القاهرة وسيط الثقة| كيف أعادت مصر الأمل في ملف إيران والوكالة الذرية؟.. خبير يجيب
تاريخ النشر: 10th, September 2025 GMT
في مشهد دبلوماسي يلفت الأنظار، احتضنت القاهرة لقاءً حساسًا بين إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية، أفضى إلى توقيع اتفاق تعاون جديد يعيد الأمل في أحد أعقد الملفات التي ظلت لعقود مثار توتر إقليمي ودولي. لم يكن الأمر مجرد لقاء بروتوكولي عابر، بل خطوة استراتيجية تحمل أبعادًا متعددة تعكس مكانة مصر المتجددة كلاعب محوري قادر على نسج خيوط الحوار بين أطراف متباعدة.
إشادة وزير الخارجية الإيراني العلنية بالدور المصري، لم تأتِ من فراغ، بل تعكس حجم التأثير الذي حققته القاهرة عبر وساطة متوازنة وفاعلة.
يرى اللواء نبيل السيد، الخبير الاستراتيجي، أن احتضان مصر لهذا اللقاء لم يكن صدفة، بل امتدادًا لدورها التاريخي كجسر تواصل بين قوى متنافرة. فمجرد جمع وزير الخارجية الإيراني مع مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، بحضور وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، هو في حد ذاته إنجاز يعكس قدرة القاهرة على فتح قنوات الحوار حتى في الملفات الأكثر تعقيدًا.
هذه الصورة أعادت التذكير بدور مصر التقليدي كحلقة وصل، وهي الصورة التي تحتاجها المنطقة في وقت تزداد فيه التوترات والصراعات.
الدور المصري حمل رسائل واضحة ومتعددة المستويات.
إلى القوى الدولية: أن القاهرة لا تزال شريكًا موثوقًا في قضايا الأمن النووي والاستقرار الإقليمي، وأنها قادرة على لعب دور الوسيط النزيه الذي يحظى بثقة الأطراف المختلفة.
إلى القوى الإقليمية: أن مصر لا تتبنى سياسة المحاور أو الاصطفاف خلف طرف ضد آخر، بل تميل إلى نهج التوازن والبحث عن حلول دبلوماسية تُراعي مصالح جميع الأطراف.
هذه الرسائل، بحسب الخبير، تجعل من مصر طرفًا لا يمكن تجاوزه في أي محادثات مقبلة تخص المنطقة، سواء تعلق الأمر بالملف النووي الإيراني أو بقضايا الأمن الإقليمي عمومًا.
توازن دقيق في المواقف المصريةأحد أهم ما يميز القاهرة في هذا المشهد هو حفاظها على توازن دقيق. فمصر، رغم علاقاتها الوثيقة بالولايات المتحدة والدول الخليجية، فتحت أبوابها أمام وزير الخارجية الإيراني، ومنحته منصة دولية لتوقيع اتفاق مع الوكالة الذرية. هذا التوازن ليس مجرد مناورة سياسية، بل تعبير عن سياسة مصرية راسخة تقوم على تجنب التصعيد وتفضيل الحوار والبحث عن أرضية مشتركة.
مكاسب استراتيجية لمصرمن زاوية الأمن القومي والسياسة الخارجية، يرى السيد أن الدور المصري في هذا الاتفاق يحقق عدة مكاسب مهمة:
تعزيز مكانة مصر الدولية كوسيط موثوق قادر على جمع أطراف متباعدة.
إعادة القاهرة إلى قلب المشهد الإقليمي بعد فترة من الانكفاء النسبي عن بعض الملفات الكبرى.
بناء رصيد دبلوماسي جديد يمكن استثماره لاحقًا في ملفات أخرى لا تقل أهمية، مثل القضية الفلسطينية أو الأزمات المتصاعدة في السودان وليبيا.
اتفاق يحمل بصمة مصرية واضحةالخبير الاستراتيجي يشير إلى أن الاتفاق بين إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية لا يمكن فصله عن الجهد المصري المباشر، سواء عبر التحركات المكثفة لوزير الخارجية بدر عبد العاطي، أو من خلال دعم الرئيس عبد الفتاح السيسي الكامل للعملية. وهذا ما يفسر الامتنان الإيراني العلني للقاهرة، وهو موقف نادر يعكس وزنًا خاصًا لمصر في هذه المرحلة الدقيقة.
اللقاء الذي جمع إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية في القاهرة لم يكن مجرد حدث بروتوكولي يُسجّل في أرشيف الدبلوماسية، بل خطوة استراتيجية تعيد مصر إلى صدارة المشهد الإقليمي كلاعب لا غنى عنه. فمن خلال هذه الوساطة، أثبتت القاهرة أنها قادرة على تحويل الخلافات إلى فرص للحوار، وأنها ما زالت تمتلك الأدوات اللازمة لتكون وسيطًا متوازنًا يحظى بقبول مختلف الأطراف. وبينما يبقى الملف النووي الإيراني معقدًا ومليئًا بالتحديات، إلا أن الوساطة المصرية أظهرت أن الدبلوماسية قادرة على فتح ثغرات في جدار الأزمات، وهو ما يعزز مكانة مصر كفاعل محوري وضروري في معادلة الاستقرار الإقليمي والدولي.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: مصر طاقة الذرية وزير الخارجية القاهرة الأمن النووي الدولیة للطاقة الذریة إیران والوکالة وزیر الخارجیة
إقرأ أيضاً:
إيران تنسحب من اتفاق القاهرة النووي: لا اتفاق نووي ولا تفتيش دولي
قررت إيران الانسحاب رسميًا من الاتفاق النووي الذي أبرمته مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية الشهر الماضي في القاهرة، برعاية مصرية، وذلك على خلفية إعادة تفعيل آلية "سناب باك" وعودة العقوبات الدولية ضد طهران.
وأكد وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، أن الاتفاق الذي وقّعه في 9 سبتمبر مع مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافاييل غروسي، لم يعد قائمًا، معتبرًا أنه فقد صلاحيته كأساس للتعاون بعد المتغيرات السياسية الأخيرة، وعلى رأسها تفعيل العقوبات.
وفي تصريحات لوسائل إعلام محلية عقب لقائه سفراء وممثلي البعثات الدبلوماسية في طهران، أوضح عراقجي أن طهران ستُعلن قريبًا عن رؤيتها الجديدة للتعامل مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، مشيرًا إلى أن المستجدات الإقليمية والدولية "تفرض على إيران اتخاذ قرارات تتناسب مع الوضع الجديد".
واعتبر الوزير الإيراني أن تفعيل آلية "سناب باك" غيّر كل المعطيات، تمامًا كما فعل الهجوم العسكري الأخير، مضيفًا أن "اتفاق القاهرة لم يعد مجديًا أو ذا صلة بالواقع الراهن".
وتتيح آلية "سناب باك" — المندرجة في إطار الاتفاق النووي الإيراني وقرار مجلس الأمن 2231 لعام 2015 — لأي طرف من الأطراف الموقّعة (الولايات المتحدة، روسيا، الصين، بريطانيا، فرنسا، ألمانيا) إعادة فرض العقوبات الدولية على إيران تلقائيًا، دون الحاجة لتصويت جديد في مجلس الأمن، في حال تم التأكد من أن طهران لا تلتزم ببنود الاتفاق.
وكان الاتفاق الذي وُقّع في القاهرة في 9 سبتمبر بوساطة مصرية، من خلال وزير الخارجية بدر عبد العاطي، قد جاء بهدف استئناف التعاون التقني والتفتيش النووي بعد أن علّقت إيران تعاونها مع الوكالة في يوليو، عقب هجوم إسرائيلي–أمريكي مشترك استهدف منشآتها النووية في يونيو، خلال حرب استمرت 12 يومًا.
وتضمّن الاتفاق "آليات عملية" لإعادة تفعيل عمليات التفتيش بموجب معاهدة عدم الانتشار النووي، مع التركيز على الشفافية وحماية السيادة الإيرانية، كما نُظر إليه كخطوة أولى لإعادة بناء الثقة بين طهران والوكالة الدولية.
ورغم إشادة المدير العام للوكالة رافاييل غروسي بالاتفاق، واعتباره "خطوة في الاتجاه الصحيح"، إلا أن عراقجي كان قد حذّر في وقت سابق من أن تفعيل آلية "سناب باك" سيُسقط الاتفاق تلقائيًا، وهو ما حدث بالفعل مع تصاعد التوترات الأخيرة.
© 2000 - 2025 البوابة (www.albawaba.com)
انضممت لأسرة البوابة عام 2023 حيث أعمل كمحرر مختص بتغطية الشؤون المحلية والإقليمية والدولية.
الأحدثترنداشترك في النشرة الإخبارية لدينا للحصول على تحديثات حصرية والمحتوى المحسن
اشترك الآن