ولايات هيما ومرباط ودبا.. كيف توظف التقنية في مواجهة تحديات البنية الأساسية ؟
تاريخ النشر: 7th, October 2025 GMT
استطلاع - عزماء الحضرمية
جزيرة الخيل ولاية خصب تصوير - أحمد الكمزاري -
استطلاع - عزماء الحضرمية
مشروعات البنية الأساسية هي الركائز المحورية في رسم ملامح التنمية الاقتصادية والاجتماعية؛ فهي ليست مجرد طرق أو شبكات خدمية، بل منظومة متكاملة تمكّن المجتمعات ممارسة دورها التنموي والحضاري، وتُهيئ بيئة جاذبة للاستثمار، وتوفر فرص العمل، وتحسن جودة الحياة.
في هذا الاستطلاع نسلّط الضوء على أبرز احتياجات البنية الأساسية في ولاية هيما وولاية مرباط وولاية دبا، ومدى توظيف المجالس البلدية للتكنولوجيا الحديثة في إدارة وتنفيذ المشاريع من خلال آراء عدد من المسؤولين والخبراء الذين استعرضوا التحديات القائمة، والحلول المقترحة، والآفاق المستقبلية لتعزيز التنمية المحلية.
الواقع الحالي
وعن الواقع الحالي للبنية الأساسية في ولاية مرباط قال سعادة محمد بن علي بن مستهيل العمري عضو مجلس الشورى ممثل ولاية مرباط: «لقد حظيت مرباط بنصيبها من التطور في البنية الأساسية منذ بداية النهضة المباركة للسلطان قابوس -طيب الله ثراه-، وكذلك في العهد المتجدد لجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه-، ولكن تبقى لهذه الولاية الكثير من احتياجات البنية الأساسية التي نرى من الضرورة الإسراع في تنفيذها منها: ميناء مرباط الذي يعدّ من أقدم وأعرق الموانئ في المحافظة فهو بحاجة إلى توسعة تليق بسمعته التاريخية ما يسهم في تحقيق التنمية المستدامة والشاملة للولاية بشكل خاصّ والمحافظة بشكل عام. وهناك مساعٍ حثيثة من صاحب السمو محافظ ظفار ووزارة الزراعة والثروة السمكية وموارد المياه والمسؤولين بالولاية في هذا الجانب، ونأمل أن يتحقق ذلك في القريب العاجل. إضافة إلى ذلك نحن بحاجة إلى استكمال ازدواجية الطرق الرئيسية بمركز الولاية؛ كونها من أكبر الولايات في المحافظة؛ فهي تحتاج إلى الطرق المعبدة سواء في الولاية أو المناطق التابعة لها، وتحسين المداخل والدوارات المرورية، وإضافة بقعة خضراء إلى المدينة بالتشجير».
وأضاف سعادة محمد العمري: «إن مرباط القديمة بحاجة إلى إحياء موروثها التراثي والحضاري الذي يسهم بشكل فعال في استقطاب الزوار لهذه الولاية من مختلف مناطق سلطنة عمان وخارجها، وسيسهم أيضا في توفير فرص عمل للشباب الباحثين عن عمل». كما أوضح العمري حول الدور المهم والفعال الذي تقوم به جمعية المرأة العمانية ومركز الوفاء في الولاية في مجال التنمية المجتمعية والتدريب والتعليم والتأهيل، والحاجة الماسة لترميم وصيانة المبنى الخاص بهما؛ حيث يعود بناء جمعية المرأة العمانية إلى الثمانينات. وأشار أيضا إلى طرح طلب الترميم والصيانة الكاملة على معالي الدكتورة وزيرة التنمية الاجتماعية؛ حيث أبدت استعدادها لتقديم الدعم اللازم.
كما أضاف العمري: «إن الولاية بحاجة إلى إنشاء شبكات فعالة للصرف الصحي للحد من مشكلة البعوض والآفات الخطيرة التي تؤثر على صحة وسلامة المجتمع بالإضافة إلى شبكة موازية لتصريف مياه الأمطار للحد من خطر الفيضانات على البنية التحتية للولاية. كما تتطلب الولاية أيضا تطوير البنية السياحية من مواقف المسارات، وتعزيز شبكة الكهرباء والاتصالات خاصة الألياف الضوئية بما يتواكب مع التطور العمراني والسياحي فيها».
ومن جانبه يضيف عمر بن علي الشحي من ولاية دبا عن أبرز احتياجات البنية الأساسية في الولاية: «لعل أهم وأبرز احتياجات البنية الأساسية لولاية دبا هي تطوير مستشفى دبا؛ وذلك لتعزيز البنية الصحية للولاية؛ حيث ستوفر خدمات صحية عالية الجودة، وكفاءات التشخيص والعلاج. ولأن ولاية دبا منطقة حدودية وغير متصلة بالوطن الأم؛ أصبح من الضروري تزويد المستشفى بأحدث الأدوات والأجهزة والأنظمة الطبية المتطورة». ويشير أيضا: «إن المنطقة الصناعية لولاية دبا تحتاج للتطوير؛ لأن تطويرها يسهم في تعزيز البنية الأساسية للولاية، وستسهم في رفع كفاءة التنمية المستدامة من خلال التركيز على توزيع الصناعات، وتوفير سكن للعمالة الوافدة ما يخلق اقتصادا محليا متكاملا». وأوضح أيضا أن قطاع السياحة من القطاعات المهمة في الولاية؛ فهو محرك أساسي لتحسين البنية الأساسية؛ حيث تتميز ولاية دبا بوجود العديد من المناطق البحرية السياحية، ولكنها تحتاج إلى تحفيز الاستثمار، وتطوير شبكات النقل، وتحسين المرافق العامة. وقال محمد بن العبد الحرسوسي من مكتب والي هيما: «إن الولاية بحاجة إلى تعزيز بنيتها الأساسية بما يلبي تطلعات المواطنين، ويسهم في دعم التنمية المحلية، ومن أبرز هذه الاحتياجات: إنشاء متنزهات ومشاريع ترفيهية، وتشييد فنادق بمستويات عالية إضافة إلى توفير أماكن مفتوحة للاستجمام». كما أكد أهمية إقامة مستشفى مرجعي متكامل يلبي الاحتياجات الصحية لسكان الولاية والمناطق المجاورة إلى جانب تطوير شبكة الطرق الداخلية، وإنشاء طرق مزدوجة تربط الولاية بالولايات الأخرى وخاصة الطريق المؤدي إلى الدقم؛ لما له من أهمية اقتصادية وتنموية كبيرة.
التكنولوجيا الحديثة
وفيما يتعلق باستخدام التكنولوجيا الحديثة في المشاريع أوضح سعادة محمد بن علي العمري: «يتم حاليا الاعتماد على GIS لرسم الخرائط والتخطيط، وكذلك استخدام نمذجة معلومات البناء (BIM) في بعض المشاريع، وأحيانا يتم عمل مسح جوي بالدرون والليزر لمتابعة التنفيذ إضافة إلى استخدام أنظمة الإنارة والإشارات المرورية الذكية بشكل محدود، ولكن نرى الحاجة مستقبلا إلى التوسع بتقنيات الإنترنت (IOT) وإدارة الأصول الرقمية».
ويعلق عمر بن علي الشحي: «اعتمدت عدد من مشاريع المؤسسات الحكومية التي أطلقتها سلطنة عمان على التكنولوجيا الحديثة وتقنية المعلومات، ومن المشاريع التي لمسنا فيها تفعيل التكنولوجيا في ولاية دبا استخدام التكنولوجيا الحديثة في قطاع الثروة السمكية؛ حيث عملت وزارة الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه في اقتناء تطبيقات تكنولوجية متطورة للقطاع السمكي، وقامت بتأهيل وتدريب الكوادر البشرية عليها مثل جهاز تحديد المواقع وجهاز كشف أعماق البحر».
وأضاف محمد بن العبد الحرسوسي: «أصبحت التكنولوجيا أداة أساسية في إدارة وتنفيذ المشاريع في الولاية؛ حيث تستخدم في مجالات التخطيط والتصميم، وإعداد الخرائط التفاعلية. كما يوظف الذكاء الاصطناعي في عمليات العصف الذهني، وتقريب وجهات النظر، والاستفادة من المقترحات والآراء والأفكار المختلفة. وأوضح أيضا أن للتكنولوجيا دورا مهما في حفظ الاجتماعات، وتوثيق المحاضر من خلال البرامج الحديثة لإدارة الاجتماعات مثل برنامج (Meeting Control).
التحديات
وأما عن التحديات التي تواجه المجالس البلدية في تطبيق الحلول التقنية أو الذكية ضمن مشاريع البنية الأساسية فقد أشار سعادة محمد بن علي العمري إلى أن أبرز هذه التحديات يتمثل في محدودية التمويل، وهو ما يمكن التغلب عليه من خلال اعتماد مشاريع تجريبية وتدريجية إضافة إلى تعزيز الشراكات الاستثمارية. وأضاف إن نقص الكفاءات الفنية يشكل عائقا أساسيا؛ فالحل يكمن في الاستثمار في برامج التدريب المحلي والتعاون مع معاهد وأكاديميات تدريب متخصصة سواء على المستوى المحلي أو العالمي. كما أوضح أن تجزئة البيانات بين الجهات يستدعي إنشاء منصة رقمية موحدة للأنظمة تضمن تكامل البيانات، وتسهيل تبادلها بالإضافة إلى الحاجة الماسة لإشراك الموظفين في عملية التحول الرقمي، وتوعيتهم بأهميتها كحل لمقاومة التغيير. كما تأتي مسألة صيانة واستدامة الأنظمة كواحدة من أهم التحديات التي يتطلب تجاوزها، وإدراج عقود صيانة طويلة الأجل مع شركات متخصصة بما يضمن كفاءة واستمرارية هذه الأنظمة.
وفي سياق إدارة مشاريع البنية الأساسية قال عمر بن علي الشحي: «يعد هذا المجال من أهم المجالات التي تؤثر في تطوير وتحسين الخدمات العامة؛ إذ تشمل هذه المشاريع إنشاء الطرق وشبكات المياه والصرف الصحي وغيرها من المرافق الحيوية التي تتطلب تخطيطا دقيقا». وأضاف: «إن إدخال الحلول التقنية والذكية في هذه المشاريع يجعل من التكنولوجيا عنصرا محوريا في تحقيق الكفاءة والجودة إلا أن المجالس البلدية قد تواجه بعض التحديات أبرزها التحدي المالي المتمثل في ارتفاع تكاليف التشغيل والصيانة إلى جانب ضعف الشبكات ونقص الكفاءات». ويوضح أنه يمكن مواجهة هذه التحديات عبر تبني التخطيط الاستراتيجي السليم، وتعزيز الشراكة والتعاون بين المؤسسات الحكومية والقطاع الخاص والمجتمع المحلي في المنطقة.
وأضاف محمد بن العبد الحرسوسي: «إن المجالس البلدية باتت بحاجة ملحة إلى مواكبة التقنيات الحديثة، كما أنها تتطلب وجود كوادر مؤهلة وقادرة على التعامل مع التكنولوجيا بما يحقق كفاءة العمل، ويواكب متطلبات المرحلة». وأكد الحرسوسي ضرورة تطبيق الحلول الممكنة في هذا الإطار بما فيها: تصميم برامج تدريبية مؤهلة لأعضاء المجالس البلدية تمكنهم من أداء أدوارهم بفاعلية، واستخدام التقنيات الحديثة في الاجتماعات والمتابعات والزيارات الميدانية للمشاريع؛ لما في ذلك من دور في تقليل الجهد والكلفة، وتعزيز الكفاءة التشغيلية للمجالس البلدية.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: التکنولوجیا الحدیثة المجالس البلدیة الحدیثة فی سعادة محمد فی الولایة بحاجة إلى إضافة إلى ولایة دبا من خلال محمد بن بن علی
إقرأ أيضاً:
مؤشرات واعدة للأنشطة التقنية والاقتصاد الرقمي في سلطنة عمان
تقرير - أمل رجب
شهدت الأسابيع الأخيرة توقيع اتفاقية أحد أهم الاستثمارات النوعية التي تعزز اقتصاد المعرفة ونمو الأنشطة التقنية من خلال استثمار مجموعة إذكاء في شركة أمريكية رائدة في مجال أشباه الموصلات وحلول الاتصال اللاسلكي الذكية، لتخطو سلطنة عمان نحو تثبيت أقدامها في هذه الصناعة المتطورة التي تقوم عليها صناعات الإلكترونيات وغيرها من المنتجات الرقمية المتطورة، وتواصل تقدمها في ترسيخ أسس الاقتصاد الرقمي والذي قطعت فيه شوطا جيدا على مدار السنوات الماضية من رؤية عمان ما يمهد الطريق لتحقيق مستهدفات الابتكار وتنويع الاقتصاد.
وتعد أنشطة المعلومات والاتصالات ركيزة الابتكار في مختلف القطاعات، وسجلت القيمة المضافة للاقتصاد الوطني من هذه الأنشطة خلال العام الماضي 702 مليون ريال عماني، وحققت نموا بنسبة 11.4 بالمائة خلال النصف الأول من العام الجاري لترتفع قيمتها المضافة من 340 مليون ريال عماني في نهاية النصف الأول من عام 2024 إلى نحو 380 مليون ريال عماني بنهاية النصف الأول من العام الجاري. وتجد هذه الأنشطة دعما واسعا في ظل تنفيذ برنامجي التحول الرقمي الحكومي، والبرنامج الوطني للذكاء الاصطناعي والتقنيات الرقمية المتقدمة ما يعزز تقدم متواصل نحو تحقيق مستهدف سلطنة عمان لرفع مساهمة الاقتصاد الرقمي في الناتج المحلي إلى 10 بالمائة بحلول عام 2040.
ويرصد التقرير السنوي الأخير لوحدة متابعة تنفيذ رؤية عمان مؤشرات واعدة وثمار عديدة لتنفيذ برامج التحول الرقمي، وتشجيع الاستثمار التقني؛ حيث تتحسن مكانة سلطنة عمان في المؤشرات الدولية، ويفتح التطور التقني مجالات واعدة لنشاط الشركات الناشئة. وتسهم جهود التحول الرقمي الحكومي في تعزيز مساهمة الاقتصاد الرقمي في الناتج المحلي الإجمالي من خلال تطوير الخدمات الحكومية الرقمية، وتمكين الجهات من تبني تقنيات ترفع كفاءة الأداء، وتعزز التكامل المؤسسي. ويؤدي هذا التمكين إلى توسع نطاق الأنشطة الاقتصادية الرقمية، ودعم جاهزية مختلف القطاعات للاستفادة من البيئة الرقمية الوطنية. كما يسهم التحول الرقمي في توفير خدمات متكاملة تسهم في تسريع الإجراءات، وتحسين تجربة المستفيد، ورفع كفاءة العمليات الحكومية ما يخلق قيمة رقمية مضافة تعزز النمو في الاقتصاد الوطني.
وضمن التقدم في التحول الرقمي الحكومي أطلقت البوابة الوطنية الموحدة للبيانات المفتوحة، والبوابة الوطنية الموحدة للخدمات الحكومية، وتتضمن 33 خدمة رقمية متكاملة و 94 ألف مستخدم مسجل و 113 ألف طلب حتى يونيو 2025 كما دشنت المنصة الوطنية للمقترحات والشكاوى، وتطوير منصة عمان للأعمال إضافة إلى تدشين عدد كبير من التطبيقات التي تعزز كفاءة وسرعة الأداء في الجهات الحكومية، وإطلاق مواقع إلكترونية للمحافظات، كما تحقق مختلف المحافظات استفادة من التقنيات الرقمية في تسريع تنفيذ المشروعات الإنمائية، ورفع كفاءة الأداء من خلال مشروعات نوعية منها مشروع إنترنت الأشياء في إدارة الإنارة الذكية بمحافظة جنوب الشرقية ومحافظة مسندم، وتصميم سوق المارد في محافظة شمال الشرقية بتقنية في آر، وتطوير نظارة التفتيش الذكية، ومشروع مراقبة المسالخ بالذكاء الاصطناعي لمحافظة الظاهرة، ومتابعة المشاريع الإنشائية باستخدام طائرات الدرون مدعومة بتقنيات الذكاء الاصطناعي لمحافظة الداخلية، ومشروع الأقمار الصناعية والذكاء الاصطناعي لتحليل البيانات الحضرية والبيئية بمحافظة جنوب الشرقية، ومشروع القبعة الذكية لرفع كفاءة التواصل عن بُعد، وتجويد الخدمات والعمل البلدي في محافظة جنوب الشرقية.
وتنعكس هذه المبادرات والتحولات على مساهمة متزايدة للشركات الناشئة والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة في تعزيز النمو القائم على الابتكار، وتمكين الكفاءات الرقمية الوطنية؛ حيث تجاوز إجمالي تكلفة المشروعات المسندة للشركات الصغيرة 15 مليون ريال عماني. ونفذت مشاريع التحول الرقمي الحكومي بالتعاون مع 190 شركة صغيرة ومتوسطة، كما سجل برنامج التحول الرقمي الحكومي نجاحات في تطور المؤشرات المرتبطة بالتحول الرقمي، وأسهم في تعزيز مكانة سلطنة عُمان على المستويين الإقليمي والدولي.