جريدة الرؤية العمانية:
2025-10-08@02:11:36 GMT

آمنت برب الطوفان

تاريخ النشر: 6th, October 2025 GMT

آمنت برب الطوفان

 

 

هند الحمدانية

"بسم الله مجراها ومرساها..." هكذا قالها القائد وهو يُحدق في البحر المُمتد أمامه، كأنَّه يرى في غياهب موجه ملامح المعركة الأخيرة، لم يكن نوحًا، لكنه كان يُؤمن بنفس الرب الذي أنقذ نوحًا من الغرق، أدار وجهه نحو غزة وقال: "نبحر على اسم الله، لا على عددنا، ولا على سلاحنا"، ومن هناك، في فجر السابع من أكتوبر بدأ الطوفان.

رجال خرجوا من عُمق الأرض، من الأزقة الضيقة، ومن الأنفاق التي حفظت أسرارهم وأوجاعهم، ومن خلفهم غزة، تبارك طريقهم وتغسل وجوههم بالعزة والكرامة، وكلما اشتعل البحر نارا، وكلما غمر الطوفان وجه الأرض، كانت تصيح فيهم: "إن تنصروا الله ينصركم ويُثبت أقدامكم".

عامان مرَّا منذ أن اشتعل غصن الزيتون غضبًا وفاض الطوفان، ومنذ أن قررت غزة أن تمتحن أهل الأرض جميعًا: من ينجو بإيمانه ومن يغرق بخيانته وعجزه. عامان من النار والخذلان، ومن الظلم والطغيان، عامان والبحر لم يهدأ، والعالم لم يسكت عن العهر والصراخ: كيف تجرأ هؤلاء الفتية على المُقاومة؟ لكن ربهم الذي في السماء علمهم أنَّ الطوفان لا يأتي ليُغرق المؤمنين؛ بل ليُغرق الأكاذيب، ويُطهِّر الأرض من الطغاة.

عامان مرَّا وما انطفأت النَّار بعد، عامان من الغبار والوجع، من أصوات الانفجارات ومن الصمت العربي الذي صار أثقل من الدخان، عامان وما زال الأطفال يُقتلون في أحضان أمهاتهم، وما زالت البيوت تهدم كأنها لم تكن، وما زالت السماء تحصي عدد الشهداء والمفقودين، عامان من الإبادة التي لا تخجل من عدسات الكاميرات، ومن الخذلان الذي صار سياسة، ومن جوع تجاوز حقوق الجار والجغرافيا، ليُصبح وصمة عار على الإنسانية.

عامان والعالم بدأ يستيقظ من سباته الطويل، بدأ يرى ما حُجب عنه عقودًا، لم تعد الأكاذيب تنطلي، ولا الروايات المُلفَّقة تصمد أمام صور الأطفال، ولا الإعلام المُزيَّف قادر على التعتيم على رائحة الإبادة الجماعية، الضمير العالمي الذي خُدِّر طويلًا بدأ يستعيد وعيه، وهذه بشائر النصر.

وفي خضم هذا الوعي المُتصاعد، انكشفت الوجوه التي كانت تختبئ خلف الأقنعة، وسقط القناع الأكبر عن وجه أمريكا، الشيطان الأعظم الذي لطالما أدعى الحرية والديمقراطية وهو يُمَوِّل القتل ويُدير المجازر من وراء الستار، انفضحت على الملأ وهي تمُد الكيان بالسلاح والمال والغطاء السياسي، تُبارك الموت في كل مؤتمر وتغسل الدماء ببيانات باردة، لم تعد الصورة قابلة للتجميل: أمريكا لم تكن يومًا وسيط سلام؛ بل الأب والراعي لكل جرائم الاحتلال.

عامان والعالم تغيَّر، وسقطت الأكاذيب واحدة تلو الأخرى، لم يعد الاحتلال قادرًا على الاختباء وراء لغة الدبلوماسية، ولم تعد الشعوب تُصدِّق رواياته، لقد رأى العالم مالم يُر من قبل، وسمع ما لم يُسمع.

ثم جاءت قافلة الصمود البحرية، كأنَّها فصل جديد في رواية الإنسانية، سفن صغيرة حملت على ظهرها قلوبًا عظيمة، جمعت الأحرار من كل الأوطان، ووضعتهم في وجه الخوف والرصاص، ومن بينهم الدكتورة أُمامة اللواتية، تلك الماجِدة التي تركت خلفها حياة آمنة لتُسجِّل موقفَ شرفٍ لا يُنسى، اختارت أن تكون ضميرًا حيًّا سبَّاقًا الى الصفوف الأولى في وجه الطُغاة، لم تخش في الله لومة لائم، ولم تزن المواقف بميزان السلامة الشخصية؛ بل بميزان القيم التي آمنت بها.

اليوم.. وبعد عامين، لم يهدأ الطوفان كما ظنوا، ولم تخمد المقاومة كما أرادوا، ولم يخسر الفلسطينيون شيئًا؛ بل هي انتصارات متوالية رغم أنف الطغاة، فغزة التي أرادوا دفنها تحت الركام، دفنت أكاذيبهم تحت أنقاصها، وعرَّت وجوه الساسة والعملاء حين انكشفت الحقيقة أمام أعين الشعوب الغربية، تلك التي خرجت تهتف في الميادين، لا باسم مصالحها؛ بل باسم العدالة التي أيقظها الدم الفلسطيني.

وغدًا... حين يُرفع الأذان في الأقصى الشريف، وفلسطين قاطبة حُرَّة تتنفس النصر من الله، سيعلم الناس أنَّ الطوفان كان تطهيرًا لأرض المُسلمين والعرب، وأن وعد الحق لا يضل أهله، ولن يكون في القول أبلغ، ولا في الإيمان أصدق، من أن نرفع رؤوسنا إلى السماء ونقول: آمنَّا برب الطوفان.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

عامان على طوفان الأقصى... الشرق الأوسط بين حرب مفتوحة وتحولات عميقة

عامان مرا على السابع من تشرين الأول 2023، اليوم الذي غيّر ملامح الشرق الأوسط وأعاد رسم خريطته السياسية والأمنية. فمنذ العملية التي أطلقتها حركة "حماس" تحت اسم "طوفان الأقصى"، لم تهدأ المنطقة يوماً واحداً، بل دخلت في سلسلة متلاحقة من المواجهات والاغتيالات والتوترات التي امتدت من غزة إلى لبنان، ومن البحر الأحمر إلى إيران.
 
بدأ المشهد من غزة، حيث شنّت إسرائيل حرباً مدمّرة استمرت أشهراً طويلة، أودت بحياة عشرات الآلاف ودمّرت البنى التحتية في قطاع غزة، وسط عجز دولي عن فرض هدنة دائمة. وعلى الرغم من وقف إطلاق النار المؤقت الذي أُعلن في منتصف 2024 بوساطة قطرية ومصرية، فإن القطاع ظلّ يعيش حصاراً خانقاً ودماراً هائلاً جعل إعادة إعماره شبه مستحيلة حتى اليوم.
 
لكن تداعيات الحرب لم تبقَ داخل حدود فلسطين. فالجبهة اللبنانية اشتعلت سريعاً مع اندلاع معارك متقطعة بين حزب الله والجيش الإسرائيلي، تحوّلت تدريجياً إلى حرب مفتوحة بعد اغتيال الأمين العام لـ "حزب الله" السيد حسن نصرالله، في صيف 2024، في ضربة وُصفت بأنها الأخطر منذ حرب تموز 2006. شكّل الاغتيال لحظة مفصلية في تاريخ الحزب والمنطقة، إذ أعقبه تصعيد عسكري واسع طال الجنوب والبقاع، قبل أن تتدخّل أطراف دولية وإقليمية لمنع توسّع الحرب.
 
في موازاة ذلك، شهدت الساحة الإقليمية اشتعالاً غير مسبوق في جبهات أخرى. فالحوثيون في اليمن دخلوا على خط المواجهة عبر هجمات متكررة على السفن في البحر الأحمر، مما أدخل الولايات المتحدة وبريطانيا في مواجهة بحرية مباشرة معهم. أما في العراق وسوريا، فقد تعرّضت قواعد أميركية لهجمات متواصلة من فصائل مدعومة من إيران، ما زاد التوتر بين واشنطن وطهران.
 
وفي مطلع عام 2025، بلغت الأزمة ذروتها عندما شنت إسرائيل سلسلة ضربات داخل الأراضي الإيرانية استهدفت منشآت عسكرية وحيوية، وردّت طهران بهجمات صاروخية وبطائرات مسيّرة على مدن إسرائيلية عدة، في أول مواجهة مباشرة بين الطرفين. ورغم أن الحرب لم تتطور إلى مواجهة شاملة، الا انها كشفت هشاشة التوازن في المنطقة وخطورة انتقال الصراع من الوكالة إلى المواجهة المباشرة.
 
في هذه الأثناء، تراجعت مكانة العديد من القوى التقليدية، وتحوّل المشهد العربي إلى ساحة وساطات ومساعٍ للتهدئة. فقد لعبت مصر وقطر دوراً محورياً في محاولات التفاوض. أما الولايات المتحدة، فبدت أكثر انكفاءً، تاركة فراغاً ملأته قوى إقليمية كإيران وتركيا.
 
اليوم، وبعد مرور عامين على اندلاع "طوفان الأقصى"، يمكن القول إن المنطقة لم تعد كما كانت. فحدود الصراع لم تعد ترسمها الجغرافيا، بل شبكة متشابكة من المصالح والولاءات والانتقامات. من غزة إلى بيروت وطهران، يتّضح أن الشرق الأوسط يعيش مرحلة انتقالية غير محسومة، لا حربها انتهت ولا سلامها تحقق. المصدر: خاص "لبنان 24" مواضيع ذات صلة حركة حماس: معركة طوفان الأقصى شكلت نقطة تحول كبيرة في المشهد السياسي والعسكري للمنطقة Lebanon 24 حركة حماس: معركة طوفان الأقصى شكلت نقطة تحول كبيرة في المشهد السياسي والعسكري للمنطقة 07/10/2025 17:00:31 07/10/2025 17:00:31 Lebanon 24 Lebanon 24 "ثابت لحق العودة": طوفان الأقصى محطة مفصلية في تاريخ النضال الفلسطيني Lebanon 24 "ثابت لحق العودة": طوفان الأقصى محطة مفصلية في تاريخ النضال الفلسطيني 07/10/2025 17:00:31 07/10/2025 17:00:31 Lebanon 24 Lebanon 24 طوفان الأقصى يكسر أسطورة إسرائيل: صدمة 2023 تهز الأمن والمجتمع والسياسة Lebanon 24 طوفان الأقصى يكسر أسطورة إسرائيل: صدمة 2023 تهز الأمن والمجتمع والسياسة 07/10/2025 17:00:31 07/10/2025 17:00:31 Lebanon 24 Lebanon 24 بيان لـ"حزب الله" في الذكرى الثانية لـ"طوفان الأقصى": ستبقى خالدة في التاريخ Lebanon 24 بيان لـ"حزب الله" في الذكرى الثانية لـ"طوفان الأقصى": ستبقى خالدة في التاريخ 07/10/2025 17:00:31 07/10/2025 17:00:31 Lebanon 24 Lebanon 24 لبنان خاص عربي-دولي مقالات لبنان24 الولايات المتحدة الأمين العام الإسرائيلي اللبنانية حزب الله إسرائيل بيروت تابع قد يعجبك أيضاً شركة "رامكو": سنستأنف عملنا Lebanon 24 شركة "رامكو": سنستأنف عملنا 16:43 | 2025-10-07 07/10/2025 04:43:35 Lebanon 24 Lebanon 24 جلسة لمجلس الوزراء... إليكم جدول أعمالها Lebanon 24 جلسة لمجلس الوزراء... إليكم جدول أعمالها 16:34 | 2025-10-07 07/10/2025 04:34:17 Lebanon 24 Lebanon 24 رغم الأزمات.. لبنان ضمن أفضل 50 دولة عالميًا في جودة الخدمات الصحية Lebanon 24 رغم الأزمات.. لبنان ضمن أفضل 50 دولة عالميًا في جودة الخدمات الصحية 16:30 | 2025-10-07 07/10/2025 04:30:00 Lebanon 24 Lebanon 24 الجميّل: لضرورة أن تستعيد الدولة اللبنانية كامل سيادتها على أراضيها Lebanon 24 الجميّل: لضرورة أن تستعيد الدولة اللبنانية كامل سيادتها على أراضيها 16:26 | 2025-10-07 07/10/2025 04:26:54 Lebanon 24 Lebanon 24 "بارقة أمل جديدة للبنانيين".. بري يرحّب بزيارة البابا لاوون الرابع عشر Lebanon 24 "بارقة أمل جديدة للبنانيين".. بري يرحّب بزيارة البابا لاوون الرابع عشر 16:15 | 2025-10-07 07/10/2025 04:15:30 Lebanon 24 Lebanon 24 الأكثر قراءة "محروقات مجانية" للعسكريين Lebanon 24 "محروقات مجانية" للعسكريين 20:20 | 2025-10-06 06/10/2025 08:20:17 Lebanon 24 Lebanon 24 معلومات عن منزل فضل شاكر.. تفاصيل مثيرة Lebanon 24 معلومات عن منزل فضل شاكر.. تفاصيل مثيرة 21:39 | 2025-10-06 06/10/2025 09:39:58 Lebanon 24 Lebanon 24 أمطار غزيرة وعواصف رعدية.. منخفض جوي يضرب لبنان في هذا الموعد Lebanon 24 أمطار غزيرة وعواصف رعدية.. منخفض جوي يضرب لبنان في هذا الموعد 06:47 | 2025-10-07 07/10/2025 06:47:01 Lebanon 24 Lebanon 24 وزير لبنانيّ سابق في ذمة الله (صورة) Lebanon 24 وزير لبنانيّ سابق في ذمة الله (صورة) 16:09 | 2025-10-07 07/10/2025 04:09:58 Lebanon 24 Lebanon 24 حادثة مروعة على طريق المطار.. رصاصة تقتلُ عنصراً أمنياً! Lebanon 24 حادثة مروعة على طريق المطار.. رصاصة تقتلُ عنصراً أمنياً! 21:56 | 2025-10-06 06/10/2025 09:56:02 Lebanon 24 Lebanon 24 أخبارنا عبر بريدك الالكتروني بريد إلكتروني غير صالح إشترك عن الكاتب نايلا عازار - Nayla Azar أيضاً في لبنان 16:43 | 2025-10-07 شركة "رامكو": سنستأنف عملنا 16:34 | 2025-10-07 جلسة لمجلس الوزراء... إليكم جدول أعمالها 16:30 | 2025-10-07 رغم الأزمات.. لبنان ضمن أفضل 50 دولة عالميًا في جودة الخدمات الصحية 16:26 | 2025-10-07 الجميّل: لضرورة أن تستعيد الدولة اللبنانية كامل سيادتها على أراضيها 16:15 | 2025-10-07 "بارقة أمل جديدة للبنانيين".. بري يرحّب بزيارة البابا لاوون الرابع عشر 16:09 | 2025-10-07 الكتائب: لا مبرّر لبقاء أي سلاح خارج إطار الدولة فيديو "نجم جنتلمان".. إعلامية وابنة ممثلة سورية بطلة "فيديو كليب" راغب علامة (فيديو) Lebanon 24 "نجم جنتلمان".. إعلامية وابنة ممثلة سورية بطلة "فيديو كليب" راغب علامة (فيديو) 08:56 | 2025-10-03 07/10/2025 17:00:31 Lebanon 24 Lebanon 24 توقعات ليلى عبد اللطيف.. اغتيالات وانقطاع للانترنت وهذا ما سيحل بالذهب و"واتساب" (فيديو) Lebanon 24 توقعات ليلى عبد اللطيف.. اغتيالات وانقطاع للانترنت وهذا ما سيحل بالذهب و"واتساب" (فيديو) 22:00 | 2025-09-30 07/10/2025 17:00:31 Lebanon 24 Lebanon 24 بث مباشر.. اجتماعات الدورة الـ80 للجمعية العامة للأمم المتحدة Lebanon 24 بث مباشر.. اجتماعات الدورة الـ80 للجمعية العامة للأمم المتحدة 18:52 | 2025-09-23 07/10/2025 17:00:31 Lebanon 24 Lebanon 24 Download our application مباشر الأبرز لبنان فيديو خاص إقتصاد عربي-دولي متفرقات أخبار عاجلة Download our application Follow Us Download our application بريد إلكتروني غير صالح Softimpact Privacy policy من نحن لإعلاناتكم للاتصال بالموقع Privacy policy جميع الحقوق محفوظة © Lebanon24

مقالات مشابهة

  • عامان على طوفان الأقصى.. المرتزقة في خندق الصهاينة واليمن في موقع الصمود
  • “اليد التي حركت العالم من أجل غزة.. كيف أعاد اليمن كتابة قواعد الحرب البحرية بعد الطوفان؟”
  • عامان على طوفان الأقصى... الشرق الأوسط بين حرب مفتوحة وتحولات عميقة
  • عامان على طوفان الأقصى.. لبنان بين نار الجنوب وانقسام الداخل
  • عامان على هجوم 7 أكتوبر.. اليوم الذي غيّر وجه المنطقة
  • أبرز الشخصيات التي اغتالتها إسرائيل منذ 7 أكتوبر
  • المعلم.. منارة العلم التي أطفأها الإهمال
  • ما هو مسجد القبلتين الذي أمر خادم الحرمين بفتحه 24 ساعة؟
  • محمد حميد الله.. العالم الذي عاش للإسلام في صمت ورحل في صمت