في ظل التطورات المأساوية المتسارعة داخل قطاع غزة، جاء إعلان الأمم المتحدة دخول القطاع رسميًا في مرحلة المجاعة ليكشف حجم الكارثة الإنسانية غير المسبوقة، وليضع الاحتلال الإسرائيلي في دائرة الاتهام بارتكاب جريمة حرب مكتملة الأركان. 

فهذا الإعلان لا يعكس فقط عمق المأساة الإنسانية التي يعيشها أكثر من مليوني فلسطيني محاصرين منذ شهور تحت القصف والتجويع، بل يمثل أيضًا شهادة دولية على فشل النظام العالمي في حماية المدنيين العزل والقيم الإنسانية.

كمال ريان: إعلان المجاعة في غزة إنذار عالمي يفضح جريمة الاحتلال بدعم أمريكي

أكد الكاتب الصحفي كمال ريان أن إعلان المجاعة رسميًا في قطاع غزة يمثل دليلًا دامغًا على ارتكاب الاحتلال الإسرائيلي جريمة حرب مكتملة الأركان بحق الشعب الفلسطيني، مشددًا على أن هذه الجريمة تتم بدعم ومساندة واضحة من الولايات المتحدة الأمريكية.

وقال ريان إن إعلان المجاعة يعد بمثابة إنذار عالمي يفضح حجم المأساة الإنسانية والسياسية والقانونية المتفاقمة في غزة، في ظل إصرار الحكومة الإسرائيلية اليمينية المتطرفة على مواصلة التصعيد والحصار والتهجير القسري، بهدف فرض سيطرة كاملة على القطاع.

وأضاف أن الحكومة الإسرائيلية لا تسعى إلى إنهاء الحرب، لأن ذلك يعني سقوطها وانتهاء مستقبل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الذي يواجه قضايا فساد ومحاكمات داخلية، معتبرًا أن استمرار العدوان هو مصلحة مشتركة لنتنياهو ولليمين المتطرف.

وأوضح ريان أن الاحتلال يتحدى المجتمع الدولي والشرعية الدولية، إلا أن المواقف العالمية باتت تشير إلى عزلة متزايدة لإسرائيل، مع اتساع دائرة الإدانات حتى من دول أوروبية كبرى مثل بريطانيا وفرنسا، فضلًا عن الأمم المتحدة.

وشدد على أن الموقف الأمريكي يبقى العائق الأكبر أمام وقف العدوان، حيث تواصل واشنطن تقديم الدعم غير المشروط لإسرائيل، متخلية عن دور الوسيط المفترض، ومنحازة بشكل كامل للسياسات العدوانية التي تتنافى مع القيم الإنسانية والمعايير الدولية.

واعتبر أن إعلان المجاعة يستوجب تحركًا دوليًا عاجلًا يفرض على قوة الاحتلال فتح المعابر بشكل دائم، والسماح بدخول المساعدات الإنسانية دون قيود، وتمكين وكالة الأونروا والمنظمات الدولية من أداء دورها بحرية.

وأكد أن ملف الحصار والتجويع المتعمد يجب أن يوضع أمام القانون الدولي باعتباره جريمة إنسانية تستوجب المحاسبة، حتى وإن لم يتحقق ذلك الآن، فإنه سيظل حقًا مستقبليًا للشعب الفلسطيني.

ودعا ريان إلى تعزيز الضغط الدولي لدفع الاحتلال إلى الانخراط الجدي في المفاوضات التي ترعاها مصر وقطر، بهدف التوصل إلى وقف لإطلاق النار، وضمان تدفق المساعدات الإنسانية، ثم الشروع في حل سياسي عادل وفق قرارات الشرعية الدولية.

وحذر من أن استمرار تجاهل المجتمع الدولي لجرائم الاحتلال سيدفع إسرائيل إلى المضي في مخططها الممنهج لاحتلال غزة وتهجير أهلها، لكنه استبعد أن ينجح هذا المخطط أمام صمود الشعب الفلسطيني، الذي يتمسك بأرضه رغم كل المآسي والمجازر.

وختم ريان تصريحاته بالتأكيد على ضرورة تحرك مجلس الأمن والأمم المتحدة بشكل عاجل، وممارسة ضغوط متواصلة على الاحتلال لإجباره على الرضوخ للسلام، محذرًا من أن التاريخ سيقف طويلًا أمام هذه المأساة الإنسانية غير المسبوقة


العربي للدراسات: إعلان المجاعة في غزة لحظة انكسار للمجتمع الدولي وفضيحة للنظام العالمي

قال هاني سليمان، مدير المركز العربي للبحوث والدراسات، إن إعلان الأمم المتحدة والجهات المعنية بوصول الأوضاع في غزة إلى مرحلة المجاعة يمثل لحظة انكسار للمجتمع الدولي، وتجسيدًا لتخاذل النظام العالمي، وفضحًا للتشوه الإنساني والأخلاقي الذي أصاب القيم الإنسانية والغربية، في ظل ما ترتكبه إسرائيل من جرائم وانتهاكات جسيمة.

وأوضح أن هذا الإعلان يعد شاهدًا على فشل المنظومة الدولية والقانون الدولي والقانون الإنساني، بعدما تلاشت كل الأصوات والقيم التي كانت ترفع شعار حماية الإنسان وحقوقه، بينما تترك النساء والأطفال في غزة فريسة للجوع والمرض، دون تدخل جاد أو فعّال من المؤسسات الأممية.

وأشار سليمان إلى أن وصول الوضع إلى المرحلة الخامسة من انعدام الأمن الغذائي، وهي الأعلى وفقًا للتصنيف الأممي، يعكس كارثة غير مسبوقة على مستوى العالم، حيث أصبح ما لا يقل عن 20% من سكان القطاع غير قادرين على الحصول على الغذاء بشكل مستدام، في ظل ارتفاع معدلات الوفيات الناتجة عن الجوع ونقص الغذاء، لافتًا إلى أن هذه الأوضاع تجاوزت في خطورتها ما شهدته الحروب العالمية والأزمات الإنسانية الكبرى في التاريخ الحديث.

وأضاف أن إعلان المجاعة بهذه الصورة يعني أن غزة مقبلة على مزيد من الوفيات وانتشار الأمراض وتفاقم الأزمة الإنسانية بشكل كارثي، خاصة مع وجود أكثر من 62 ألف شهيد، وما بين 120 إلى 150 ألف مصاب بحاجة إلى رعاية صحية عاجلة، في وقت تغيب فيه أي ضمانات لإيصال المساعدات الإنسانية أو توفير الرعاية الأساسية.

وعلى الصعيد السياسي، يرى سليمان أن هذا الإعلان قد يسهم في تحريك بعض المواقف الدولية لزيادة المساعدات أو الضغط على إسرائيل، لكنه شدد على أن ذلك يظل مرهونًا بمدى استعداد الولايات المتحدة والقوى الغربية للتحرك بجدية، فضلًا عن مسؤولية الأمم المتحدة نفسها التي تكتفي بالإعلان بينما تعجز عن فرض حلول أو تحركات حقيقية.

وحذر من أن خطط نتنياهو العسكرية لاجتياح القطاع، في ظل انسداد الأفق السياسي وغياب أي حلول انتقالية، تنذر بكارثة أكبر وجرائم حرب أكثر بشاعة، بينما يظل الموقف الدولي جامدًا دون إجراءات رادعة.

وأشار سليمان إلى أن تقارير الأمم المتحدة تكشف أرقامًا صادمة، إذ من المتوقع بنهاية سبتمبر وأكتوبر أن يصل نحو 1.75 مليون من سكان غزة إلى المرحلة الرابعة والخامسة من انعدام الأمن الغذائي، أي أن غالبية السكان سيكونون مهددين بالموت جوعًا بشكل مباشر.

واختتم بالتأكيد على أن هذه اللحظة تتطلب تحركًا دوليًا غير مسبوق، يتجاوز الحسابات السياسية التقليدية، عبر تنسيق عربي وإسلامي وجماهيري واسع، حتى لا تبقى غزة شاهدًا على انهيار القيم الإنسانية وعودة العالم إلى عصور أكثر ظلامًا.

طباعة شارك مجاعة غزة قطاع غزة فلسطين الاحتلال الإسرائيلي النظام العالمي المساعدات الإنسانية

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: مجاعة غزة قطاع غزة فلسطين الاحتلال الإسرائيلي النظام العالمي المساعدات الإنسانية المساعدات الإنسانیة القیم الإنسانیة إعلان المجاعة الأمم المتحدة على أن فی غزة

إقرأ أيضاً:

غزة بين مطرقة العدوان وسندان التواطؤ الدولي

 

 

في مشهد يكرس الهيمنة ويهدر العدالة يصدر مجلس الأمن قرارا أمريكيا بشأن غزة يمثل فضيحة قانونية وأخلاقية وسياسية كبرى تؤكد أن المنظمة الدولية ومجلس أمنها لم يعودا سوى أداتين طيعتين في يد القوة العظمى الواحدة وحليفتها. لقد وصل التواطؤ إلى درجة الخيانة وأصبحت الأمم المتحدة بمجلس أمنها غطاء للجرائم بدلاً من أن تكون حصنا للضحايا وهو ما يستدعي وقفة صادقة لإدانة هذا المسخ القانوني والمطالبة ببديل حقيقي يمثل إرادة الشعوب لا إملاءات القوى الاستعمارية.
إن هذا القرار الذي يقدم على أنه خطوة نحو السلام هو في جوهره تكريس للاحتلال والإبادة، فالقرار الذي دعت إليه الولايات المتحدة، كما يوضح بيان بعثتها إلى الأمم المتحدة، يستند إلى خطة الرئيس الأمريكي الأحادية ويستثمر دعم بعض الحكومات التي وقعت في شرم الشيخ، متجاوزا بذلك الحقوق التاريخية والشرعية للشعب الفلسطيني، إنه قرار يهدف إلى “مستقبل مستقر وآمن وسلمي للفلسطينيين في غزة بدون حركة حماس” أي أنه يشرعن عملية اقتلاع قسرية للمقاومة ويجهض أي إمكانية لتحقيق سيادة وطنية حقيقية. إنه استمرار للنفس الاستعماري ذاته الذي يحاول، كما كتب فرانز فانون، “تجريد المستعمرين من إنسانيتهم” و”محو تقاليدهم” و”تدمير ثقافتهم”.
أما البعد الأخلاقي للفضيحة، فيتجلى في تناقض القرار الصارخ مع الواقع الإنساني الكارثي. فبينما يتحدث القرار عن مستقبل مزدهر، تستمر آلات القتل الإسرائيلية في ذبح المدنيين وتشريدهم تحت سمع الأمم المتحدة وبصرها، لقد اعترفت المملكة المتحدة في بيان لها بأن “الوضع في غزة كارثي، والمعاناة طال أمدها كثيراً”، لكن مثل هذه التصريحات تبقى مجرد كلمات طيارة في مواجهة سياسات دعم مباشر للعدوان، إن إصدار قرار يأمر بوقف إطلاق النار بينما يتم توفير الغطاء لاستمرار العدوان هو نفاق أخلاقي سيسجله التاريخ وهو صورة عنصرية صارخة تعامل فيها الأرواح الفلسطينية على أنها أرخص من أن تستحق الحماية الفعلية.
وإذا كان بعض الدبلوماسيين يصفون القرار بأنه “خطوة هامة” و”أوان الدبلوماسية” فإن الحقيقة السياسية الأكثر مرارة هي أن هذا القرار هو ذروة عملية تحويل للمؤسسة الدولية إلى أداة للهيمنة، لقد أصبح مجلس الأمن بفعل حق النقض الأمريكي ومحاباة الحلفاء، أداة لإضفاء الشرعية على السياسات التوسعية، بدلاً من كونه حارسا للميثاق الدولي، هذا ليس خللاً عابراً، بل هو “تفسخ في النظام” برمته، كما تشير بعض الدراسات النقدية، إلى أن الهيمنة الأمريكية-الصهيونية على آلية صنع القرار الدولي تمثل “كسرا وهتكا فجا لناموس واعتبار” الأمم المتحدة مما يحولها من منبر للشرعية الدولية إلى أداة في خدمة الاستعمار الاستيطاني.
في الختام إن الفضيحة التي يمثلها هذا القرار ليست حدثا عابرا، بل هي علامة على موت النظام الدولي القائم.
لقد آن الأوان لأن تعلن الشعوب الحرة رفضها لهذه المهزلة والعمل على بناء إطار دولي جديد قائم على المساواة والعدل وعدم الانحياز يكون تمثيله ديمقراطيا ولا يخضع لإملاءات القوى العظمى، إن العالم الذي نعيش فيه اليوم بأزماته المتلاحقة لم يعد يحتمل أمماً “متحدة” بينما هي في الواقع رهينة لإرادة واحدة، ليست هذه نهاية التاريخ، بل هي لحظة الحقيقة التي يجب أن تدفع نحو ولادة نظام عالمي جديد يكون فيه للضعفاء صوت..

مقالات مشابهة

  • غزة بين مطرقة العدوان وسندان التواطؤ الدولي
  • "لمنع انهيار اتفاق غزة".. حماس تبعث رسالة غاضبة للوسطاء
  • أبو راس: جريمة مقتل “الخنساء مجاهد” تعيد طرح ضرورة مراجعة المنظومة الأمنية بشكل عاجل
  • بشكل يومي - حماس تعقب على استمرار إسرائيل في تقديم الخطّ الأصفر غرباً
  • بسبب عيوب في الصناعة.. كيا تستدعي أكثر من 250 ألف سيارة بشكل سريع
  • مقرر أممي: الغارة الإسرائيلية على عين الحلوة جريمة حرب
  • ذياب بن محمد بن زايد: ملتزمون بمسؤولياتنا الإنسانية الدولية سيراً على نهج المؤسس
  • الأمم المتحدة: الأطفال السودانيون محاصرون في إحدى أخطر البيئات في العالم
  • من حصار طويل إلى مسرح جريمة.. هكذا تصدرت الفاشر الاهتمام الدولي
  • وزير الصحة: استمرار تعطيل مطار صنعاء جريمة بحق الإنسانية وانتهاك للقوانين الدولية