في أقصى شمال غربي بولندا، حيث تتقاطع حدود 3 دول وتختلط ظلال الغابات بصفير الرياح القادمة من الشرق، يمتد شريط ضيق يعرف باسم ممر سوالكي؛ رقعة هادئة ظاهريا، لكنها تحمل في طياتها احتمالات صراع قد يشعل مواجهة بين روسيا وحلف شمال الأطلسي.

مراسلـة قناة الجزيرة كارمن جوخدار، جابت تلك المساحة الحساسة التي توصف بأنها خاصرة أوروبا الرخوة، لتنقل من هناك نبض المكان وتخوفاته، وتكشف كيف يمكن أن تتحول هذه البقعة الهادئة إلى شرارة حرب كبرى.

اقرأ أيضا list of 4 itemslist 1 of 4الحرب تدق أبواب بولندا فما القصة؟list 2 of 4ممر سوالكي.. نقطة توتر جديدة بين روسيا والناتوlist 3 of 4"خريف البلطيق" كالينينغراد قوة روسيا الضاربة في عمق أوروباlist 4 of 4شبح "الرجال الخضر الصغار" يخيم على دول البلطيقend of list

على طول نحو 65 كيلومترا، يمتد الممر بين بولندا وليتوانيا، ملاصقا لإقليم كالينينغراد الروسي من جهة، وبيلاروسيا الحليفة لموسكو من الجهة الأخرى.

في هذا المكان، يلتقي الهدوء الريفي بمخاوف إستراتيجية، إذ يخشى الأوروبيون أن تسعى روسيا لربط الإقليم ببيلاروسيا، مما سيعني فعليا فصل دول البلطيق عن بقية أراضي الناتو.

عند الوقوف هناك، تبدو الطبيعة خلابة، فهناك بحيرات صافية وغابات كثيفة وأراضٍ خضراء لا تشي بما تخبئه من توتر، لكن خلف هذا السكون، تدوي ارتدادات الحرب الروسية الأوكرانية، التي أيقظت هواجس أوروبا القديمة من عودة شبح التوسع الروسي.

في مشهد آخر، تتبع جوخدار آثار التاريخ المثقل على هذه الأرض التي كانت يوما ما ساحة صراع بين ألمانيا والاتحاد السوفياتي، قبل أن تستعيدها بولندا بعد الحرب العالمية الثانية.

قلق السكان

هنا، يعيش الناس بين ذاكرة الانقسام وقلق المستقبل، يزرعون أرضهم بحذر.

كريستوفر، أحد مزارعي المنطقة، يحرث أرضه بعينٍ على المحصول وأخرى على الأفق، يقول بصوت يحمل القلق: "منطقتنا من أكثر الأماكن خطورة في بولندا.. نخاف أن تتغير الأمور في أي لحظة، فحين تتحرك روسيا، لا أحد يعرف ما الذي يمكن أن يحدث".

وعلى امتداد الغابات والأنهار، يتردد صدى طلقات الجيش البولندي وحلفائه في الناتو، في تدريبات تحاكي سيناريوهات السيطرة على الممر والدفاع عنه، وتتكثف هذه المناورات عاما بعد عام، كأنها بروفة لحرب لا يريد أحد أن تقع، لكنها تبقى محتملة في أي لحظة.

إعلان

أما في البلدة الصغيرة التي تحمل اسم الممر، فتتجاور البيوت الخشبية المطلة على البحيرات مع ذكريات موجعة لحروب مضت.

وهناك تجلس آنا، التي عاشت انهيار جدار برلين، وتتحدث بعينين تملؤهما الدهشة والخوف: "كنت أظن أن ذلك الزمن انتهى، لا أريد أن أرى أوروبا تنزلق مرة أخرى إلى الجنون ذاته".

في المحطة الأخيرة من الرحلة، تصل مراسلة الجزيرة إلى النقطة الحدودية الفاصلة بين بولندا وليتوانيا وبيلاروسيا، حيث تتلاقى الأسوار المعدنية مع أبراج المراقبة وأجهزة الرصد الحديثة.

المكان مغلق أمام المدنيين، لكن المشهد وحده يكفي ليحكي عن الترقب الذي يخيم على القارة، فهذا الممر الصغير، الذي يشق طريقه بين الغابات والأنهار قد يكون في لحظة فاصلة البوابة التي تعيد رسم خريطة أوروبا، أو شرارة تعيد الحرب الباردة بثوب جديد.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: غوث حريات دراسات التقارير الإخبارية

إقرأ أيضاً:

الطريق إلى التحول الكبير.. باكستان والصين تطلقان المرحلة الثانية من الممر الاقتصادي العملاق

وقال وزير التخطيط والتنمية، أحسن إقبال، إن هذه المرحلة الجديدة تمثل انتقال المشروع من البنية التحتية والطاقة إلى مرحلة التنمية الصناعية والتكنولوجية الشاملة، مؤكدًا أن العقد القادم سيشهد تحولات كبرى في الاقتصاد الباكستاني من حيث فرص العمل والتصنيع والتصدير. وتركز المرحلة الثانية على خمسة ممرات رئيسية:

ممر النمو،2. ممر سبل العيش، 3. ممر الابتكار، 4. الممر الأخضر، 5. ممر الانفتاح والربط الإقليمي. هذه الممرات تهدف إلى دفع التنمية البشرية والاقتصادية المتوازنة، وتعزيز الربط التجاري بين ميناء غوادر والمناطق الشمالية الغنية بالمعادن، إلى جانب إطلاق مشاريع كبرى في الزراعة والتكنولوجيا والطاقة النظيفة.وخلال مؤتمر الاستثمار الباكستاني الصيني في بكين، شاركت أكثر من 800 شركة من البلدين، وأسفرت اللقاءات عن توقيع اتفاقيات ومذكرات تفاهم بقيمة 8.5 مليارات دولار، في مؤشر على الانتقال من الشراكات الحكومية إلى تحالفات استثمارية مباشرة بين الشركات. ويرى الخبراء أن هذه المرحلة تُرسخ النضج الحقيقي للشراكة بين إسلام آباد وبكين، وتنقل التعاون من مستوى البنية التحتية إلى الابتكار والتنمية البشرية. كما يؤكد الاقتصادي شكيل راماي أن الممر الاقتصادي أنقذ باكستان في العقد الماضي من أزمات الطاقة والعجز المالي، وأسهم في خلق أكثر من 236 ألف وظيفة مباشرة، وأن المرحلة الجديدة ستفتح الباب أمام نهضة صناعية وزراعية غير مسبوقة. >???? باختصار: الممر الاقتصادي الصيني الباكستاني يدخل مرحلة "النمو والتحول"، حيث تتحول المشاريع من الطاقة والطرق إلى التكنولوجيا والصناعة، لتشكل بوابة باكستان نحو مستقبل اقتصادي واعد بدعم صيني متجدد.

مقالات مشابهة

  • كييف تتهم موسكو بتصعيد الهجمات.. روسيا ترفض الاتهامات الأوروبية بشأن المسيرات
  • روسيا تنفي انتهاك الأجواء الأوروبية
  • مقتل 3 من أخطر العناصر الجنائية فى تبادل إطلاق نار مع الشرطة
  • الطريق إلى التحول الكبير.. باكستان والصين تطلقان المرحلة الثانية من الممر الاقتصادي العملاق
  • هل تنجر بولندا إلى حرب وشيكة مع روسيا؟
  • الممر الاقتصادي المشترك بين الصين وباكستان يدخل مرحلة جديدة
  • وزير الداخلية البولندي: أوروبا بدأت بأكملها تتحدث بصوت بولندا في مسائل أمن الحدود
  • بولندا تتأهب والناتو يراقب.. مقتل 5 في ضربات روسية على أوكرانيا
  • الفساد يشعل فتيل الاحتجاجات الشعبية في لودر أبين.. ومطالب بمحاسبة المتورطين