من خزانة الملابس.. دعوة لإنقاذ كوكبنا
تاريخ النشر: 8th, August 2025 GMT
عندما نفتح خزانة ملابسنا، نرى فيها أكثر من مجرد قطع قماش، نرى فيها ذكرى رحلة، موضة عابرة، وهوية تعكس ذواتنا، لكن هل فكرنا يومًا في المصير المجهول للملابس التي لم نعد نرتديها؟ خلف كل قطعة، هناك قصة من الموارد التي استُنزفت، والمياه التي أُهدرت، والنفايات التي تنتظر مصيرًا مجهولًا، في كل ثانية، يتم التخلص من شاحنة قمامة كاملة من المنسوجات، إما تُدفن في مكبات النفايات أو تُحرق، لتطلق صرخة صامتة تطلب منا أن نغير طريقة تفكيرنا، وأن نمنحها فرصة أخرى للحياة، إنها دعوة إنسانية لإنقاذ كوكبنا، قطعة قماش تلو الأخرى.
تُعد صناعة الأزياء واحدة من أكبر الصناعات في العالم، لكنها أيضًا واحدة من أكثرها تلويثًا للبيئة، لقد خلق نموذج «الموضة السريعة» الذي يعتمد على الإنتاج الضخم والأسعار المنخفضة، دوامة من الاستهلاك المفرط أثقلت كاهل الكوكب، لكي نفهم حجم التحدي، علينا أن نتوقف عند الأرقام الصادمة التي تروي حكاية هذا الطوفان وتأثيره الكارثي:
92 مليون طن: هذا هو الحجم المروع للنفايات النسيجية التي يتم إنتاجها على مستوى العالم سنويًا، هذا الرقم لا يقتصر على الملابس التي نرميها فحسب، بل يشمل أيضًا بقايا القص في المصانع، والملابس التي لا تُباع، والمنسوجات المنزلية، هذا الكم الهائل يُمثل تحديًا بيئيًا ضخمًا، حيث تستغرق الألياف الطبيعية سنوات طويلة للتحلل، بينما قد تستغرق الألياف الصناعية (مثل البوليستر) مئات السنين، مطلقةً في طريقها أليافًا بلاستيكية دقيقة تلوث المحيطات.
11.3 مليون طن: هذا الرقم يخص الولايات المتحدة الأمريكية وحدها، وهو كمية المنسوجات التي تُدفن في مكبات النفايات سنويًا، هذه النفايات تشكل عبئًا هائلًا على البيئة، حيث تتحلل الألياف الطبيعية في غياب الأكسجين لتطلق غاز الميثان، وهو غاز دفيء أقوى بـ 25 مرة من ثاني أكسيد الكربون، وتتسرب منها مواد كيميائية سامة إلى التربة والمياه الجوفية.
أقل من 1%: هذه هي النسبة المأساوية من الملابس القديمة التي يتم إعادة تدويرها وتحويلها إلى ملابس جديدة، هذا يعني أن الغالبية العظمى من الأقمشة المستخدمة في صناعة الأزياء (أكثر من 99%) تأتي من موارد جديدة، مما يفرض ضغطًا هائلًا على الموارد الطبيعية مثل المياه والأراضي الزراعية والطاقة، ويُظهر فشلًا ذريعًا في تحقيق مبدأ الاستدامة.
إعادة تدوير القماش ليست مجرد فكرة بيئية، بل هي حجر الزاوية في بناء اقتصاد دائري مستدام لصناعة الأزياء، بدلًا من التخلص من النفايات، يتم منحها حياة ثانية، مما يقلل بشكل كبير من البصمة البيئية للموضة. وتساهم إعادة التدوير في:
توفير المياه والطاقة: يتطلب إنتاج قميص قطني واحد حوالي 2700 لتر من الماء، وهو ما يعادل كمية الماء التي يشربها الإنسان على مدار عامين ونصف، إعادة تدوير القطن تقلل بشكل كبير من هذا الاستهلاك، كما أنها تقلل من الطاقة اللازمة لزراعة الألياف ومعالجتها وصبغها.
تقليل الانبعاثات: تقلل من الانبعاثات الكربونية الناتجة عن عمليات التصنيع، وتمنع انبعاثات غاز الميثان من مكبات النفايات.
في مصر، بدأت الجهود المحلية تُحدث فرقًا ملموسًا، خاصة من خلال المبادرات المدعومة من برامج مثل المنح الصغيرة. هذه البرامج تُمكّن الجمعيات والشباب من تحويل الأفكار المستدامة إلى مشاريع حقيقية، إليك بعض الأمثلة الواقعية التي تُجسد الأمل:
جمعية حماية البيئة من التلوث (APE): تُعد هذه الجمعية واحدة من الرواد في مجال إعادة التدوير في منطقة منشأة ناصر، لم تكتفِ بالتعامل مع المخلفات، بل حولت النفايات إلى مصدر رزق وفرصة لتمكين النساء، عبر تدريبهن على إعادة تدوير القماش، أصبحن قادرات على إنتاج منتجات يدوية فريدة، مما يمنحهن دخلًا مستدامًا وكرامة.
مشروع «Re-Wear»: هذا المشروع، المدعوم من برنامج المنح الصغيرة في مرحلته السابعة، يركز على إعادة تصميم وتفصيل الملابس القديمة، لا يكتفي بإعادة تدوير القماش، بل يضيف إليه لمسة فنية لخلق قطع أزياء عصرية وفريدة من نوعها، يثبت المشروع أن الموضة المستدامة يمكن أن تكون جذابة ومبتكرة.
مشروع «Re-Fab»: هذا المشروع يواجه التحدي من جذوره، حيث يستهدف بقايا الأقمشة من المصانع، بدلًا من أن تكون هذه البقايا عبئًا، يقوم فريق العمل بجمعها وفرزها وتحويلها إلى منتجات جديدة ذات قيمة، مثل الحقائب، والإكسسوارات، وقطع الديكور المنزلي، يساهم المشروع في تقليل النفايات الصناعية وتوفير منتجات صديقة للبيئة بأسعار معقولة.
لا يمكن أن تنجح جهود إعادة التدوير دون تغيير في سلوك المستهلك، نحن، كأفراد، نمتلك قوة هائلة في أيدينا: قوة الاختيار، كل قرار نتخذه يساهم في تحديد مستقبل صناعة الأزياء:
فكر مرتين قبل الشراء: هل تحتاج حقًا إلى هذه القطعة الجديدة؟ أم يمكنك تنسيق ملابسك القديمة بطريقة جديدة؟ مقاومة إغراء «الموضة السريعة» هي الخطوة الأولى نحو الاستدامة.
اختر الجودة على الكمية: الملابس عالية الجودة تدوم لفترة أطول، مما يقلل من الحاجة إلى استبدالها بشكل متكرر، إن الاستثمار في قطعة واحدة جيدة أفضل بكثير من شراء عشر قطع رخيصة لا تدوم إلا بضعة أشهر.
لا تتخلص من الملابس بسهولة.. قبل رمي الملابس، فكر في خيارات أخرى، يمكنك التبرع بها للجمعيات الخيرية، أو تبديلها مع الأصدقاء، أو حتى إعادة تصميمها بنفسك لتعطيها لمسة جديدة.
تمكنك من قياس الملابس افتراضيًا.. «جوجل» تكشف عن ميزة باستخدام الذكاء الاصطناعي
رئيس هيئة الاستثمار: مصر ستتحول خلال عامين لمركز إقليمي لتصنيع وتداول المنسوجات والملابس الجاهزة
هيئة الاستثمار تبحث نقل سلاسل الإنتاج الصينية في قطاع الملابس إلى مصر
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: المنسوجات الملابس خزانة الملابس صناعة الأزياء إعادة تدوير القماش تدوير القماش إعادة التدویر إعادة تدویر التی ت
إقرأ أيضاً:
تضامن الشرقية تنظم معرضا للملابس الجديدة لدعم الأسر الأولى بالرعاية بالحسينية
نظمت مديرية التضامن الاجتماعى بالشرقية بالتعاون مع جمعية الأورمان معرض لتوزيع الملابس الجديدة على الأسر الأولى بالرعاية والأكثر إحتياجا بقاعة الأسره والطفل بمركز الحسينيه لدعم قرى السعدى وعليوه وعزبة البابور وبحر البقر وبرد والمناجاة الكبرى والمناجاة الصغري وسعود البحرية ومنشية بشاره ومنازع وابوشميس وابوزيان وتيمور بمركز الحسينيه فى محافظة الشرقية.
وأكد أحمد حمدى عبدالمتجلى، وكيل مديرية التضامن بالشرقية علي أن المديرية تسعى لإدخال روح البهجة على أكبر عدد من الأسر الأولي بالرعاية ، والتخفيف عن كاهلهم، حيث تم تنظيم المعرض ودعوة الأسر بصحبة أطفالهم والاحتفال بهم وتوزيع الملابس الجديدة عليهم وذلك بالتعاون مع الجمعيات الاهلية الصغيرة المنتشرة بارجاء المحافظة .
وشدد عبدالمتجلى، على ضرورة التأكد من حالة الأشخاص الذين تم استفادتهمم من المعرض، وذلك حتى يصل الدعم إلى مستحقيه بشكل سليم، دون مجاملة لأحد، والتأكد من سلامة المعلومات للمتقدمين للحصول على المساعدة .
من جانبه أفاد اللواء ممدوح شعبان، مدير عام جمعية الأورمان، أن فرق عمل الأورمان المنتشرة على مستوى نجوع وكفور وعزب وقرى الشرقية تقوم برصد الاحتياجات الرئيسية الاكثر إلحاحًا وتاثيرًا على واقع معيشة الأسر الأكثر احتياجا فى النطاقات الجغرافية الفقيرة، مشيرًا إلى أن تنظيم المعارض يأتى فى إطار جهود الأورمان المستمرة لدعم شرائح غير القادرين فى قرى ونجوع ومدن محافظة الشرقية.
يذكر أن تنظيم الأورمان لمعارض الملابس والأحذية يأتى استكمالا لجهود الأورمان التى تنظمها لصالح الأسر الأكثر احتياجًا بالقرى الفقيرة فى محافظة الشرقية من توزيع مساعدات موسمية وتنفيذ مشروعات تنموية صغيرة ومتناهية الصغر وإعادة إعمار المنازل المتهالكة بترميم الجدران وعمل الأسقف والمحارة والسباكة والأرضيات وتوصيل مياه الشرب النقية والكهرباء بالمجان تماما.