بينها السفينة الصحفية.. هكذا أبحرت سفن كسر الحصار من إيطاليا
تاريخ النشر: 7th, September 2025 GMT
تورينو – "أود أن أهدي هذه الجائزة لأصدقاء أسطول الصمود العالمي، لم ينته كل شيء، فهناك سبب وجيه يجعلنا نستيقظ في الصباح اسمه الإنسانية"، هكذا عبرت الفنانة الإيطالية بينيديتا بوركارولي خلال حفل اختتام مهرجان البندقية السينمائي أثناء تسلمها جائزة أفضل أداء نسائي ضمن قسم "آفاق" عن فيلم "اختطاف أرابيلا" للمخرجة كارولينا كافالي.
وجاءت كلمات الفنانة بينيديتا في ليلة الاستعدادات النهائية لانطلاق سفن أسطول الصمود العالمي من الجانب الإيطالي -صباح اليوم الأحد- من ميناء كاتانيا في جزيرة صقلية الإيطالية.
أكثر من 40 قاربا إيطاليا محملا بالمساعدات الإنسانية يتجه للانضمام إلى "أسطول الصمود العالمي" الذي يهدف إلى كسر الحصار الإسرائيلي عن قطاع غزة، وكان قد غادر موانئ مدينة برشلونة الإسبانية في وقت سابق الأحد الماضي.
ورغم أن عددا من المراكب الإيطالية انطلق من جنوة نحو ميناء كاتانيا يوم 30 أغسطس/آب الماضي، محملا بنحو 300 طن من المساعدات جمعت من مختلف أنحاء إيطاليا خلال 5 أيام فقط، فإن الموعد الأولي للانطلاق نحو نقطة التجمع في عرض البحر المتوسط والانضمام إلى السفن القادمة من برشلونة كان مبرمجا في الرابع من سبتمبر/أيلول الجاري، إلا أن اللجنة المنظمة للأسطول في إيطاليا اختارت إرجاء الانطلاقة لثلاثة أيام إضافية.
وقالت مصادر مطلعة للجزيرة نت فضلت عدم الكشف عن هوياتها إن "التأجيل فرضته ضرورات تنظيمية وأمنية، خاصة أن الأسطول الإيطالي ينتظر وصول مراكب من برشلونة وتونس في نقطة لم يُكشف عنها في عرض البحر الأبيض المتوسط".
تأمين مشاركة المراكب الإيطالية في أسطول الصمود العالمي كان موضوع جدل سياسي، بعد رسالة وجهتها زعيمة المعارضة اليسارية ورئيسة الحزب الديمقراطي إيلي شلاين إلى رئيسة الحكومة الإيطالية اليمينية جورجيا ميلوني بالقول "أرجو أن تواصلي إطلاعي على نوايا الحكومة الإيطالية فيما يتعلق بضمان الحماية والسلامة لجميع أفراد طاقم هذه المبادرة الإنسانية".
إعلانومع رسالة شلاين، وجدت ميلوني نفسها مضطرة للرد، مؤكدة في تدوينة على حسابها في وسائل التواصل الاجتماعي أنها ستتخذ جميع الإجراءات اللازمة لضمان أمن وسلامة المواطنين الإيطاليين المشاركين في هذه المبادرة، حتى وإن كانت تحمل أبعادا رمزية أو سياسية.
وجاء رد ميلوني بعد إعلان 4 نواب إيطاليين، بينهم نائبان في البرلمان الأوروبي، مشاركتهم في أسطول الصمود الذي سيبحر اليوم باتجاه القطاع.
وعقب الندوة الصحفية التي عقدت في الثالث من سبتمبر/أيلول الجاري في قاعة الصحافة التابعة لمجلس الشيوخ في روما بحضور النواب البرلمانيين المشاركين، قال ياسين لفرم رئيس اتحاد الجاليات الإسلامية بإيطاليا المعروف اختصارا بـ"أوكوي" إن "الرسالة الأساسية التي نحملها من خلال مشاركتنا في أسطول الصمود هي رسالة إنسانية بامتياز، هدفها كسر الحصار الظالم على أهلنا في غزة".
وأضاف لفرم للجزيرة نت أن الصمت لم يعد مقبولا أمام الجرائم المرتكبة ضد المدنيين الأبرياء، موضحا "في هذه الرحلة أمثل كافة المسلمين في إيطاليا وأكثر من 3 ملايين مواطن يعيشون في البلاد، الذين لا يرضون أن يكونوا شهود صمت على المجازر والانتهاكات في غزة".
وفي الجنوب الإيطالي كانت العديد من المدن، خاصة في جزيرة صقلية، على موعد مع فعاليات وتظاهرات يومية لدعم أسطول الصمود، وبشكل لافت شكلت مدينة باليرمو عاصمة جزيرة صقلية شرارة التظاهرات الداعمة، وكذلك مدينة كاتانيا التي كانت على موعد مع تظاهرات خاصة بالمشاركين في الأسطول.
وخلال التظاهرات أقيمت تدريبات خاصة للمشاركين في الأسطول تضمنت كيفية العيش على متن السفن، والخطوات الخاصة بحفظ سلامة الجميع وسط البحر، وكيفية التصرف في حال تدخل القوات الإسرائيلية، وغير ذلك من الإجراءات الأمنية اللازمة.
وأوضح عبد الرحمن أماجو، المشارك في الأسطول ورئيس شبكة جمعيات المجتمع المدني للمهاجرين في شمال إيطاليا، أن "أسطول الصمود ليس مجرد عمل رمزي بل هو فعل عدالة وواجب أخلاقي لا يمكننا كمواطنين وكبشر تأجيله أكثر"، موجها نداء إلى المجتمع المدني الإيطالي بدعم مهمة رحلة الأسطول والدفاع عنها ونشر أخبارها، والتصدي لحملات التضليل ونزع الشرعية.
وشهدت مدينة البندقية عدة فعاليات تضامنية طيلة أكثر من أسبوع قبل إبحار السفن الإيطالية من كاتانيا، وذلك خلال مهرجانها السينمائي الدولي، وكان من أبرز الفعاليات التصفيق الطويل لمدة 24 دقيقة الذي حظيت به المخرجة كوثر بن هنية بعد عرض فيلمها "صوت هند رجب"، الذي يروي الساعات الأخيرة للطفلة الغزّية هند وسط القصف الإسرائيلي، وهو العمل الفني الذي توّج بالجائزة الكبرى للجنة التحكيم.
كما حرصت الجاليات المسلمة المقيمة في إيطاليا على دعم الأسطول، وقال إمام مسجد تورينو محمد شاهين للجزيرة نت "نشكر كل أحرار العالم على دعمهم للأسطول، لإيقاف هذه الحرب ودعم أناس يبحثون عن استقلالهم، وندعو الجميع لمساندة أسطول الصمود".
إعلانودعا الجاليات العربية والمسلمة في إيطاليا خاصة وأوروبا عامة إلى استغلال هامش الحرية والمشاركة في الأنشطة الداعمة لأسطول الصمود السلمي قبل وبعد انطلاقته.
أسطول الصمود العالمي في شقه الإيطالي المنطلق من كاتانيا يتميز بمتابعة إعلامية من صحفيين مستقلين يرافقون الأسطول على متن "السفينة الصحفية" التي تبحر بشكل مستقل عن الأسطول.
وتضم صحفيين من ألمانيا وسلوفينيا وإسبانيا وإيطاليا، على رأسهم الصحفي الإيطالي كلاوديو لوكاتيلي المعروف بالصحفي المقاوم والمختص في تغطية الحروب، والذي اشترى سفينة من ماله الخاص إلى جانب تبرعات من متابعيه على مواقع التواصل الاجتماعي، منطلقا من ميناء ليفورنو.
ويقول الصحفي لوكاتيلي، في حديث للجزيرة نت، إن "أكثر من 250 زميلا صحفيا قتلوا على يد الجيش الإسرائيلي، لقد قررت أن أجمع صحفيين مستقلين في سفينة الصحافة لأن إسرائيل لا تسمح للصحافة الدولية بالدخول والتحقق مما يحدث"، وأضاف "بوصفي إنسانا أولا، ثم صحفيا، نحن أمام التزام وواجب إنساني يدفعنا للتدخل من أجل فك حصار قائم، ونقوم بدورنا لكي لا يستمر، مستخدمين أدوات الإعلام لإظهار ما يحدث في غزة".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات دراسات أسطول الصمود العالمی جزیرة صقلیة فی إیطالیا للجزیرة نت أکثر من
إقرأ أيضاً:
البابا لاون الرابع عشر يقدّم خطابًا شاملاً لمرحلة جديدة في مسيرة الكنيسة الإيطالية
في زيارة حملت بُعدًا روحيًا ورسائل راعوية واضحة، استهلّ قداسة البابا لاون الرابع عشر يومه في مدينة أسيزي بزيارة وصلاة خاصة عند ضريح القديس فرنسيس، قبل أن يتوجّه إلى بازيليك “القديسة مريم سيدة الملائكة” لاختتام أعمال الجمعية العامة الحادية والثمانين لمجلس أساقفة إيطاليا، حيث قدّم خطابًا شاملاً شكّل خريطة طريق لمرحلة جديدة في مسيرة الكنيسة الإيطالية.
بدأ الأب الأقدس كلمته بالتأكيد على ضرورة إعادة توجيه الأنظار نحو المسيح بوصفه البوصلة التي تتيح تجاوز الانقسامات والعنف وحالة العداء المتزايدة في العالم.
وأوضح أن العودة إلى ينابيع الإنجيل هي السبيل الأضمن لتجديد ثقافة اللقاء، ومواجهة اللامبالاة، وتعزيز حضور الكنيسة كنبوءة سلام وصانعة للصداقة والأخوّة.
وفي حديثه عن التحديات الرعوية، دعا الحبر الأعظم إلى التمييز والحكمة في إدارة الأبرشيات، ولا سيما الصغيرة منها التي تعاني محدودية الموارد.
وأشار إلى أهمية دمج الجهود والتعاون بين الأبرشيات للتعامل مع التحولات الديمغرافية والثقافية.
تحذير من الانجرار خلف التكنولوجياكما ذكّر بتوجيهات البابا فرنسيس بشأن سنّ التقاعد للأساقفة (٧٥ عامًا) وللكرادلة (٧٧ عامًا)، مؤكدًا أن التجدد في الهيئات الكنسية عنصر جوهري لتفعيل الرسالة.
وتطرّق البابا إلى التحديات الرقمية، محذرًا من الانجرار خلف التكنولوجيا بلا ضوابط، ومحفّزًا على إعداد برامج رعوية قادرة على “أنسنة العالم الرقمي” بما يحمي الحقيقة والحرية.
كما شدد على واجب الوقوف إلى جانب الفئات الأكثر هشاشة، وفي مقدمتها الأسر والشباب والمسنون والفقراء.
وفي ملف بالغ الحساسية، جدد البابا التزام الكنيسة الثابت بحماية القاصرين والبالغين الضعفاء، مشيدًا بالتقدم المحقّق في هذا المجال، ومؤكدًا ضرورة مواصلة العمل على الوقاية وتضميد جراح الضحايا بوصفه جزءًا لا يتجزأ من رسالة الكنيسة.
واختتم البابا خطابه بدعوة الأساقفة إلى استلهام روح “السينودسية” التي عاشها القديس فرنسيس ورفاقه، معتبرًا أنها نموذج للقرب والحوار والمسيرة المشتركة، وأنها السبيل ليكون الأساقفة شهودًا أوفياء لملكوت الله في عالم اليوم.