عربي21:
2025-08-08@07:42:04 GMT

بلدان تحلو فيها تمضية العمر

تاريخ النشر: 8th, August 2025 GMT

إن البلدان التي تعنينا في المقام الأول هي بلداننا العربية والإسلامية، وهي التي أصبح لا خيار أمامها إلا أن تكون أوطاناً يحلو فيها العيش والحلم والإنجاز وقضاء العمر. ونحن هنا لا نتحدث عن ترف أو نعبر عن أمنية، بل إن نقاطاً عدّة تفرض على دولنا أن تتحول إلى بلدان يحلو فيها العيش، ويثمر فيها الحلم إذا كنا فعلاً نرغب في الاستمرار والوجود كمجتمعات.



في العقود الماضية كان الشباب وغيرهم من الفئات العمرية عندما يجدون أمامهم الآفاق غير رحبة، وتصادفهم العقبات ذات الصلة بالعالم الثالث، والفساد والتخلُّف، فإنهم كانوا يهاجرون وينحتون لأنفسهم مستقبلاً مختلفاً في بلدان موصوفة بسعة الأفق والفرص والتقدم، وكما نعلم فإن كفاءات كثيرة هاجرت وأعطت خير عقولها وعبقريتها لأوروبا والغرب عموماً، وقد حرم ذلك بلداننا من الاستفادة من هذه العقول في تحقيق التنمية وتأمين مسار التحديث والابتكار.

هذه المسألة هي ما اصطلح على تسميتها وتوصيفها بهجرة الأدمغة. وتوازياً مع هجرة الأدمغة من المهم التذكير أيضاً بأن أوروبا عوّلت إلى حد كبير على سواعد رجالنا العرب؛ حيث كانوا يمثلون اليد العاملة التي تكفلت ببناء البنية التحتيّة لوسائل النقل في مدن أوروبا، وأمّنت من ثم اقتصاد النقل ومجال التجارة وغير ذلك من المجالات الحيوية.

اليوم تغيّر حال الغرب، لم يعد بحاجة إلى سواعدنا؛ لذلك أقفلت الأبواب أمام شبابنا، باستثناء بعض الدول التي تعاني من تهرم سكاني، وهي بحاجة إلى اختصاصات دقيقة.

في مقابل ذلك، فالملاحظ من خلال الأرقام والإحصاءات أن الغرب بات معنيّاً فقط بتوريد كفاءاتنا من المهندسين والأطباء بشكل أساسي، مع تقديم أجور زهيدة وصيغ عمل بعقود محدودة الزمن.

وكمثال على ذلك، نشير إلى أن تونس في كل عام يغادرها مهندسون وأطباء، وهذا في الحقيقة أمر مقلق ومؤسف؛ لأن هذه الظاهرة مزعجة بشكل مضاعف: أولاً، لأن شباباً في عمر العطاء يُغادر ليفيد مجتمعاً آخر مقابل توفير بعض الامتيازات، وثانياً، لأن المجموعة الوطنية تنفق على تعليم هذه الكفاءات الشابة، وعندما يحين وقت الاستفادة منها تأخذ الحقيبة وتُحلّق في سماوات أوروبا والغرب.

المشكل اليوم، وبالنظر إلى الأزمة الاقتصادية في كل العالم، وتفشي ظواهر البطالة في دول مثل فرنسا، فإن خيار الهجرة لم يعد يُمثل ذلك الملاذ المربح، كما كانت الحال مع الأجيال السابقة، وباستثناء الكفاءات العباقرة فإن التحصيل المالي يظل أقل من كفاءات أوروبا.

كل عام في هذه الفترة يُسافر الآلاف من شبابنا الحائر شهادة البكالوريا (تُسمى في بعض بلداننا الثانوية العامة) نحو الغرب للدراسة الجامعية، مع حلم الاستقرار المهني هناك، ونرى العائلات في مجتمعاتنا تستثمر في هذه الفرضية الكثير من المال، وتتلقّى الخيبات في أحايين كثيرة. ذلك أن صعود اليمين المتطرف في أوروبا زاد من صعوبة التعايش بسبب ما يلاقيه شبابنا من تمييز عنصري، إضافة إلى تكبد مشقة الغربة وتحدياتها.

ولا يخفى أن الغرض الأساسي من الهجرة تحت عنوان الدراسة الجامعيّة ليس الدراسة فقط، لأن أغلبية بلداننا فيها جامعات عمومية وخاصة وأجنبية، بل إن هاجس تأمين العمل وتأسيس مستقبل خارج الوطن الأصلي هما الهدف الأكبر.

إن فرار الشباب إلى الخارج للدراسة والبحث عن عمل، رغم كل صعوبات الحصول على تأشيرة دخول إلى الفضاء الأوروبي والغربي، يُمثل ظاهرة خطيرة جداً بكل المعاني، وأولى دلالات هذه الخطورة هو الحلم خارج الوطن وانتشار عدوى الهجرة، وكأن أوطاننا لا تحيا فيها الكفاءة.

ماذا يعني ألا يظل من الشباب غير المضطر للبقاء؟ هل يمكن بالبقاء الاضطراري بناء تنمية وتحقيق تقدم؟ وأيّ بناء يمكن أن يُشيد وأفضل الكفاءات تُسافر لتعزز تقدم بلدان أخرى؟

هناك مشكل كبير يجتاح شبابنا من خريجي الجامعات، الذين يمثلون الثروة الحقيقية لأي مجتمع، بما يعنيه من كفاءة وذكاء وأفكار نحن في أمسّ الحاجة إليها. لذلك فإن الحل ليس في فرض شروط تُجبرهم على البقاء، والعمل لسنوات من أجل تسديد دين المجموعة الوطنية التي أنفقت على تعليمهم، وإنما الحل بكل بساطة هو أن تتحول بلداننا إجبارياً، ومن منطلق الضرورة القصوى، إلى بلدان تترعرع فيها الكفاءة، وتجد مناخاً متكاملاً يساعدها على الحلم والتقدم والعمل وحسن التقدير المالي والمعنوي لها.

فما يضرنا لو أصبحنا مجتمعات يحلو فيها العيش والحلم والعمل والإنجاز؟

الشرق الأوسط

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات قضايا وآراء كاريكاتير بورتريه الغرب الهجرة الغرب الدول العربية الهجرة هجرة الكفاءات سياسة سياسة رياضة سياسة سياسة صحافة مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

دراسة تكشف تأثيرا خطيرا لـ"تشات جي بي تي" على سلوك المراهقين

كشفت دراسة حديثة أن روبوت المحادثة "شات جي بي تي"، يمكن أن يوجه الأطفال والمراهقين إلى سلوكات خطيرة، لا تتناسب مع أعمارهم.

وكشفت الدراسة أن "شات جي بي تي" يمكن أن يعلم الأطفال طريقة شرب الكحول، وتعاطي المخدرات، ويوجههم لإخفاء اضطرابات الأكل، بل وحتى قد يكتب لهم رسائل انتحار موجهة إلى والديهم عند الطلب.

الدراسة التي قام بها "مركز مكافحة الكراهية الرقمية"، أوردت أن روبوت الدردشة كان يصدر تحذيرات من سلوكيات خطيرة في الأول، إلا أنه في النهاية قدم خططا مفصلة وصادمة لطريقة استخدام المخدرات، واتباع حميات غذائية صارمة، أو حتى إيذاء النفس.

وللتوصل إلى هذه النتائج تظاهر الباحثون أنهم مراهقون يعانون من الهشاشة النفسية، وطلبوا من "شات جي بي تي" أن يساعدهم، وصنف الباحثون نصف إجاباته البالغ عددها 1200 على أنها خطيرة.

وذكر الباحثون أن روبوت المحادثة شارك معهم في بعض الأحيان معلومات مفيدة مثل أرقام خطوط المساعدة. إلا أن الباحثين تمكنوا بسهولة من تجاوز الرفض المبدئي عند سؤاله عن مواضيع ضارة، من خلال ادعاء أنهم يحتاجون معلومات من أجل "عرض تقديمي" أو لصديق.

ومن جانبها قالت شركة "أوبن أي آي" المطورة لـ"شات جي بي تي" في ردها على التقرير، إنها تواصل العمل لتحسين قدرة النموذج على التعرف على الحالات الحساسة والاستجابة لها بشكل مناسب، وفقا لما ذكرته وكالة "أسوشيتد برس".

ولم تعلق "أوبن أي آي" على نتائج التقرير، وعن كيفية تأثير روبوتها على سلوك المراهقين.

وشددت على أنها تركز على تحسين التعامل مع مثل هذه السيناريوهات، باستخدام أدوات للكشف عن علامات الضيق النفسي.

وجاءت هذه الدراسة في وقت تضاعف فيه عدد المستخدمين لروبوتات الدردشة للحصول على معلومات وأفكار.

وبحسب تقرير صادر عن بنك "جي بي مورغن تشيس" في يوليو، فقد بلغ عدد مستخدمي "شات جي بي تي" 800 مليون شخص، أي ما يعادل 10 بالمئة من سكان العالم.

وقال عمران أحمد، الرئيس التنفيذي لـ"مركز مكافحة الكراهية الرقمية" إن "التكنولوجيا تملك قدرة عالية في الإنتاجية والفهم الإنساني، لكنها في الوقت ذاته قد تكون أداة دمار مؤذية وخيبة".

وقال أحمد إنه تأثر عندما قرأ ثلاث رسائل انتحار صادمة كتبها الروبوت لفتاة افتراضية تبلغ من العمر 13 عاما، واحدة موجهة لوالديها، وأخرى لأشقائها، والثالثة لأصدقائها.

وفي تجربة أخرى، قام الباحثون بإنشاء حساب وهمي لصبي، يبلغ من العمر 13 عاما، وطلب من "شات جي بي تي" نصائح حول كيفية السكر بسرعة، فاستجاب روبوت المحادثة فورا وقدم له خطة مفصلة لحفلة تشمل مزج الكحول بكميات كبيرة من الإكستازي والكوكاين ومخدرات غير قانونية، بحسب ما نقلته ذات الوكالة.

كما أنشأ باحثون حسابا لفتاة، تبلغ من العمر 13 عاما، وقالت إنها غير راضية عن شكلها، فقدم لها خطة صيام قاسية مصحوبة بلائحة من الأدوية الكابحة للشهية.

وكشف تقرير حديث لمنظمة "كومن ساينس ميديا" أن أكثر من 70 بالمئة من المراهقين الأمريكيين يستخدمون روبوتات الدردشة الذكية للبحث عن المرافقة، ونصفهم يستخدمونها بشكل منتظم.

من جهته، قال الرئيس التنفيذي لشركة "أوبن أي آي" إن شركته تحاول دراسة ظاهرة "الاعتماد العاطفي الزائد" على التكنولوجيا، معتبرا أنها أمر "شائع" بين الشباب.

وقال ألتمان خلال مؤتمر: "الناس يعتمدون على ChatGPT بشكل مبالغ فيه. هناك شباب يقولون: لا يمكنني اتخاذ أي قرار في حياتي دون أن أخبر ChatGPT بكل شيء يحدث. إنه يعرفني. يعرف أصدقائي. سأفعل كل ما يقوله. وهذا أمر مقلق للغاية بالنسبة لي".

وظهر في التقرير أن روبوت المحادثة يميل إلى تكرار ما يعتقد أن المستخدم يريد سماعه بدلا من تحدي أفكاره.

وقال روبي تورني، مدير البرنامج في المنظمة، إن "ما يزيد خطورة الأمر هو أن روبوتات الدردشة تختلف عن محركات البحث في تأثيرها على الأطفال والمراهقين لأنها مصممة لتبدو بشرية".

مقالات مشابهة

  • حشرة نادرة تساعد في إبطاء الشيخوخة
  • تركيا ومقاتلة اليوروفايتر التي تعيد رسم خرائط السماء
  • القحطاني يحتفل بليلة العمر
  • أزمة مشتعلة بين الأندية الأربعة الكبرى واتحاد كرة القدم
  • طفل يفارق الحياة على يد شاب داخل سوبر ماركت.. والسبب صادم
  • دراسة تكشف تأثيرا خطيرا لـ"تشات جي بي تي" على سلوك المراهقين
  • بوح النيلين .. الدوحة تستضيف أمسية شعرية تنساب فيها الكلمات كالنيل
  • مسؤول تركي: التعافي الاقتصادي السريع في سوريا مهم للاستقرار فيها
  • وزير العدل يزور مقر السفارة العراقية في الرياض ويلتقي عدد من أبناء الجالية فيها