تلقت دار الإفتاء المصرية سؤالا مضمونه: ما حكم البيع الإلكتروني بعد الأذان لصلاة الجمعة وقبل الوصول للمسجد؟

وأجابت الإفتاء عن السؤال قائلة: لا يجوز لمن وجب عليه حضور صلاة الجمعة أن ينشغل بالبيع الإلكتروني من وقت النداء بالأذان الثاني لصلاة الجمعة، وعليه أن يُشغل وقته بالذكر والدعاء ثم الاستماع إلى خطبتها، حتى ينال كمال الفضل والثواب، ويُستثنى من ذلك حال الضرورة أو الحاجة التي تنزل منزلتها، والضرورة تقدر بقدرها، فيجوز البيع حينئذ مراعاةً لحال الحاجة أو الضرورة.

حكم صلاة الجمعة خارج المسجد وهل يقل الثواب عن داخله؟ رد الإفتاءهل تجزئ صلاة الجمعة بسبعة أشخاص بسبب التواجد في أوروبا.. عضو الفتوى بالأزهر يجيبآداب دخول المسجد لأداء صلاة الجمعة.. الأزهر يوضححكم صلاة الجمعة لمن أدرك الإمام في التشهد.. الإفتاء توضح

بيان المراد بالبيع الإلكتروني
البيع الإلكتروني هو مبادلة مال معلوم بسلعٍ أو بمنافعَ معلومة ومشروعة باستخدام الوسائل الإلكترونية الحديثة، وهو وسيلة مستحدثة من وسائل البيع والشراء تُيسر على الناس معاملاتهم وتُوفر عليهم الكثير من الجهد والوقت.

البيع والشراء في وقت الجمعة
وقد أباح الشرع الشريف البيع والشراء في سائر الأوقات مستثنيًا من ذلك وقت اجتماع المسلمين لصلاة الجمعة، تعظيمًا لقدرها وحثًّا على المبادرة والسعي إليها؛ لكونها من الصلوات التي إن لم يدركها المسلم في وقتها فاته الأجر العظيم، فقال تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ [الجمعة: 9]، ولأجل ذلك حرم الشرع الشريف كل ما من شأنه أن يشغل المكلف بها عن السعي إليها والقيام بها، وخص البيع بالذكر لكونه أكثر ما ينشغل به الإنسان، إذ به قوام حياته ومعاشه.

قال العلامة السمعاني في "قواطع الأدلة" (2/ 129، ط. دار الكتب العلمية): [وكان معنى نهيه تعالى عن البيع أنه ‌شاغل ‌عن ‌الجمعة فصار عقود المناكح والإيجارات وسائر المعاملات والصنائع نهيًا عنها قياسًا على البيع؛ لأنه شاغله عن حضور الجمعة] اهـ.

وتواردت نصوص الفقهاء على أن النهي عن البيع ليس لذاته، وإنما لأمر خارج عنه، وهو إما غلبة الانشغال به عن الصلاة، وإما لكونه سببًا في ترك السعي إليها؛ إذ السعي لصلاة الجمعة لا ينفك الأمر بها عن الأمر به ولا طلبها عن طلبه؛ لأنه لا يتوصل إليها إلا به، وما لا يتحقق الواجب إلا به فهو واجب.

حكم البيع الإلكتروني في الطريق إلى الجمعة
قد اختلف الفقهاء فيما إذا أمكن الإنسان التعامل بالبيع والشراء حال سعيه لصلاة الجمعة، كأن يبيع ويشتري وهو في الطريق إليها، مما قد لا يخل بمقصود السعي، وهو المتحقق في مسألتنا من البيع الإلكتروني، والذي يكون غالبًا عن طريق الأجهزة الإلكترونية المحمولة بحيث يتمكن الإنسان من إتمام عملية البيع أو الشراء وهو في طريقه إلى الصلاة.

فذهب جمهور الفقهاء من الحنفية والشافعية والحنابلة إلى أن المقصود بالنهي عن البيع وقت الجمعة، هو البيع الذي يؤدي إلى ترك السعي إليها، فإذا باع وهو في الطريق ساعيًا إليها، وبحيث لا يؤثر بيعه وشراؤه على إدراكها في وقتها، فلا يحرم عليه ذلك.

وذهب المالكية إلى حرمة البيع في وقت الجمعة مطلقًا، وسواء في ذلك من لزمته الجمعة ومن لم تلزمه لئلا يكون ذريعة لانشغال من تلزمه عنها.

والحاصل ومع ما ذهب إليه جمهور الفقهاء من مشروعية البيع في وقت صلاة الجمعة حال كونه لا يشغل عن السعي إليها كمن باع وهو في طريقه إلى الصلاة، إلا أنه قد توارد من النصوص الشرعية والآثار ما يتقوى به قول المالكية من النهي عن البيع ولو كان ماشيًا إليها تأدبًا مع شعيرة النداء وتقديسًا لوقت الجمعة والمبادرة لها؛ ذلك أن من خرج من بيته قاصدًا الصلاة كمن هو في صلاة حتى يصلي ويخرج عنها، فينبغي له تأدبًا أن يلتزم في طريقه إليها ما يلتزمه فيها من وقار وسكينة، وألا ينشغل عنها بغيرها من أمور الدنيا، إذ رتب الشرع الشريف على كل خطوة في الطريق إليها ثوابًا وفضلًا كبيرًا، فالأولى بمن خرج من بيته قاصدًا صلاة الجمعة بعد النداء بها أن ينشغل بالذكر والاستغفار والدعاء لتحصيل أكبر قدر من فضل وقتها مع قِصَرِه وضيقه، لا أن ينشغل بالبيع والشراء المتاحين له في سائر الأوقات والأيام، وقد تقرر أن ما ثبتت نسبته وجبت خصوصيته، وقد ثبت أن ذلك الوقت منسوب لشعيرة الجمعة في حق المخاطب بها، فينبغي أن يختص بها وبأحكامها، وذلك مقتضى ما تواردت عليه النصوص.

فعَنْ أَبِي ثُمَامَةَ قَالَ: "خَرَجْتُ وَأَنَا أُرِيدُ الصَّلَاةَ، وَأَنَا أُشَبِّكُ بَيْنَ أَصَابِعِي، فَقَالَ لِي كَعْبُ بْنُ عُجْرَةَ: لَا تُشَبِّكْ بَيْنَ أَصَابِعِكَ؛ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى أَنْ نُشَبِّكَ بَيْنَ أَصَابِعِنَا فِي الصَّلَاةِ، فَقُلْتُ: إِنِّي لَسْتُ فِي صَلَاةٍ، قَالَ: أَلَيْسَ قَدْ تَوَضَّأْتَ، وَخَرَجْتَ تُرِيدُ الصَّلَاةَ؟ فَأَنْتَ فِي صَلَاةٍ" أخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" و"السنن والآثار".

ولا يخفى على أحد أن الاستغراق في استخدام الوسائل الإلكترونية الحديثة في البيع والشراء -دون ضرورة داعية لذلك- مع ما فيها من سهولة في العرض والتواصل مع الرواج والكثرة في المنتجات- ما يسرق من وقت الإنسان ويشغله بالأمور المادية في وقت العبادة، ويؤثر سلبًا على ما ينبغي أن يستحضره من الخشوع والإنصات حال الاجتماع لصلاة الجمعة.


بناء على ذلك وفي السؤال: فلا يجوز لمن وجب عليه حضور صلاة الجمعة أن ينشغل بالبيع الإلكتروني من وقت النداء بالأذان الثاني لصلاة الجمعة، وعليه أن يُشغل وقته بالذكر والدعاء ثم الاستماع إلى خطبتها، حتى ينال كمال الفضل والثواب، ويُستثنى من ذلك حال الضرورة أو الحاجة التي تنزل منزلتها، والضرورة تقدر بقدرها، فيجوز البيع حينئذ مراعاةً لحال الحاجة أو الضرورة.

طباعة شارك البيع الإلكتروني صلاة الجمعة البيع والشراء في وقت الجمعة الجمعة وقت الجمعة

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: البيع الإلكتروني صلاة الجمعة الجمعة وقت الجمعة البیع الإلکترونی البیع والشراء لصلاة الجمعة صلاة الجمعة وقت الجمعة فی الطریق عن البیع وهو فی فی وقت

إقرأ أيضاً:

بث مباشر.. صلاة الجمعة من رحاب مسجد السيدة زينب بالقاهرة

نقلت وزارة الأوقاف بثا مباشرا لشعائر صلاة الجمعة  بعنوان : “كن جميلًا ترَ الوجودَ جميلًا” من رحاب مسجد السيدة زينب - رضي الله عنها - بالقاهرة، وتلا قرآن الجمعة القارئ الشيخ يوسف حلاوة.


وجاء نص خطبة الجمعة اليوم كالتالي:
الحمد لله رب العالمين، حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه، ملء السماوات وملء الأرض، وملء ما شاء ربنا من شيء بعد، هدى أهل طاعته إلى صراطه المستقيم، وعلم عدد أنفاس مخلوقاته بعلمه القديم، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا وتاج رؤوسنا وقرة أعيننا وبهجة قلوبنا محمدا عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك عليه، وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:

كن جميلًا ترَ الوجودَ جميلًا.. موضوع خطبة الجمعة اليومأدعية يوم الجمعة للرزق وفك الكرب.. رددها بيقين قبل الغروب تغير حالك تمامادعاء يوم الجمعة للمريض.. ردده قبل صعود الخطيب للمنبرحكم صلاة الجمعة خارج المسجد وهل يقل الثواب عن داخله؟ رد الإفتاء


فالله سبحانه وتعالى جميل يحب الجمال، فكل جمال في الوجود من آثار صنعته وبديع خلقته، وليس الجمال في زينة الثياب أو بريق الذهب، بل الجمال الحقيقي هو جمال الروح، وكمال السلوك، وارتفاع الهمم، وتطهير القلب، فمن كان صدره فضاء رحبا للخلق، وعلاقته بالأكوان من حوله صفاء عذبا، رأى كل ما حوله منسجما مرتبا، وصار الكون كله بيتا محببا، فالنفس الجميلة لا تبحث عن العيوب والزلل، ولا تترصد الهفوات والعلل، بل تبدأ مسيرتها بحسن الظن، والتماس العذر، وتحقيق الرفق، فجمال المرء يبدأ من ذوقه وأدبه ورقيه في التعامل مع الغير في حال وفاقه أو اختلافه، فيصير خلقا يمشي على الأرض، ونورا يتشكل في الأفعال، فيظهر جميلا، ويرى الوجود من حوله جميلا.

أيها المكرم، هل تأملت يوما سر الجمال في البيان الإلهي؟ هل وعيت أن الوحي يربط الجمال بمواطن الصبر ، والهجر، والصفح ؟ ألا ترى في هذا ما يعلمك أن الجمال الحقيقي لا يختبر في لحظات الرخاء والراحة، بل يختبر في مواضع الضيق وحدة الانفعال وثورة المشاعر؟ هل تستوعب أن مقامك الروحي هو أن تهذب وترفع نفسك فوق غوائل الغضب ودسائس النفس؟ أليس هذا الجمال مطلوبا منك بجهد زائد، وتحمل أكبر، وصدق في النية، حتى ترتقي في معارج هذا البيان المشرف: ﴿وإنك لعلىٰ خلق عظيم﴾.

أيها المكرم، إذا أردت أن ترى الوجود جميلا، فعليك بالسعي الحثيث لمد جسور الوصال والإحسان، وتجنب الانزواء في ركن الخصام، فالمودة تزرع بالبذل والعطاء، وتسقى بالزيارة والسؤال والدعاء، وتحصد بالقلوب المتآلفة والنفوس المتراحمة على الدوام، فالجمال يتجلى في تعاونك مع جارك، ومواساة زميلك، ومساعدة من يختلف معك في الرأي أو المنهج، حتى لا يتحول التباين إلى تجاف، ولا يصير الاختلاف إلى بغضاء وخصام، فكن أنت القائد إلى الألفة، والمبادر إلى الخير، فتتحقق في حياتك الغاية السامية التي أرادها الرحمن، وحينها تكون قد طبقت الجمال بالقول والجنان، مصداقا لما جاء في محكم التنزيل من عظيم البرهان: ﴿وقولوا للناس حسنا﴾.

أيها المكرمون، اعلموا أن الجمال الأعظم يكمن في احتواء المخالف، وتأديب النفس على الرفق، والتجمل بالصبر والحلم الواسع، وترك التسرع في الرد العاجل، فلا ترهقوا الناس بحملهم على قولكم، ولا تكلفوهم اتباع فعلكم، بل قابلوا كل من خالفكم بوجه طليق، فلتكن نصيحتكم خفيفة هادئة تقدم باللين، واعلموا أن احترام آراء الغير واجب ديني فلا تقللوا من شأن وجهة نظر المخالف، ولا تستعلوا بجمال حقكم أو بنور إيمانكم، وإذا سنحت لكم الفرصة لتقديم هدية ولو بسيطة فافعلوا، فالمودة تكتسب بإحسان التعامل وملاطفة الأحوال، واعلموا أن الإنصاف هو جوهر الإيمان، فإن ظهر الحق مع مخالفكم فاقبلوه وأقروا به بشجاعة، وإذا قبل منكم النصح فاشكروه ولا تمنوا عليه، وأمام ناظريكم تظهر أيقونة دولة التلاوة، حيث يظهر فيها التعامل الراقي، مع اختلاف الأذواق والرؤى، لتروا الجمال حاضرا في كل مشهد وفي كل آية، فلا تملكوا إلا أن تقولوا: "إن الله جميل يحب الجمال"، ويا خالق هذا الجمال سبحانك.

*******

الخطبة الثانية
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله، وبعد،
فعلاقة الجوار رابطة مقدسة تتجاوز حدود المصالح العابرة لتغدو معيارا لصدق الإيمان وسلامة القلب، فالجار هو مرآتك الصادقة، وميزان إحسانك الخفي، فالجوار الصالح ستر وأمان، يدفن حسناتك حياء، ويستر سيئاتك كرما، فلا يكتمل الإيمان ولا يطمئن القلب حتى يأمن جارك شرك، فاجعل بيتك حصنا لك، ولا تجعل جدار جارك بابا لزلاتك؛ فصون عرضه وماله أوجب، والصبر على أذاه محبة إلهية، ففي قدسية هذا الجوار يكمن سر المودة والسكينة، قال الجناب المعظم صلى الله عليه وسلم: «ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه».

أيها الكرام، احذروا كل الحذر من إيذاء جيرانكم، أو الاعتداء على خصوصيتهم، تجنبوا إشاعة عيوبهم أو كشف سترهم، التزموا الهدوء والاحترام المتبادل، وبادروا بالسلام والابتسامة والمشاركة في مناسباتهم، علموا أبناءكم تعظيم حق الجار وحفظ الأمانة تجاههم، اغرسوا في داخلهم أن يكونوا صابرين محتسبين على أي أذى قد يصدر من جيرانهم، فالله يحب من يصبر على أذى جاره، فلا يكفي أن نأمر أولادنا بكف الأذى، بل يجب أن نحيي فيهم ثقافة الإحسان والتفقد، وأن نرسخ في نفوسهم أن الجار أولى بالهدية وأحق بالمعروف، كونوا المعلم الأول لحق الجوار، واغرسوا في قلوب أبناءكم أن في كل ابتسامة حسنة، وفي كل سلام سكينة، وفي كف الأذى رحمة، فاسألوا عن جيرانكم عند غيابهم، وكونوا عونا لهم في قضاء حاجتهم، وشاطروهم أفراحهم وأتراحهم، فهذا هو الطريق الأسهل إلى الجنة، فعن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، دلني على عمل إذا أنا عملت به دخلت الجنة، قال: كن محسنا، قال: كيف أعلم أني محسن؟ قال: «سل جيرانك، فإن قالوا: إنك محسن فأنت محسن، وإن قالوا: إنك مسيء فأنت مسيء».

حفظ الله مصر وأهلها من كل مكروه وسوء.

طباعة شارك الجمعة خطبة الجمعة الأوقاف شعائر صلاة الجمعة كن جميلًا ترَ الوجودَ جميلًا قرآن الجمعة

مقالات مشابهة

  • عشرات آلاف المصلين يؤدون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى
  • حكم صلاة الجمعة لمن أدرك الإمام في التشهد.. الإفتاء تجيب
  • ما حكم تَرك صلاة الجُمعة والتكاسل عن أدائها؟.. الأزهر للفتوى يجيب
  • بث مباشر.. شعائر صلاة الجمعة بعد قليل من الجامع الأزهر
  • بث مباشر.. صلاة الجمعة من رحاب مسجد السيدة زينب بالقاهرة
  • موعد صلاة الجمعة.. اعرف التوقيت الصحيح للصلوات الخمس
  • نقل شعائر صلاة الجمعة بعد قليل من الجامع الأزهر
  • تفسير رؤية صلاة الجمعة في المنام
  • حكم صلاة الجمعة خارج المسجد وهل يقل الثواب عن داخله؟ رد الإفتاء