وداع خاص لجورجيو أرماني.. جنازة هادئة لأسطورة الأناقة الإيطالية
تاريخ النشر: 9th, September 2025 GMT
جورجيو أرماني .. في مشهد يلفه الهدوء والخصوصية، يُوارى جثمان مصمم الأزياء العالمي جورجيو أرماني الثرى اليوم الاثنين، في جنازة عائلية مغلقة، تجمع أقربائه وأصدقاءه المقرّبين فقط، بعيدًا عن أضواء الكاميرات وعدسات الصحافة، على عكس مسيرته الحافلة التي لطالما كانت محط أنظار العالم.
الراحة الأبدية قرب الجذورسيُدفن أرماني في كنيسة العائلة الواقعة في ريفالتا، وهي قرية صغيرة تبعد نحو 100 كيلومتر جنوب شرق ميلانو، قريبة من مسقط رأسه بياتشينزا.
وسيوارى الثرى إلى جانب والديه وشقيقه الأكبر، في مكان يرمز إلى عمق ارتباطه بجذوره العائلية والتقاليد التي لطالما احترمها.
توقف النبض… وتغلق الأبوابفي لفتة وفاء، أعلنت متاجر أرماني في إيطاليا والعالم أنها ستُغلق أبوابها بعد ظهر اليوم حدادًا على مؤسسها، وهو قرار يعكس حجم التأثير العاطفي لرحيله في أوساط العاملين معه ومتابعيه حول العالم.
شريكه: سنمضي كما أرادوقال بانتاليو ديل أوركو، شريك أرماني في الحياة والعمل، لصحيفة كورييري ديلا سيرا:
"سنودعه كعائلة، ثم نمضي قدمًا كما كان يتمنى. كل شيء معدّ لنحتفل به من خلال أزيائه التي كانت حياته".
وكان المصمم يعمل حتى أيامه الأخيرة على تنظيم معرض استعادي وعرض أزياء خاص بمناسبة مرور 50 عامًا على تأسيس علامته، ضمن فعاليات أسبوع الموضة في ميلانو نهاية هذا الشهر.
ولم تؤكد الشركة حتى الآن ما إذا كانت ستُحدث تغييرات على هذا الحدث المرتقب.
رجل واحد… حزن عالميأُعلن عن وفاة جورجيو أرماني يوم الخميس عن عمر ناهز 91 عامًا، لتنهال سيل من التعازي عبر العالم من مشاهير هوليوود وزعماء دول ومصممين ورياضيين، وحتى من الناس العاديين الذين لمسوا تأثيره على الثقافة والموضة.
وتمكن الآلاف من توديع "ري جورجيو" أو "الملك جورجيو"، كما يُلقب، خلال عطلة نهاية الأسبوع، حيث عُرض نعشه الخشبي المغطى بالورود البيضاء في المقر الرئيسي للدار في ميلانو، وسط أجواء من التأثر الشديد.
إرث خالدأرماني، الذي بنى خلال خمسة عقود إمبراطورية امتدت من الموضة إلى الفنادق والديكور والضيافة، غيّر مفهوم الأناقة حول العالم، بجمالية تقوم على البساطة الراقية والقصّات الدقيقة.
لم يكن لديه أبناء، لكنه خلّف وراءه مجموعة من المقرّبين وأفراد العائلة ممن رافقوه طويلاً، ويتوقع أن يتولوا إدارة العلامة والحفاظ على إرثه العظيم، تحت مبادئ أرساها بنفسه: الرقي، الانضباط، والصدق الإبداعي، وبرحيل أرماني، لا تفقد إيطاليا مصمم أزياء فحسب، بل تُطوى صفحة من تاريخ الأناقة نفسها.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: أرماني جورجيو أرماني الكاميرات خصوصية مشاهير هوليوود الأزياء أسبوع الموضة جورجیو أرمانی
إقرأ أيضاً:
“اليد التي حركت العالم من أجل غزة.. كيف أعاد اليمن كتابة قواعد الحرب البحرية بعد الطوفان؟”
يمانيون|تقرير|محسن علي
عندما انطلقت عملية “طوفان الأقصى” في 7 أكتوبر 2023، لم يكن أحد يتوقع أن تمتد ساحة المواجهة المباشرة آلاف الكيلومترات جنوباً لتصل إلى باب المندب, لكن بعد 24 يوماً فقط، في 31 أكتوبر 2023، أعلنت القوات المسلحة اليمنية في صنعاء دخولها رسمياً في المعركة “إسناداً للمقاومة الفلسطينية في غزة”, كان هذا الإعلان بمثابة نقطة تحول استراتيجية، حوّلت الصراع من مواجهة محصورة في غزة إلى طوفان جديد امتد حتى أحد أهم ممرات التجارة الدولية,وعلى مدى عامين، أثبتت الجبهة اليمنية أنها الأكثر تأثيراً واستدامة في نصرة غزة، فارضةً معادلات جديدة على الكيان الصهيوني المجرم وحلفائه، ومقدمةً تضحيات جسيمة في سبيل هذا الموقف.
استراتيجية “اليد الطويلة”.. مراحل التصعيد اليمني
لم تكن العمليات اليمنية عشوائية، بل اتبعت استراتيجية تصعيدية مدروسة يمكن تقسيمها إلى أربع مراحل رئيسية:
المرحلة الأولى (أكتوبر – نوفمبر 2023): الضربات المباشرة
بدأت باستهداف مباشر لجنوب إسرائيل (إيلات) بالصواريخ والطائرات المسيرة، بهدف إعلان الموقف وإشغال الدفاعات الجوية الإسرائيلية وتركيعها في ظل تنامي القدرات العسكرية اليمنية بشكل أذهل العالم بأسره.
المرحلة الثانية (نوفمبر 2023 – فبراير 2024): حصار السفن الإسرائيلية
انتقلت صنعاء إلى مرحلة أكثر إيلاماً بالاستيلاء على سفينة “غالاكسي ليدر” وفرض حصار بحري على السفن المرتبطة بالكيان، مما شل حركة ميناء (أم الرشراش) ما يسميه العدو بـ إيلات بشكل شبه كامل.
المرحلة الثالثة (فبراير 2024 – حتى الآن): توسيع دائرة الاستهداف
رداً على العدوان الأمريكي-البريطاني، أعلنت صنعاء توسيع عملياتها لتشمل السفن الأمريكية والبريطانية، محولة البحر الأحمر إلى ساحة مواجهة مباشرة.
المرحلة الرابعة (مايو 2024 – حتى الآن): نحو المحيط الهندي والمتوسط
أعلنت صنعاء عن استهداف أي سفينة تتعامل مع الموانئ الإسرائيلية في أي مكان تطاله الأيدي اليمنية، بهدف إطباق الحصار
أبرز العمليات النوعية التي شكلت فارقاً
على مدى عامين، نفذت القوات اليمنية مئات العمليات، لكن بعضها كان له أثر استراتيجي بارز:
الاستيلاء على “غالاكسي ليدر” (19 نوفمبر 2023)
كانت هذه العملية بمثابة الصدمة الأولى التي أظهرت جدية التهديد اليمني وقدرته على تنفيذ عمليات معقدة وتحولت السفينة إلى “مزار سياحي” ورمز لقدرة اليمن على فرض سيادته البحرية.
إغراق السفينة البريطانية “روبيمار” (فبراير 2024)
شكل إغراق سفينة تجارية بريطانية بصواريخ بحرية تصعيداً خطيراً، وأثبت أن التحذيرات اليمنية ليست مجرد تهديدات، وأن تكلفة العدوان على اليمن ستكون باهظة.
استهداف حاملة الطائرات “أيزنهاور” (مايو ويونيو 2024)
لم يكن استهداف “أيزنهاور” مجرد عملية عسكرية، بل كان حدثاً استراتيجياً أعاد تعريف موازين القوى في المنطقة، وكشف حدود القوة العسكرية الأمريكية التقليدية في مواجهة التكتيكات الحديثة مع الفارق الكبير بين الطرفين, ورغم نفي واشنطن، أعلنت صنعاء استهداف حاملة الطائرات “دوايت أيزنهاور” بالعديد من العمليات المشتركة ، مما أجبرها في النهاية على الانسحاب من البحر الأحمر,و مثلت هذه العملية تحدياً غير مسبوق لهيبة البحرية الأمريكية ونجاح المعادلة التي فرضتها صنعاء: “لا أمن في البحر الأحمر بدون أمن في غزة”.
عمليات مشتركة مع المقاومة العراقية
أعلنت صنعاء عن تنفيذ العديد من العمليات المشتركة مع فصائل المقاومة في العراق لاستهداف موانئ حيفا وأهداف حيوية أخرى، مما يدل على مستوى عالٍ من التنسيق داخل محور المقاومة.
الكشف عن صواريخ فرط صوتية (فلسطين 2) وطائرات (يافا) المسيرة
في يوليو 2025، أعلنت صنعاء عن استهداف مطار بن غوريون بصاروخ “فلسطين 2” الباليستي الفرط صوتي، وهدف حساس في يافا المحتلة بواسطة طائرة (يافا) المسرة وهو ما يمثل قفزة نوعية في القدرات الصاروخية اليمنية وسلاح الجو المسير وقدرتهما على تجاوز أحدث منظومات الدفاعات الإسرائيلية والأمريكية على مستوى العالم.
تضحيات يمنية وفشل استراتيجي للخصوم
لم يأتِ الموقف اليمني بلا ثمن, فقد شنت الولايات المتحدة وبريطانيا مئات الغارات الجوية على الأراضي اليمنية، مما أدى إلى ارتقاء عشرات الشهداء وسقوط عدد من الجرحى من العسكريين والمدنيين والإعلاميين والسياسيين والذي كان آخرها استهداف رئيس مجلس حكومة البناء والتغييير وعدد من الوزراء في الجريمة الإرهابية الصهيونية بصنعاء خلال الأشهر الماضية, ورغم هذه التضحيات، لم تتراجع صنعاء عن موقفها، بل زادت من وتيرة عملياتها
في المقابل، يمثل استمرار العمليات اليمنية فشلاً استراتيجياً مدوياً للولايات المتحدة وإسرائيل فعلى الرغم من تشكيل تحالف “حارس الازدهار” وإنفاق مليارات الدولارات، فشلت القوات الأمريكية والبريطانية في تحقيق هدفها المعلن وهو “ضمان حرية الملاحة” للسفن الإسرائيلية, لقد عجزت أعتى القوات البحرية في العالم عن إيقاف الهجمات اليمنية أو اعتراضها بالكامل، مما كشف عن عجزها وأجبرت 5 حوامل الطائرات الأمريكية على الانسحاب من المنطقة بعد استهدافها بشكل متكرر.
خسائر إسرائيلية وأهمية الإسناد اليمني
كانت تداعيات الحصار اليمني كارثية على الاقتصاد الإسرائيلي، وتحديداً على ميناء إيلات الذي أُصيب بشلل تام وتوقفت فيه الحركة الملاحية بنسبة تقارب 100%، وتحول إلى مدينة أشباح اقتصادياً كما تكبدت إسرائيل خسائر غير مباشرة بمليارات الدولارات نتيجة اضطرار سفنها إلى سلوك طريق رأس الرجاء الصالح الأطول والأكثر تكلفة.
وهنا تبرز الأهمية الاستراتيجية لاستمرار الدعم اليمني؛ ففي ظل الحصار الخانق الذي يعانيه قطاع غزة، يمثل الحصار البحري الذي يفرضه اليمن ورقة الضغط الاقتصادية والعسكرية الوحيدة الفعالة والمستمرة ضد الكيان الإسرائيلي, إن استمرار اليمن في عملياته لا يمثل فقط دعماً لصمود غزة، بل هو عامل حاسم في موازين القوى، يرفع تكلفة العدوان على الكيان والقوات الغربية المساندة له، ويُبقي القضية الفلسطينية في صدارة الاهتمام العالمي.
عامان من الصمود والتأثير
بعد عامين من الانخراط المباشر والتضحيات الجسيمة، نجحت الجبهة اليمنية في تحقيق أهداف استراتيجية لا يمكن إنكارها, على رأسها فرض حصار اقتصادي فعال على الكيان المجرم, وأثبت اليمن أن التضامن الفعلي يتجاوز الكلمات ويتحقق بالأفعال والتضحيات ,وأن أمن البحر الأحمر مرتبط بشكل مباشر بإنهاء العدوان ورفع الحصار عن قطاع غزة، وهي المعادلة التي لا تزال قائمة بفضل صمود اليمن وتضحياته.