نجاة عبد الرحمن تكتب.. مصر ونهضة السودان
تاريخ النشر: 10th, September 2025 GMT
حين نقرأ عن الجلسة التي استضافتها القاهرة، بمبادرة من الجهاز العربي للتسويق ومجلس الوحدة الاقتصادية العربية، قد يظن البعض أنها مجرد فعالية بروتوكولية عابرة. لكنني أراها أبعد من ذلك؛ أراها مؤشراً على وعيٍ يتشكل بأن السودان – ذلك البلد الكبير الذي أنهكته الأزمات – لا يمكن أن يُترك لمصيره وحده.
لقد طالما سمعنا عن "إعادة الإعمار" في أكثر من بلد عربي، لكن كثيراً من تلك الوعود ضاع بين تضارب المصالح أو غياب الإرادة السياسية.
ما لفت انتباهي في هذه الجلسة هو استحضار التجارب الدولية الناجحة في إعادة البناء، ليس بدافع التقليد، بل من أجل استيعاب الدروس. فالتجربة علمتنا أن الخراب لا يُهزم بالمال وحده، بل بالحوكمة الرشيدة، والشفافية، والمؤسسات التي تُبنى قبل المباني والطرقات.
وهنا لا يمكن إغفال الدور المصري، فمصر كانت ولا تزال قلب العروبة النابض، وملتقى الأشقاء من العرب والأفارقة على حد سواء. عبر تاريخها، احتضنت مصر القضايا المصيرية للأمة، ودافعت عن استقلال الشعوب، ومدت يدها في أوقات الشدة قبل الرخاء. واليوم، وهي تستضيف النقاش حول مستقبل السودان، تثبت مجدداً أنها قادرة على جمع الأطراف وصياغة مسارات تعاونية تليق بمكانتها ودورها الريادي. إن عظمة مصر لا تُقاس فقط بما تملكه من إمكانات، بل بما تجسده من رسالة حضارية وإنسانية تحمل على عاتقها هموم الأشقاء.
ولأن السودان ليس مجرد دولة عربية أخرى، بل عمق استراتيجي لمصر وللإقليم كله، فإن مسألة إعادة إعماره ليست شأناً داخلياً فحسب. إنها قضية أمن قومي عربي، واختبار حقيقي لمعنى التضامن الذي نتغنى به.
ما يقلقني شخصياً أن يظل الحديث في إطار "التوصيات" من دون ترجمة عملية. فما أكثر المؤتمرات التي صفقنا لها ثم نسيناها بعد أن انفض الجمع! ما يحتاجه السودان اليوم هو التزام واضح: جداول زمنية، برامج تنفيذية، ومؤسسات عربية تتبنى التنفيذ لا الاكتفاء بالبيانات.
أؤمن أن لدى السودان القدرة على النهوض، لكن ذلك مرهون بتكاتف عربي صادق، يتجاوز الحساسيات السياسية والبيروقراطية العقيمة. فإذا نجحنا في ذلك، لن نكون فقط قد ساعدنا السودان، بل رسمنا لأنفسنا نموذجاً عربياً جديداً في التعاون والبناء.
إن ما جرى في القاهرة خطوة على الطريق، لكن الطريق نفسه طويل وشاق. ومع ذلك، فإن مصر والسودان، بتاريخهما المشترك ونيلهما الواحد، يثبتان أن ما يجمعهما أكبر من حدود وسياسة؛ إنه مصير مشترك يخطّه شعبان شقيقان، كلما نهض أحدهما كان سنداً للآخر. والسؤال الذي يظل مفتوحاً: هل نملك هذه المرة الإرادة لنمضي فيه حتى النهاية؟
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: مجلس الوحدة الاقتصادية العربية إعادة الإعمار
إقرأ أيضاً:
تعرف على لباس أهل الجنَّة وحليُّهم ومباخرهم
أهل الجنَّة يلبسون فيها الفاخر من اللِّباس، ويتزيَّنون فيها بأنواع الحليِّ من الذَّهب، والفضَّة، واللؤلؤ؛ فمن لباسهم الحرير، ومن حليِّهم أساور الذَّهب، والفضَّة، واللؤلؤ. قال تعالى: ﴿جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أْسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ ﴾ [فاطر: 33]، ﴿عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُنْدُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِنْ فِضَّةٍ وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا ﴾ .
وملابسهم ذات ألوان، ومن ألوان الثِّياب الَّتي يلبسون الخضر من السُّندس والإستبرق: ﴿أُولَئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِيَابًا خُضْرًا مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الأَرَائِكِ نِعْمَ الثَّوَابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقًا ﴾ .
زوجة المؤمن في الدُّنيا هي زوجته في الآخرة إذا كانت مؤمنةً. قال تعالى: ﴿جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلاَئِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ ﴾ [الرعد: 23]، وهم في الجنَّات منعَّمون مع الأزواج، يتّكِئون في ظلال الجنَّة مسرورين فرحين: ﴿هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ فِي ظِلاَلٍ عَلَى الأَرَائِكِ مُتَّكِئُونَ ﴾ [يس: 56]، ﴿ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنْتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُونَ﴾ .
قال تعالى: ﴿كَذَلِكَ وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ ﴾ [الدخان: 54]، والحور: جمع حوراء، وهي الَّتي يكون بياض عينها شديد البياض، وسواده شديد السَّواد، والعين: جمع عيناء، والعيناء هي واسعة العين، وقد وصف الله في القرآن الحور العين بأنهنَّ كواعب أتراب، قال تعالى: ﴿إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازًا *حَدَائِقَ وَأَعْنَابًا *وَكَوَاعِبَ أَتْرَابًا﴾ [النبأ: 31 – 33]. والكاعب: المرأة الجميلة الَّتي برز ثديها، والأتراب: المتقاربات في السنِّ، والحور العين من خلق الله في الجنَّة، أنشأهنَّ الله إنشاءً فجعلهن أبكاراً، عرباً أتراباً: ﴿إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً *فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا عُرُبًا أَتْرَابًا ﴾
[الواقعة: 35 – 37]. وكونهنَّ أبكاراً يقضي أنَّه لم ينكحهنَّ قبلهم أحدٌ، كما قال تعالى: ﴿فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلاَ جَآنٌّ ﴾ [الرحمن: 56] ، وقد تحدَّث القرآن الكريم عن جمال نساء أهل الجنة، فقال: ﴿وَحُورٌ عِينٌ *كَأَمْثَالِ اللَّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ ﴾ [الواقعة: 22 – 23] والمراد بالمكنون: الخفيُّ المصون، الَّذي لم يغيِّر صفاء لونه ضوءُ الشَّمس، ولا عبثُ الأيدي، وشبَّههنَّ في موضع آخر بالياقوت والمرجان: ﴿فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلاَ جَآنٌّ *فَبِأَيِّ آلاَءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ *كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ ﴾ [الرحمن: 56 – 58] . والياقوت والمرجان: حجران كريمان فيهما جمالٌ، ولهما منظرٌ حسنٌ بديعٌ، وقد وصف الحور بأنهنَّ قاصرات الطَّرف، وهنَّ اللَّواتي قصَرْنَ بصرهنَّ على أزواجهنَّ، فلم تطمح أنظارهنَّ لغير أزواجهنَّ، وقد شهد الله لحور الجنَّة بالحسن، والجمال، وحسبك أن شهد الله بهذا ليكون قد بلغ غاية الحسن والجمال: ﴿فِيهِنَّ خَيْرَاتٌ حِسَانٌ *فَبِأَيِّ آلاَءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ﴾ [الرحمن: 70 – 71]. ونساء الجنَّة لَسْنَ كنساء الدُّنيا، فإنهنَّ مطهراتٌ من الحيض والنِّفاس، والبصاق، والمخاط، والبول، والغائط.