صفقة على الجليد: رمزية الأرض والتاريخ في قمة تحبس أنفاس أوكرانيا
تاريخ النشر: 16th, August 2025 GMT
15 غشت، 2025
بغداد/المسلة: تبدو قمة ترامب وبوتين في ألاسكا أكثر من مجرد لقاء بروتوكولي، فهي مشهد سياسي مكثف يرسم ملامح مرحلة جديدة في معادلة الحرب الأوكرانية، ويعيد خلط الأوراق على رقعة الشطرنج الدولية.
ويأتي اللقاء في توقيت بالغ الحساسية، إذ تواصل روسيا تعزيز مكاسبها الميدانية، فيما يسعى البيت الأبيض لإظهار قدرته على فرض مسار تفاوضي لا يقصي كييف ولا يثير قلق الحلفاء الأوروبيين.
وفي خلفية الصورة، تلوح هواجس من أن يتحول الحوار إلى صفقة ثنائية تعيد إلى الأذهان هلسنكي 2018، حين بدا ترامب أقرب إلى لغة الكرملين من تقارير استخباراته.
ويحمل اختيار ألاسكا بعدًا رمزيًا لا يغيب عن المتابعين، فهي الأرض التي انتقلت من السيادة الروسية إلى الأميركية في القرن التاسع عشر، كما أن قاعدة إلمندورف ريتشاردسون تحتفظ بإرث الحرب الباردة، يوم كانت واشنطن وموسكو تتواجهان عبر سباق التسلح والاستقطاب الأيديولوجي.
وفي هذه الرمزية ما يكفي ليُقرأ اللقاء كإعادة تموضع أو اختبار إرادات في جغرافيا تجمع بين التاريخ والاستراتيجية.
ويبدو ترامب وهو يدخل هذه القمة محمّلًا بوعود انتخابية وخطاب شعبوي صريح بأنه قادر على إنهاء الحرب في 24 ساعة، لكن اختبار الميدان السياسي يفرض عليه معادلة أكثر تعقيدًا.
فهو يريد وقف إطلاق النار سريعًا، لكنه يواجه صلابة بوتين الذي يدرك أن أي تسوية في هذا التوقيت قد تُقرأ كتنازل، بينما يحاول استثمار التفوق العسكري لتثبيت مكاسب دائمة.
وفي المقابل، يُبدي زيلينسكي وحلفاؤه قلقًا واضحًا من أن تكون واشنطن بصدد تمرير حل يجمّد النزاع ويمنح موسكو اعترافًا بالأمر الواقع.
ويحاول ترامب تهدئة هذه المخاوف بتصريحات تؤكد أنه لن يتفاوض باسم أوكرانيا، بل سيدفع الأطراف إلى الجلوس على الطاولة.
غير أن التجربة التاريخية تذكر بأن التعهدات العلنية لا تمنع صفقات الغرف المغلقة، وأن السياسة الخارجية الأميركية، خصوصًا في ملفات معقدة مثل أوكرانيا، كثيرًا ما تخضع لمساومات تتجاوز الشعارات المعلنة.
وفي السياق ذاته، تبدو لغة الاحترام المتبادل بين ترامب وبوتين مزدوجة المعنى: فهي مؤشر على إمكانية بناء أرضية مشتركة، لكنها أيضًا قد تثير مخاوف العواصم الأوروبية من أن الثمن سيكون على حساب جبهة الغرب الموحدة.
ويظل الاحتمال الأكثر ترجيحًا أن القمة، مهما طالت، لن تسفر عن اختراق حاسم، بل ستكون جزءًا من مسار دبلوماسي أطول، حيث يستمر تبادل الأسرى وتبقى خطوط النار مفتوحة بانتظار تغيرات أوسع في موازين القوى.
ومع أن مسرح ألاسكا يمنح اللقاء هالة استثنائية، إلا أن قواعد اللعبة في الصراع الأوكراني ما زالت تُكتب في الخنادق أكثر مما تُكتب على الطاولات المستديرة.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post AuthorSee author's posts
المصدر: المسلة
إقرأ أيضاً:
أسبوع حاسم لكييف.. وخطة أوروبية لإرسال قوات ومعدات مراقبة إلى أوكرانيا
من المتوقع أن يستغل قادة الاتحاد القمة المرتقبة للمضي قدمًا في خطوات تهدف إلى توحيد القدرات العسكرية الأوروبية وتعزيز التعاون الدفاعي.
كشف موقع بوليتيكو، أن الاتحاد الأوروبي يستعد خلال قمة حاسمة الأسبوع المقبل لإقرار خطة لنقل قوات ومعدات مراقبة إلى أوكرانيا، موضحًا أن الوجود العسكري الأوروبي لن يشمل الانتشار في الخطوط الأمامية للقتال.
ووفقًا للموقع، نقل مسؤول دفاعي أوروبي أن قوات التحالف ستتولى تشغيل طائرات مسيّرة داخل الأراضي الأوكرانية لمراقبة أي اتفاق سلام محتمل.
ويتوقع أن يستغل قادة الاتحاد القمة المرتقبة للمضي في خطوات تهدف إلى توحيد القدرات العسكرية الأوروبية وتعزيز التعاون الدفاعي.
وفي سياق متصل، أكّد وزير الدفاع البريطاني جون هيلي، خلال زيارته إلى واشنطن، أن ما يُعرف بـ"تحالف الراغبين" مستعد للاضطلاع بالمهام الأمنية الثقيلة في أوروبا، إلى جانب دعم الضمانات الأمنية التي طرحها الرئيس ترامب، مع استعداد القوات الأوروبية للمساهمة في ضمان السلام على المدى الطويل.
وأشار الوزير إلى بعض الأعمال الجارية، موضحًا أن حوالي 200 مخطط عسكري من أكثر من 30 دولة شاركوا في "زيارات استطلاعية إلى أوكرانيا"، مؤكدًا أن القوات جاهزة ومستعدة للعمل.
أوكرانيا تقترح "منطقة اقتصادية حرة" منزوعة السلاحقدمت كييف أحدث مقترحاتها لإنهاء الحرب في منطقة دونباس شرق البلاد، عبر إنشاء "منطقة اقتصادية حرة" منزوعة السلاح، يُسمح فيها لمصالح الأعمال الأمريكية بالعمل، بهدف كسب دعم الرئيس ترامب، وفق مسؤولين مطلعين على الملف.
وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولين ليفيت، إن ترامب "على علم" بالخطة الجديدة المكونة من 20 نقطة، والتي أرسلتها كييف إلى واشنطن الأسبوع الجاري، لكنه بدا متشككًا بشأن فرص التوصل لاتفاق سلام خلال تصريحاته الأخيرة.
من جانبه، أوضح الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أن السيطرة على المنطقة العازلة في شرق البلاد لا تزال بحاجة إلى تحديد، مشيرًا إلى أن القوات الروسية والأوكرانية ستُمنع من التواجد فيها وفق الاقتراح الجديد، وهو ما وصفه بـ"حل وسط" مقارنة بالخطة السابقة التي كانت تمنح السيطرة للجيش الروسي.
وأكد زيلينسكي أن أوكرانيا ستنسحب من المنطقة فقط بعد ضمانات أمنية ملموسة من الحلفاء لحمايتها من أي عدوان مستقبلي من موسكو.
ونقلت "بوليتيكو" عن مصادر مطلعة على الخطة شكوكها في قبول روسيا بالمقترح، مشيرة إلى أن ترامب ما زال يرى أوكرانيا الطرف الأضعف، خاصة بعد استقالة رئيس موظفي زيلينسكي أندري ييرماك إثر فضيحة فساد حديثة، مضيفة أن البيت الأبيض يستخدم هذه الفضيحة للضغط على كييف.
Related أكبر هجوم ليلي منذ بدء الحرب.. روسيا تعلن إسقاط 287 مسيرة أوكرانية و تعلّق عشرات الرحلات الجويةزيلينسكي يخرج من اجتماع لندن بمقترح معدَّل للسلام مع روسيا.. فهل سيحظى بموافقة ترامب؟ألمانيا تحث الصين على استخدام نفوذها مع روسيا لإنهاء الحرب في أوكرانيا تنسيق مع إدارة ترامبوبحسب المسؤول الدفاعي، أبلغ الأوروبيون إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بحاجتهم لتنسيق سياسي أعمق حول المحادثات المتعلقة بأوكرانيا، في ظل شعورهم بتهميش دورهم في المسار التفاوضي.
ويذكر أن ترامب أعرب في مناسبات عدة عن رفضه انضمام أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي، بينما تتضمن خطة السلام الأوكرانية المُنقحة بنودًا لإجراء انتخابات في أوكرانيا، دون النص على منع انضمامها إلى الحلف.
وفي السياق، قال ترامب يوم الخميس إنه لم يلتزم بعد بالمشاركة في اجتماع مسؤولين رفيعي المستوى من أوكرانيا وألمانيا وفرنسا والمملكة المتحدة المزمع عقده السبت في أوروبا.
وأضاف: "سنرى ما إذا كنا سنشارك في الاجتماع أم لا.. هم يريدون أن أحضر، يريدون منا أن نحضر، وسنشارك إذا رأينا أن هناك فرصة جيدة، ولا نريد إضاعة الوقت.. نريد أن يتم حل الأزمة وإنقاذ الكثير من الأرواح".
ولم يحدد ترامب مكان الاجتماع، لكن موقع "أكسيوس" رجح أن يكون في باريس بحضور مستشارين للأمن القومي يمثلون كل دولة.
من جهته، قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يوم الأربعاء إنه أجرى مناقشات مثمرة مع الوفد الأمريكي الذي ضم وزير الخزانة سكوت بيسنت وصهر ترامب جاريد كوشنر، مركّزًا على إعادة إعمار أوكرانيا والمراجعات المقترحة لخطة من 20 نقطة لإنهاء الحرب.
تقدم روسي وتصدي للطائرات المسيّرةميدانيا، سيطرت القوات الروسية بالكامل على مدينة سيفيرسك أمس الخميس، وهنأ الرئيس فلاديمير بوتين الجنود بـ"تحرير" المدينة خلال اجتماع في الكرملين. وأكد رئيس الأركان الروسية، فاليري غيراسيموف، تحرير سيفيرسك وقريتي كوتشيروفكا وكوريلوفكا.
وفي مواجهة الطائرات المسيّرة، أعلنت وزارة الدفاع الروسية تدمير 90 طائرة أوكرانية فوق مناطق مختلفة في روسيا خلال الليل، بينها مقاطعات بريانسك وموسكو والبحر الأسود.
انتقل إلى اختصارات الوصول شارك محادثة