محيطهم العائلي أو الاجتماعي، وتُقدم الدار خدمات متكاملة تشمل الرعاية الصحية، والاجتماعية، والنفسية، والترفيهية، مما يضمن بيئة آمنة لهم، وتُسهم الدار في دمج المسنين في المجتمع من خلال تنظيم أنشطة وفعاليات متنوعة، واستقبال زيارات من جهات حكومية وأهلية وخاصة، مما يُعزز تفاعلهم الاجتماعي.
وقامت جمعية إحسان بتدشين "مبادرة إسعاف"، وتقوم بنقل كبار السن المقعدين سريريًّا، لتسهيل حضورهم لمواعيد المستشفيات والمراكز الصحية، وإعادتهم إلى منازلهم بعد انتهاء المواعيد، وتشمل كذلك نقل المسنين من وإلى المطارات عند وصولهم من الخارج، ومساعدتهم على حضور التجمعات العائلية خلال الأعياد والمناسبات، حيث تُخصص السيارات لتلبية احتياجاتهم الخاصة، ومنذ إطلاق الخدمة ساعدت الجمعية أكثر من 5,000 عائلة في نقل مسنيها وتيسير حياتهم.
كما تعد مبادرة "وقار"، أحد البرامج الوطنية المشتركة بين وزارتي التنمية الاجتماعية والصحة، بالتعاون مع الجمعيات الأهلية والفرق الخيرية والقطاع الخاص من أجل تعزيز مختلف الخدمات الصحية والاجتماعية لفئة كبار السن، وتسعى أهداف المبادرة إلى تعزيز الوعي بأهمية احترام ودعم كبار السن في المجتمع وإبراز إسهاماتهم من خلال تثقيف الناس بقضايا كبار السن وتعزيز ثقافة الاحترام والرعاية وإيجاد بيئة راعية لهذه الفئة التي تستحق الاهتمام.
ويأتي نادي القلوب العذبة التابع لجمعية المرأة العُمانية في بهلا، كمبادرة إنسانية مخصصة للنساء من كبار السن، يُعقد النادي اجتماعات أسبوعية، حيث تُنظم للمشاركات أنشطة وفعاليات متنوعة تشمل الجوانب الاجتماعية والترفيهية والتعليمية، بالإضافة إلى رحلات عامة، وتهدف المبادرة إلى إعادة إحياء نشاط وحيوية كبيرات السن، وتوفير بيئة داعمة لهن للتفاعل الاجتماعي، مما يُسهم في تحسين جودة حياتهن وتعزيز شعورهن بالانتماء والمشاركة المجتمعية، كما تُبرز المبادرة دورهن المهم في المجتمع، وتُتيح لهن فرصة تبادل الخبرات والمعارف.
وأُطلقت بولاية سدح في محافظة ظفار مبادرة "كبارنا عطاء لا ينتهي"، وتهدف إلى دعم كبار السن من الجنسين، وينفذ هذه المبادرة مجموعة من الشباب المتطوعين بالتعاون مع اللجنة الصحية ولجنة التنمية الاجتماعية بالولاية، وبرعاية مكتب والي سدح، وتسعى المبادرة إلى توفير الرعاية اللازمة لكبار السن، بالتكامل مع الخدمات الصحية المقدمة من المؤسسات المعنية.
وتعد مبادرة "بركة مُسن" التي تبنّاها مستشفى نزوى ممثلاً بقسم التثقيف الصحي والإرشاد النفسي وفرع جمعية إحسان بمحافظة الداخلية من المبادرات المجتمعية التي وجدت أصداء إيجابية منذ انطلاقتها في عام 2020؛ حيث سعت المبادرة إلى ترجمة رسالتها ورؤيتها المتمثّلة في تقديم خدمات ميسرة وسريعة لكبار السن من النواحي الصحية والنفسية والاجتماعية والدينية، وذلك من خلال مجموعة من الأنشطة والفعاليات والمبادرات الفرعية التي تنفّذ بين الفترة والأخرى بتعاون كبير مع مختلف المؤسسات الحكومية والأهلية والجمعيات والفرق الخيرية بمحفظة الداخلية، حيث نجحت المبادرة في غرس ثقافة التعامل مع كبار السن وتعزيز جوانب الرعاية واحتياجات المسنين.
واستطاعت مبادرة "الدار دارك" في توفير مساحة خاصة لكبار السن من مختلف محافظات سلطنة عُمان ومنحهم الراحة والترفيه للإسهام في تكوين علاقات اجتماعية جديدة مع فئات عمرية متقاربة وتحسين جودة حياتهم اليومية، وتتمحور فكرة المبادرة في توفير متنفس لكبار السن خاصة في الفترة النهارية وإدماجهم وتواصلهم مع أفراد المجتمع في بيئتهم ومحيطهم الاجتماعي وتقديم الرعاية والاهتمام لهم، وشغل أوقات الفراغ لديهم بما يعود عليهم بالنفع والاستفادة من خلال البرامج الصحية والنفسية للتقليل من الآثار النفسية المرتبطة بالشيخوخة.
وتبذل العديد من الجهات الحكومية جهودا ملحوظة في هذا المجال، وذلك من خلال عقد الندوات والمحاضرات التوعوية تركز على الرعاية الاجتماعية والنفسية والصحية لكبار السن.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: المبادرة إلى فی المجتمع لکبار السن کبار السن من خلال التی ت
إقرأ أيضاً:
هل يتغلب السودانيون على الشروخ الاجتماعية والاستقطاب الإثني؟
الخرطوم- بعد أكثر من 27 شهرا على اندلاع القتال في بلادهم، شرع السودانيون على المستويين الرسمي والشعبي في طرح مشروعات وآليات لتضميد الجراح ورتق النسيج الاجتماعي وترسيخ التعايش السلمي، بعدما أحدثت الحرب وتداعيتها شروخا في بنية المجتمع، وتفشي خطاب الكراهية والاستقطاب الإثني.
وأحدثت الحرب المستعرة في البلاد منذ منتصف أبريل/نيسان 2023 ندوبا في جسد المجتمع السوداني المتعدد الأعراق والثقافات، بعد أن كان يتسم بالتسامح والتعايش السلمي.
ودفعت تطورات الحرب وما رافقها من جرائم وانتهاكات، خصوصا في الخرطوم ووسط البلاد وانتماء غالب مقاتلي قوات الدعم السريع إلى كيانات اجتماعية في غرب البلاد، عددا كبيرا من المواطنين لتحميل تلك الكيانات مسؤولية ما جرى.
إفرازات الحربوارتفعت أصوات من يعبرون عن المتضررين من الحرب في مواقع التواصل الاجتماعي، محملين مجتمعات محددة مسؤولية ما حدث لهم، وكان رد منصات محسوبة على الدعم السريع حادا، مما أجَّج الخطاب والاستقطاب الاجتماعي.
وفي المقابل، رفع الدعم السريع شعارات بأنه يدافع عن المهمشين سياسيا واجتماعيا في غرب البلاد، واتهم كيانات اجتماعية في شمال البلاد ووسطها بأنها ظلت تستأثر بالسلطة والثروة منذ استقلال السودان قبل نحو 70 عاما.
كما استغلت الدعم السريع ظروفا فرضتها الحرب والأوضاع الأمنية، كعدم إجراء امتحانات الشهادة الثانوية في ولايات غرب البلاد، وعدم استبدال العملة وتوقف الجهاز المصرفي، ومراكز استخراج الوثائق الرسمية (جوازات السفر والرقم الوطني) في تلك الولايات وعدته أمرا مدبرا انتقاما من المواطنين في مناطق سيطرتها.
وتطورت المناكفات والملاسنات عبر منصات التواصل الاجتماعي -التي ينشط فيها من يعبرون عن عدة أطراف- إلى خطاب كراهية مما أدى لتفاقم الانقسامات على أساس إثني، وتصاعد التوترات الاجتماعية وتهجير سكان في بعض المناطق التي ظلوا يقطنونها منذ مئات السنين خوفا من روح الانتقام.
ودشَّن مئات من الرموز المجتمعية والأهلية السودانية، الأربعاء الماضي، "المشروع السوداني للسلام الاجتماعي"، وسط حضور كبير من القيادات التي تمثل مختلف ولايات البلاد.
إعلانوقالت وثيقة المشروع، التي اطلعت عليها الجزيرة نت، إنه يهدف لاستعادة وتعزيز التعايش السلمي والتراضي الاجتماعي بين مكونات المجتمع السوداني، وإصلاح البيئة المجتمعية وتقويم المعاملات الاجتماعية السيئة التي نشأت بسبب الحرب، وترميم العلاقات الاجتماعية وإحياء القبول بالآخر وروح التسامح.
كما دعت الوثيقة للحد من تعالي خطاب الكراهية والدعوة للفرقة والشتات، وتجاوز الأحقاد التي تسببت فيها الحرب، ونبذ ظاهرة "المفازعة والمناصرة العمياء" وإنكار الحقائق ومحاولات طمسها للإفلات من العقاب مقابل الاعتراف بالحقيقة والاعتذار عن الأخطاء والتعديات.
ولتنفيذ المشروع، حددت الوثيقة آليات تشمل:
تشكيل لجان مجتمعية لتعزيز الحوار والتواصل بين مكونات المجتمع. رعاية مصالحات بين المكونات الاجتماعية التي تعيش حالة تنازع. تبني برامج تربوية وتوعوية للشباب والنساء والأطفال. تفعيل دور مؤسسات التعليم في نشر وتعزيز التعايش والتراضي الاجتماعي.وقال الرئيس التنفيذي لمشروع السلام والاجتماعي والحاكم السابق لولاية شمال دارفور، عثمان محمد يوسف كبر، إن إعداد المشروع بدأ منذ مايو/أيار 2024 بمجموعة صغيرة من إقليمي دارفور كردفان قبل أن يشمل ممثلي كل ولايات البلاد من القيادات المجتمعية والشعبية.
وقال كبر للجزيرة نت إن المشروع يستند على أسس سليمة تبدأ بالاعتراف بالمشكلة، "سعيا لوضع العلاج الصحيح، بعيدا عن الولاءات والجهوية والعصبيات والقبلية، التي مزَّقت المجتمع وأضرت بنسيجه المتماسك".
وأكد أن المشروع لا يحمل أي طابع سياسي أو تنافسي مع أي جهة أخرى، بل "مفتوح لكل السودانيين دون عزل أو حجر، لأن أساسه اجتماعي وقاعدته مجتمعية لا سياسية ولا نخبوية"، مبينا أنه سيُنفذ بالكامل داخل الأراضي السودانية، وليس مؤقتا أو محدود الأجل، ويمكن أن يتكامل مع مبادرات أخرى.
ورحَّب كبر باللجنة التي شكَّلها رئيس الوزراء بهذا الشأن، وعدَّها خطوة إضافية على طريق التعاون والعمل المشترك، مؤكدا أن المشروع يواجه تحديات، أبرزها أزمة الثقة السائدة، والتدخلات الخارجية التي تُغذِّي الصراع وتوفير التمويل لتنفيذه.
وأصدر رئيس الوزراء السوداني كامل إدريس، قرار إنشاء "المجلس الأعلى للسلم الاجتماعي" برئاسة النور الشيخ وعاليا حسن أبونا أمينا عاما للمجلس على أن يتم استكمال عضوية المجلس وفقا للآليات التي تضمن تمثيلا للفعاليات المعزِّزة للسلم الاجتماعي.
وحسب قرار تأسيسه يهدف المجلس لتعزيز السلام والمصالحة وتماسك النسيج الاجتماعي والتعايش السلمي، وترسيخ ثقافة السلام والمساهمة في صياغة رؤى وإستراتيجيات وطنية للسلم الاجتماعي والثقافي.
وتشمل مهام المجلس:
نشر وتعميق مفاهيم التسامح والتصالح وقبول الآخر بين مكونات المجتمع. تنظيم حملات توعوية بمختلف الوسائل حول أهمية السلم الاجتماعي والوحدة الوطنية. إجراء دراسات حول الأسباب الجذرية للنزاعات وتقديم مقترحات للحلول. بناء شبكات تواصل وتوفير الدعم الفني للمبادرات الاجتماعية. إعلانكما باشر إدريس لقاءات لمعالجة الإفرازات الاجتماعية للحرب، وناقش، أمس الخميس، مع الأمين العام لمجلس الصحوة الثوري عبد الرحمن حسن الأوضاع الاجتماعية في إقليم دارفور، وتعهَّد بمحاربة خطاب الكراهية وترسيخ التعايش السلمي.
وذكر حسن أن رئيس مجلس الصحوة موسى هلال يبذل جهودا في دارفور لمعالجة القضايا الاجتماعية، وكان هلال يقود قوات حرس الحدود واتهمته جهات غربية بأنه يتزعم "الجنجويد" قبل فرض عقوبات عليه خلال عهد الرئيس السابق عمر البشير.
"جهد كبير"
من جانبه، يرى وزير الزراعة السابق بولاية جنوب كردفان والباحث في قضايا السلام علي دقاش أن الحرب الدائرة وممارساتها الظالمة وانحراف سلوك بعض المحاربين عن أخلاق السودانيين المعروفة، وخاصة قوات الدعم السريع سيخلق عقبة في التعايش والسلم الاجتماعي مستقبلا.
ويقول دقاش للجزيرة نت إن الأحقاد التي خلقتها الحرب يصعب تجاوزها إلا بجهد كبير، إثر انتشار خطاب الكراهية وتخريب علاقات التعايش، إذ صارت إعادة لحمة المجتمع السوداني هي المهمة الأكثر صعوبة. ودعا إلى عدم تحميل مسؤولية ما يحدث لجماعة سياسية أو قبلية.
ويوضح الباحث أن معظم منظمات المجتمع المدني والواجهات العاملة تنفذ برامج دعم نفسي، وليس علاجا للأزمة الاجتماعية التي أفرزتها الحرب، داعيا لتكامل جهود "المجلس الأعلى للسلم الاجتماعي" مع مشروع السلام الاجتماعي حتى لا يبدأ المجلس من الصفر.