صدى البلد:
2025-10-08@00:57:53 GMT

أحمد النومي يكتب: هندسة الردع فى مواجهة خرائط الدم

تاريخ النشر: 7th, September 2025 GMT

الشرق الأوسط يعيش فترة مخاض عسيرة وتحولات متسارعة تمهد لولادة خرائط جغرافيا جديدة ممزوجة بلون الدماء تنسف معها  حدود جغرافيا سايكس بيكو ، فما بين فوضى منظمة ومستقبل مخيف تترقب المنطقة المجهول الذى  يطبخ على نار هادئة فى غرف عمليات  عواصم الشر تحت أعين أجهزة مخابرات تهندس مشهد ولادة خرائط الدم.

حقائق الماضي تؤكد أن مخطط إعادة رسم خريطة الشرق الأوسط مر بمحطات كثيرة ، منها الحقبة الاستعمارية وتقسيم الشرق الأوسط بين فرنسا وبريطانيا عقب سقوط الدولة العثمانية "سايكس بيكو "، تلاها هزيمة مشروع القومية العربية فى ستينات القرن الماضي عقب نكسة يونيو ،لتدخل المنطقة بيت الطاعة الأمريكى إبان الغزو الأمريكي للعراق، ثم جاءت أحداث 11 سبتمبر  لتشكل  نقطة تحوّل إستراتيجية  وفرت غطاء سياسى للتموضع فى المنطقة تحت ذريعة الحرب على الإرهاب وشرعنة التدخلات العسكرية ودخول مرحلة بناء القواعد العسكرية.


وكما يذوب الجليد حاول الغرب إذابة الهوية الثقافية والدينية والاجتماعية للعالم العربى عبر مشروع "الشرق الأوسط الكبير" ودمج الكيان المحتل فى براح جغرافيا العرب، باستخدام أدوات سياسية واقتصادية وفرض ما سمى بالأجندات الإصلاحية السياسية والاقتصادية التى تتماشى مع الهوى الأمريكى، لتدخل المنطقة أتون مرحلة "الفوضى الخلاقة" عبر ثورات الربيع العربي لإسقاط الأنظمة دون وجود بديل سياسى، أسفرت عن حروب أهلية وصراعات طائفية ولم تحقق المراد بل زادت الأوجاع ، لتدشن مرحلة حروب الوكالة والمليشيات للقضاء على المؤسسات الوطنية .

ولأن لكل وقت آذانه ولكل عصر أدواته، وكما تتلون الحرباء تلونت مخططات التقسيم ،لنكون على موعد مع لوك جديد للتقسيم  هو "الاستعمار الناعم" باحتلال العقول من خلال حروب الجيل الرابع ، رأس الحربة فيه وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي، فهو سلاح أشد فتكا من الأسلحة الخشنة عبر حروب الشائعات ورفع  يافطة  ظاهرها الرحمة وباطنها العذاب عنوانها "مفيش فايدة " بهدف تيئيس الناس من الأحوال والتشكيك فى المؤسسات الوطنية للدول، واستغلال حالة الوهن أو ظرف اقتصادي أو سخط اجتماعي، لتبدأ رقصات الشيطان وتسخين العباد للكفر بالأنظمة والمؤسسات والأوضاع، عبر حملات  ممنهجة ومنصات ممولة، نهايتها الخروج إلى الشوارع تحت راية  إسقاط أنظمة ، لكن الحقيقة المؤلمة هى إسقاط دول، خبرت التجارب السابقة أن من يسقط لن يعود بسهولة .

وجهة نظرى أن بيت القصيد فى مخططات التفكيك  هو تحقيق حلم إسرائيل الكبرى، والتى أعلن عنها جهرا بوقاحة رئيس وزراء الكيان المحتل ومن قبله ترامب بأن جغرافيا الكيان ضئيل ويستلزم التمدد والتوسع ولعل حرب غزة نموذجا ، فالهدف ليس القضاء على حماس بل ابتلاع ما تبقى من أرض وتكفين القضية الفلسطينية وتشيعيها إلى مثواها الأخير  تمهيدا إلى الحلم التوراتى المزعوم .

الحقيقة أن إعادة تشكيل المشهد الإقليمي يهدف إلى وطن عربى  مفكك أكثر اضطرابا وأقل امانا ،ترتفع  أعبائه الاقتصادية ويكثر لاجئيه ، فمخططات حدود الدم التى أعلنها الجنرال الأمريكى المتقاعد رالف بيترز ، هى نيولوك جديد لأفكار برنارد لويس بهدف خلق كيانات متناحرة ودويلات صغيرة والقضاء على القوى الإقليمية الكبرى بإثارة النزاعات العرقية والطائفية.

ولعل السؤال السمج الذى كان فيه غرض :  لماذا تتسلح مصر ؟ تصبح إجابته ساطعة  وسط جغرافيا مشتعلة وإقليم يتهاوى وأوطان ممزقة وأطماع مخيفة أصبح فيه  البقاء  للأقوى ، فالمحروسة هدف ثمين وسط خرائط الدم،فما بين شرق ملتهب بنيران "النازيين الجدد" ،وغرب منقسم  بفعل ميليشيات مصنوعة ،وجنوب ممزق بحرب أهلية "وتهديد الشريان المائى، تصبح نظرية الردع هى معادل مهم للحفاظ على حدود الوطن من حزام النار فى عالم لا يحترم سوى الأقوياء .

بدون شك  قرار التسليح له كلفة اقتصادية باهظة، لكنه أرخص من ثمن ضياع وطن، فالضرورات الأمنية تبيح فرض العضلات  بحثا عن البقاء  وكبح جماح  الطامعين.
 

طباعة شارك الشرق الأوسط سايكس بيكو القواعد العسكرية

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: الشرق الأوسط سايكس بيكو القواعد العسكرية الشرق الأوسط

إقرأ أيضاً:

ترامب يعبر عن تفاؤله بشأن التوصل إلى اتفاق حول غزة

تعهد الرئيس الأميركي دونالد ترامب اليوم الثلاثاء بدعم الضمانات الأمنية في قطاع غزة بعد مرور عامين على اندلاع الصراع هناك، وعبر عن اعتقاده بأن الاتفاق على إطلاق سراح باقي الرهائن على وشك الانتهاء.
وفي حديثه مع الصحفيين في المكتب البيضاوي، أضاف ترامب «أعتقد أن هناك احتمالاً لننعم بالسلام في الشرق الأوسط» وليس فقط غزة.
وأوضح أنه سيناقش الوضع في غزة مع رئيس الوزراء الكندي مارك كارني الذي يزور الولايات المتحدة.
وذكر مسؤول أميركي أن ستيف ويتكوف مبعوث واشنطن الخاص وجاريد كوشنر مبعوث ترامب السابق إلى الشرق الأوسط خلال ولايته الأولى توجها إلى مصر اليوم الثلاثاء للانضمام إلى المفاوضات هناك.
وقال ترامب في بداية اجتماعه مع كارني في المكتب البيضاوي «نحن قريبون جداً من التوصل إلى اتفاق بخصوص الشرق الأوسط من شأنه أن يحقق السلام هناك بعد كل هذه السنوات».
ورداً على سؤال عن الضمانات الأمنية التي تود الولايات المتحدة تقديمها، تعهد ترامب بالمساعدة دون الإدلاء بتفاصيل.
وقال «نتمتع بقوة كبيرة، وسنبذل كل ما في وسعنا للتأكد من التزام الجميع بالاتفاق».

 

أخبار ذات صلة ترامب: نعمل مع كندا بشأن القبة الذهبية ترامب يرى "فرصة حقيقية" لاتفاق سلام في غزة المصدر: رويترز

مقالات مشابهة

  • مجلس السلام
  • ترامب يعبر عن تفاؤله بشأن التوصل إلى اتفاق حول غزة
  • أرقام قياسية حول تمويل حروب إسرائيل بأموال دافعي الضرائب بأميركا
  • الإعلان الرسمي لفيلم “أوسكار عودة الماموث” يكشف عن أضخم تجربة سينمائية في الشرق الأوسط
  • دوري الملوك يشعل موسم الرياض بانطلاق نسخته الأولى في الشرق الأوسط
  • أحمد فؤاد أنور: الحديث عن إحياء النووي الإيراني يكشف فشل الضربات الأمريكية والإسرائيلية
  • الشرق الأوسط.. ضيف دائم على شريط الأخبار الساخنة
  • حـــوار افـتراضـي
  • «تريندز» يناقش تحولات الشرق الأوسط خلال مؤتمر دولي
  • “تريندز” يشارك في مؤتمر دولي يناقش التحولات في الشرق الأوسط