صدى البلد:
2025-11-23@15:48:19 GMT

أحمد النومي يكتب: هندسة الردع فى مواجهة خرائط الدم

تاريخ النشر: 7th, September 2025 GMT

الشرق الأوسط يعيش فترة مخاض عسيرة وتحولات متسارعة تمهد لولادة خرائط جغرافيا جديدة ممزوجة بلون الدماء تنسف معها  حدود جغرافيا سايكس بيكو ، فما بين فوضى منظمة ومستقبل مخيف تترقب المنطقة المجهول الذى  يطبخ على نار هادئة فى غرف عمليات  عواصم الشر تحت أعين أجهزة مخابرات تهندس مشهد ولادة خرائط الدم.

حقائق الماضي تؤكد أن مخطط إعادة رسم خريطة الشرق الأوسط مر بمحطات كثيرة ، منها الحقبة الاستعمارية وتقسيم الشرق الأوسط بين فرنسا وبريطانيا عقب سقوط الدولة العثمانية "سايكس بيكو "، تلاها هزيمة مشروع القومية العربية فى ستينات القرن الماضي عقب نكسة يونيو ،لتدخل المنطقة بيت الطاعة الأمريكى إبان الغزو الأمريكي للعراق، ثم جاءت أحداث 11 سبتمبر  لتشكل  نقطة تحوّل إستراتيجية  وفرت غطاء سياسى للتموضع فى المنطقة تحت ذريعة الحرب على الإرهاب وشرعنة التدخلات العسكرية ودخول مرحلة بناء القواعد العسكرية.


وكما يذوب الجليد حاول الغرب إذابة الهوية الثقافية والدينية والاجتماعية للعالم العربى عبر مشروع "الشرق الأوسط الكبير" ودمج الكيان المحتل فى براح جغرافيا العرب، باستخدام أدوات سياسية واقتصادية وفرض ما سمى بالأجندات الإصلاحية السياسية والاقتصادية التى تتماشى مع الهوى الأمريكى، لتدخل المنطقة أتون مرحلة "الفوضى الخلاقة" عبر ثورات الربيع العربي لإسقاط الأنظمة دون وجود بديل سياسى، أسفرت عن حروب أهلية وصراعات طائفية ولم تحقق المراد بل زادت الأوجاع ، لتدشن مرحلة حروب الوكالة والمليشيات للقضاء على المؤسسات الوطنية .

ولأن لكل وقت آذانه ولكل عصر أدواته، وكما تتلون الحرباء تلونت مخططات التقسيم ،لنكون على موعد مع لوك جديد للتقسيم  هو "الاستعمار الناعم" باحتلال العقول من خلال حروب الجيل الرابع ، رأس الحربة فيه وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي، فهو سلاح أشد فتكا من الأسلحة الخشنة عبر حروب الشائعات ورفع  يافطة  ظاهرها الرحمة وباطنها العذاب عنوانها "مفيش فايدة " بهدف تيئيس الناس من الأحوال والتشكيك فى المؤسسات الوطنية للدول، واستغلال حالة الوهن أو ظرف اقتصادي أو سخط اجتماعي، لتبدأ رقصات الشيطان وتسخين العباد للكفر بالأنظمة والمؤسسات والأوضاع، عبر حملات  ممنهجة ومنصات ممولة، نهايتها الخروج إلى الشوارع تحت راية  إسقاط أنظمة ، لكن الحقيقة المؤلمة هى إسقاط دول، خبرت التجارب السابقة أن من يسقط لن يعود بسهولة .

وجهة نظرى أن بيت القصيد فى مخططات التفكيك  هو تحقيق حلم إسرائيل الكبرى، والتى أعلن عنها جهرا بوقاحة رئيس وزراء الكيان المحتل ومن قبله ترامب بأن جغرافيا الكيان ضئيل ويستلزم التمدد والتوسع ولعل حرب غزة نموذجا ، فالهدف ليس القضاء على حماس بل ابتلاع ما تبقى من أرض وتكفين القضية الفلسطينية وتشيعيها إلى مثواها الأخير  تمهيدا إلى الحلم التوراتى المزعوم .

الحقيقة أن إعادة تشكيل المشهد الإقليمي يهدف إلى وطن عربى  مفكك أكثر اضطرابا وأقل امانا ،ترتفع  أعبائه الاقتصادية ويكثر لاجئيه ، فمخططات حدود الدم التى أعلنها الجنرال الأمريكى المتقاعد رالف بيترز ، هى نيولوك جديد لأفكار برنارد لويس بهدف خلق كيانات متناحرة ودويلات صغيرة والقضاء على القوى الإقليمية الكبرى بإثارة النزاعات العرقية والطائفية.

ولعل السؤال السمج الذى كان فيه غرض :  لماذا تتسلح مصر ؟ تصبح إجابته ساطعة  وسط جغرافيا مشتعلة وإقليم يتهاوى وأوطان ممزقة وأطماع مخيفة أصبح فيه  البقاء  للأقوى ، فالمحروسة هدف ثمين وسط خرائط الدم،فما بين شرق ملتهب بنيران "النازيين الجدد" ،وغرب منقسم  بفعل ميليشيات مصنوعة ،وجنوب ممزق بحرب أهلية "وتهديد الشريان المائى، تصبح نظرية الردع هى معادل مهم للحفاظ على حدود الوطن من حزام النار فى عالم لا يحترم سوى الأقوياء .

بدون شك  قرار التسليح له كلفة اقتصادية باهظة، لكنه أرخص من ثمن ضياع وطن، فالضرورات الأمنية تبيح فرض العضلات  بحثا عن البقاء  وكبح جماح  الطامعين.
 

طباعة شارك الشرق الأوسط سايكس بيكو القواعد العسكرية

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: الشرق الأوسط سايكس بيكو القواعد العسكرية الشرق الأوسط

إقرأ أيضاً:

هآرتس: إسرائيل غير قادرة على المنافسة في الشرق الأوسط الجديد لترامب

كتب الصحفي ديفيد روزنبرغ٬ في صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية أن أفضل سبيل لفهم مكانة الاحتلال الإسرائيلي في الشرق الأوسط الجديد الذي يعيده رسم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، هو زيارة مستوطنة رامات ترامب في مرتفعات الجولان، التي شيدت على أنقاض مستوطنة سابقة وسميت باسم الرئيس عام 2019، تكريما له على اعترافه بالسيادة الإسرائيلية على الجولان.

وأضاف روزنبرغ أن المستوطنة، رغم كونها صغيرة وتضم نحو 100 نسمة فقط، مع منازل ذات أسقف حمراء وكرفانات غير مكتملة البناء، تظهر تفاؤل السكان بمستقبلها. ومع ذلك، أشار أحد السكان إلى أنه يشك في زيارة ترامب شخصيا للمستوطنة، قائلا: "يبدو أن ترامب من النوع الذي يرغب في أشياء مختلفة. البساطة لا تهمه، لذا أشك في أنهم سيأتون به إلى هنا يوما ما".

وأوضح الصحفي أن رامات ترامب لا تضم ملعبا للغولف، ولا قاعة رقص، ولا ناطحة سحاب، وأن القيمة الإجمالية لممتلكاتها تقدر ببضعة ملايين من الدولارات فقط، فيما اللافتة عند بوابة المدخل هي الزخرفة الذهبية الوحيدة التي تثير اهتمام ترامب. وهذا يعكس طبيعة تعامل الرئيس الأمريكي مع المنطقة، حيث يسيطر المال على الكثير من الأمور، وهو ما ينطبق بشكل خاص على الشرق الأوسط، حيث يمتلك حكام الخليج وفرة مالية كبيرة تستخدم لتأمين الولاءات والصفقات.

وأشار روزنبرغ إلى أن قادة الولايات المتحدة السابقين كانوا يقدرون القوة المالية لدول الخليج وأهمية النفط والغاز، لكن إدارة ترامب اتخذت موقفا مختلفا، حيث أصبح الخليج محور كل الاهتمامات، بينما تم إهمال الحلفاء التقليديين مثل مصر والأردن.

وفي السياق ذاته، أكد روزنبرغ أن إسرائيل، رغم ثرائها النسبي واقتصادها المتقدم الذي بلغ الناتج المحلي الإجمالي العام الماضي نحو 540 مليار دولار، ما يعادل تقريبا الناتج المحلي للإمارات وضِعف الناتج المحلي لقطر، إلا أنها تبقى محدودة مقارنة بالصناديق السيادية الخليجية، مثل صندوق الاستثمارات العامة السعودي (حوالي 950 مليار دولار)، والهيئة القطرية للاستثمار (560 مليار دولار)، وصناديق الإمارات (2.5 تريليون دولار). 


وأشار إلى أن الاحتلال يعتمد على السوق الحرة وسيادة القانون والشفافية، ما يقيد قدرتها على تنفيذ الصفقات الكبرى بنفس سرعة وحجم دول الخليج.

وأضاف روزنبرغ أن هذه الديناميكية المالية تؤثر مباشرة على العلاقة بين إسرائيل وترامب، إذ تعتمد الأخيرة على المساعدات الأمريكية العسكرية والاقتصادية، إلا أن ترامب يرى في الصفقات مع الخليج وسيلة لتعظيم مكاسب الولايات المتحدة وعائلته، مثل الطائرة الفاخرة التي قدمها القطريون واستخدامهم العملات الرقمية المرتبطة بعائلة ترامب. 

كما تشمل الفوائد الاقتصادية للولايات المتحدة، مثل صفقة الأسلحة الكبرى مع السعودية بقيمة 142 مليار دولار، واستثمار المملكة 600 مليار دولار في الولايات المتحدة، والتي ارتفعت إلى تريليون دولار مع زيارة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إلى واشنطن، وبيع مقاتلات "إف35".

وأوضح روزنبرغ أن تل أبيب٬ رغم قوة اقتصادها وتفوقها في مجالات التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، لا تستطيع منافسة صناديق الثروة السيادية الخليجية من حيث القدرة على تنفيذ الصفقات الكبرى بسرعة ومرونة سياسية. 

وقال إن الاحتلال يسعى إلى اتفاقية مساعدات أمريكية طويلة الأجل لضمان استمرار الدعم العسكري والاقتصادي في وقت تقل فيه قاعدة أصدقائها السياسيين في واشنطن، مع مراعاة استراتيجية ترامب التي تمزج بين السياسة والمكاسب المادية والأنا الشخصي.

واختتم روزنبرغ تقريره بالقول إن استراتيجية ترامب في الشرق الأوسط تقوم على ثلاثة محاور متداخلة: المصالح الأمريكية، والربح المادي، والأنا الشخصي، ما يجعل نجاحاته في المنطقة مزيجا من الإنجازات الوطنية والتطلعات الشخصية، وهو ما يعكس بشكل واضح طبيعة التعامل مع إسرائيل ودول الخليج على حد سواء.

مقالات مشابهة

  • إسرائيل تهرب من الاتفاق.. والمقاومة في غزة تعيد صياغة معادلة الشرق الأوسط
  • الشرق الأوسط على حافة الانفجار… إسرائيل تضع اللمسات الأخيرة لهجوم ثلاثي على إيران ولبنان وغزة
  • إبراهيم شقلاوي يكتب: هندسة السلام في السودان و مفاجأة الإسلاميين
  • ما خفي في واشنطن كان أعظم.. هل سلّم ترامب السعودية مفاتيح هندسة الشرق الأوسط؟
  • حديقة الأمير ماجد بجدة تحصد جائزة لاند سكيب الشرق الأوسط 2025
  • هآرتس: إسرائيل غير قادرة على المنافسة في الشرق الأوسط الجديد لترامب
  • أقوى الرؤساء التنفيذيين في الشرق الأوسط في العام 2025 (إنفوغراف)
  • قوى الرؤساء التنفيذيين في الشرق الأوسط في العام 2025 (إنفوغراف)
  • تعاون بين «أنور قرقاش الدبلوماسية» ومنتدى السلام والأمن في الشرق الأوسط
  • رأي.. إردام أوزان يكتب: الشرق الأوسط.. ذاكرة بلا تعلّم