دافع متحف البوسنة الوطني عن قراره التبرّع بأموال يجنيها من عرض مخطوطة يهودية ثمينة لسكان قطاع غزة، وأفاد بأن عائدات بيع التذاكر لرؤية "سراييفو هغادة" التي تعد من بين المخطوطات الدينية العائدة للعصور الوسطى الأعلى قيمة، سيتم التبرّع بها "لدعم سكان فلسطين الذين يعانون من إرهاب ممنهج ترتكبه دولة إسرائيل مباشرة وبدم بارد".

وستتضمن تبرعات المتحف أيضا ريع مبيعات كتاب عن الهغادة، وهو نص ديني يهودي يُقرأ على مائدة عيد الفصح، وشدد سياريتش على أن الخطوة لا تستهدف اليهود إطلاقا، بل هي رسالة معارضة لما يحصل في غزة، وأضاف أن "التظاهر بالحياد يعني الوقوف مع الشر، ما يحصل في رأيي هو شر محض يتعيّن معارضته".

وأثارت الخطوة انتقادات منظمات يهودية في وقت سابق هذا الشهر، واتهم بعضها المتحف بمعاداة السامية، لكن مدير المتحف ميرساد سياريتش (55 عاما) دافع عن القرار مؤكدا أنه تلقى العديد من رسائل الدعم من يهود حول العالم، وقال لوكالة الصحافة الفرنسية: "هل اخترنا أحد الجانبين؟ نعم قمنا بذلك".

وانتقدت عدة منظمات يهودية إعلان المتحف، بما في ذلك "رابطة مكافحة التشهير" التي اعتبرت هذا الأمر تسييسا لـ"رمز للإرث والبقاء والتعايش".

زوار يتجولون في المتحف الوطني البوسني في سراييفو (الفرنسية)

ولطالما كانت -الهغادة الموضوعة داخل خزانة زجاج، في إحدى غرف المتحف المصممة خصيصا للمخطوطة- رمزا ثمينا للتنوّع في ساراييفو ذات الغالبية المسلمة وحيث يقطن أقل بقليل من ألف يهودي.

وتروي صفحات الهغادة المصنوعة من الرقّ والمحفوظة بعناية قصة خلق العالم وخروج بني إسرائيل من مصر، ويُعتقد أن المخطوطة العائدة إلى العام 1350، والمزيّنة بتفاصيل دقيقة كُتبت قرب برشلونة وجلبها يهود طُردوا من إسبانيا عام 1942 إلى ساراييفو، ونجت المخطوطة من النازية وتمّ الحفاظ عليها أثناء القصف الكثيف خلال الحرب البوسنية في التسعينات.

إعلان

وبعدما بقي لسنوات طويلة محفوظا في مكان آمن بعيدا من الأنظار، بات الوصول إلى الكتاب ممكنا أكثر منذ فُتحت الغرفة الخاصة به عام 2018 بعد عملية تجديد غطّت فرنسا تكاليفها، وما زال يجذب الزوار والأكاديميين إلى المتحف.

وقالت عالمة المصريات الإيطالية سيلفيا إناودي بعدما اطلعت على المخطوطة: "أعتقد أنها وسيلة لدعم الفلسطينيين في غزة".

من جانبه قال الزائر الفرنسي بول إيليك: "غزة، لما لا؟"، مضيفا: "إنها مسألة صعبة في الوقت الحالي، لكن هناك أيضا العديد من الأماكن الأخرى حيث يعاني الناس".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات دراسات

إقرأ أيضاً:

من البوسنة إلى أستراليا.. هذا ما تعلمته طفلة لاجئة عن حرب البوسنة

بمناسبة مرور 30 عاما على اتفاقيات دايتون للسلام التي وضعت حدا لحرب استمرت بين عامي 1992 و1995 في البوسنة والهرسك، نشرت صحيفة غارديان في نسختها الأسترالية تقريرا يتناول قصة ياسمينة يولديتش، الطفلة اللاجئة اليافعة.

يفيد التقرير -الذي أعدّه مراسل الصحيفة في أستراليا جو هينشكليف- بأن ياسمينة لم تكن قد تجاوزت التاسعة من عمرها عندما اكتشفت أنها ولدت في عائلة مسلمة، وكانت والدتها سلمى تحاول أن تشرح لها ولأختها الكبرى أميلا سبب اقتياد رجال مسلحين لوالدهما.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2كاتب بريطاني: الانتقال للمرحلة الثانية من سلام غزة مستحيلlist 2 of 2لوفيغارو: استخبارات الدانمارك تضع واشنطن ضمن تهديدات الأمن الأوروبي لأول مرةend of list

تحدثت ياسمينة يولديتش -التي تبلغ حاليا 43 عاما من العمر وتعمل حاليا نائبة الأمين العام للتعليم العالي في الحكومة الفدرالية الأسترالية- للصحيفة عن اللحظة الفاصلة في حياتها عندما كانت في التاسعة من عمرها في يوليو/تموز 1992.

كانت تلك اللحظة هي اليوم الذي أُخذ فيه والدها أنور إلى معسكر اعتقال من قبل رجال مسلحين كانوا جيرانهم، وبدأت والدتها تشرح لياسمينة وشقيقتها لأول مرة مفهوم الدين.

تقول ياسمينة إنها لم تعرف "من هي أو ماذا هي حتى بدأت الحرب"، حين علمت في لحظة أن التصنيفات الدينية يمكن أن تضع نهاية عنيفة لطفولة مثالية.

هشاشة المجتمع والتعايش

من خلال ذاكرتها الطفولية، يوضح التقرير كيف أن الحروب لا تندلع بالرصاص وحده، بل بالكلمات والتصنيفات. "هم" و "نحن" كانت المفردات الأولى التي شقّت مجتمعا كان متداخلا ومتماسكا. فالجيران الذين عاشوا جنبا إلى جنب تحوّلوا بسرعة إلى أعداء، ومعهم انهارت فكرة الأمان التي تحيط بالطفولة.

من هذا المنظور، ترى ياسمينة أن الكراهية ليست قدرا تاريخيا، بل نتاج خطاب يُغذّى ويُترك من دون كبح، حتى ينفجر في صورة عنف جماعي.

ترى ياسمينة أن تجربتها الشخصية أظهرت لها مدى هشاشة المجتمع وسرعة انهيار النسيج الاجتماعي. تتذكر صدمتها عندما كان المسلحون الذين اعتقلوا والدها هم جيرانها، وكيف يمكن للدولة والمجتمع والأسرة أن تتفكك.

ياسمينة: الكراهية ليست قدرا تاريخيا، بل نتاج خطاب يُغذّى ويُترك من دون كبح، حتى ينفجر في صورة عنف جماعي.

كانت والدتها تحاول حمايتهما من انهيار جمهورية يوغوسلافيا آنذاك، لكن اختطاف الأب أجبرهما على فهم "المصطلحات والأفكار الكبيرة" مثل الدين والكراهية فجأة. هذا المسار دفع العائلة إلى رحلة مملوءة بالصدمات قبل أن تستقر في بريسبان عاصمة ولاية كوينزلاند في أستراليا.

الكراهية وشيطنة الآخر

أعربت ياسمينة للمراسل عن قلقها البالغ من الخطاب المتصاعد ضد المهاجرين، سواء في أستراليا أو على الصعيد العالمي، وتصف "شيطنة الآخر" بأنها تثير لديها ما يشبه اضطراب ما بعد الصدمة.

إعلان

وتؤكد أنها "تعرف إلى أين يقود ذلك"، مشددة على أن الكراهية يمكن أن تتصاعد بسرعة كبيرة وتدمر أي مجتمع. وتستذكر بوضوح مشاهد مذبحة سربرنيتسا، عندما شاهدت عبر التلفاز تقدم قوات صرب البوسنة، وتنبؤ والدها في تلك اللحظة بأنهم "سيقتلونهم… سيذبحونهم بالكامل".

هذا الارتباط المباشر بين الخطاب المتطرف والعنف الجماعي هو ما يدفعها إلى التحذير من مغبة التهاون مع مثل هذه التطورات.

إحدى البوسنيات التي تضررت من الحرب الأهلية في تسعينيات القرن الماضي (رويترز)السلام الناقص

تنظر ياسمينة إلى اتفاقيات دايتون، التي أنهت الحرب عام 1995، وقسمت البوسنة إلى كيانين (البوسنة والهرسك وجمهورية صرب البوسنة)، من منظور متغير.

كانت ترى أن الاتفاقيات، التي يصفها بعض الأكاديميين بـ"السلام القبيح" أو الناقص، قد "جمدت الزمن" وتركت القوميين في السلطة عبر نظام معقد لتقاسم السلطة وحق النقض.

ومع ذلك، عندما وقعت أحداث غزة وأوكرانيا، بدأت نظرتها تتحول، فقد أيقنت أن المنجز الأهم في دايتون هو وضع حدٍّ للحرب والاقتتال وسفك الدماء في منطقة البلقان.

ياسمينة: حذار من أخذ التماسك الاجتماعي على أنه أمر مسلَّم به، لأنه يمكن أن يتداعى بسرعة وينتهي بطريقة خاطئة ومروعة.

وعلى الرغم من الصدمات، كان المسار الذي سلكته ياسمينة دافعا لها لتحقيق مسيرة مهنية مرموقة في أستراليا. فبعد استقرارها في بريسبان، حيث أقامت عائلتها جذورا قوية، تؤكد إسهام المهاجرين في إثراء أستراليا ثقافيا واقتصاديا.

وتؤكد ياسمينة أن حماية الأمن والرخاء مسؤولية الجميع. وتشدد على ضرورة "عدم أخذ التماسك الاجتماعي على أنه أمر مسلَّم به"، لأنه يمكن أن يتداعى بسرعة وينتهي بطريقة خاطئة ومروعة.

في الذكرى الثلاثين التي مرت قبل أشهر لمجزرة سربرنيتسا، والتي أبيد فيها أكثر من 8 آلاف مسلم بوسني على يد القوات الصربية، يتجدد القلق الدولي بشأن استقرار البوسنة والهرسك، الدولة الصغيرة والمقسمة عرقيا، والتي لا تزال أسيرة اتفاق دايتون الذي أوقف الحرب من دون أن ينهي الانقسام.

وقال تقرير نشرته صحيفة فايننشال تايمز إن ميلوراد دوديك، زعيم صرب البوسنة، يمثل اليوم التهديد الأكبر لوحدة البلاد، إذ يسعى بصراحة لتقويض مؤسسات الدولة المركزية بدعم رمزي من موسكو، التي تراه جزءا مهما من محور مؤيد لروسيا على هامش أوروبا.

مقالات مشابهة

  • من البوسنة إلى أستراليا.. هذا ما تعلمته طفلة لاجئة عن حرب البوسنة
  • محاكمة المتهمين فى سرقة الأسورة الأثرية من متحف التحرير اليوم
  • المركبات الملكية ينفذ برنامج ربط طلاب الجامعات بالخبرات العلمية للمتحف
  • إب.. قيادات حوثية تعبث بالتراث وتحوّل متحفًا أثريًا إلى مقر أمني
  • فتح متحف السراي الحمراء في طرابلس لأول مرة منذ سقوط القذافي (شاهد)
  • متحف غريفان بباريس.. 250 تمثالا شمعيا لإضاءة صفحات التاريخ
  • سرقة 600 قطعة أثرية ثمينة من متحف بريطاني
  • ليلة باردة وضباب في العديد من المناطق
  • في أنغولا.. متحف العبودية يشهد على أعظم فظائع التاريخ
  • روبوت قهوة بين سيارات ملكية.. مفاجأة تنتظر زوار متحف في عمّان