لماذا احتفظ وزيرا الداخلية والخارجية بمنصبيهما في التعديل الوزاري؟
تاريخ النشر: 7th, August 2025 GMT
صراحة نيوز- رصد
أجرى رئيس الوزراء الأردني د. جعفر حسان، أول تعديل وزاري على حكومته، قبيل إتمامها عامها الأول في السلطة، في خطوة مباغتة من حيث التوقيت، رغم أن التعديل بحد ذاته لم يكن مفاجئاً في مضمونه.
وتميّز التعديل بإرساء “سنّة جديدة”، حيث تم الإعلان مسبقًا عن موعد التعديل وأداء الوزراء الجدد لليمين الدستورية، على عكس ما جرت عليه العادة في الحكومات السابقة.
رغم ما أثير من شائعات وتكهنات عن احتمال مغادرتهما، حافظ وزير الداخلية مازن الفراية ووزير الخارجية أيمن الصفدي على موقعيهما، في مؤشر واضح على ثقة الحكومة والقيادة بدورهما.
الصفدي، الذي واجه انتقادات بسبب مواقفه في ملف غزة، وُصف بأنه كان يعبر عن موقف الدولة لا عن قناعات شخصية، وعرّض نفسه لضغوط داخلية وخارجية جسيمة. ومع ذلك، حافظ على علاقات فاعلة مع الجانب الأميركي، ما يؤكد أن التعامل مع التحديات لا يُحل بمجرد تغيير الأسماء، بل بفهم أعمق للسياسات والدوافع.
أما الفراية، فاعتُبر بقاؤه في موقعه تتويجًا لنجاحه في معالجة ملفات حساسة على مستوى وزارة الداخلية، منها قضايا الحدود والتأشيرات، وملف الثأر والإجلاء، إلى جانب ما يُحسب له من كفاءة مهنية وسياسية تحظى باحترام واسع.
التعديل الذي وصف بـ”عملية جراحية صغيرة”، شمل دخول شخصيات جديدة بارزة، مثل د. إبراهيم البدور وزيراً للصحة، إلى جانب أسماء أخرى ذات خبرة في ملفات اقتصادية وتنموية، من بينها وزير الاستثمار القادم من الديوان الملكي.
من اللافت أن بعض الأسماء التي خرجت كانت قد تعرضت لحملات انتقاد علنية خلال الفترة الماضية، ما جعل خروجها متوقعًا، ليس بالضرورة لأسباب شخصية، بل نتيجة تحديات داخل وزاراتها.
كما حمل التعديل مؤشرات على تعزيز الفريق الاقتصادي، في ظل التحديات التي تواجه الأردن داخليًا وخارجيًا، دون أن يغيب عن المشهد حسابات التوازنات الداخلية والتعويض السياسي.
ورغم التكهنات السابقة حول قرب استقالة الحكومة أو حل مجلس النواب، فإن هذا التعديل يشير إلى اتجاه نحو الثبات والاستمرار في المرحلة الحالية، دون استبعاد التغيير في وقت لاحق إذا دعت الحاجة.
في نهاية المطاف، فإن ما يهم الشارع الأردني ليس فقط تغيير الوزراء، بل تحسين واقعهم المعيشي، وحل المشكلات اليومية، وهو التحدي الأكبر الذي لا يزال ينتظر من الحكومة ترجمة وعودها إلى أفعال ملموسة.
المصدر: صراحة نيوز
كلمات دلالية: اخبار الاردن عرض المزيد الوفيات عرض المزيد أقلام عرض المزيد مال وأعمال عرض المزيد عربي ودولي عرض المزيد منوعات عرض المزيد الشباب والرياضة عرض المزيد تعليم و جامعات في الصميم ثقافة وفنون نواب واعيان علوم و تكنولوجيا اخبار الاردن الوفيات أقلام مال وأعمال عربي ودولي نواب واعيان تعليم و جامعات منوعات الشباب والرياضة ثقافة وفنون علوم و تكنولوجيا زين الأردن عربي ودولي عربي ودولي اخبار الاردن اخبار الاردن اخبار الاردن عربي ودولي اخبار الاردن اخبار الاردن عربي ودولي اخبار الاردن
إقرأ أيضاً:
هل ستختفي ظاهرة “وزراء الظل” مع التعديل الوزاري الجديد؟
صراحة نيوز- بقلم /النائب الدكتور شاهر شطناوي
رئيس لجنة الصحة والغذاء النيابية
إن التعديل الوزاري الذي أجراه دولة الدكتور جعفر حسان اليوم، والذي حظي بسرية تامة ومخالفة لكل التوقعات، أصبح بمثابة حلم تحقق لدى كثير من الأردنيين والمتابعين للمشهد السياسي الأردني، فالحديث عن هذا التعديل منذ شهور أثار جدلا واسعا في موعده المرتقب والوزراء الجدد الذين سيدخلون التشكيل الحكومي.
وفي كل مرة يُعلن فيها عن تعديل وزاري جديد، تتجه الأنظار إلى الوجوه المتبدلة، والتكهنات بالتغيير المنشود، وكأن استبدال الأشخاص كافٍ لتغيير قواعد اللعبة، غير أن ما يغيب عن المشهد العلني هو تلك الظاهرة التي تعمل بصمت، وتحكم الواقع السياسي من خلف الستار، وتُعيد إنتاج الأزمات مهما تبدلت الوجوه: إنها ظاهرة وزراء الظل.
إن هذه التسمية التي خرجت من عباءة الخيال السياسي ليست مجازا إعلاميا أو سردية معارضة، بل تحوّلت في كثير من الحالات إلى حقيقة مؤسسية تتجاوز السلطة الدستورية للوزير، وتُفرغ موقعه من جوهره التنفيذي والسيادي. فـوزير الظل يعبر عن كيان مركّب يتموضع داخل الوزارة نفسها، في هيئة هياكل إدارية، ومراكز قوى بيروقراطية، ومجموعات مستشارين ومديرين دائمين، يتصرفون كأوصياء على القرار الوزاري، ويُعيدون توجيهه أو تجميده وفق مصالح مستقرة.
إن ما يجعل هذه الظاهرة مقلقة ليس فقط قدرتها على تعطيل المبادرات أو إفراغ الخطط من مضمونها، بل لأنها تنتج واقعًا خفيًا لا يخضع للمساءلة، ولا يظهر في الصورة، لكنه يضبط الإيقاع العام للعمل الوزاري، فمن خلال أدوات إدارية دقيقة كتأخير المذكرات، وتحريف المعطيات، وتشتيت الوزير بالمعلومات الناقصة، أو تطويق حركته بمساعدين غير موالين.
في هذا السياق، لا يكون التعديل الوزاري مهما حمل من وعود كافيًا ما لم يُواكبه تفكيك فعلي لتلك الشبكات غير الرسمية التي تستبطن القرار وتُعيد إنتاج الفشل، فما جدوى أن يتولى وزير جديد حقيبة وزارية، بينما أدواته ما تزال مرهونة لولاءات سابقة؟ وما معنى أن يُطلب منه قيادة التغيير، في حين يُسيّر من داخل وزارته بمنظومة لم يخترها ولا يملك السيطرة عليها؟
إن ظاهرة وزراء الظل تكشف عن اختلال بنيوي في فلسفة الإدارة العامة، حيث تُدار مؤسسات الدولة وفق منطق الإدارة بالعرف لا الإدارة بالسلطة، فالمواقع لا تُمنح لمن يملك رؤية أو مشروعًا، بل لمن يُجيد الصمت، ويُحسن العمل في الظل، ويُجيد تطويع الوزير لخدمة ما هو قائم، وبالتالي تتحوّل بعض الوزارات إلى كيانات شبه مغلقة، تتعامل مع الوزير كزائر مؤقت يجب احتواؤه، لا كشخصية سياسية سيادية تملك حق المبادرة واتخاذ القرار.
ومن هنا، فإن تفكيك هذه الظاهرة لا يمكن أن يتم بتغيير الأسماء فقط، إنما بتعديل قواعد العمل الإداري والسياسي، وتكريس مبدأ السيادة المؤسسية للوزير، بوصفه صاحب مشروع وقرار، له أدواته وفريقه ومسؤوليته أمام البرلمان والرأي العام.
فلا بد من إعادة هيكلة الإدارة الوسطى والعليا في الوزارات، ومنح الوزير القدرة القانونية والإدارية على اختيار طاقمه، ومحاسبة من يعرقل قراراته، وفرض آليات رقابة داخلية تكشف شبكات المصالح غير المعلنة، فالديمقراطية لا تُقاس بعدد التعديلات ولا بتجميل البيانات، بل بمدى قدرة المؤسسات على العمل وفق صلاحياتها الدستورية لا وفق الأوامر غير المكتوبة.
إن ظاهرة وزراء الظل ليست عارضًا إداريًا، وإنما يمكن توصيفها كأزمة سياسية بنيوية، تُنتج دولة مزدوجة: واحدة في الصورة، والثانية في القرار، وإذا لم يتم تفكيك هذه البنية، فسيبقى التعديل الوزاري مجرد إعادة توضيب للواجهة، بينما غرفة التحكم الحقيقية تواصل عملها بلا ضوء ولا محاسبة.