كيف نواجه مفاهيم الجماعات المتطرفة المغلوطة عن الفقه؟ الأزهر يجيب
تاريخ النشر: 9th, August 2025 GMT
أكد الدكتور أحمد العطار، الباحث بمرصد الأزهر لمكافحة التطرف، أن من الضروري تقديم قرار عقيدي واضح بشأن استخدام التنظيمات المتطرفة للفكر الإسلامي، مشددًا على أن مواجهة هذا الانحراف الفكري لا تتم إلا من خلال عدة خطوات جوهرية.
الفكر الإسلامي قائم على الاجتهادوأوضح "العطار"، في تصريح له، أن الفكر الإسلامي قائم على الاجتهاد ومراعاة المصلحة، وليس على التطبيق الآلي للنصوص، مضيفًا أن هذا الفكر لم يكن يومًا قالبًا جامدًا يُفرض على كل زمان ومكان، بل هو روح حيّة تستنطق بلسان الواقع وتتفاعل بنور المقاصد.
وأشار إلى أن النصوص الشرعية لم تأت لتُطبق بشكل تلقائي كما يفعل المتطرفون، وإنما تُفهم في ضوء الاجتهاد ووفقًا لمقاصد الشريعة التي وصفها الإمام الشاطبي بأنها وضعت لمصالح العباد في العاجل والآجل. واستشهد بموقف النبي صلى الله عليه وسلم مع معاذ بن جبل حين أرسله إلى اليمن، وكذلك بقرار عمر بن الخطاب تعطيل حد السرقة في عام المجاعة، مؤكدا أن الفقه ليس نصًّا يُسلَّط كالسيف، بل ميزان يراعي الأحوال، وضمير ينصت للناس، ومنهج يحمي النصوص من سوء التأويل.
طبيعة الفقه الإسلاميوأضاف أن الفقه الإسلامي بطبيعته تعددي، وفيه أقوال متعددة لكل مسألة، معتبرا أن انتقاء رأي واحد وفرضه على الناس نوع من الجهل بالشريعة أو قصور في الفهم. واستشهد بقول الإمام النووي: "الاختلاف في الفروع رحمة، واتفاقهم حجة قاطعة، واختلافهم ليس حجة على أحد دون أحد"، لافتًا إلى أن اختلاف الفقهاء كان رحمة وسعة، لا ضعفًا أو تضادًا.
الضرورات الخمسوشدد "العطار" على أن الشريعة جاءت لحفظ الضرورات الخمس: الدين، النفس، العقل، النسل، والمال، وأي فهم يُهدد هذه الضرورات هو بالتأكيد فهم منحرف عن مقاصد الشريعة، حتى وإن تستر بالنصوص. مضيفًا: "إنما الشريعة رحمة كلها، عدل كلها، مصلحة كلها، وكل مسألة خرجت عن ذلك فليست من الشريعة في شيء".
دعاء صلاة الاستخارة .. وأفضل وقت لأدائها وكيفية معرفة نتائجها
دعاء للميت يوم السبت.. بـ5 كلمات يبدأ النعيم وينتهي عذاب وظلمة القبر
وأكد أن هذه العناصر الثلاثة تمثل محاولة جادة لإعادة الفقه إلى دفء مقاصده، وأن الإسلام ليس مشروع كراهية أو صراع، بل هو مشروع بناء وتعايش، يبدأ بجهاد النفس وكف اللسان قبل حد السيف، قائلاً: "القراءات المتطرفة تُفرغ الشريعة من مرونتها وروحها الإنسانية، بينما المنهجية الصحيحة تقوم على التوازن بين النص والواقع، كما قال تعالى: وكذلك جعلناكم أمة وسطًا، أي أمة عدل واعتدال، لا غلو ولا تطرف".
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الفقه الجماعات المتطرفة الأزهر التنظيمات المتطرفة مقاصد الشريعة الفقه الإسلامي
إقرأ أيضاً:
كيف حاول الإخوان تحويل الأزهر لقبلة فكرية لهم؟.. الأعلى للشؤون الإسلامية يكشف
قال الدكتور عبد الغني هندي، عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، إن اختراق الجماعات المتطرفة للمؤسسة الأزهرية لم يكن واسع النطاق كما يُشاع، بل كانت أعدادهم قليلة لكنها منظمة، مشيرًا إلى أن الدولة سمحت لهم سابقًا بحرية الحركة داخل مؤسسات الأزهر، قبل أن يتم التصدي لهم لاحقًا.
وأضاف عبد الغني هندي خلال لقائه مع الإعلامي حمدي رزق في برنامج "نظرة" المذاع عبر قناة صدى البلد، أن الفترة من 2011 إلى 2013 كانت مفصلية وكاشفة لحقيقة تلك الجماعات، موضحًا أن رموزًا مثل صلاح سلطان وجمال عبدالستار حاولوا إقصاء الإمام الأكبر، وتم تهميشه حتى في مناسبات رسمية، مثل جلسة أداء اليمين للرئيس الأسبق محمد مرسي، حين جلس شيخ الأزهر في الصف الثالث بينما جلس قياديون من "الإخوان" في الصفوف الأولى.
اختطاف الأزهروأوضح “هندي” أن تلك الحقبة كشفت كيف كانت التنظيمات تسعى لاختطاف الأزهر وتحويله إلى قبلة فكرية تابعة لهم، وهو ما تم رصده بوضوح في "خطة التمكين" الخاصة بالجماعة، والتي تضمنت بندًا بعنوان: "احتواء الأزهر ثم اختطافه".
ولفت إلى ضرورة التحصين من تكرار تلك التجربة، من خلال مراجعة مؤلفات الأساتذة المنتمين فكريًا لهذه الجماعات، خصوصًا أن بعضهم لم يعد موجودًا بالجامعات، ولكن كتبهم لا تزال متداولة، وضرب مثالًا بشخصيات لم تتعلم بالأزهر، مثل محمد حسان، والتي نُسبت لها أدوار تعليمية في كليات دعوة بالخارج خلال تلك الفترة.
الجمعيات والتنظيماتوشدد على أن الدولة منذ 2013 بدأت فعليًا في الحفاظ على استقلالية الأزهر ومكانته، بعدما كان يُطلق عليه سابقًا "جماعة الفقراء" بسبب ضعف الميزانيات، وهو ما فتح بابًا أمام الجمعيات والتنظيمات لاختراقه.
كما أشار إلى أن مؤسسات مثل وزارة الأوقاف كانت مستهدفة أيضًا، مشيدًا بدور الأزهريين الذين شاركوا في المواجهة الشعبية ضد تلك التنظيمات، جنبًا إلى جنب مع الأقباط، خاصة في مشاهد التلاحم الوطني بعد أحداث 2013.
الأزهر ليس مؤسسة دينية فقطوختم "هندي" حديثه بالتأكيد على أن الأزهر ليس مؤسسة دينية فقط كما في المفهوم الكنسي الغربي، بل هو مؤسسة علمية إسلامية كبرى تُعنى بالتراث والعلم، وخرجت علماء في شتى التخصصات، من الفلك إلى الطب، مؤكدًا أن بعض رموزه التاريخيين كانوا بمثابة رواد علميين قبل قرون من نشوء التصنيفات الأكاديمية الحديثة.