تجسد القهوة الإماراتية تقليدًا اجتماعيًا وتراثيًا عريقًا يعبر عن قيم الكرم والتواصل والانتماء، ويبعث برسائل إنسانية عميقة تجسّد روح المجتمع الإماراتي المتماسك، حيث يعد فنجان القهوة لغة غير منطوقة تعبّر عن التقدير والاحترام وتعزز الترابط الاجتماعي بين الأفراد.

ولا تقتصر القهوة الإماراتية على كونها رمزًا للضيافة، بل تمثل جسرًا يربط بين الأجيال، ومساحة للحديث والتآلف، وعنوانًا للأصالة في زمن التحولات المتسارعة، فهي لغة سلام تقرب القلوب، وتُسهم في بناء العلاقات بين فئات المجتمع، وتُعبّر عن قيم المحبة والتراحم في المجالس الشعبية.

وقال عيسى بن عبيد الكعبي، باحث في التراث وصانع محتوى، إن حضورُ القهوة الإماراتية يبرز كقيمةٍ ثقافيةٍ، واجتماعيةٍ، وإنسانيةٍ، تُذكّرنا بأن بعض التفاصيل البسيطة في مظهرها، تخفي في جوهرها إرثًا عظيمًا من القيم والمبادئ، فكل فنجان قهوة يُقدَّم، هو في حقيقته فنجان من القيم؛ يُسكب بكرم، ويُشرب بود، ويُعبّر عن روح مجتمع لا يزال وفيًّا لجذوره.

وأضاف: “تتألّق القهوة الإماراتية لتأخذ مكانتها الطبيعية كأداة فاعلة في تعزيز الروابط الاجتماعية، وترسيخ قيم التواصل بين الأجيال، والتراحم بين الجيران، والعطاء الرمزي الذي لا يُكلّف الكثير، لكنه يُعبّر عن الكثير. وتابع: “تعيد كل رشفة من القهوة للأذهان مجالس الأجداد، حيث كانت على الدوام رفيقة الحكايات، ومفتاحًا للصلح، وجسرًا للتواصل في اللحظات المفصلية”.

والقهوة في الإمارات، كما يقول الكعبي ” ليست مجرّد أسلوب ضيافة تقليدي، بل هي تراثٌ حيّ على عراقة السلوك الاجتماعي، فمن “الدلة” إلى “الفنجان”، ومن رائحة الهيل إلى حرارة اللقاء، تحكي القهوة قصة مجتمع اتّخذ من الكرم عادة، ومن المجلس مدرسة، ومن التواصل أسلوب حياة.

ويعد صوت طرق الفنجان بمقدمة الدلة عند التقديم إشارة رمزية عريقة تنبه الضيف إلى أن القهوة قيد التقديم له، كما أن هزّ الفنجان بعد الانتهاء من الشرب يُعبّر عن الاكتفاء، في دلالة عرفية تجسّد قيم التواصل والاحترام المتبادل في المجتمع الإماراتي.

ويتولّى المقهوي مهمة التقديم بكل دقّة وأناقة، فيمسك الدلّة بيده اليسرى والفنجان بيده اليمنى، ثم يطرق الفنجان بطرف الدلّة ليصدر صوتًا مميزًا يُنبّه الضيف الذي يعتدل في جلسته احترامًا للمضيف.

كما تعد طقوس إعداد وتقديم القهوة جزءا من الهوية الثقافية الإماراتية، إذ تتجلى فيها ملامح الاحترام والترحاب، بدءا من إعداد البن وتحميصه، مرورا بإضافة الهيل والزعفران وماء الورد، وصولا إلى طريقة الصب والتقديم التي تؤدي بدقة، في مشهد يعبر عن تقدير الضيف وإكرامه.

وتبقى القهوة حاضرة في كل بيت ومجلس إماراتي، لا بوصفها مشروبًا تراثيًا فحسب، بل كجسرٍ يحمل في كل رشفة معاني التواصل، والتراحم، والانتماء، كما تُعدّ حضورًا ضروريًا في مناسبات الصلح، والوساطة الاجتماعية، ولقاءات الشعر والخطابة التقليدية، واحتفالات الأفراح والعزاء على حدّ سواء، بما يعكس عمق ارتباطها ارتباطها بالوجدان والتراث الأصيل.

 


المصدر: جريدة الوطن

إقرأ أيضاً:

وزير الكهرباء يبحث مع شركة K&K الإماراتية الخطوات التنفيذية لمشروع الربط الكهربائي مع إيطاليا

اجتمع الدكتور محمود عصمت وزير الكهرباء والطاقة المتجددة ، بالدكتور تاج الدين مصطفى سيف رئيس مجلس إدارة شركة "K&K" الإماراتية للاستثمار، والوفد المرافق، لبحث الخطوات التنفيذية لإقامة مشروعات الطاقة المتجددة فى إطار مشروع الربط الكهربائي مع إيطاليا، والانتهاء من كافة الدراسات وبدء تنفيذ المشروع، والتعاون فى مجال توطين صناعة المهمات الكهربائية لمشروعات الطاقة الجديدة والمتجددة.

ناقش الاجتماع التطورات فى مشروع الربط الكهربائي، ومستقبل الطاقات المتجددة، وتعظيم العوائد والاستفادة من الموارد الطبيعية فى مصر ، وتناول الاجتماع مناقشة الخطوات التنفيذية لمشروع الربط الكهربائي المصرى الأوروبي عبر إيطاليا، وإقامة مشروعات الطاقة الجديدة والمتجددة لإنتاج 3000 ميجاوات اللازمة للمشروع، وتوطين صناعات المهمات الكهربائية المتعلقة بها، ونقاط إنزال الكابل البحري والربط مع الشبكة الكهربائية فى إيطاليا، وتطرق الاجتماع إلى متابعة إجراءات إعداد وتنفيذ الدراسات النهائية الفنية والبيئية والمالية واتخاذ ما يلزم لبدء تنفيذ المشروع لتصدير الكهرباء من الطاقة المتجددة من مصر إلى إيطاليا من خلال كابل بحري، وذلك فى إطار الاستراتيجية الوطنية للطاقة وتعزيز مكانة مصر كمركز إقليمي للطاقة ومحوري لنقل وتبادل الطاقة بين قارات أفريقيا وآسيا وأوروبا.

اكد الدكتور محمود عصمت أن مشروعات الربط الكهربائي أحد محاور استراتيجية العمل لتحقيق المنفعة المشتركة بين مصر والدول المجاورة، سيما الاتحاد الأوروبي فى إطار رؤية الدولة لحسن إدارة واستغلال ثرواتها الطبيعية وتعظيم عوائدها فى مجالات توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، وتوطين الصناعة ونقل التكنولوجيا الحديثة الخاصة بصناعة المهمات الكهربائية اللازمة لها، موضحا أن المشروع يشمل إقامة عدد من مشروعات الطاقة المتجددة لتوليد الكهرباء وتصديرها إلى أوروبا بقدرات مستهدفة تصل إلى 3000 ميجاوات، فى إطار التحول الطاقي وخفض الانبعاثات الكربونية، وتعزيز أمن الطاقة الإقليمي والدولي، وتنويع مصادر الطاقة وخفض استخدام الوقود التقليدي، ونشر استخدامات الطاقات المتجددة والاعتماد عليها.

طباعة شارك وزير الكهرباء الربط الكهربائي الطاقة الجديدة

مقالات مشابهة

  • سالي شاهين تحذر من تأثير كارثي لـ"أمهات انستجرام" على وسائل التواصل الاجتماعي
  • بالبيجاما.. ليلى علوي تسرق القلوب في الجونة
  • دراسة تحذر: وسائل التواصل الاجتماعي حتى في الاستخدام المحدود تُضعف القدرات الإدراكية للأطفال
  • مذكرة تفاهم بين «تنمية الموارد البشرية الإماراتية» و«إي آند» لدعم الكفاءات الوطنية
  • دراسة تحذر.. مواقع التواصل الاجتماعي تُفسد أدمغة الأطفال
  • وزير الكهرباء يبحث مع شركة K&K الإماراتية الخطوات التنفيذية لمشروع الربط الكهربائي مع إيطاليا
  • دراسة تحذر: مواقع التواصل الاجتماعي تقلص قدرات الأطفال العقلية وتضعف تحصيلهم الدراسي
  • رابطة المحترفين الإماراتية تعلن موعد طرح تذاكر بطولة السوبر المصري في أبوظبي
  • إعادة انتخاب الإماراتية رزان المبارك رئيسة للاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة