لوتان: إنقاذ القانون الدولي في عالم ينقلب رأسا على عقب
تاريخ النشر: 11th, September 2025 GMT
في وقت ترزح فيه المحكمة الجنائية الدولية تحت وطأة انتقادات الرئيس الأميركي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، يذكرنا كتاب "الاستثناء والقاعدة" لبرتولت بريخت بأنه يجب ألا نعتاد أبدا على ما هو غير مقبول.
بهذه المقدمة، انطلق غوتييه أمبروس -في عموده بصحيفة لوتان- ليوضح أن الضغط المخيف الذي تمارسه إدارة ترامب وإسرائيل على أعضاء المحكمة الجنائية الدولية ليس إلا نوعا من أرقى تقاليد المافيا.
ويرى الكاتب أن التضليل يتحول من المأساوي إلى البشع عندما تعهد الدعاية، إلى "مؤثرين" يرسلون إلى موقع الحدث ليوهموا العالم أجمع، أن كل شيء على ما يرام في أنقاض غزة، وفي وقت يموت فيه الصحفيون تحت وطأة القنابل.
وتساءل الكاتب لو نجح ترامب ونتنياهو، كما يخشى العالم، ألن يكون صرح القانون الدولي الهش بأكمله معرضا لخطر الانهيار والسقوط على رؤوسنا؟
وقال إنه قد يكون من الأنسب لمحكمة جنائية مقيدة في عملها القضائي، أن تترك واقفة، متظاهرة بأن شيئا لم يحدث، لتبقى سليمة، ولكنها فارغة من محتواها.
ورأى الكاتب أن الجواب يكمن في مسرحية قصيرة لبريشت، تعود إلى بدايات مسرحه السياسي، حيث يعبر رجل أعمال أوروبي صحراء قاحلة ليستولي على بئر نفط قبل المنافسة، ومعه حمال مرافق يعامله كدواب الحمل.
هذا الحمال المعتمد على راتبه، لا يتردد حتى في أسوأ الأوقات، في خدمة مستأجره، ولكن عندما رآه رجل الأعمال يقترب حاملا ما يشبه حجرا، أطلق عليه النار فأرداه قتيلا، مع أنه كان يحمل قارورة ماء كبادرة مساعدة.
طالبت أرملة الحمال بالعدالة، وجرت المحاكمة بجدية، وعند النطق بالحكم، أثبت القاضي الذنب على المتهم الذي لم يتردد في قتل رجل بريء استغله بما يفوق طاقته، ولكنه برأه على الفور وشرح سبب ذلك من وجهة نظره.
إعلانفقد كان رجل الأعمال يمارس حقه في الدفاع عن النفس بحسن نية ضد رجل كان يتوقع أن يهاجمه، بعد كل سوء المعاملة الذي تعرض له من قبله، إلا أنه كان مخطئا، وعجز عن إدراك أنه يواجه استثناءً من القاعدة الصارمة التي تحكم العلاقات بين المسيطر والمسيطر عليه.
وختم الكاتب بالمقدمة التي يقول فيها بريشت "لا تقل أبدا من الطبيعي، في هذه الأزمنة التي تسودها الفوضى والدماء، والفوضى المنظمة، والتعسف المتعمد"، وعلق بأن هذه وصية بألا نعتاد على ما هو غير مقبول، سواء كان متخفيا وراء نظام الأشياء "الثابت" أو استغل المصالح الثابتة للعالم كما هو.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: غوث حريات دراسات ترجمات
إقرأ أيضاً:
القضاء الإداري يؤجل دعوى تعليق تنفيذ أحكام الإعدام بعد تعديلات الإجراءات الجنائية
قررت محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة – الدائرة الأولى للحقوق والحريات – في جلسة اليوم، تأجيل نظر الدعوى المقامة للمطالبة بوقف وتعليق تنفيذ أحكام الإعدام، إلى جلسة 28 مارس، وذلك لدراسة ملف القضية وإعداد تقرير بالرأي القانوني من هيئة مفوضي مجلس الدولة، مع ضم المستندات والمذكرات المقدمة.
ونظرت المحكمة، الدعوى في إطار جلسة وُصفت بالعاجلة، بعد أن أقامها الدكتور هاني سامح المحامي، إلى جانب عدد من ذوي المحكوم عليهم بالإعدام، طعنًا على استمرار تنفيذ أحكام الإعدام الصادرة في قضايا القتل العمد، عقب صدور القانون رقم 174 لسنة 2025 بتعديل بعض أحكام قانون الإجراءات الجنائية، ونشره في الجريدة الرسمية بتاريخ 12 نوفمبر.
وتستند الدعوى إلى أن التعديلات التشريعية الأخيرة أدخلت – للمرة الأولى – نظام الصلح في جرائم القتل العمد، بما يترتب عليه تخفيف العقوبة إلى عقوبة سالبة للحرية وفق المادة 17 من قانون العقوبات، وهو ما يمثل – بحسب صحيفة الدعوى – تحولًا جوهريًا في السياسة الجنائية يستوجب وقف تنفيذ أحكام الإعدام القائمة لحين إعادة فحصها في ضوء القانون الأصلح للمتهم.
ودفع الطاعنون بتطبيق مبدأ القانون الأصلح للمتهم Lex Mitior، باعتباره من المبادئ المستقرة في الفقه الجنائي والمعايير الدولية، فضلًا عن مبدأ التفسير الاحترازي لصالح الإنسان Pro homine، مؤكدين أن الحق في الحياة يفرض تبني التفسير الأكثر حماية له، وعدم الإبقاء على تنفيذ عقوبة نهائية في ظل وجود نص تشريعي قائم يتيح تخفيفها.
وتناولت الدعوى بالرد ما أثير من أن تطبيق هذه التعديلات لا يبدأ إلا اعتبارًا من 1 أكتوبر 2026، موضحة أن هذا التاريخ يخص الجوانب الإجرائية والتقنية المرتبطة بتحديث منظومة التقاضي، ولا يمتد إلى القواعد الموضوعية الجنائية المستحدثة، وعلى رأسها الصلح وتخفيف العقوبة، التي يجب – وفق الأصول الدستورية – تطبيقها فور نفاذ القانون.
وحذرت المذكرة من أن الاستمرار في تنفيذ أحكام الإعدام خلال الفترة الانتقالية قد يؤدي إلى إفراغ التعديل التشريعي من مضمونه، وخلق ما وصفته بـ فراغ قانوني بالغ الخطورة، تُزهق خلاله أرواح رغم وجود نص نافذ يفتح باب الصلح ويُعيد ترتيب العقوبة.
كما أشارت الدعوى إلى تقدم الطاعنين بعدة طلبات إلى النائب العام، من بينها عريضة جماعية حملت رقم 1436584، طالبت بوقف التنفيذ مؤقتًا، ووضع آلية رسمية للتواصل مع أولياء الدم، وتمكين مؤسسات الوساطة الدينية والحقوقية، مثل الأزهر والمجلس القومي لحقوق الإنسان، من التدخل في ملفات الصلح والعفو.