لقاء فكرى مع " ميدو "عن الفن السابع "بالأعلى للثقافة" ضمن مبادرة " القوة في شبابنا "
تاريخ النشر: 14th, August 2025 GMT
تحت رعاية وزير الثقافة الدكتور أحمد فؤاد هنو، والدكتور أشرف العزازى؛ الأمين العام للمجلس الأعلى للثقافة، عقد لقاء فكرى مع الفنان محمد عادل، الشهير ب "ميدو عادل" وذلك ظهر اليوم الأربعاء الموافق 14 أغسطس 2025، بقاعة المجلس الأعلى للثقافة، وقد جاءت هذه الفاعلية الثقافية فى إطار مبادرة (القوة فى شبابنا)، وشهد اللقاء حضور كبير من الشباب المهتمين بالفن السابع؛ حيث تفاعل الفنان الشاب محمد عادل مع الحضور وتبادل معهم رؤاهم حول فن التمثيل، مشيرًا إلى أن التمثيل أحد أرقى الفنون التي تجمع بين الإبداع والتواصل الإنساني؛ فهو ليس مجرد حفظ للنصوص أو تقليد للأفعال، بل عملية عميقة تتطلب من الممثل أن يعيش الشخصية بكل تفاصيلها النفسية والجسدية، حتى يصدقها الجمهور.
عملية اكتشاف موهبة التمثيل تبدأ غالبًا منذ الصغر، عندما يُظهر الفرد ميلًا فطريًا إلى تقليد الآخرين أو الارتجال في مواقف مرحة أو درامية. قد يلاحظ الأهل والمعلمون قدرة الطفل على سرد القصص بطريقة مشوقة، أو التعبير عن المشاعر بصدق حتى في اللعب التمثيلي البسيط. وفي مرحلة لاحقة، يمكن أن يظهر هذا الميل في المدرسة أو الأنشطة الفنية، حيث يجد الشخص نفسه مرتاحًا أمام الجمهور أو الكاميرا، وقادرًا على السيطرة على انفعالاته وأدواته التعبيرية. ومع التدريب، تتطور هذه الموهبة لتصبح مهارة احترافية.
من أهم ما يميز الموهوب في التمثيل هو الحس العالي بالملاحظة. فالممثل الجيد يراقب تصرفات الناس وحركاتهم ونبراتهم بدقة، ويحفظ هذه الملاحظات في ذاكرته ليستخدمها لاحقًا عند أداء الشخصيات. كما يحتاج إلى ذكاء عاطفي يجعله قادرًا على فهم دوافع الشخصيات التي يؤديها، حتى لو كانت بعيدة تمامًا عن شخصيته الحقيقية.
التعبيرات الخاصة بالتمثيل تشكل العمود الفقري لهذا الفن. الوجه هو المسرح الأول للمشاعر، فهو قادر على نقل الفرح، الحزن، الغضب، الخوف، أو الارتباك دون الحاجة إلى كلمات. النظرات وحدها يمكن أن تحكي قصة كاملة، بينما الابتسامة قد تحمل دفئًا صادقًا أو سخرية لاذعة حسب السياق. أما لغة الجسد فهي أداة قوية للتعبير؛ طريقة الوقوف، حركة اليدين، الإيماءات، وحتى الإيقاع في المشي كلها تضيف عمقًا للشخصية وتجعلها أكثر واقعية.
الصوت أيضًا جزء أساسي من التعبير التمثيلي. فالنبرة، ودرجة الصوت، والسرعة في الكلام، كلها عناصر تساعد على إيصال الحالة النفسية للشخصية. أحيانًا، يكون الصمت أبلغ من الكلام، حيث يتيح للمشاهد فرصة قراءة المشاعر من خلال التوقفات ولغة الجسد.
ولا يمكن إغفال دور الخيال في التمثيل؛ فالممثل يحتاج أن يملأ الفراغات التي لا يقدمها النص، وأن يبني حياة كاملة لشخصيته: ماذا تحب؟ ماذا تخاف؟ ما هي ذكرياتها؟ هذا التخيل يمنح الشخصية عمقًا وصدقًا يجعلها أقرب إلى كائن حي حقيقي.
وأخيرًا، التمثيل ليس موهبة فطرية فقط، بل هو أيضًا علم ومهارة تحتاج إلى تدريب وصقل مستمر. الالتحاق بدروس التمثيل، دراسة أساليب مدارس الأداء المختلفة، والمشاركة في الأعمال الفنية، كلها وسائل لتطوير القدرات. الممثل الناجح هو الذي يجمع بين الموهبة الفطرية والانضباط الفني، وبين الصدق الداخلي والإبداع الخارجي، ليتمكن من لمس قلوب الجمهور وترك أثر دائم في ذاكرتهم، وفى مختتم حديثه أوضح الفنان محمد عادل أن الخيال والتذوق الفني عنصران جوهريان في التمثيل، فالممثل لا يكتفي بأداء النص كما هو، بل يستخدم خياله ليبني حياة كاملة لشخصيته، يملأ بها الفجوات التي لم يذكرها الكاتب، ويستحضر مواقف وتجارب لم يعشها في الواقع ليجسدها بصدق. أما التذوق الفني، فهو ما يمنحه الحس الجمالي والقدرة على إدراك الفروق الدقيقة في الأداء، مثل اختيار النبرة المناسبة، أو ضبط الإيقاع بين الحركة والكلمة، أو استخدام الصمت في اللحظة المثالية. وعندما يتكامل الخيال مع التذوق الفني، يصبح الممثل قادرًا على تحويل النص إلى تجربة حية مؤثرة، تلامس مشاعر الجمهور وتترك فيهم أثرًا لا يُنسى.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الفن السابع الفنان محمد عادل ميدو المجلس الأعلى للثقافة أحمد فؤاد هنو وزير الثقافة
إقرأ أيضاً:
خالد العناني.. مصري على رأس اليونسكو.. فوزه الكاسح يجسد انتصارًا للثقافة والتاريخ والحضارة
في لحظة تاريخية تُعيد إلى الأذهان أمجاد الريادة المصرية في مجالات الفكر والثقافة، أعلنت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) فوز الدكتور خالد العناني، وزير السياحة والآثار الأسبق، بمنصب المدير العام للمنظمة للفترة من 2025 إلى 2029، بعد منافسة قوية مع مرشح الكونغو فيرمين ماتوكو، ليُصبح أول مصري يتولى هذا المنصب الرفيع منذ تأسيس المنظمة عام 1945.
الفوز الذي جاء بأغلبية ساحقة داخل المجلس التنفيذي، يُمثل انتصارًا جديدًا للدبلوماسية الثقافية المصرية، ويعكس تقدير المجتمع الدولي لمكانة مصر التاريخية كحاضنةٍ للتراث الإنساني ومهدٍ للحضارة.
ابن المتاحف.. وصانع الموكب الملكي
من يتأمل مسيرة الدكتور خالد العناني، سيجد نفسه أمام شخصية جمعت بين العلم والإدارة والرؤية الحضارية.
وُلد العناني عام 1971، وتخرّج في كلية الإرشاد السياحي بجامعة حلوان، قبل أن يحصل على الدكتوراه في علم المصريات من جامعة بول فاليري في فرنسا عام 2001.
تدرج في السلك الأكاديمي حتى أصبح أستاذًا لعلم المصريات بجامعة حلوان، وشارك في بعثات أثرية ومشروعات توثيق متحفية كبرى داخل مصر وخارجها.
لم يقتصر عطاؤه على القاعات الجامعية، بل كان أحد أبرز من أعادوا الحياة للمتاحف المصرية، حيث تولى إدارة المتحف القومي للحضارة المصرية وشارك في تأسيس المتحف المصري الكبير، كما قاد وزارة الآثار في فترة حاسمة، قبل أن يتولى وزارة السياحة والآثار الموحّدة عام 2019.
وخلال فترته الوزارية، قدّم العناني لمصر والعالم حدثًا فريدًا سيبقى محفورًا في الذاكرة الإنسانية:
موكب نقل المومياوات الملكية من المتحف المصري إلى متحف الحضارة، الذي شاهده أكثر من مليار شخص حول العالم، في مشهد جمع بين الفن والهوية والرسالة الثقافية.
الطريق إلى اليونسكو
منذ إعلان ترشحه رسميًا في أبريل 2023، خاض العناني حملة دبلوماسية هادئة ومدروسة، تنقلت بين العواصم، واجتمع مع قادة الثقافة والتعليم في عشرات الدول، مقدمًا رؤية متكاملة لتجديد دور اليونسكو في التعليم وحماية التراث وتعزيز الحوار الثقافي بين الشعوب، وقد حظي بدعم واسع من الدول العربية والأفريقية والأوروبية، بفضل تاريخه المهني وقدرته على التواصل بلغات عدة، ورؤيته التي تمزج بين الأصالة والتجديد.
وعند التصويت في المجلس التنفيذي، حصد العناني 55 صوتًا من أصل 58، مقابل صوتين فقط لمنافسه، لتعلن المنظمة اختيار القاهرة مركزًا عالميًا جديدًا لصوت الثقافة.
رؤية العناني: حضارة تصنع المستقبل
أكد الدكتور خالد العناني في أكثر من مناسبة أن الثقافة ليست ترفًا، بل حق من حقوق الإنسان، وأن التراث الإنساني يجب أن يُعامل كذاكرة جماعية للأمم، لا كرموز وطنية فحسب.
رؤيته لليونسكو تنطلق من ثلاثة محاور رئيسية: إعادة التوازن الجغرافي والثقافي داخل المنظمة، بحيث يكون للجنوب العالمي صوت أكبر في السياسات الدولية، و التحول الرقمي في التعليم والتراث، عبر رقمنة المتاحف والمناهج، وتوسيع فرص الوصول إلى المعرفة، وحماية التراث في مناطق الصراع، وتعزيز التعاون مع المؤسسات العسكرية والإنسانية لتأمين المواقع الأثرية.
هذه الرؤية تواكب تحديات العصر، من تغير المناخ إلى العولمة الثقافية، وتعيد لليونسكو دورها الأصلي كمنظمة تصنع الجسور لا الجدران.
مكاسب مصر والعالم
فوز العناني بهذا المنصب لا يُمثل مكسبًا شخصيًا، بل تحولًا استراتيجيًا في موقع مصر الدولي.
فمن المتوقع أن:
تستعيد القاهرة دورها في رسم السياسات الثقافية الدولية.
تحصل المؤسسات المصرية على دعم أكبر في برامج اليونسكو للتعليم وحماية التراث.
تُعزز العلاقات الثقافية مع أفريقيا والعالم العربي وأوروبا.
وتُفتح آفاق جديدة للتعاون العلمي والتبادل الثقافي.
على الجانب العالمي، يُنتظر أن يُحدث العناني نقلة في طريقة إدارة المنظمة، خاصة فيما يتعلق بالتكنولوجيا والتعليم والتراث، عبر شراكات مع شركات رقمية ومراكز بحثية لتوثيق وحماية الإرث الإنساني.
تاريخ يُكتب من جديد
إن فوز خالد العناني لا يُعد مجرد انتصار دبلوماسي، بل تتويجًا لمسيرة وطنٍ صنع أول حضارة على الأرض، ويواصل اليوم دوره في حماية ذاكرة البشرية.
من معابد الأقصر وأسوار منف، إلى قاعات اليونسكو في باريس، يمتد الخيط ذاته:
مصر التي علمت العالم الحروف والعمارة والروح، تكتب اليوم فصلًا جديدًا في سجل الإنسانية، بقيادة ابن من أبنائها الذين حملوا شغف التاريخ وإيمان المستقبل.