قال الشيخ الدكتور بندر بن عبدالعزيز بليلة ، إمام وخطيب المسجد الحرام، إن الحَسَدُ، داء خطير، وشَر مُستطِيرُ، مَتَى مَا تَسرَّبَ إِلى قَلْبِ العَبْدِ وَرُوحِهِ، إِلَّا وَعَكَّرَ عَلَيْهِ صَفْوَهُ.

دوامة من الهم والغم

وأضاف" بليلة" خلال خطبة الجمعة الثانية من شهر ربيع الأول اليوم من المسجد الحرام بمكة المكرمة: وكدَّرَ عليه خاطِرَهُ، وجعله يعيشُ في دوَّامَةٍ مِنَ الهَمِّ والغَمِّ، ودائرة من الحقد والبغضاء، فالحسد آفة قلبية خطيرة، تتجَلَّى فِي تَمَنِّي الحَاسِدِ زَوَالَ النَّعْمَةِ عَنِ غَيْرِه.

وأوصى المسلمين بتقوى الله، ومراقبة القلوب في أعمالها، فإن مكامن القلوب أصلُ لأعمال الجوارح وأقوالها، منوهًا بأنَّ مِن أعظم ما يُنغّصُ على العبد طمأنينته في هذه الحياة، وسعادته بعد المماتِ، تَحلِّيهِ بخُلُقٍ ذَميم.

وتابع: ووصف قَبيحِ، تَنفِرُ منه الفطر السويَّةُ، وتشمئز منه النفوس النقية، وتترفع عنه العقول الزكية، ذلِكُم هُو خُلُقُ الحَسَدِ وَمَا أَدْرَاكُمْ مَا الحَسَدُ، داء خطير، وشَر مُستطِيرُ، مَتَى مَا تَسرَّبَ إِلى قَلْبِ العَبْدِ وَرُوحِهِ، إِلَّا وَعَكَّرَ عَلَيْهِ صَفْوَهُ، وكدَّرَ عليه خاطِرَهُ.

الحسد صنفان

وأضاف: الحسد صنفَانِ: أَحدُهُما أَنْ يَسْعَى إِلَى ذلِكَ بالقول أو الفعْل، لتنْقَلِبَ النَّعْمَةُ إِلَيْهِ، وَمِنْهُم مَن غَايَتُهُ ومناهُ أَن يراها زالَتْ عَنِ المحسودِ، وَلَوْ لَمْ تَرْجِعْ إِلَيْهِ، وهذَا أَخْبَثُ الصَّنْفَيْنِ وشَرُّهُما.

ونبه إلى أن الحَسَدُ هُو سَبَبُ أَوَّلِ معصِيَةٍ عُصِيَ بِها اللهُ فِي السَّماءِ، وَسَبَبُ أَوَّلِ ذَنْبٍ عُصِيَ بِهِ فِي الأَرْضِ، حِينَمَا حَسَدَ إِبْلِيسُ أَبَانَا آدَمَ لما خصَّهُ اللهُ بِهِ مِنْ تَكْرِيمٍ وتَفْضِيلٍ، عِندَمَا أَمَرَهُ بِالسُّجُودِ لَهُ، فَأَبَى وَاسْتَكَبَر وَكَانَ مِنَ الكَافِرِينَ.

وأوضح أنه كانَ أَيضًا الدَّافِعَ لِأَوَّلِ جَرِيمَةٍ عَرَفَها الوجودُ، حِينَما حَسَدَ قَابِيلُ أَخاه هابيل، فقتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الخَاسِرِينَ، وَهُو فِي الأصلِ خُلُقُ أَهلِ الشَّركِ والكُفرانِ، لَا أَهْلِ التَّوحِيدِ والإِيمَانِ.

تلكم الغبطة

واستشهد بما قال الله تعالى : (أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا ءَاتَهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ، فَقَدْ آتَيْنَا ءالَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَهُم مُّلْكًا عَظِيمًا)، مشيرًا إلى أَنْ ما يتمناه العَبْدُ وهو عِندَ غَيْرِه مِنَ الخَيْرِ والنَّعَمِ، مِنْ غَيْرِ أَن يَتَمَنَّى زوالها عَنْهُ.

وبين أن تِلْكُمُ الغِبْطَةُ، كَما قالَ أهْلُ العِلمِ، وَهِيَ المَقْصُودَةُ بِالحَسَدِ، فِي مِثْلِ قَولِهِ لا حَسَدَ إِلَّا فِي اثْنَتَيْنِ: "رَجُلٍ آتَاهُ اللهُ مالًا، فَسَلَّطَهُ على هَلَكَتِهِ فِي الحَقِّ، وَرَجُلٍ آتَاهُ اللهُ حِكْمَةً، فهو يَقْضِي بها وَيُعَلِّمُها" أخرجَهُ البُخارِيُّ ومُسلِمٌ.

وأفاد بأن عِلَاجُ هَذَا الدَّاءِ، أَن يَتَعَوَّذَ المُؤْمِنُ مِنْ شَرِّ نَفْسِهِ، كَمَا كَانَ هَدْيُهُ، وَأَن يَدْعُوَ رَبَّهُ أَن يَهْدِيَهُ لِأَحْسَنِ الأَخْلَاقِ، وَأَن يَصْرِفَ عَنْهُ سَيِّئَهَا، فَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ، أَنَّهُ كَانَ مِنْ دُعَائِهِ -صلى الله عليه وسلم- (وَاهْدِنِي لِأَحْسَنِ الْأَخْلَاقِ لَا يَهْدِي لِأَحْسَنِهَا إِلَّا أَنْتَ، وَاصْرِفْ عَنِّي سَيِّئَهَا لَا يَصْرِفُ عَنِّي سَيِّئَهَا إِلَّا أَنْتَ).

طباعة شارك خطيب المسجد الحرام إمام وخطيب المسجد الحرام بليلة خطبة الجمعة من المسجد الحرام دوامة من الهم والغم

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: خطيب المسجد الحرام إمام وخطيب المسجد الحرام بليلة خطبة الجمعة من المسجد الحرام المسجد الحرام الح س د

إقرأ أيضاً:

الأونروا: غزة تعيش كابوس الدمار والنزوح والجوع منذ عامين

قالت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، اليوم الثلاثاء، إن قطاع غزة يعيش منذ عامين كابوس الدمار والنزوح والجوع، ودعت إلى وقف فوري لإطلاق النار.

وفي بيان أصدرته الأونروا بمناسبة مرور عامين على حرب الإبادة الجماعية التي تواصل إسرائيل ارتكابها بحق الفلسطينيين في قطاع غزة، قالت الوكالة "الحزن والمعاناة والألم العميق والهائل: هذا هو واقع الكثيرين في غزة، وعلى مدى عامين طويلين، لم يعرف الناس سوى الدمار والنزوح والقصف والخوف والموت والجوع".

ودعت الوكالة في بيانها إلى وقف إطلاق نار فوري، قائلة: "يجب أن تصمت الأسلحة في كل مكان، ولا بد من إيصال المساعدات الإنسانية الأساسية على نطاق واسع إلى غزة دون عوائق، بما في ذلك عبر الأونروا".

كما طالبت بـ "مساءلة جميع المسؤولين عن الفظائع المرتكبة في القطاع".

وجراء استفحال الإبادة الإسرائيلية، نزح مئات آلاف الفلسطينيين إلى مناطق أخرى بغزة زعمت إسرائيل أنها آمنة، لكنها استهدفتها موقعة شهداء وجرحى بين النازحين، فضلا عن افتقاد تلك المناطق أدنى مقومات الحياة، لا سيما مياه الشرب.

وتغلق إسرائيل منذ الثاني من مارس/ آذار الماضي المعابر المؤدية إلى غزة، مانعة أي مواد غذائية أو مساعدات إنسانية، مما أدخل القطاع في مجاعة رغم تكدس شاحنات الإغاثة على حدوده.

وترتكب إسرائيل منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 إبادة جماعية بغزة، خلّفت 67 ألفا و173 شهيدا و169 ألفا و780 مصابا، معظمهم أطفال ونساء، ومجاعة أزهقت أرواح 460 فلسطينيا، بينهم 154 طفلا.

مقالات مشابهة

  • نتنياهو عبر (إكس): إسرائيل تعيش أيام حاسمة ومصيرية
  • مشروبات تزيد من خطر الإصابة بمرض شائع بالكبد بنسبة 60 %
  • الأونروا: غزة تعيش كابوس الدمار والنزوح والجوع منذ عامين
  • 8 أدعية لتفريج الهم والمشاكل
  • أدعية رددها رسول الله عليه أفضل الصلاة والسلام
  • دور المرأة المصرية في حرب أكتوبر المجيدة.. تعرف عليه
  • الاحتلال يجدد إبعاد خطيب المسجد الأقصى الشيخ عكرمة صبري لمدة 6 أشهر
  • ما هو مسجد القبلتين الذي أمر خادم الحرمين بفتحه 24 ساعة؟
  • خادم الحرمين الشريفين يوجّه بفتح مسجد القبلتين على مدار اليوم
  • خادم الحرمين الشريفين يوجّه بفتح مسجد القبلتين في المدينة المنورة على مدار (24) ساعة