انطلقت اليوم أعمال الملتقى الإقليمي للدراية الإعلامية والمعلوماتية "تمكين العقول في عصر الذكاء الاصطناعي"، والذي تنظمه وزارة التربية والتعليم ممثلة باللجنة الوطنية العمانية للتربية والثقافة والعلوم ومكتب اليونسكو الإقليمي بالتعاون مع وزارة الإعلام وبالشراكة مع منظمتي الإيسيسكو والألكسو.

رعى حفل افتتاح الملتقى معالي الدكتور عبدالله بن ناصر الحراصي وزير الإعلام، بحضور نخبة من الأكاديميين والإعلاميين والمهتمين بقضايا الإعلام والتحولات الرقمية.

ويهدف الملتقى إلى التعريف بمفهوم الدراية الإعلامية والمعلوماتية، وتسليط الضوء على دور منظمة اليونسكو في تعزيز وعي المستخدمين بحقوقهم في الفضاء الرقمي وبناء سلوك رقمي أخلاقي، والاستخدام الواعي للمعلومات، والتمييز بين الموثوق والمضلِّل منها في ظل تصاعد دور الذكاء الاصطناعي والتقنيات التوليدية، وتبادل الخبرات والممارسات الناجحة في مجال الدراية الإعلامية والمعلوماتية، وتعزيز الوعي بالتحديات الرقمية، ومناقشة دور السياسات الوطنية والإقليمية في دعم الوعي.

ويستهدف الملتقى المُعلمين والمشرفين ومصممي المناهج الدراسية في مؤسسات التعليم المدرسي، والأكاديميين والطلبة في تخصصات الإعلام بمؤسسات التعليم العالي، بالإضافةِ إلى الصحفيين والمحررين في مختلف وسائل الإعلام، والعاملين في دوائر وأقسام التواصل والإعلام بمؤسسات الجهاز الإداري والقطاع الخاص والمجتمع المدني.

وقال الدكتور محمود بن عبدالله العبري، رئيس اللجنة الوطنية العمانية للتربية والثقافة والعلوم في كلمته إن "الذكاء الاصطناعي التوليدي يفتح أمامنا أبوابا واسعة للابتكار وتحسين التعلم والخدمات، لكنه في الوقت نفسه يطرق أسئلة أخلاقية وتشريعية حساسة حول الموثوقية والخصوصية والشفافية، لذا فإن غياب الوعي المجتمعي بالاستخدام الأخلاقي للتقنيات الحديثة، وخصوصًا في فئة النشء، لا يشكّل خطرًا نظريًّا فحسب، بل ينذر بحدوث فجوات معرفية خطيرة، وهشاشة رقمية قد تؤدي إلى تفكك الثقة العامة في المؤسسات، وانتشار خطابات الكراهية، والتطرف، والابتزاز الإلكتروني، فضلًا عن تقويض أسس السلام المجتمعي والتنمية المستدامة".

وأضاف في كلمته: "يمكن تسخير الذكاء الاصطناعي كأداة تنموية تدعم تقدم الوطن وتُسهم في بناء اقتصاد معرفي متطور، ومجتمع رقمي آمن ومتوازن انسجامًا مع مستهدفات رؤية عُمان 2040. وقد شهدنا خلال الأعوام القليلة الماضية عملا مؤسسيا ناجحا لتطوير الأطر القانونية والتنظيمية المتعلقة بحماية البيانات والخصوصية وضمان الوصول الآمن للمعلومة، بما يحقق التوازن بين حرية التعبير وسلامة الفضاء المعلوماتي".

وتم عرض كلمة مسجلة لسعادة صلاح خالد، مدير مكتب اليونسكو الإقليمي لدول الخليج واليمن بالدوحة، أكد فيها أن الملتقى يعكس التزاما جماعيا من منظمة اليونسكو وشركائها في المنطقة بتعزيز الحوار وتبادل الخبرات وبناء رؤى مشتركة تواكب التغيرات التكنولوجية والاجتماعية التي نعيشها، كما يمثل هذا اللقاء فرصة لتسليط الضوء على المبادرات المبذولة بسلطنة عمان من أجل تعزيز الدراية الإعلامية والمعلوماتية في إطار رؤية عمان ٢٠٤٠، والتي تدعم الابتكار الرقمي وتطوير قطاع الإعلام لبناء مجتمع معرفي متقدم يواكب تطورات العصر.

وأضاف أن العالم يشهد ثورة سريعة وغير مسبوقة في طريقة إنتاج المعلومات، واستهلاكها، ومشاركتها، ومع تزايد تدفق المحتوى عبر الوسائط الرقمية باتت المهارات التقليدية في القراءة والكتابة غير كافية وحدها لمواكبة هذا العصر؛ ولهذا تؤكد منظمة اليونسكو أن الدراية الإعلامية والمعلوماتية تمثل إحدى الركائز الأساسية لبناء مواطن واع قادرٍ على التفاعل النقدي والمسؤول مع الإعلام والمعلومات في جميع أشكالها، سواء كانت مكتوبة مرئية أو رقمية.

وتطرق في كلمته إلى تعريف منظمة اليونسكو للدراية الإعلامية والمعلوماتية، وهي القدرة على الوصول إلى المعلومات، وتحليلها، وتقييمها، والتفكير فيها، بشكل نقدي ثم استخدامها والمشاركة في إنتاجها بطرق أخلاقية وقانونية، وهي لا تقتصر فقط على التعامل مع وسائل الإعلام التقليدية، بل تشمل أيضا مصادر المعلومات مثل المكتبات والإنترنت في المنصات الرقمية الجديدة التي أصبحت جزءا لا يتجزأ من حياتنا اليومية.

وأشار إلى زيادة استخدام المنصات الرقمية، وانتشار المعلومات المضللة، وخطابات الكراهية في منطقتنا العربية، وهو ما يدعونا جميعا من مؤسسات حكومية ومدنية وتعليمية إلى تحمّل مسؤولياتنا في تمكين الأفراد وخاصة فئة الشباب والأطفال وتمكينهم بقدرات وأدوات تفكير النقدي والتواصل الأخلاقي والمشاركة الواعية.

وفي السياق قال نجيب مكني، أخصائي برامج الاتصالات والمعلومات بمكتب اليونسكو الإقليمي لدول الخليج واليمن: "الملتقى فرصة لتسليط الضوء على مفهوم تحديات العصر، خاصة مع تفشي ظاهرة المعلومات المضللة ومع تطور التكنولوجي وظهور الذكاء الاصطناعي وكل المخاطر المتعلقة به، أصبح من المهم تمكين الجميع، وخاصة الشباب، بمهارات تمكنهم من المشاركة بصفة إيجابية في هذه المضامين عبر الإنترنت، وتفادي المخاطر والانزلاقات المترتبة".

وأضاف: "اليونسكو تدعم هذه المبادرات من خلال برامج عديدة في مجال الدراية الإعلامية والمعلوماتية في دعم سياسات الوطنية وصياغتها وتنفيذها إلى تطوير الكفاءات ونشر الوعي لدى الجميع وخاصة الشباب، إلى بناء التحالفات وتعزيز التعاون الدولي والإقليمي".

من جهتها قالت نورة بنت ناصر العبرية، مديرة دائرة الاتصال والمعلومات باللجنة الوطنية العمانية للتربية والثقافة والعلوم: "الملتقى يمثل منصة حيوية مفتوحة للحوار البنّاء وتبادل الخبرات والبحث المشترك في السياسات العامة، والآليات التشريعية والتربوية التي تمكن المؤسسات من الاضطلاع بدورها في تعزيز الحوكمة الرقمية، وصون الحقوق الرقمية، وحماية الفئات الأكثر هشاشة من المخاطر الكامنة في الذكاء الاصطناعي غير الموجّه. إننا أمام فرصة حقيقية لتأسيس فهم جماعي يوازن بين الابتكار والمسؤولية، وبين ما تمنحه التكنولوجيا من إمكانات وما تفرضه من تحديات". وأضافت العبرية أن الملتقى سيشهد إطلاق دليل تنفيذي للدراية الإعلامية والمعلوماتية، يمهّد لانطلاقة مبادرة طموحة تمتد على مدى عامين كاملين. وستستهدف هذه المبادرة تدريب أكثر من ألف مشارك من مختلف الشرائح المجتمعية، من طلبة ومعلمين وأولياء أمور وإعلاميين وناشطين مدنيين، من خلال برامج تطبيقية متكاملة تهدف إلى تعزيز الثقافة الإعلامية الرقمية وجعلها جزءًا من الممارسة اليومية، وبناء قدرات التفكير النقدي وصقل مهارات التحقق من صحة المعلومات والمصادر، بالإضافة إلى تطوير محتوى توعوي تفاعلي يُسهم في رفع الوعي المجتمعي ويقوده الشباب أنفسهم، وتفعيل الشراكات الوطنية بين القطاعين العام والخاص والمجتمع المدني، بما يضمن الاستدامة والانتشار الأوسع.

جلسات الملتقى

تضمن الملتقى جلسة حوارية حول أهمية الدراية الإعلامية والمعلوماتية في زمن الرقمنة من منظور المنظمات الدولية أدارها أحمد بن سالم الكلباني، مدير دائرة النشر الإلكتروني بوزارة الإعلام.

واستعرضت أحلام بنت عبدالرب البلوشية، مديرة مشروع الذكاء الاصطناعي في وزارة الإعلام تجربة سلطنة عُمان في مجال الجهود الإعلامية لترسيخ الدراية المعلوماتية في ظل تقنيات الذكاء، فيما تناول الفاهم بن الكافي بوكدوس، المدير التنفيذي للنقابة الوطنية للصحفيين التونسيين التجربة التونسية في هذا المجال. وسلط الدكتور باسم محمد موسى الطويسي، أستاذ في الصحافة ودراسات الإعلام التجربة الأردنية.

وفي جلسة السياسات العامة والتشريعات الداعمة للدراية الإعلامية والمعلوماتية قدمت ورقة عمل حول دور وزارة الإعلام في تعزيز الاتصال المؤسسي لمواجهة التضليل الإعلامي قدمتها حورية بنت سيف الطائي، رئيسة قسم الأجندة الإعلامية بمركز التواصل الحكومي، واستعرض المقدم محمد بن سلام الهشامي، مساعد مدير العلاقات والإعلام الأمني نموذج شرطة عُمان السلطانية في مجال الإعلام الأمني ودوره في تعزيز الدراية الإعلامية والمعلوماتية، وتناولت ثريا بنت خليفة الرحبية مساعد المدعي العام في ورقتها الحماية الجزائية للمجتمع في العصر الرقمي. وحملت الورقة الأخيرة عنوان: "الحوكمة والسياسات المؤسسية في تعزيز منظومة الأمن السيبراني"، قدمها المهندس محمد بن عبدالله القاسمي، أخصائي حوكمة وسياسات بمركز الدفاع الإلكتروني.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الدرایة الإعلامیة والمعلوماتیة الذکاء الاصطناعی منظمة الیونسکو وزارة الإعلام فی تعزیز فی مجال

إقرأ أيضاً:

ملتقى دولي في مسقط يستعرض جهود إدارة المخاطر المصرفية والمالية

 

 

مسقط- العُمانية

بدأت أمس في مسقط أعمال "ملتقى مسقط الدولي لإدارة المخاطر في المصارف والمؤسسات المالية" في دورته الثالثة؛ بمشاركة متحدثين وخبراء من داخل سلطنة عُمان وخارجها، وينظمه البنك المركزي العُماني بالتعاون مع اتحاد المصارف العربية، ويستمر يومين، وذلك تحت رعاية معالي أحمد بن جعفر المسلمي محافظ البنك المركزي العُماني.

وقال راشد بن محمد الغساني القائم بأعمال رئيس إدارة الاستقرار المالي والإشراف على المصارف بالبنك المركزي العُماني إن الملتقى يعد منصة لاستكشاف التحديات التي تواجه القطاع المالي العالمي، ولتطوير حلول عملية واستشرافية، مضيفًا أن الملتقى بمثابة مساحة يتعاون فيها المنظمون والمصرفيون والخبراء لضمان بقاء الأنظمة المالية مرنة ومبتكرة وآمنة. وأشار إلى أن البنك المركزي العُماني حرص على أن تضم هذه النسخة من الملتقى متحدثين من مختلف القطاعات مما يوفر تغطية أكبر المخاطر في القطاعات المالية، مضيفًا أن الملتقى يركز على التوازن بين الابتكار وضبط إدارة المخاطر، مؤكدًا على أهمية وصول جميع القطاعات إلى الائتمان الكافي مع الحفاظ على متانة القطاع المصرفي لمواجهة أي تحديات مالية.

ويتضمن الملتقى جلسات نقاشية تركز على إدارة مخاطر السيولة وديناميكيات التحول الرقمي، ومتطلبات إدارة مخاطر الائتمان، وإدارة مخاطر الأمن السيبراني، إضافةً إلى الابتكار والتحول الرقمي، كما ستعقد جلسة حوارية مخصصة لمناقشة سبل تعزيز ثقافة المخاطر وممارسات الحوكمة في المصارف.

مقالات مشابهة

  • غدًا انطلاق ملتقى الأكاديمية المالية 2025 لتمكين الابتكار وتنمية الكفاءات الوطنية في القطاع المالي
  • معرض الرياض للكتاب يناقش التحولات العميقة بالمشهد الصحفي في ظل الذكاء الاصطناعي
  • خبراء دوليون يبحثون في مسقط التحديات الرقمية والممارسات الناجحة ضمن "ملتقى الدراية الإعلامية"
  • أمير المدينة المنورة يرعى حفل افتتاح ملتقى "وظيفتي بقيمي"
  • ملتقى دولي في مسقط يستعرض جهود إدارة المخاطر المصرفية والمالية
  • لتعزيز الإصلاحات الإعلامية.. مرقص يلتقي وفودًا إعلامية
  • ملتقى يناقش إدارة المخاطر وديناميكيات التحول الرقمي والحوكمة في المصارف
  • «تريندز» يناقش تحولات الشرق الأوسط خلال مؤتمر دولي
  • “تريندز” يشارك في مؤتمر دولي يناقش التحولات في الشرق الأوسط