جريدة الرؤية العمانية:
2025-11-22@17:09:09 GMT

الأساطيل البحرية.. استراتيجية عُمانية

تاريخ النشر: 22nd, November 2025 GMT

الأساطيل البحرية.. استراتيجية عُمانية

 

 

 

محمد بن رامس الرواس

ابتهجنا جميعًا بالإطلالة السامية لحضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المعظّم- حفظهُ الله ورعاهُ- عندما شمل برعايته السامية الكريمة استعراض الأسطول البحري 2025، وذلك في إطار احتفالات البلاد باليوم الوطني المجيد، في مشهد عكس عراقة البحرية العُمانية، وما تملكه من أساطيل على مر العصور والأزمنة.

فقد كانت ولا تزال الأساطيل العُمانية جزءًا أصيلًا من الهوية الوطنية العُمانية، وذلك بحكم موقعها الاستراتيجي المطل على المحيط الهندي بما فيه من بحر عُمان وبحر العرب، وطبعًا الخليج العربي، وكونها مُطِلَّة على أهم طرق التجارية العالمية والجسر الذي يربط الصحراء خلفها بالعالم عبر البحر والشرق بالغرب، لذا كان البحر كما قيل "ميرة أهل عُمان وسر رخائهم الاقتصادي"، فكان الاعتناء ببناء السفن وتأسيس الأساطيل العُمانية الحربية والتجارية في عهود الإمة والسلاطين قائمًا على رؤية استراتيجية راسخة.

ولكي نسرد الحكاية من البداية، فإن قوة الأساطيل العُمانية مرت بمراحل عدة، كانت بدايتها مع الأئمة اليعاربة الذين اعتنوا ببناء السفن البحرية العسكرية العُمانية حتى أنشأوا قوة بحرية كبرى استطاعت أن تطرُد البرتغاليين من أرض عُمان؛ بل ومن المنطقة عامة، فلقد أولى الإمام ناصر بن مرشد اليعربي، عناية خاصة بوضع أسس أول أسطول عُماني بحري تمكَّن من خلاله من فرض الأمن وتحقيق الرخاء. ثم جاء بعد ذلك الإمام سلطان بن سيف اليعربي الذي قام بتجهيز أسطول عماني بحري باحترافية عالية استطاع من خلاله طرد البرتغاليين من عُمان؛ بل ولاحقهم إلى شرق أفريقيا والسواحل الغربية للهند.

هنا سجَّل التاريخ سيطرة وهيمنة عُمانية كبرى في المحيط الهندي؛ حيث انتشرت السفن العُمانية شرق وغرب المحيط، وأصبحت الدول الأوروبية تحسب ألف حساب للأسطول العُماني القوي وتتجنب الصدام معه، وكانت من هذه السفن، السفينة الحربية العُمانية "الملك" والسفينة "الفلك" التي كانت تحمل عشرات المدافع على ظهرها.

ولأن الأيام دول صعودًا ونزولًا، فقد جاءت فترة من الاضطرابات، التي سهَّلت وجود غزو فارسي لبعض أجزاء من عُمان والخليج، وحين جاء إلى الحكم مُؤسِّس الدولة البوسعيدية الإمام أحمد بن سعيد البوسعيدي كان مدركًا بأن القوة البحرية هي العمود الفقري لأي قوة عُمانية ناشئة تريد دحر عدوها والسيطرة؛ فأعاد لعُمان هيبتها وقوتها البحرية واهتم ببناء السفن كما اهتم ببناء الجانب الاقتصادي؛ حيث شيَّد أسطولًا بحريًا عُمانيًا متمكنًا استطاع طرد الفرس من عُمان؛ حيث كانت لديه قوة بحرية تجاوز 34 سفينة بحرية حربية.

وفي عام 1765، أصبح لدى عُمان أسطول حربي مُكوَّن من عشرات السفن الكبيرة والمتوسطة المُسلَّحة بأحدث المدافع، ولقد تجلَّت قوة هذا الأسطول من خلال مشاركته الحاسمة في تحقيق تحرير البصرة من الحصار الفارسي عام 1775م، مما أثبت أن قوة الأسطول البحري هي المسيطرة على الساحة الإقليمية في تلك الفترة من الزمن.

وجاءت بعد ذلك فترة السيد سعيد بن سلطان (1806 إلى 1856)؛ حيث وصلت الإمبراطورية العُمانية إلى ذروتها وقوتها، وامتدت من سواحل عُمان إلى زنجبار في شرق أفريقيا، ولأن المسافة كبيرة جدًاـ كان لا بُد من الاعتناء بالأسطول البحري لربط هذه الإمبراطورية المترامية الأطراف، بجانب توطيد علاقاتها الدبلوماسية والتجارية مع الدول كبرى في وقتها، وخلال فترة الإمام سعيد بن سلطان اشتهرت مجموعة من السفن وكان على رأسها السفينة "سلطانة" التي أرسل بها السيد سعيد هدية إلى الولايات المتحدة الأمريكية عام 1840م، بجانب السفينة الحربية "ليفربول" التي أطلق عليها لاحقاً اسم "السيد سعيد" تكريمًا له، في تلك الحقبة من الزمان أصبح الأسطول العُماني قوة كبرى؛ بل أصبح قوة مسيطرة من رأس الرجاء الصالح حتى سواحل اليابان؛ فأصبح في المرتبة الثانية عالميًا بعد الأسطول البريطاني.

ولأن الدولة البوسعيدية ولّادة بالسلاطين العظام؛ فعندما جاء السلطان قابوس بن سعيد- طيب الله ثراه - اهتم اهتمامًا عظيمًا بالبحرية السلطانية العُمانية، وكذلك كان من بعده حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- حتى أصبحت قوة حديثة مجهزة بأحدث التقنيات الدفاعية العالمية مع خطط التطوير والتحديث من أجل حماية السواحل العُمانية.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

غروندبرغ يبحث عن وساطة عُمانية لتحريك ملف المحتجزين الأمميين في صنعاء

أنهى المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن، هانس غروندبرغ، زيارة غير معلنة إلى سلطنة عُمان ضمن التحركات الأممية لإعادة إحياء خارطة السلام في اليمن وإطلاق سراح الموظفين الأممي المحتجزين لدى الميليشيات الحوثية في صنعاء.

بحسب بلاغ صادر عن مكتب المبعوث جرى خلال الزيارة عقد مباحثات مباحثات مع مسؤولين في السلطنة وحوثيين مقيمين في مسقط، تركزت على دفع مسار الوساطة الأممية وإحياء الجهود السياسية في اليمن.

وأوضح المكتب أن المبعوث الأممي شدد خلال اجتماعاته على أهمية تنسيق الجهود الإقليمية والدولية لتهيئة المناخ الملائم للوصول إلى تسوية سياسية شاملة، موجهاً شكره لسلطنة عُمان على دورها في دعم مساعي الأمم المتحدة.

وجدد غروندبرغ دعوته للإفراج الفوري وغير المشروط عن موظفي الأمم المتحدة المحتجزين لدى سلطة صنعاء الحوثية، مؤكداً أن استمرار احتجازهم يمثل خرقاً خطيراً للقانون الدولي ويقوّض الجهود الإنسانية في البلاد.

ورغم التحركات الأممية المكثفة، يرى محللون أن الأمم المتحدة تجد نفسها أمام تحدٍّ حقيقي، فالوساطة العُمانية قد تكون أداة ضغط فعّالة، لكنها أيضًا تعكس اعترافًا ضمنيًا بأن قدرة المنظمة على فرض إرادتها باتت محدودة. فحتى بعد الجولة الأخيرة من المباحثات لم تصدر نتائج معلنة تُفيد بتحقيق تقدم ملموس بشأن الإفراج، حيث لم تبدُ الجماعة الحوثية مستعدة للتراجع عن مزاعمها حول التهم الموجهة للموظفين، والتي تصفها الجماعة بأنها تتعلق بالتجسس أو التخابر. 

كما تحذر الأمم المتحدة من أن استمرار الوضع على هذا النحو يقوّض مصداقيتها وفعاليتها الإنسانية في اليمن، خاصة إذا بقي عدد الموظفين المحتجزين مرتفعًا، مع انعكاسات سلبية على تنسيق المساعدات، والوصول الإنساني إلى المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين.

بالرغم من التوقعات بأن الوساطة العُمانية قد تكون مفتاحًا لفك الأزمة، إلا أن المراقبين يرون أن نجاحها ليس مضمونًا، خصوصًا مع إصرار الحوثيين على روايتهم الأمنية واستمرار رفضهم الإفراج الشامل إذا لم يُلغَ الاتهام بالتجسس أو التخابر، مما يجعل الإفراج الكامل مرهونًا بتنازلات سياسية يصعب تحقيقها.

تحركات المبعوث الأممي تأتي متزامنة مع تصعيد قضائي واضح من الميليشيات الحوثية التي سرعت من خطواتها لمحاكمة حوالي 43 موظفًا أمميًا بتهم التجسس لصالح إسرائيل. ويثير هذا التصعيد انتقادات دولية واسعة، إذ تحذّر منظمات حقوقية من أن الاتهامات القضائية تمثل وسيلة لابتزاز الأمم المتحدة ومساومة دبلوماسية، مع مخاطر على مستقبل العمليات الإنسانية في البلاد.

وعلى الرغم من الإدانة الأممية، فإن العقوبات أو الردود الدولية قد تكون محدودة إذا لم يكن هناك تحرك جماعي موحَّد يُلزم الميليشيا بالخضوع للوساطة. إضافة إلى الرهان على مكاسب سياسية،حيث تستخدم الجماعة الإفراج كأداة تفاوضية لتحقيق مكاسب داخلية أو لتجميل صورتها دوليًا، أكثر من كونه خطوة إنسانية صافية.

ويرى المحللون أن الأزمة سوف تستمر كسلاح تفاوض بيد الحوثيين حتى لو تم الإفراج عن بعض الأفراد، فالجماعة قد تحتفظ بآخرين كوسيلة ضغط مستمرة، خاصة إذا رأت أن ذلك يعزز موقعها التفاوضي في أي حوار سياسي أوسع.

مقالات مشابهة

  • إطلاق برامج لتمكين المرأة العُمانية بقطاعي التراث والصناعات الإبداعية
  • مصر للطيران في دبي 2025.. تحديث الأسطول يتصدر اجتماعات كبار المصنعين العالميين
  • فرص تحديث الأسطول .. رئيس مصر للطيران يعقد لقاءات مع شركات تصنيع المحركات وتأجير الطائرات
  • جلالةُ السُّلطان المُعظّم القائدُ الأعلى يشملُ برعايته السّامية استعراضَ الأسطول 2025م
  • «أدنيك» تبُرم شراكة استراتيجية مع «أبوظبي البحرية»
  • الأمن البحري الدولي: اتفاق غزة لا يعني أمان الممرات البحرية والحوثيون تهديد مستمر
  • هيئه الاستثمار: 112 شركة عُمانية في مصر باستثمارات 52 مليون دولار
  • عرض أزياء للملابس العُمانية التقليدية في واشنطن
  • غروندبرغ يبحث عن وساطة عُمانية لتحريك ملف المحتجزين الأمميين في صنعاء