جريدة الرؤية العمانية:
2025-10-16@18:00:14 GMT

الراتب في خطر

تاريخ النشر: 11th, August 2025 GMT

الراتب في خطر

 

 

جابر حسين العُماني **

jaber.alomani14@gmail.com

 

أكثر ما ينتظره ويترقبه المواطن عند بداية كل شهر هو راتبه الشهري الذي من خلاله يستطيع العيش بسلام وأمان مع أفراد أسرته، وهو يأمل دائمًا في زيادة هذا الدخل لضمان حياة كريمة يعيشها بعزة وكرامة بلا منة من أحد.

ومن المُؤسف جدًا أن يبقى راتب المواطن على حاله بلا زيادة، بينما مصاريف الحياة تتكاثر وتنمو بشكل غير طبيعي؛ مما يجعل المواطن يعيش حياة مزعجة ومُرهقة لا تطاق، بحيث لا يستطيع التكيف مع تكاليف الحياة.

وغلاء المعيشة واقعٌ صعبٌ يعيشه المواطن العربي، وهو ليس موضوعًا عاديًا ينبغي السكوت عنه، بل لا بد من التَّحرك الجاد والسريع من قبل الحكومات لتحسينه وتطويره بما يضمن للمواطن حياة كريمة، فيستطيع بذلك تلبية احتياجات أسرته ومتطلباتها الحياتية المُختلفة، والتي من أهمها تكاليف فواتير الكهرباء والماء والمدارس والغذاء والعلاج، ولكن يا ترى هل يستطيع المواطن التعايش مع تكاليف باهظة الثمن، وهو يتقاضى راتباً ثابتاً وغلاء المعيشة يتحرك بلا توقف؟

وغلاء المعيشة وإزعاج المواطن بمساوئها، يتطلب من الحكومات العربية والإسلامية العمل الجاد على إيجاد الحلول الجذرية، وذلك من خلال مُراجعة سياسة دفع الرواتب، والتضخم، والاهتمام الكامل بالدعم الحكومي للمواطن، فنحن اليوم نعيش في زمن يتطلب صناعة دول واعية تستمع باحترام وإجلال لصوت الشارع المتمثل في المواطنين الأعزاء، سواء كان ذلك المواطن باحثًا عن العمل أو مسرحًا منه أو لا زال على رأس عمله.

اليوم.. نحن في وقت لا يطلب المواطنون فيه الاستماع إلى الشعارات الرنانة والوعود غير المجدية من المسؤولين وأصحاب المناصب والكراسي، بهدف التطمين لا أكثر؛ بل يطالب المواطنون المسؤولين في الحكومات بالعمل الجاد والحقيقي لتحسين أوضاعهم المعيشية وذلك من خلال زيادة رواتبهم بما يكفيهم ويجعلهم متكيفين مع غلاء المعيشة.

وعندما نتحدث عن أهمية زيادة راتب المواطن، فنحن نتحدث عن خطوات إيجابية واستراتيجية لها الكثير من الآثار المُباشرة والرائعة على المواطن والمجتمع والاقتصاد الوطني، ومن أهم تلك الفوائد ما يلي:

أولًا: تحسين المستوى المعيشي للمواطن بما يجعله قادرا على تلبية احتياجاته اليومية بكل كرامة وعزة وشموخ. ثانيًا: تجنب الديون، فالراتب الذي يكفي المواطن يجعله أقل قرضاً ودينًا. ثالثًا: استطاعة المواطن على الادخار والاستثمار بما يتيح له إقامة المشاريع الصغيرة والكبيرة التي تعود بالنفع عليه وعلى أسرته ومجتمعه ووطنه. رابعًا: استقرار الأسرة واطمئنانها وذلك أن زيادة الدخل تعني الراحة النفسية، بينما ضعف الدخل ينعكس سلباً على الأسرة وأفرادها.

وكما أن زيادة الراتب مفيدة على الصعيد الشخصي للفرد، فهي مفيدة أيضًا على الصعيد الاجتماعي، والفوائد في هذا الصعيد جمَّة وكثيرة، ومن أهمها الآتي:

أولًا: تعزيز الإنتاج والانتماء إلى الوطن، وذلك أن المواطن الموظف الذي تبادله الدولة الاحترام والتقدير من خلال منحه راتباً عادلا ومنصفاً، بكل تأكيد سيُعطي وقته وجهده وإخلاصه لتقديم عمل أفضل، مما يعود بالخير على الوطن والمواطنين. ثانيًا: الحد من انتشار الجرائم، فزيادة الدخل من خلال الراتب الشهري تساعد كثيرًا على نفي الفقر عن المجتمع، وكلما اكتفى المواطن ماديًا، قلت لديه فرص التفكير في انزلاقات الانحراف والجريمة. ثالثًا: خفض معدلات الهجرة في الداخل والخارج، وذلك أن المواطن السعيد براتبه المستقر والمرضي لا يحتاج إلى الهجرة من أجل الحصول على فرص عمل أفضل. قال أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام: (اَلْغِنَى فِي اَلْغُرْبَةِ وَطَنٌ وَاَلْفَقْرُ فِي اَلْوَطَنِ غُرْبَةٌ). رابعًا: يستطيع الفرد عند استقرار راتبه وزيادته أن يفكر في المشاريع الخيرية، وأن يسهم في عون المحتاجين في مجتمعه، ويكون من المبادرين في إعانة المشاريع التطوعية التي تدعو لها الدولة.

وفوائد زيادة راتب المواطن وتحسين دخله لا تقتصر على النحو الشخصي أو الاجتماعي فحسب، بل تمتد فوائدها على الاقتصاد، فهي تنشط الأسواق المحلية، لذا عندما يكون الدخل أعلى فذلك يعني استهلاكاً أكبر؛ مما يزيد من عملية البيع والشراء، وينعش الاقتصاد ويرفع القوة الشرائية، مما يزيد من أرباح الشركات ويدعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة ويجعلها مشاريع ناجحة ومُوفقة.

وأخيرًا.. عندما يكون الراتب في خطر ولا يتم تحسينه للمواطن، فذلك يعني أن هناك خللًا واضحًا في عمل المسؤولين، وقد يجلب ذلك الخلل استياء المواطنين، ويرفع من نسبة الإحباط والأمراض النفسية والجسدية، ويُضعف جهود تحقيق العدالة الاجتماعية، وهي بحاجة ماسة إلى الدواء الفاعل الذي يرجعها إلى صوابها، فكما تطلب الحكومات من مواطنيها أن يكونوا مواطنين صالحين ومحافظين على وطنهم ومُقدراته، فمن المنطق والعقل والحكمة أيضًا أن تسعى الحكومات في تحسين أوضاع المواطنين وتحسين معاشهم وعدم التَّخلي عنهم، ويكون ذلك بمحاربة الفساد وضربه بيد من حديد، وإصلاح ما فسد من خلال محاسبة الفاسدين، واستبدالهم بالصالحين الأكفاء من أهل الحكمة والدراية والعقل، والعمل الجاد على إرجاع المياه إلى مجاريها، قال تعالى: ﴿إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾ [المائدة: 33]. صدق الله العلي العظيم.

** عضو الجمعية العُمانية للكتاب والأدباء

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

جيه.بي مورغان يبيع سندات بعد زيادة أرباحه ربع السنوية

قرر بنك جيه.بي مورغان تشيس بيع كمية سندات ذات تصنيف مرتفع على ثلاث شرائح، لينضم إلى منافسه غولدمان ساكس غروب في بيع السندات عقب إعلانهما تحقيق أرباح كبيرة خلال الربع الثالث من العام الحالي.

ونقلت وكالة بلومبرغ نيوز عن مصدر مطلع القول إن الجزء الأكبر من طرح سندات جيه.بي مورغان تشيس ستكون بأجل 11 سنة وبعائد يبلغ 1.05 نقطة مئوية فوق سعر العائد على سندات الخزانة الأمريكية المماثلة. وسيستخدم البنك حصيلة الطرح في تمويل الأغراض المؤسسية العامة.

يأتي بيع السندات بعد أن حذر جيمي ديمون الرئيس التنفيذي لبنك جيه.بي مورغان، من احتمال تدهور سوق الائتمان، مما يعيق نمو إيرادات الشركة من التداول والخدمات المصرفية الاستثمارية.

وقد انعكست هذه التوقعات الأكثر حذرا في إضافة 810 ملايين دولار إلى الأموال التي خصصها جيه.بي مورغان للقروض المُتعثرة، وهو مبلغ يفوق توقعات المحللين.

وأعلن جيه.بي مورغان تشيس أمس أن أرباحه ربع السنوية بلغت نحو 14.4 مليار دولار بما يعادل 5.07 دولارا للسهم، مقابل 12.9 مليار دولار بما يعادل 4.37 دولارا للسهم خلال الربع الثالث من العام الماضي.

وارتفعت مخصصات تغطية خسائر الائتمان خلال الربع الثالث إلى 3.4 مليار دولار هو ما يعكس صافي احتياطي بقيمة 810 ملايين دولار وصافي عمليات شطب بقيمة 2.6 مليار دولار، مقابل مخصصات بقيمة 3.11 مليار دولار في العام الماضي، وهو ما يعكس صافي احتياطي بقيمة مليون دولار وصافي عمليات شطب بقيمة 2.1 مليار دولار فقط خلال الربع الثالث من العام الماضي.

في الوقت نفسه زادت إيرادات جيه.بي مورغان خلال الربع الثالث بنسبة 9 بالمئة سنويا إلى 46.43 مليار في حين كان المحللون يتوقعون إيرادات بقيمة 45.57 مليار دولار.

وباع بنك غولدمان ساكس الثلاثاء سندات استثمارية بقيمة 10 مليارات دولار، في أكبر إصدار له منذ ما يقرب من أربع سنوات، بعد تحقيق إيرادات قياسية في الربع الثالث من العام الحالي.

مقالات مشابهة

  • تراجع كبير في أسعار السكر.. والشعبة تكشف مفاجأة بعد مدّ الحظر
  • جيه.بي مورغان يبيع سندات بعد زيادة أرباحه ربع السنوية
  • رئيس الوزراء: المبادرات تعكس حرص الحكومة على تحسين مستوى المعيشة
  • «حساب المواطن» يوضح آلية ومواعيد تقديم الاعتراض
  • جودة الحكم منظمة إسرائيلية تراقب فساد الحكومات
  • خلال 90 يوما.. طريقة تقديم اعتراض مالي في برنامج حساب المواطن
  • نمو الحصيلة الضريبية بنسبة 35% دون زيادة الأعباء على الممولين
  • أسعار الذهب ترتفع.. و800 جنيه زيادة في شهر.. فيديو
  • ربع مليون نسمة خلال شهرين.. مصر تسجل زيادة سكانية جديدة
  • "الإحصاء": انخفاض حاد في الأسعار بقطاع غزة خلال أيلول وتأثير ملحوظ على مؤشر غلاء المعيشة في فلسطين