اجتهد الأمين العام لحزب الله، الشيخ نعيم قاسم، كثيراً في خطابه الأخير وهو يشرح ويوضح مخاطر نزع سلاح المقاومة على لبنان بأكمله، وكأنه يخاطب أطفالاً، أو أناساً قدموا من كوكب آخر، لا يعرفون شيئاً عن نوايا إسرائيل، ولا عن تاريخها الأسود في نقض الاتفاقيات، ولا عن غياب أي ضامن دولي يحمي لبنان من عدوانها سوى سلاح المقاومة.
هل يوجد لبناني عاقل يُصدّق وعد إسرائيل وتعهدات الولايات المتحدة، لا يُعقل أن يكون في لبنان من لا يزال يغترّ بالوعود الزائفة التي تروجها إسرائيل وأمريكا وأدواتها في المنطقة، فالتاريخ يشهد أن الكيان العبري لم يلتزم بأي اتفاقية دون أن ينقضها متى سنحت له الفرصة، بدءاً من اتفاقية الهدنة عام 1949، مروراً باتفاقية كامب ديفيد، ووصولاً إلى خروقاته المتكررة للقوانين الدولية في فلسطين وجنوب لبنان.
فهل يعتقد أحد أن إسرائيل ستتوقف عند نزع سلاح المقاومة، ثم تترك لبنان دولةً ذات سيادة؟ الأكيد أن الأمر لن يتجاوز كونه خطوة أولى نحو فرض هيمنة كاملة، تماماً كما حدث في الضفة الغربية وغزة، حيث تحولت المناطق المُسلَّمة إلى سجون مفتوحة تحت الاحتلال.
المقاومة.. سلاحٌ موجّه للعدو لا للداخل، ولا توجد مشكلة حقيقية لدى اللبنانيين مع سلاح المقاومة، لأنه لم يُوجَّه يوماً ضدهم، بل كان درعاً يحمي الأرض من العدوان الإسرائيلي، لكن بعض الحمقى، الذين يرفضون قراءة التاريخ أو استيعاب دروسه، ما زالوا يعتقدون أن نزع هذا السلاح سيجلب عليهم “بركات العالم” .
لكن أي عالم هذا الذي يتحدثون عنه.. هل هو العالم الذي وقف عاجزاً يشاهد دماء الغزاويين تُسفك ولم يفعل سوى الإعراب عن قلقه، ثم أي النماذج مطمئنة بالنسبة للداخل اللبناني، والجارة السورية ونظامها الجديد والمدعوم غربيا الذي جاء على ضهر الدبابات الغربية، ومع ذلك تعرّض للإذلال واحتلال المزيد من الأراضي السورية، لم تشفع له تطميناته المتكررة بأن لا عداوات مستقبلية مع الكيان، ولم يشفع له المضي في خطوات التطبيع، باختصار لأن الاستسلام لا يجلب إلا المزيد من الابتزاز والهوان.
المثير للاشمئزاز أن بعض الدول العربية – التي تصمت صمت القبور على جرائم الإبادة الجماعية في غزة – هي نفسها التي ترفع صوتها مطالبةً بنزع سلاح المقاومة في لبنان! فبينما يذبح أطفال فلسطين تحت القصف الصهيوني، وتُهدم المنازل على رؤوس أصحابها، نجد هذه الأنظمة تتماهى مع المشروع الصهيو-أمريكي في المنطقة، وكأنها تتناسى أن أمنها نفسه مُهدّد ما دامت إسرائيل تتحكّم بمصير الأمّة.
أليست هذه الأنظمة هي ذاتها العاجزة عن حماية حدودها، والتابعة لقرارات الغرب، والتي فشلت حتى في الدفاع عن قضاياها المصيرية، فكيف تُصرّ على نزع سلاح المقاومة، وهو آخر ما تبقى من رادعٍ يحفظ كرامة الأمة ويحمي الأرض من التقسيم والاحتلال.
الخلاصة ان المقاومة لن تتخلى عن مصدر عزتها وكرامتها وجاهزة لكل الخيارات، والواقع يقول إن لبنان لن يحفظ سيادته إلا بقوة ردعه، ففي عالم لا يحترم إلا الأقوياء، يصبح السلاح هو اللغة الوحيدة التي يفهمها العدو، ومن يظن أن التخلي عن المقاومة سيفتح أبواب السلام، عليه أن يعيد النظر في أوهامه قبل فوات الأوان.
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
حزب الله : حكومة نواف سلام ارتكبت خطيئة باتخاذ قرار يُجرِّد لبنان من سلاح المقاومة
وقال الحزب : هذا القرار فيه مخالفة ميثاقية واضحة، ومخالفة للبيان الوزاري للحكومة حيث ورد في الفقرة الخامسة النص الآتي: "وتلتزم الحكومة وفقًا لوثيقة الوفاق الوطني المقرَّة في الطائف باتخاذ الإجراءات اللازمة كافة لتحرير جميع الأراضي اللبنانية من الاحتلال الإسرائيلي وبسط سيادة الدولة على جميع أراضيها بقواها الذاتية حصرًا ونشر الجيش اللبناني في منطقة الحدود اللبنانية المعترف بها دولياً". فالمحافظة على قوة لبنان
واضاف الحزب : وسلاح المقاومة من قوة لبنان، وهي من الإجراءات اللازمة، وكذلك العمل على زيادة قوة لبنان بتسليح الجيش وتقويته ليتمكن من طرد العدو الإسرائيلي من أراضي الدولة وتحريرها وحمايتها، وهو من الإجراءات اللازمة.
وتابع الحزب : جاء هذا القرار نتيجة إملاءات المبعوث الأمريكي براك، وهو ما ذُكر في أسباب طرحه في مجلس الوزراء ومبررات إقراره، بإعلان الرئيس سلام أنَّ مجلس الوزراء "قرَّر استكمال النقاش بالورقة الأميركية يوم الخميس المقبل، وتكليف الجيش اللبناني وضع خطة تطبيقية لحصر السلاح قبل نهاية العام الحالي". هذا القرار يُحقق مصلحة إسرائيل بالكامل، ويجعل لبنان مكشوفًا أمام العدو الإسرائيلي من دون أي ردع.
وزاد البيان : ضربت الحكومة بعرض الحائط التزام رئيس الجمهورية العماد جوزيف عون في خطاب القسم بنقاش استراتيجية الأمن الوطني، بقوله: "عهدي أن أدعو إلى مناقشة سياسة دفاعية متكاملة كجزء من استراتيجية أمن وطني على المستويات الدبلوماسية والاقتصادية والعسكرية بما يمكّن الدولة اللبنانية، أكرّر الدولة اللبنانية، من إزالة الاحتلال الإسرائيلي ورد عدوانه عن كافة الأراضي اللبنانية".